الأربعاء 25 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

دولة الخلافة فى الموصل تطرد «المسيح» من العراق

دولة الخلافة فى الموصل تطرد «المسيح» من العراق
دولة الخلافة فى الموصل تطرد «المسيح» من العراق


 
فى الوقت الذى تطرد فيه منظمة «داعش» المسيح من الموصل بكل ما يحمله الاسم من طهارة وبر شهد لها الإسلام، أصدر أبو بكر البغدادى-الذى نصب نفسه أميرًا للمؤمنين- وثيقة «غير كافر»، والتى تثبت لحاملها أنه حصل على دورة «استتابة» وأصبح غير كافر، ويمنع جلده أو صلبه أو نكاحه- إن لم يكن هناك عذر شرعى للجنود- والوثيقة تُجدد كل 3 شهور.
 
كما أصدر ''الخليفة'' وثيقة أخرى حتى لاينتشر الفسق والفساد فى المجتمعات الإسلامية، ووجد الحل فى ذلك بصدور قرار ختان النساء فى مختلف الأعمار.
 
وهكذا طُرد المسيح الذى دخل اسمه العراق- بحسب التقليد الكنسى- مع الرسول توما، ويشير المؤرخون إلى أن تأسيس مملكة «الحيرة» كان حوالى عام 270 م، وأصبحت «الحيرة» من أبرز الممالك العربية قبل ظهور الإسلام وهى -بحسب بعض الخبراء- مهد الحرف العربى.
 
طرد لأول مرة
 
 وتقع الحيرة على بعد 160 كم جنوبى بغداد. وعندما هجرت المدينة، غطّت كثبان الصحراء مبانيها، وهنا، يقول البروفسور أريكا هنتر، وهو المتخصص فى القرون الأولى للمسيحية فى معهد لندن للدراسات المشرقية والأفريقية: «تذكر المصادر التاريخية أنه فى بدايات القرن الثانى، كان الدين المسيحى مترسّخًا فيما ما يسمّى اليوم جنوب العراق، أى منطقة مملكة الحيرة التى كانت تحكمها سلالة الملوك المناذرة اللخميين».
 
ولقرون كانت الحيرة مركزاً مهماً فى الكنيسة المشرقية، التى تعرف باسم الكنيسة النسطورية، وحالياً باسم الكنيسة الآشورية فى العراق. لذلك كانت هذه هى المرة الأولى فى تاريخ العراق والموصل،التى يغادر فيها المسيحيون العراق مخلفين وراءهم كنائس ومنازل ومحلات وحياة فى مدينة انقلبت معالمها بعد أن سيطر عليها تنظيم ''الدولة الإسلامية'' المتطرف قبل أكثر من شهر.
 
ورغم أن هذا التنظيم الذى أعلن قيام «الخلافة الإسلامية» من الموصل (350 كم شمال بغداد) أمهل المسيحيين فرصة قبل الطرد إلا أن البعض رفض.. وقال «فادى» وهو معلم وأب لطفل، رفض ترك الموصل: «نحن ميتون أساساً إنسانياً، ولم يبق لدينا سوى هذه الروح، فإذا أرادوا أن يقطعوا هذه الروح، فأنا مستعد لذلك، لكننى لن أغادر مدينتى التى ولدت وتربيت فيها».
وأضاف: «هربت 25 عائلة من أقربائى عن طريق تلكيف والحمدانية، لكنهم تعرضوا إلى السلب، ونهبت جميع مقتنياتهم من أموال وذهب وحتى أجهزة الهاتف وملابسهم».
 
وكان البطريرك لويس ساكو، بطريرك بابل للكلدان، قال إنه لأول مرة فى تاريخ العراق، تفرغ الموصل من المسيحيين، بعد أن نزحت العائلات المسيحية باتجاه دهوك وأربيل فى إقليم كردستان العراق. وأشار إلى أن مغادرة المسيحيين وعددهم نحو 25 ألف شخص لثانى أكبر مدن العراق التى تضم نحو 30 كنيسة يعود تاريخ بعضها إلى نحو 1500 سنة، جاءت بعدما وزع تنظيم «الدولة الإسلامية» الذى يسيطر على المدينة منذ أكثر من شهر بياناً يطالبهم بتركها.
 
