الجمعة 31 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. ملامح مرتقبة قبل أيام من وصول ترامب إلى البيت الأبيض..  تقدير موقف الصفقة المشتعلة بين حماس وإسرائيل!

مصر أولا.. ملامح مرتقبة قبل أيام من وصول ترامب إلى البيت الأبيض.. تقدير موقف الصفقة المشتعلة بين حماس وإسرائيل!

فى ظل التطورات السياسية والعسكرية المعقدة التى تشهدها المنطقة العربية بشكل شبه يومى، يبدو أن الصفقة الأخيرة بين حركة حماس وإسرائيل التى نُشرت أخبار متناثرة عن بعض تفاصيلها خلال الأيام القليلة الماضية.. سيكون لها أثر واضح، خاصة أن الإعلان عنها.. مواكب لتوقيت حساس.. وهى مرتبطة ببداية العد التنازلى لبداية ولاية رئاسة أمريكية جديدة لدونالد ترامب. 



تظل الملامح العامة لتلك الصفقة.. تتضمن زوايا متعددة سواء بين أدوار إقليمية ودولية فاعلة، أو الملفات الرئيسية للمفاوضات، أو المخاطر والمكاسب المتوقعة فى ضوء النتيجة النهائية لما نتج عنها بكل ما تحمله من تفاصيل تاريخية متشابكة من جانب، وما سينتج عنها من إعادة صياغة جيوسياسية للصراع الفلسطينى – الإسرائيلى من جانب آخر.

 الدور المصرى..

فى سياق تداعيات تلك الصفقة بين حركة حماس وإسرائيل، تلعب الأطراف الإقليمية والدولية الداعمة دوارًا محوريًا فى الوساطة والتنسيق، بما يضمن تحقيق التوازن بين مصالح الطرفين وضمان استمرارية التهدئة. ومن أبرز هذه الأطراف: مصر، وقطر، والولايات المتحدة الأمريكية. وبكل تأكيد، فإنه لكل طرف منهم دوافعه وأدواته الخاصة لتحقيق هدف إتمام الصفقة.

تعد مصر الشريك التاريخى بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ سنوات طويلة.. حيث تمتلك مصر خبرة العلاقات القوية.. المؤثرة والفاعلة مع الطرفين. ولذا لا يقتصر دورها على التفاوض فقط، بل يشمل تقديم ضمانات للطرفين سواء بتنفيذ أى اتفاق يتم التوصل إليه، كونها شريكًا رئيسيًا فى الملف الفلسطينى، ولديها القدرة على التواصل المباشر مع حماس وإسرائيل، وتمتلك قنوات اتصال مباشرة مع القيادات السياسية والأمنية للطرفين.

تضع السياسة المصرية.. ضمن أولوياتها ما يمس الأمن القومى المصرى من خلال تأمين حدودها مع قطاع غزة.. خاصة فى سيناء، التى قد تتأثر بأى تصعيد عسكرى. كما تعمل على منع تسرب أى شكل من أشكال العنف إلى أراضيها من خلال التهدئة المستمرة فى سبيل السلام. وتنتهج مصر الدبلوماسية الناعمة فى سبيل تحقيق هدف السلام سواء من خلال الاعتماد على شبكة علاقاتها الدولية والإقليمية للضغط على الطرفين.. خاصة من خلال التنسيق مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة، أو بالسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية إقليمية، لتعزيز مكانتها كشريك فاعل لا غنى عنه فى ملفات الشرق الأوسط.

ولا ننسى هنا الدعم اللوجستى والإنسانى المصرى من خلال تسهيل دخول المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية إلى قطاع غزة من خلال معبر رفح. ودعم القاهرة لجهود إعادة الإعمار فى غزة بالتعاون مع الدول الداعمة.

 الدور القطرى..

تعتبر قطر هى واحدة من أكبر الداعمين الماليين للقضية الفلسطينية بشكل عام، ولحركة حماس بشكل خاص سواء من خلال تقديم مساعدات مالية مباشرة لتحسين الخدمات الأساسية فى غزة، مثل: الكهرباء والمرتبات الشهرية. وتخفيف الأزمات من خلال تحسين الظروف الإنسانية وتقليل الضغط الشعبى على حركة حماس.

استثمرت قطر علاقاتها الوثيقة مع حماس لتشجيعها على التفاوض والقبول بحلول وسط.  وقامت بدور إيجابى فى الرسائل المتبادلة بين حماس وإسرائيل من خلال الأطراف المعنية، مثل الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة.

تتمسك قطر دائمًا بمقترحات للمشروعات التنموية لتحسين الحياة اليومية فى غزة.. كجزء من أى اتفاق تهدئة. وتتبنى فكرة أن تحسين الاقتصاد الفلسطينى فى غزة يمكن أن يكون بديلًا للتصعيد العسكرى، ولتحقيق كل ما سبق، استخدمت قطر شبكاتها الإعلامية.. للترويج لرؤيتها ودعم جهود التهدئة.

