السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
القارة المنهوبة

القارة المنهوبة

كأن الغرب لم يكتف بما نهبه من ثروات القارة الإفريقية، فى أكبر سرقة علنية عرفها التاريخ، من بشر ومعادن وآثار، ضاع معها مستقبل القارة، والتى من خلالها عرفت إفريقيا الظلم والاضطهاد والعبودية وأعمال التدمير والنهب التى طالت الحجر والبشر فى القارة السّمراء من قِبل الدول المستعمرة، التى اغتنت نتيجة سرقة ثروات الشعوب الأفريقية، ثروات أضاءت دول الحضارة الغربية، ولكنها ساهمت فى نفس الوقت فى ظلام وتعاسة الشعوب الإفريقية، رغم أن بلادهم تمتلك نحو 30 % من احتياطى الثروات المعدنية فى العالم؛ فهى الأولى فى إنتاج البلاتين بنسبة 81.4 % من الإنتاج العالمى، وتحتوى على 90 % من الاحتياطى العالمى للمعدن، وتنتج معدن الماس بنسبة 61 %، فيما تمتلك نحو 50 % من الاحتياطى العالمى له، وكذلك الذهب بنسبة 23 % من الإنتاج العالمي. كما أنها المُنتِج الأول عالميًّا لليورانيوم بنسبة 18.4 %، والكوبلت بنسبة 40.8 %، والمنجنيز بنسبة 34.2 %، والفانديوم بنسبة 31 %، والفوسفات بنسبة 30 %. ويبلغ نصيب إفريقيا من إنتاج النفط الخام نحو 11 % تقريبًا من الإنتاج العالمى، فيما يبلغ احتياطى النفط فى القارة نحو 10 % من الاحتياطى العالمى بواقع 125.8 مليار برميل. وتنتج إفريقيا 22 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى يوميًّا بنسبة 7.5 % من إجمالى الإنتاج العالمى، فى حين يبلغ احتياطى الغاز الطبيعى فى القارة نحو 477 تريليون قدم مكعب بواقع 6.9 % من الاحتياطى العالمى للغاز، ومع هذا تظل شعوبها تعانى من الفقر والاستعباد، والأن جاء الدور على ثروة القارة الأفريقية من البشر، الذين كان فى وقت سابق يتم استعبادهم، وهذا ما تجلى وبوضوح تام فى بطولة الأمم الأوروبية التى أجريت مبارياتها فى المانيا، فلم تكد تخلو قائمة أى منتخب أوروبى من أكثر من لاعب ذي أصول إفريقية، بل إن هناك منتخبات الغالبية العظمة من قوائمها من أصول إفريقية، نذكر على سبيل المثال وليس الحصر، منتخب فرنسا الذى يضم بين صفوفه أكثر من لاعب إفريقى منهم نجمهم الأبرز كيليان إمبابى الكاميرونى الأصل ونجولو كانت المالى وعثمان ديمبلى الموريتانى وويليام سليبا الكاميرونى، وهناك أيضا منتخب إنجلترا الذى يضم بوكايو ساكا النيجيرى وكوبى ماينو الغانى وايبيريشى إيز النيجيرى، أما منتخب المانيا فيضم أنطونيو روديجر السيراليونى وجمال موسيالا النيجيرى وليروى سانى السنغالى، ثم هناك منتخب إسبانيا فيضم لامين يامال المغربى ونيكو وليامز الغانى، وهناك أيضا ناثان اكى هولندا الكوت ديفوارى الأصل وستيفان شعراوى إيطاليا المصرى وكودى جاكبو هولندا الغانى، وممفيس ديباى هولندا الغانى وورافائيل ليوا البرتغال أنجولا، ودينيس زكريا سويسرا جنوب السودان وغيرهم كثر، 82 نجمًا إفريقيًا بالتمام والكمال رفضوا تمثيل بلدهم الأصلى بحثا عن سبل عيش أفضل، ولأسباب أخرى يعلمها الجميع بعد أن تم تجريف أوطانهم الأصلية من خيراتها.



وعن هذه الظاهرة تحديدا طلب المدرب البرتغالى جوزيه مورينيو المدرب السابق لريال مدريد الإسبانى وتشيلسى الإنجليزى من الاتحاد الدولى لكرة القدم رفض تجنيس اللاعبين الأفارقة للمنتخبات الأوروبية، وهو ما قد ينتج عنه متغيرات عديدة فى مستقبل الساحرة المستديرة حال تطبيق هذا الطلب، لأنه وقتها ستخضع كرة القدم لما يعرف بإعادة تكوين القوى، لتشكل القارة الإفريقية السمراء قوتها الخاصة بمنتخباتها التى لا تنقص لاعبًا لصالح نظيراتها الأوروبية التى تقوم بعض المنتخبات فيها على أساس التجنيس؛ مما يشكل توازنًا جديدًا للقوى فى كرة القدم، ليس على صعيد تغيير سياسة الأندية الأوروبية فى اختيار اللاعبين المحترفين، بل على صعيد التنافس بين المنتخبات أيضا، وستصبح هناك منافسة قوية بين المنتخبات الإفريقية مع نظيرتها الغربية، حينها سيتغير توازن القوى فى كرة القدم من جديد، وتسترد الدوريات الإفريقية قوتها لتقدم مستويات مميزة بخامات مميزة من اللاعبين، تنال نفس القدر من الاهتمام والمشاهدة أو القوة على غرار الدوريات الأوروبية الأخرى التى تهيمن على الأخضر واليابس فيما يتعلق بكرة القدم حتى الآن.

فنحن الأفارقة نملك المواهب اللازمة للفوز بأى بطولة ولنا فى منتخب المغرب الشقيق المثل وكيف فعل بكبار أوروبا فى بطولة كأس العالم الأخيرة، لولا سوء حظه عندما اصطدم بمنتخب فرنسا الذى يلعب بأفارقة، لرأينا أول لقب كأس عالم لإفريقيا الذاخرة دائما بنجوم ومواهب تتفوق على مثيلتها الأوروبية مثل محمد صلاح ورياض محرز وسفيان رحيمى ومحمد قدوس وفيكتور اوسيمين وساديو مانى وحكيم زياش وأشرف حكيمى، ومن قبلهم كان هناك دروجبا وإيتو ويايا توريه وعبيدى بيليه وجورج ويا، ولكن مسلسل النهب الغربى الذى لم يتوقف وحرم قارتهم من هذا الشرف. وهو بالمناسبة إعادة لنفس المسلسل الذى انتهجه مع ثروات القارة من معادن وآثار وخلافه المستمر حتى الأن، على الرغم من أن بعض الدول الأفريقية مثل بوركينا فاسو ومالى والنيجر بدأت تستفيق من حالات النهب التى تعرضت لها، وأصدرت العديد من القرارات التى تحصن بها ثرواتها من نهب المستعمر الغربى السابق.