لغز ولع خليفة نيوتن بمجلات البورنو

روزاليوسف الأسبوعية
تحفة كلاسيكية رائعة أطلقتها هوليود مؤخرا وفى طريقها السريع لترشيحات الأوسكار والجولدن جلوب هى الفيلم الجديد «نظرية كل شىء» والذى حمل بوستر بعنوان «عقله غير العالم، حبها غير عالمه».
الفيلم من النوع الوثائقى ويتناول السيرة الذاتية لأحد أشهر علماء الفيزياء على الإطلاق البريطانى ستيفن هوكينج الذى يجسد دوره الممثل البريطانى (إيدى ريدماين) ورحلته مع العلم والاكتشاف لأسرار الكون وعلاقته بزوجته جين «فيليسيتى جونز»، وكيف تقابلا لأول مرة أثناء الدراسة فى جامعة كامبريدج بإنجلترا، حيث أصيب بمرض شخصه الأطباء بتطلب جانبى ضمورى «إيه إل إس» بعدما بدأت علاقتهما بقليل، وهو فى عمر الـ12 تقريبا.
وقتها أكدت كل تقارير الأطباء أنه لن يعيش أكثر من عامين على الأكثر، لكن بإصراره على الحياة وحب زوجته جين وأولاده له، بقى على قيدها حتى الآن وإن كان لا يتحرك ولا يتكلم، يجلس على الكرسى المتحرك ويتصل بالعالم عبر الكمبيوتر الذى يتحدث نيابة عنه.
احتفل ستيفن هوكينج بعامه الحادى والسبعين فى الثامن من يناير الماضى، ومازال يفكر ويتفوق على العقل الطبيعى للبشر، والعالم ينظر لهذا العبقرى المعاق بنفس الاهتمام والترقب والاحترام لموهبته الفذة التى كان ينظر بها إلى العالمين نيوتن وأينشتاين.
وهو دائما يقول: إن هدفى يتمثل فى الفهم الكامل للكون وأسباب وجوده على صورته وأسباب وجوده فى المقام الأول.
سألته مجلة «نيو ساينتست» ذات مرة عن أكثر ما يشغل تفكيره، أجاب الأستاذ بجامعة كامبريدج الذى تقاعد من منصبه العلمى الرفيع الذى سبق أن شغله إسحاق نيوتن، واكتسب شهرته بتمكنه من حل بعض من أعقد الأسئلة فى الفيزياء الحديثة قائلا: «النساء إنهن لغز كامل».
ويكشف لنا الفيلم جانبا مثيرا فى شخصيته وهو حبه للنساء الفاتنات، وعدم خجله من الاشتراك فى المجلات الجنسية مثل «بنتهاوس» «Penthouse» الحافلة بالصور العارية للفاتنات والعارضات.
ويكشف لنا الفيلم بساطة ومرونة وإيجابية فلسفة ستيفن فى الحياة عندما قال بكلمات تقطر مرارة عبر جهاز الكمبيوتر المثبت بكرسيه المتحرك «قبل تشخيص حالتى المرضية، كنت أشعر بالملل الشديد من حياتى ولم يكن يبدو أن هناك شيئا جديرا بأن أفعله، وأعتقد أننى أكثر سعادة الآن».
ويحظى «هوكينج» بقدر كبير من الاحترام من ملكة إنجلترا وقادة العالم، ودوائر الأبحاث العلمية، وخاصة من جامعة «كامبريدج» لدرجة أنه يعتبر بروفيسور فى مجال يخرج عن نطاق فهم معظم البشر، وتظل كتبه على قائمة أفضل الكتب مبيعا فى العالم، ومنها كتابه الشهير «موجز تاريخ الزمن» الذى أضفى عليه شهرة واسعة ووزع منه عشرة ملايين نسخة، وترجم إلى العديد من لغات العالم.
الفيلم الوثائقى قوبل بنجاح جماهيرى هائل، وتأييد من الأسرة الهوليوودية بأنه سيكون فى صدارة ترشيحاتها للجوائز، كما تناولته معظم وسائل الإعلام والصحف الأمريكية باهتمام عبر عروض نقدية إيجابية عنه، وخاصة مع تزامن عرض الفيلم مع نشر سيرته الذاتية.
