الجمعة 7 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
100 سنة روزاليوسف
كلمات وعهود!!

100 سنة معارك

كلمات وعهود!!

منذ تسع سنوات مضت، يوم أن أصدرت العدد الأول من هذه الجريدة قطعت على نفسى عهودًا ترونها على الصحيفة التالية، عهودًا أترك لكم أمرَ محاسبتى على مبلغ توفيقى فى إنجازها.



 

واليوم وأنا أكتب هذه الصحيفة مقدمة إليكم جريدتى بعد جهاد تسع سنوات أخذت أثناءها بأمور لم أكن أفكر بمعالجتها يومًا، اليوم أرانى غير ميّالة لأن أقطع عهدًا أو أسرف فى وعد، لا خشية التراجع ولا خوفًا من التردد، ولكن لأن هناك معانى وأمانى تفقد حرارتها وتشحب طلاوتها إذا ما تناولتها الألفاظ بيانها العاجز.. فى القلب عقيدة بالمبدأ الذى نعمل له أخذت منه مكان اليقين وكفى.

 

تسع سنوات مضت..!

 

ما أبعد الشقة، ولكن ما أشبه اليوم بالبارحة، بذلك اليوم الذى جلست أكتب فيه أول صحيفة من هذه الجريدة!

 

نفس الأمل الساجى الذى كان يطالعنى من وراء أحلامى.. عين الخفقان الذى كانت تردده حنايا الضلوع لا فزعًا من مصاعب العمل ومسئولياته وإنما هى رهبة الضارب فى طريق مجهول.

 

ثم هى.. هى ذات النفس التى تقبض على النار وتهزأ بالحديد فى سبيل المبدأ، و.. وطريقنا اليوم شائكة ومجهولة كما قلت لأن ضروب «السياسة» لا يستطاع تكشف مخابئها ومفاجآتها مهما أوفى الضارب فيها من حدة الفراسة وبعد النظر.

 

عجبوا إذ رأوا أن ابنة الفن السابقة تنحرف عن طريقها الصحفى الهادئ لتغمرها السياسة وتقف فى مقدمة المجاهدين عن البلاد بأقلامهم!

 

لهم أن يعجبوا إذا تناسوا أن ما تعانيه البلاد فى محنتها الحاضرة قد جرف كل شىء ووجَّه الأقلام المغامرة الجريئة إلى طريق واحد، وها قد انقضت سنوات بغيومها والقلم بيمينى أدفع به ما لا يتفق وشرعة الحق والإنصاف وأنازل به أعداء البلاد، وما هو إلا عود من قصب مهين أكسبته قوة الإيمان صلابة السنديان ونشرت على مؤخرته شعار الفدا، فغدا عَلمًا وراية للجهاد، وها هو ما برح مُركزًا على قمة الحصن الحصين يعبث بالأنواء ويناهض ظلم الظالمين.

 

سنوات وسنوات.. لولا أمل يُعمر قلوبنا ونزعة إلى الجهاد تغمر نفوسنا لكانت سنى محن متعاقبة.. ما من ضربة وجهت إلى حرية الرأى إلا وكان سهمها الأول أخذ سمته نحونا.. أغلقت هذه الجريدة مرات ونزلت بها خسائر مادية فادحة ونالنا الظالم وصعاليكه فى مسالك عيشنا وحرياتنا، وتثاءبت لنا أبواب السجون ولكننا بقينا خالدين لم تغير لنا الكروب وجهًا ولم يبدلنا الاضطهاد عقيدة، بقينا على وجهنا نفس البسمة الساخرة التى رسمتها النفس المطمئنة يوم أن اعتزمنا أن ندخل فى صفوف المجاهدين عن الوطن جنديًا بسيطا جنديًا شارته الفداء وشعاره التضحية من أجل مصر.

 

وماذا أقول بعد هذا؟

 

ها هى أمامكم تسعة مجلدات أرفعها إليكم جهودًا عاجزة وعروسًا بلا مَهر لتلقى بين أيديكم حظها من القدح والثناء.

 

ها هى جريدتى تطالعكم بما تحمله نفسى لمصر من حب وإخلاص فإذا رأيتم أننى أحسنت تأدية الرسالة وأننى، كما أردت أن أكون، قوة مهذبة وقوة تناهض أعداء البلاد فلا تعجبوا بعد ذلك إذ أسميت جريدتى باسمى!! الجريدة «روزاليوسف» هى الجندى.

 

نشر فى مجلة «روزاليوسف» (أكتوبر 1934)