الدور الأمريكى..

تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بدور الضامن لإسرائيل.. مما يمنحها نفوذًا كبيرًا لدفعها نحو قبول تسويات الوصول للسلام. ودائمًا ما استهدفت واشنطن.. تهدئة المخاوف الأمنية الإسرائيلية من خلال تعزيز الدعم العسكرى والدبلوماسى مقابل الدخول فى المفاوضات، والاستمرار فيها. ومثلما تمارس الولايات المتحدة الأمريكية أحيانًا الضغط السياسى على إسرائيل. تقوم أيضًا بالتنسيق مع الشركاء والوسطاء الإقليميين، حيث تعمل مع مصر وقطر لضمان نجاح جهود الوساطة. وتدير قنوات اتصال مع الطرفين من خلال مبعوثين خاصين لدعم المبادرات الأممية.

تحاول إدارة الرئيس بايدن فى أيامها الأخيرة بالبيت الأبيض.. استثمار هذا الملف سياسيًا من خلال محاولاتها.. تحقيق مكاسب دبلوماسية عبر إنجاز صفقة تهدئة.. مما يعزز صورتها كراعية للسلام فى الشرق الأوسط. وفى المقابل لذلك، يسعى دونالد ترامب لاستغلال أى تقدم فى هذا الملف.. ضمن أدواته و(كروته) الانتخابية لإظهار قوته على تحقيق اشتباكات وتحالفات فى السياسة الدولية.

بوجه عام، دائمًا ما ترى الولايات المتحدة أن استمرار التصعيد فى غزة يشكل تهديدًا لاستقرار المنطقة.. مما قد يؤثر على مصالحها وعلى شركائها فى الشرق الأوسط. وأن أى تهدئة أو عقد اتفاقيات ومعاهدات.. تعتبر ضرورية لمنع أى تصعيد.. قد يستقطب أطرافًا أخرى جديدة إلى  الصراع.

 تكامل الأدوار..

تعمل مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية كأضلاع مثلث الوساطة فى الصفقة بين حماس وإسرائيل، حيث تقدم كل دولة أدواتها ونفوذها لتحقيق تهدئة طويلة الأمد. ويعتمد.. نجاح هذه الجهود على التنسيق بين الأطراف الثلاثة، وقدرتهم على تحقيق توازن بين المصالح المتناقضة للطرفين الفلسطينى والإسرائيلى. ويظل اشتراك الأطراف الثلاثة فى جهود التنسيق المشترك لضمان توافق المصالح وعدم تعارضها. ويظل أيضًا لكل طرف خصوصيته، تهتم مصر بالدور السياسى والأمنى المباشر، كما تهتم قطر بتقديم الحوافز المالية والاقتصادية، وتقدم الولايات المتحدة الأمريكية.. الغطاء الدبلوماسى والضمانات لتحقيق السلام.

 الرهائن ووقف إطلاق النار..

تظل قضية الرهائن هى إحدى القضايا المركزية فى المفاوضات.. حيث تحتجز حماس عددًا من الجنود والمدنيين الإسرائيليين منذ سنوات، بجانب رهائن جدد نتيجة التصعيد الأخير بعد 7 أكتوبر 2023. وتعتبر إسرائيل مسألة إطلاق سراح الرهائن.. ضمن الأولويات القصوى، بينما تطالب حماس بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين فى المقابل، وهو ملف شائك يخضع لتوازنات سياسية دقيقة وأمنية متشابكة وتفاوضية معقدة.

كما يعد وقف إطلاق النار عنصرًا أساسيًا فى أى صفقة، مع التركيز على ضمانات طويلة الأمد لمنع تجدد الصراع.. مما يتطلب اتفاقًا على شروط واضحة، تشمل وقف الهجمات الصاروخية من غزة، مقابل تخفيف الحصار وفتح المعابر.

مكاسب فلسطينية إسرائيلية..

يمثل إتمام الصفقة بين حماس وإسرائيل.. فرصة لتحقيق مكاسب متوقعة سياسية وإنسانية وأمنية لكلا الطرفين، وسيترتب على نجاحها نوع من التهدئة طويلة الأمد.. ستؤدى إلى فترة من الاستقرار النسبى.. مما يمنح الطرفين فرصة لترتيب أولوياتهما. والتى ستكون فى مقدمتها تفعيل جهود إعادة الإعمار وتحسين البنية التحتية فى قطاع غزة.

1 - مكاسب حماس

إذا تضمنت الصفقة إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.. فسيعتبر ذلك إنجازًا كبيرًا يعزز مكانة حماس بين الفلسطينيين، وتحسين الظروف الإنسانية فى غزة من خلال تخفيف الحصار وفتح المعابر.. لتدفق المزيد من المساعدات الغذائية والطبية، وهو ما سيخفف من معاناة السكان وتخفيف الضغوط على حركة حماس.

