بعد هدنة طهران وتل أبيب لماذا وقف إطلاق النار صعب فى غزة؟!

روزاليوسف
حسنًا؛ جاءت خطوة إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، بعد نحو 12 يومًا من تبادل القصف، بعدّها تطورًا جوهريًا نحو احتواء التصعيد الذى شهدته المنطقة خلال الأيام الأخيرة، كما يشكل نقطة تحوُّل نحو مسار استعادة الهدوء بالمنطقة.
لكن بالنظر، إلى نجاح التدخلات الدولية والوساطات المكثفة، فى إعلان وقف إطلاق النار، بين طهران وتل أبيب، بشكل عاجل ودون إطالة لأمد الحرب، نجد أن السلام الذى كان سريعًا بين إيران وإسرائيل، لا يزال عصيًا على الحل، فى غزة، التى لا تزال وحدها عالقة فى دائرة الدم، منذ ما يقرب من عامين.
هذه المفارقة القاسية تطرح سؤالاً لا مفر منه: لماذا كان من السهل- نسبيًا- تهدئة صراع إقليمى بين قوتين مسلحتين؛ بينما تعذّر ذلك فى قطاع محاصَر لا يملك سوى أن يتلقى الضربات؟
الجواب لا يكمن فى الحسابات العسكرية فقط؛ بل فى غياب الإرادة السياسية لدى إسرائيل.. ورفضها المتكرر لأى حلول تضمن الحقوق الأساسية للشعب الفلسطينى، وفى مقدمتها وقف العدوان ورفع الحصار.
ففى الوقت الذى يجد فيه الصراع بين طهران وتل أبيب ممرات للتهدئة؛ يُحرَم قطاع غزة من أى سيناريو قريب لوقف إطلاق النار والبدء فى تطبيق الرؤية المصرية لإعادة الإعمار.. ربما لأن معاناتهم ليست عبئًا على طاولة القرار الدولى؛ بل بَندًا مؤجلاً إلى حين.
وسط هذا الواقع المأزوم، تبرز مصر كصوت متزن وعقلانى، يملأ فراغًا أخلاقيًا واستراتيجيًا فى المشهد.
فقد تحرّكت القاهرة منذ اللحظة الأولى، بالتواصل والتشاور مع كل الأطراف، ساعية لوقف التصعيد ومنع انزلاق المنطقة إلى حرب مفتوحة.. ورغم نجاح هذا المسار مع طرفين إقليميين كإيران وإسرائيل؛ فإن الملف الفلسطينى ظل رهينة صمت العالم، و«عناد الاحتلال».
فى كل اتصالات الرئيس السيسي مع قادة وزعماء العالم يؤكد على أن وقف التصعيد لا يكتمل دون إنهاء العدوان على غزة، وأن تسوية القضية الفلسطينية تظل حَجَر الأساس لأى استقرار إقليمى.
وفى اتصالاته المباشرة، شدّد وزير الخارجية المصرى على مبدأ سيادة الدول ورفض استباحة دماء الأبرياء، مشيرًا إلى أن التهدئة يجب أن تشمل الجميع، لا أن تكون انتقائية.
تعقيد التهدئة فى غزة لا يكمن فى ضعف أدواتها؛ بل فى غياب عدالة النظام العالمى.
ومن هنا؛ فإن الدور المصرى لا يُقاس بنتائج فورية؛ بل بمسئولية تاريخية تتجاوز الحسابات الآنية؛ لتبقى القاهرة، كما كانت دومًا، الطرَف الذى يصنع السلام حين يعجز الآخرون عن حفظه.
ومن هذا المنطلق، جاءت رسالة مصر؛ لتؤكد على أن القضية الفلسطينية، ستظل لب الصراع فى المنطقة، وأن تسويتها بشكل عادل وشامل، يحقق التطلعات الشرعية للشعب الفلسطينى، سيكون البديل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار المستدام فى المنطقة والعالم، من خلال إقامة الدولة المستقلة على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.