
كريمة سويدان
أنا وقـلمى .. سياسة «العصا والجزرة» الأمريكية
سياسة العصا والجزرة أو كما تُعرف بالإنجليزية «carrot and stick policy» هى سياسة قديمة تعتمد على مبدأ الترغيب والترهيب (مكافأة الدول أو الأطراف المتعاونة، ومعاقبة أو تهديد من يخالف المصالح)، وتستخدم هذه السياسة بشكل واضح فى العلاقات الدولية، خاصة من جانب الدول الكبرى مثل الوﻻيات المتحدة الأمريكية، وعلى سبيل المثال ما تتبعه أمريكا الآن فى الشرق الأوسط حيث تستخدم العصا (الترهيب) عبارة عن تهديد بفرض عقوبات «كما تفعل مع إيران»، حيث تجمع بين الضغوط الاقتصادية والعسكرية «العصا»، والحوافز الدبلوماسية والاقتصادية «الجزرة» بهدف دفع طهران إلى تعديل سلوكها النووى والإقليمى، أو التدخل المباشر «كما حدث فى العراق وسوريا»، وتستخدم الجزرة (الترغيب)، حيث تُقدم مساعدات مالية أو عسكرية «مثل ما تُقدمه لمصر أو الأردن»، أو دعم سياسى «كما حدث مع بعض اتفاقات التطبيع».. كما تستخدم أمريكا العصا مع الصين وروسيا كعقوبات اقتصادية، أو دعم خصومهما الإقليميين، أو تعزيز وجود عسكرى قرب حدودهما، وتُلوِّح بالجزرة لكل من الصين وروسيا عن طريق الانفتاح الاقتصادى المحدود أو بالتعاون فى قضايا المُناخ أو التجارة.. كما يقوم ترامب باستخدام هذا النوع من السياسة مع الدول الصغيرة أو المتذبذبة، حيث يقوم بالتهديد بالعزلة الدولية، أو منع المساعدات أو دعم معارضين سياسيين، وتُعطى- فى نفس الوقت- وعوداً بالاستثمارات والدخول فى تحالفات، أو دعم دولى فى المؤسسات الدولية.. والهدف الأساسى من استخدام هذه السياسة هو إجبار دول العالم على تبنى سياسات تتماشى مع المصالح الأمريكية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، دون الدخول فى مواجهة شاملة، مما يجعلها أداة فعالة فى يد القوى الكبرى وما تقوم به أمريكا حالياً مع الصين من ضغوط إقتصادية وتحالفات إقليمية، يؤكد استخدام هذه السياسة، حيث تؤكد- بطريقة التلويح بالجزرة- على عدم السعى لفصل اقتصادى تام مع استمرار بعض أشكال التعاون، بينما تقوم بفرض تعريفات جمركية جديدة على واردات صينية «مثل السيارات الكهربائية والبطاريات»، وزيادة القيود على صادرات التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين، وذلك من باب مبدأ إخراج العصا للعملاق الصينى، كما اتبعت الوﻻيات المتحدة الأمريكية نفس السياسة عندما تم تنفيذ أكبر عملية تبادل أسرى بين الوﻻيات المتحدة وروسيا منذ الحرب الباردة، حيث تم إطلاق سراح صحفيين ومواطنين أمريكيين، وذلك كان فى أغسطس «2024»، هذا مع استمرار فرض العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية بسبب الحرب فى أوكرانيا.. كما قدمت أمريكا دعم مشروط بالإصلاحات فى إفريقيا الشرقية، حيث وعدت بالجزرة بتقديم مساعدات اقتصادية ودعم لمشاريع تنموية فى دول مثل كينيا وتنزانيا، بينما شملت العصا انتقادًا علنيًا لانتهاكات حقوق الإنسان كما حدث فى تنزانيا عندما أعرب السفير الأمريكى عن قلقه بشأن تقارير عن اختطاف وتعذيب معارضين سياسيين.. كما قامت أمريكا بالتلويح بالجزرة مع أرمينيا على شكل شراكة استراتيجية فى يناير «2025»، حيث تم توقيع ميثاق شراكة استراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية وأرمينيا لتعزيز التعاون فى مجاﻻت الديمقراطية والأمن والطاقة، وكانت العصا دعم أمريكى لأرمينيا للابتعاد عن النفوذ الروسى، خاصة بعد استجابة روسيا لطلب أرمينيا بالمساعدة خلال النزاع مع أذربيجان، حتى «إسرائيل» لم تسلم من استخدام هذه السياسة معها، التى تدعمها الوﻻيات المتحدة دائماً ولكن بشروط، حيث إنها- أى أمريكا- استمرت فى دعمها العسكرى لإسرائيل، بما فى ذلك إرسال أنظمة دفاعية متقدمة، بينما أوقف الرئيس الأمريكى السابق «بايدن» فى مايو «2024» شحنات من القنابل الثقيلة إلى إسرائيل بسبب مخاوف من استخدامها فى عمليات قد تؤدى إلى سقوط ضحايا مدنيين فى غزة- خاصة فى رفح- هذه الأمثلة إن دلت على شىء، إنما تدل على كيفية استخدام الوﻻيات المتحدة الأمريكية مزيجًا من الحوافز والضغوط لتحقيق أهدافها فى السياسة الخارجية، مع تكييف النهج حسب الدولة والسياق.. وتحيا مصر.