نجاح حماس فى فرض شروطها.. سيعزز من شرعيتها ومكانتها السياسية.. كقوة مقاومة وقيادة فلسطينية قادرة على تحقيق مكاسب فى سبيل تحسين الأوضاع المعيشية فى غزة، ودعمها فى مواجهة التوترات الداخلية والانتقادات الشعبية.

2 - مكاسب إسرائيل..

نجاح إسرائيل فى استعادة الجنود والمدنيين المحتجزين لدى حماس.. يمثل انتصارًا سياسيًا وأمنيًا، سيعزز من ثقة المواطن الإسرائيلى بحكومته، كما أن وقف إطلاق النار سيخفف من التوترات الأمنية على الحدود مع غزة ويمنع تكرار الهجمات الصاروخية التى تهدد حياة المدنيين.

إن نجاح إسرائيل فى التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد.. سيعزز مكانتها كطرف يسعى للاستقرار، خاصة فى ظل الانتقادات الدولية ضدها بسبب حصار غزة وسياساتها تجاه الشعب الفلسطينى، كما أن أى تهدئة طويلة الأمد ستوفر لإسرائيل فرصة لتراجع استنزاف قواتها العسكرية.. مما يتيح لها التركيز على أولويات أخرى داخلية أو إقليمية.

3 - مكاسب إقليمية ودولية..

من المؤكد أن أى تهدئة بين حماس وإسرائيل.. سيكون لها تأثير فى تراجع احتمالات التصعيد الشامل الذى سيكون له تأثير بدرجات مختلفة على دول الجوار، مثل: مصر والأردن ولبنان.

وهو ما يعنى تعزيز الأمن الإقليمى وإعادة صياغة التحالفات الإقليمية من جهة، وتأكيد نجاح الوساطة الإقليمية والدولية مما يعزز من صورة الأطراف الداعمة للسلام، مثل مصر وقطر وأمريكا.. كجهات فاعلة فى تحقيق الاستقرار من جهة أخرى. فضلًا عما يمكن أن يحدث من تقدم لفتح الباب لمفاوضات أشمل مثل حل الدولتين أو تحسين العلاقات الفلسطينية-الإسرائيلية.

 مخاطر عدم التنفيذ..

1 - على حماس

فشل التوصل إلى تهدئة يعنى استمرار الحصار وتدهور الظروف المعيشية وتفاقم الأوضاع الإنسانية والمعاناة لسكان قطاع غزة. مما سيزيد من الضغوط والانتقادات الشعبية على حكومة حماس داخليًا وخارجيًا. وهو ما سيترتب عليه فقدانها الدعم الشعبى طالما لم تتمكن من تحقيق مكاسب ملموسة. كما أن فشل الصفقة.. سيدفع إسرائيل إلى شن عمليات عسكرية واسعة وأكثر عنفًا ضد قطاع غزة وقيادات حماس. وقطعًا سيؤدى ذلك إلى المزيد من تعميق الانقسام الفلسطينى وتصاعد التوتر مع الفصائل الفلسطينية الأخرى مثل فتح. 

2 - على إسرائيل

فشل المفاوضات يعنى استمرار التهديد الأمنى.. قد يؤدى إلى جولة عنف جديدة، قد تكون أكثر عنفًا وأطول من الهجمات الصاروخية والهجمات عبر الحدود.. مما يهدد حياة المدنيين. كما أن استمرار الصراع دون تحقيق نتائج ملموسة.. سيؤدى إلى استياء داخلى من الحكومة الإسرائيلية واتهامها بالفشل فى إدارة الأزمة. وسيترتب على استمرار الحصار والهجمات العسكرية على غزة.. تعميق الانتقادات الدولية ضد إسرائيل وزيادة الضغوط الدبلوماسية عليها. 

3 - على الشركاء والوسطاء

تقويض جهود الوساطة.. سيؤدى إلى فشل الصفقة وضعف مصداقية أى محاولات لتحقيق السلام. وقد يؤدى استمرار التوتر إلى استدراج أطراف أخرى إلى الصراع، مثل: إيران وحزب الله أو روسيا.. مما يعمق الأزمة الإقليمية فى طريق التصعيد.

نقطة ومن أول السطر..

تشكل الصفقة أو المفاوضات الجارية بين حماس وإسرائيل منعطفًا هامًا فى تاريخ الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى، مع تداعيات إقليمية ودولية متفاوتة. يعتمد نجاحها وتحقيقها على مدى قدرة الشركاء (مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية) على تحقيق التوازن بين المصالح المتضاربة وضمان التزام الطرفين بالاتفاق.. فى ظل المشهد السياسى الدولى الحالى الذى يدعم نجاح الفرص القائمة.. رغم أنها محفوفة بالتحديات التاريخية الجسيمة.