
مى كرم جبر
البوصلة
1
هدف السياسة هو إحكام السيادة، وما يمارس عادة باسم السياسة من نوايا هادمة يستهدف التقليل من السيادة.
2
قد تبدو الجملة معقدة قليلًا لكن ببعض التأمل والتطبيق سنجدها تحققت بالفعل في العديد من الدول في المنطقة، والدول التي حافظت على سيادتها يتم التلاعب بأدوات تبدو للوهلة الأولى أنها سياسة ولا عيب فيها لكنها في الحقيقة فخ يستهدف سيادة الدولة.
3
«قافلة الصمود» أغراض سياسية معلنة، أهداف سيادية مبطنة.
4
من تونس والجزائر إلى ليبيا وصولًا للحدود المصرية، نزح من يقرب من 2000 متظاهر- حتى كتابة هذه السطور- مخترقين حدود الدول، غرضهم المعلن مساندة القضية الفلسطينية وكسر الحصار، حتى كتابة هذه السطور لم تصل القافلة على الحدود المصرية ولم أعرف نهاية قصتها ولا تعنيني على الإطلاق، لأن الأمر واضح وضوح الشمس، أعداد قليلة من البشر يحركها دافع ما لتحدث مأساة إنسانية جديدة، فما نفع 2000 مدني لنصرة قضية توسط في حلها دول ومنظمات كبرى، وما الذي بوسع هذا العدد القليل ليقدمه لمدينة تعدادها 2 مليون مواطن؟!
5
إذن عزيزي القارئ، الهدف ليس فلسطين على الإطلاق، أو كما يبدو لي وهذا اجتهاد شخصي منى أتحمل مسئوليته كاملة وحدي، الهدف هو تحريك كتلة بشرية قادرة على اختراق حدود الدول دون صعوبات تذكر تحت عنوان عريض وهو القضية الفلسطينية، وهنا سؤال، عزيزي القارئ: كيف ستصنف تلك الكتلة البشرية الدول ذات السيادة الأمنية الكاملة على حدودها، وهل سيروق هذا الأمر لها ؟!
6
خلال عيد الأضحى نشر « الدحيح» حلقة خلسة مع اختيار توقيت مقصود كي تمر الحلقة مرور الكرام ولا ينتبه إليها أحد، وهذا حدث بالفعل عزيزي القارئ، لكن لحظه العاثر، بعد انتهاء إجازة العيد الحلقة أصبحت تريند ولاقت هجوما عنيفا لا أظن أنه يتمناه.
7
الحلقة تتحدث عن انهيار الحضارة الفرعونية تحمل عنوان «ألف سنة من الانهيار» ليجتزئ ألف سنة من مجمل الحضارة الفرعونية ويضع عليها عنوان الانهيار حتى لا تأخذك العزة عزيزي القارئ وتظن أن الحضارة الفرعونية كلها كانت محلًّا للفخر، وهذا نوع ذكي من تلويث العقول لكن الجمهور كان واعيًا جدا له.
8
الحلقة تلقت اتهامًا عنيفًا بتزييف التاريخ وحدة الانتقاد وصلت لدرجة دفعت مؤلف الحلقة للخروج والإعلان عن نفسه بعد أن كان الدحيح يتعمد إخفاء كل من يعمل على إعداد حلقاته. حسام الديب، مؤلف الحلقة، تهكم على الهجوم الذي تلقاه وألقى المسئولية على أكتاف المستشرق توبي ولنكسون وكتابه «صعود الفراعنة وسقوطهم» كأنه بذلك يتحلل من حكم الناس عليه، ولا يعلم أنه أدخل نفسه زنزانة التصنيف وأغلق بابها، فأي عمل بحثي يعتمد على مصدر واحد هو نوع مخل من تزييف الوعي ونية لدفع المتلقى نحو مسار واحد للمعلومات أو بلغة أخرى للتحكم في نوع المعلومات التي تصل إليه دون غيرها، ومن هنا نتأكد أن ما استشعره الجمهور من نوايا مغرضة هو حقيقة دامغة.
9
وحكمة الله في اتصال هذا الكون هو أن سيدة تدعى نرڤانا متخصصة في مجال التاريخ- وهذا كل ما أعرفه عنها- ردت على مغالطات الدحيح في سبع حلقات على قنواتها على منصات التواصل الاجتماعي، وخلصت في النهاية إلى أن انهيار الحضارة الفرعونية لم يأت من انهيار وضعف عسكري كما أشار الدحيح بل إلى السماح بالخلط المبالغ به من ثقافات لشعوب أخرى نزحت إلى مصر وتوطنت فيها وكانت سببًا لتغير الثقافة المصرية الفرعونية إلى أن اختفت في سلوك المواطنين وهويتهم.. وهذا ما تدفع به جماعات حالية لاختراق الحدود سواء على الأرض أو في العقول.
10
وفي أسبوع واحد يحاول الدحيح اختراق حدود الهوية المصرية في العقول وتحاول قافلة الصمود اختراق الحدود على الأرض، وعظمة الله تتجلى في رفع ضبابية الفكر عن هذا الشعب ليرى بوضوح ما يحاك له ويتصدى له.