بابا عبده
منى رضوان
بابا عبده هو أحد أشهَر الأبَّهات فى الدراما المصرية والتى جسَّدها الراحل عبدالمنعم مدبولى فى مسلسل (أبنائى الأعزاء شكرًا).
بنشوف فى المسلسل ده إزاى بابا عبده كان عارف الصح والغلط والأصول والواجب؛ بس للأسف رغم درايته بكل الأمور دى معلمش ولاده الخبرات الأساسية علشان يعيشوا وسط المجتمع.
أخطأ بابا عبده غلطة شائعة وهى أنه خلى تركيز ولاده كله فى حياتهم ومُذَاكراتهم ومصلحتهم فقط.
لمّا اتربوا بالطريقة دى وكبروا عليها مبقوش شايفين غير نفسهم، هم محور للكون والحياة...حياتهم وتصرفاتهم اتجاه واحد هم فيه بياخدوا فقط.
بابا عبده دون أن يدرى ربَّى أولاد ميعرفوش الواجب وكان هو أول المتضررين.
الأخد والعطاء فى الحياة شىء بييجى بالتدريب والمعاملة وهى من مدخلات الحياة منذ الصغر.. دى حاجة لمّا الولاد بيتربوا عليها بيعيشوا عليها.
بُصُّوا حواليكم كده هتلاقوا نماذج كتيرة من الأهل زى بابا عبده.. هَمُّهم الأكبر توفير جودة لحياة مرفهة وتعليم أكاديمى بشىء وشويات وفُسَح وكل ما يستطيعوا توفيره مما يشتريه المال.. لكنهم يسهى عليهم أن التربية أهم من التعليم.
الواقع أثبت أن الشاطر دومًا فى أشطر منه ولكن راقى الأخلاق هو العُملة النادرة.
احنا حوالينا جيل كل حاجة بتتعمل له، الأهالى over protective على ولادها لدرجة أنهم مش عايزين الولاد يتعرضوا لأى شىء فى الدنيا وهم دون قصد بيؤذوهم أكبر أذَى.
فى ولاد مش متعلمين من أهاليهم يقولوا شكرًا ولا يسلموا ولا حتى يعملوا أبسط المجاملات.
فى المسلسل فى حوار رهيب فى قوته وصدقه بين بابا عبده وفرج - بيقولوا فيه:
- ماسألتش نفسك مرّة واحدة يا عبده ليه ولادك طلعوا وحشين ليه ومقصرين فى حقك؟
- أنا مش محتاج حاجة من حد يا فرج..
- ياسيدى ربنا ما يحوجك لحد، ثم أنت زعلان ليه؟ ماهو أنت السبب فى كل اللى حصلهم، أنت الليّ دلعتهم يا عبدالحميد، أنت الليّ خلتهم مايقدروش يتحركوا خطوة إلا برأيك وبمشورتك، أنت الليّ عودتهم يعتمدوا عليك فلما حاولوا يعتمدوا على نفسهم ضاعوا..
- أنا؟ أنا الليّ طلعتهم بالأخلاق دى يا فرج؟..
- أيْوَة أنت يا عبده، أنت الليّ عزلتهم عن الناس عشان يفضوا لمُذَاكراتهم لحد ما طلعوا مايعرفوش فى الواجب ولا المجاملة، حشرت نفسك فى كل ثانية فى حياتهم، عملت كل حاجة بدالهم، ماخلتهمش يشيلوا المسئولية وعايزهم يبقوا رجالة أزاى بس!
- أنت شمتان فيّا يا فرج؟
- أنت صعبان عليّا يا عبدالحميد، فضلت تديهم وتديهم وتديهم وهُمَّا ياخدوا لحد ما طلعوا مايعرفوش يدوا، مايعرفوش إن الدنيا أخد وعطا، سلف ودين، ماتزعلش منِّى يا عبدالحميد.. النهاردة أنت بتحصد اللى زرعته فيهم..
- كفاية يا فرج..
بابا عبده مقدرش يسمع كلام فرج القاسى.. لكن هكذا هى دومًا الحقيقة، قاسية لكن كاشفة.