وأكد «فادى»: وصلنى كتاب موقع من ديوان قضاء ''الدولة الإسلامية'' واستنتجت أنهم سيقتلوننى، لكنى لا أرى جدوى للمغادرة، فأنا أصلاً نفد عندى المال، وها أنا أجلس هنا، أنتظر إلى حين أن يأتونى.. إن عناصر داعش أخذوا من امرأة عجوز مبلغًا بحوزتها قيمته 15 ألف دولار، قالت لهم أعطونى 100 دولار فقط لأدفعها أجرة للسيارة، فقالوا: نحن آسفون، إن المال أصبح ملكاً للدولة الإسلامية ولا يمكننا التصرف فيه''. وسحب المسلحون الجوازات والبطاقات الشخصية لكل من يخرج من مدينة الموصل باتجاه إقليم كردستان، بحسب شهود عيان.
الاستيلاء على دير تاريخى
 
واستولى مسلحو «داعش» على دير تاريخى شمال العراق وطردوا الرهبان المقيمين فيه، حسبما أفاد أحد رجال الدين المسيحيين ولفيف من سكان المنطقة.
 
ونقلت وكالة فرانس برس عن هؤلاء قولهم إن مسلحى «الدولة الاسلامية»، التى باتت تسيطر على مناطق واسعة وسط وشمالى العراق، اقتحموا دير مار بهنام الذى يعود تاريخه إلى القرن الرابع الميلادى والذى تديره الكنيسة السريانية الكاثوليكية.
 
ونقل أحد الكهنة السريان الكاثوليك عن المسلحين قولهم لرهبان الدير ''لم يعد لكم مكان هنا، وعليكم المغادرة فوراً''، مضيفًا أن رهبان الدير التمسوا من المسلحين أن يسمحوا لهم بأخذ بعض التحف التى يحتويها الدير، ولكنهم رفضوا وأمروهم بالمغادرة سيراً على الأقدام بالملابس التى يرتدونها فقط.
 
ونقلت الوكالة عن سكان مسيحيين من المنطقة قولهم إن الرهبان اضطروا للمسير عدة كيلو مترات على أقدامهم قبل أن تلتقطهم دورية تابعة للبيشمركة الكردية وتنقلهم إلى بلدة قره قوش. وقال الكاهن السريانى إن خمسة رهبان طردوا من دير مار بهنام، فيما قال سكان محليون إن عدد الرهبان الذين كانوا يقيمون فى الدير تسعة.
 
وعبر مجلس كنائس الشرق الأوسط فى بيان شديد اللهجة عن استنكاره لكل مايحدث من محاولات تهجير للمسيحيين وجاء فى البيان فى غمرة الأحداث الأليمة التى تجتاح سوريا وفلسطين والعراق، وخاصة تلك التى تعصف بالمسيحيين فى الموصل وغيرها، لا يسع مجلس كنائس الشرق الأوسط إلا أن يضمّ صوته إلى صوت البطاركة ورؤساء الكنائس الشرقية ويطلق الصوت عالياً لمناشدة الرأى العام العالمى للقيام بما يتوجب عليه من مبادرات جريئة للوقوف بوجه الهمجية الشرسة التى تطال المسيحيين العزّل الذين ثبتوا على أرض العراق لأنها أرضهم وأرض أجدادهم حيث تعود إلى بدايات المسيحية، ولأنهم منبت الثقافات والحضارات. وأكد الأمين العام فى ختام البيان، أن المنظمة «مستعدة لتوفير المعونة الإنسانية اللازمة للنازحين حتى يتمكنوا من العودة إلى ديارهم».