لقد كان لصناع السينما فى كثير من الأحيان رغبة ملحة لا يمكن كبتها لتوظيف نجوم يتمتعون بشكل مذهل ومثير وحسن المظهر لتصوير عمالقة الفكر، كما حدث مع «تشارلتون هيستون» فى دور «مايكل أنجلو»، والنجم «راسل كرو» فى دور «جون ناش» عالم الرياضيات الحاصل على جائزة نوبل، والنجم «بنديكت كومبرباتش» فى دور حلال الشيفرات «آلان تورينج» فى الحرب العالمية الثانية فى التحفة القادمة «لعبة تقليد»، أضف إلى القائمة الممثل البريطانى «إيدى ريدماين» فى دور «ستيفن هوكينج» عالم الفيزياء العالمى المحبوب المعروف بالتصلب الجانبى الضمورى، أو مرض لو جيهريج.
الممثل البريطانى «إيدى ريدماين» قدم بأدائه الرائع المذهل أعظم أدواره فى مشواره الفنى فى شخصية «ستيفن هوكينج»، حتى إن كثيرا من النقاد يشبهونه بدانيال داى لويس، وتجاوزت بكثير كل التوقعات للفيلم، ولا عجب أن مجلة نيويورك الشهيرة اختارت عنوان: «نظرية كل شىء.. ألا يستحق أداء إيدى ريدماين المذهل».
«إيدى ريدماين» قال للصحفيين عقب العرض الأول للفيلم بهوليوود: حاولت تثقيف نفسى بالعلم، كان الأمر بالنسبة لى فى غاية التعقيد لشخص غير كفء مثلى، لم يقبل على حب ومعرفة العلوم منذ كان عمرى 14 سنة.
لقد كنت أعى تماما أهمية الدور من أول يوم، وأنه إنسان غير عادى، ولهذا جاء أدائى غير عادى، ومع ذلك كان امتيازا هائلا وشرفا لى أداء هذا الدور، إنها قصة حب ومعركة بين المرض والفيزياء، وأردت التفاف كل هذه القصص حول بعضها البعض وتحقيق العدالة للجميع، وإيجاد توازن بين ستيفن ودور زوجته جين، إنها ليست قصة حول المتألم «ستيفن هوكينج» فقط، ولكن أيضا إبراز دور مقدمى الحب والرعاية والتضحية فى حياته.
«نظرية كل شىء» إخراج جيمس مارش، عن قصة جين هوكينج ومأخوذ من كتاب «السفر إلى اللانهاية: حياتى مع ستيفن»، سيناريو أنتونى ماكارتن، ومن بطولة إيدى ريدماين، وفيليسيتى جونز، وإميلى واتسون، وهارى لويد.
«مارش» تعامل مع أبطال فيلمه تعاملا روائيا كلاسيكيا.. ولم يلجأ إلى تصوير الموقف فى حالة مجزأة من الزمن، بل يتابع تطوره عبر امتداده وتداخله مع الزمن، مما أضفى على فيلمه إيقاعا كلاسيكيا سلسا، بطيئا فى البداية، ولكن عبر أحداث صغيرة من المنمنمات، شكل فيما بعد لوحة جدارية متماسكة ورائعة الجمال بعيدا عن المؤثرات الفنية، للوصول إلى عمق النفس الإنسانية، والتركيز على الجوانب الخيرة والمضيئة فيها من حيث مستوى التصوير الرفيع، وقدرته على صناعة أسلوب يمزج بين واقعية الكلاسيكية والشاعرية الانطباعية، ومن حيث إدارته لممثليه الموهوبين إيدى ريدماين، وفيليسيتى جونز، وإميلى واتسون بمهاراتهم العالية فى تقديم صورة سينمائية فنية متكاملة فى طريقها السريع لحصد أهم جوائز الأوسكار والجولدن جلوب.