الخميس 26 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
في حضرة الصورة.. يغيب الكلام

في حضرة الصورة.. يغيب الكلام

في ظل عالم يتميز بتقدم كبير في عالم التكنولوجيا والاتصالات والمعرفة، أضحت الصورة أبلغ تأثير من الكلام، لكونها تمتلك سحرًا خاصًا من خلال مخاطبتها للوجدان دون التفات لأي مسافات أو حدود، ونقلها لمشاعر وأفكار ومواقف، دون حاجة إلى شرح أو ترجمة، فصورة واحدة قد تثير الحزن أو الفرح في لحظة، بينما الكلام يحتاج إلى وصف وشرح كثير، كما أن الصورة يتذكرها الإنسان بنسبة أكبر من الكلمات، ولذا تشكل الصورة الرأي العام، وتحرك الضمير لأنها حقيقية وبالتالي تعد أكثر إقناعًا من الكلام.



ومن أجل هذا تحديدًا ولغيره كثير، أصبحت الصورة جزءًا أساسيًا، من عملية نقل وقائع ومجازر وفضح انتهاكات عصابة آل صهيون التي ترتكب يوميًا ضد أهلنا في غزة، وهى نفسها الصورة التي حاولت تلك العصابة استغلالها لصالحها ونقلها إلى المجتمع الدولي، في بداية حرب غزة عن حركة حماس حين وصفت أعضاءها أنهم إرهابيون، مستغلة في ذلك منظومتها الإعلامية التي تحظى بدعم كبرى المنصات العالمية والوكالات الكبرى وتعمل لصالحها، في محاولة منها للالتفاف على قواعد القانون الدولي، الذي أغلق مواده حين غفل عن المجازر وحرب الإبادة والحرق والدمار المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، والتي أضيف إليها مؤخرًا، حرب الجوع والعطش والحرمان من حق الحياة أصلًا.

 تلك هي الصورة الأخيرة الواضحة التي تصدرت صحف العالم، وحاول المستعمر الصهيوني حجبها عن العالم. ولكن كشفت حقيقتها وسائل الاتصالات الحديثة والأقمار الصناعية والتقدم التقني والمعرفي المستخدمة في هذا الشأن، بل وأضافت إليها صور وفيديوهات أخرى، تكشف مدى فضاحة وحجم هذه المأساة، منها فيديو مصور لأهلنا في غزة أذاعته  أغلب القنوات الإخبارية الدولية، يتضمن بكاء ومشاحنات عدد كبير من أبناء غزة (رجال وسيدات، شباب وشابات وأطفال) على رجل يوزع بسكويت وزجاجات مياه، لنيل ما يسد الجوع والعطش، نتيجة لسياسة إجرامية تفتقد الإنسانية والرحمة يمارسها المستعمر، مخالفًا بذلك كافة القوانين والسلوك الإنساني والأعراف الدولية، صورة للأسف يخجل منها الحيوان قبل البشر، ويندى لها جبين الإنسانية، الغائب بفعل فاعل عن جل أفعال عصابة آل صهيون، الممثلة في مجرم الحرب نتنياهو ورفاقه، صورة توزيع البسكوت وزجاجات المياه ليست سوى صورة من ضمن صور عديدة، تتضمن كافة صور وأوجه الانتهاكات التي ترتكب ضد أهلنا في غزة، صور لا تحتاج إلى تعليق أو تبرير لكونها تشرح نفسها بنفسها، ومع هذا تم غض الطرف عنها من قبل دول العالم الحر، الذي يردد فقط شعارات عن حقوق الإنسان والديمقراطية، لكنها لا تستخدم إلا عند اللزوم. حتى منظمة الأمم المتحدة التي كان من المفترض أن تتصدى لمثل هذه الجرائم، شلت يدها عن قصد وتعمد، بل وتم اختطاف كافة المؤسسات التابعة لها، (بفضل هيمنة ورعاية أمريكا والدول التابعة لها)، بما فيهم المحكمة الجنائية الدولية.

ومع هذا النكران الدائم والمتعمد للصور التي تكشف مدى إجرام نتنياهو وعصابته، سيظل الضمير الإنساني الصحيح وغير المتلون، شاهد عيان على العديد من الصور التي تكشف مثل هذه الجرائم، بداية من مذابح دير ياسين وخان يونس والشيخ بريك وحيفا والطنطورة وغيرها، مرورًا بصورة إطلاق النار المتعمد على الطفل الشهيد محمد الدرة التي هزّت العالم، لكنّ إسرائيل وقتها لم تهتز، وشرعت حكومتها وقتها في اختلاق قصص فظيعة ومجرمة لتبرئة نفسها من قتله، أو غيره من الأطفال، حتى وصل الحال في حرب غزة إلى قتل الأطفال الرضع. ناهيك عن صور هدم وقصف دور العبادة والمستشفيات ومخازن الطعام التابعة للأونروا ومحطات المياه والكهرباء، لتدمير البنية التحتية لقطاع غزة، وصور قنص رجال الإعلام والصحافة المتعمد أيضًا، الذين ينقلون الواقع المخزي لممارسات جيش الاحتلال حتى تطمس الحقيقة.

ورغم سياسة الحجب والإخفاء الذي تمارسه عصابة آل صهيون لصور مذابحها وانتهاكاتها، سيظل مدى تأثير الصورة أكبر بكثير من هذه المحاولات، ويومًا تلو الآخر ستظهر صور جديدة تكشف جرائم هذا المحتل، توثق قصة كفاح شعب غزة، وينقل عن طريقها وقائع تلك الإبادة إلى العالم.