الأحد 18 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

ثورة 30 يونيو إرادة شعبية.. وأهداف وطنية الأزهر الشريف قام بدوره فى نشر التوعية بأهمية التماسك الوطنى

جسدت ثورة 30 يونيو الإرداة الشعبية فى مواجهة مخططات جماعات التطرف والتى استخدم بعضها الشعارات الدينية للسيطرة على مقدرات دولة كبرى مثل مصر، ومع وجود الفكر الأزهرى كانت المواجهة مع تلك الأفكار التى حاولت تلك الجماعات ترويجها والتى من بينها الحاكمية التى قال عنها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر: إننا سواء أخذنا بالاعتذارات التى وردت على رأى سيد قطب أم لم نأخذ بها فإن الجماعات الإسلامية المسلحة أو جماعات التطرف والعنف التى جاءت بعد ذلك أخذوا بفكرة الحاكمية ونادوا من جديد: أنْ لاَ حُكمَ إلا لله، وأن المجتمع الذى يحكم فيه الناس مجتمع كافر يجب مواجهته ويقولون: إنه لا حكم للبشر، وإن المجتمعات الإسلامية التى تأخذ بالقوانين والمجالس التشريعية تعد كافرة، وبالتالى حاكمها كافر، ومن لم يكفرهم فهو كافر.



الأزهر الشريف بدوره الوطنى كان له دور فى نشر التوعية بأهمية التماسك الوطنى، وتابع لحظة بلحظة ما كان يحدث بالشارع المصرى خلال فترة الثورة، بالعمل وبقوة على الرد على كل الفتاوى الشاذة التى تبيح إهدار دماء أبناء الوطن، أو استهداف مؤسساته، ببيان الموقف الصحيح للشرع من تلك الأقوال الفاسدة

مقصد دينى

  من جهته يرى د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن ثورة 30 يونيو حققت أحد مقاصد الشرع الحنيف وهى الحفاظ على الوطن،  ويوضح قائلا: «لعل من أهم المكاسب التى حققتها ثورة30 يونيو أنها حافظت على الدولة قوية موحدة متماسكة ونأت بها عن السقوط فى أيدى الجماعات المتطرفة التى كانت لا تعرف للوطن حقا وتعده فى أدبياتها حفنة من تراب ولا قيمة له ولا يشكل عندها شيئا يذكر».

وشدد: «من عقيدتنا أن الحفاظ على الأوطان وأن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان بحيث تكون مصالح البلاد والعباد معتبرة فثمة شرع الله، وبلا دولة وبلا وطن لا مجال لأمن ولا لأمان والوطن تاج على رءوس الوطنيين الشرفاء، كما أن الصحة تاج على رءوس الأصحاء، ومن لا خير فيه لوطنه لا خير فيه أصلا، فالدول لكل أبنائها وهو ما رسخته ثوره 30يونيو، والدولة لكل أبنائها وهى بهم جميعا بلا تفرقة ولا تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو القبيلة، فأبناء الدولة جميعا متساوون فى الحقوق والواجبات وكل ما كانوا على قلب رجل واحد كان ادعى لقوتها ورقيها وتقدمها، وعلى أبنائها جميعا التضافر لحمايتها والحفاظ عليها والعمل على تقدمها.

واستطرد وزير الأوقاف قائلاً: «لقد أكدت فى كتابى (الكليات الست) أن الوطن أصل راسخ بين هذه الكليات التى يجب الحفاظ عليها وهى الدين والوطن والنفس والمال والعرض والعقل لأن الحر الشريف يفتدى وطنه بنفسه ويسهم بكل ما يملك من مال وعلم وفكر وجهد فى سبيل أمنه ورقيه وتقدمه، والوطنية الحقيقية تقتضى أن نكون صفا واحدا ولاسيما عند الشدائد والأزمات نتكافل ونتراحم ويأخذ بعضنا بيد بعض ونتعاون فى الحفاظ على وطننا والعمل على رقيه وتقدمه بمزيد من الجهد والعمل والاتقان وحسن الانتماء وتعزيز الانتماء وبخاصه لدى النشء والشباب لينشأ الجميع على حب هذا الوطن العظيم، وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ».

وشدد أنه يجب علينا أن نعود أبناءنا على الحفاظ على الأوطان على حد قول الشاعر: لَنا وَطَنٌ بِأَنفُسِنا نَقيهِ.. وَبِالدُنيا العَريضَةِ نَفتَديهِ.. إِذا ما سيلَتِ الأَرواحُ فيهِ.. بَذَلناها كَأَن لَم نُعطِ شَيّا.. نَقومُ عَلى البِنايَةِ ما حيينا.. وَنَعهَدُ بِالتَمامِ إِلى بَنينا.. وفيكِ نَموتُ مِصرُ كَما حَيينا.. وَيَبقى وَجهُكِ المَفدِيُّ حَيّا

ثورة تصحيح 

من جهته أكد الدكتور شوقى علام -مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم أن ثورة 30 يونية كانت من الشعب لتصحيح المسار واستعادة الخطاب الدينى المختطف موجها التحية للجيش المصرى على وقفته الشجاعة فى صف الشعب والوطن لحماية الإرادة الشعبية وقال: «لا بد من تحية الجيش المصرى لوقفته الشجاعة فى صف الشعب والوطن لحماية الإرادة الشعبية، فإن الشعب على الحق والجيش على الحق، وسيذكر التاريخ شجاعة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى وعمله الصالح لصالح الوطن بإخلاص شديد».

وأكد فضيلته على أهمية المنهجية الأزهرية والبيئة الأزهرية فى تشكيل عقل ووجدان الطالب الأزهرى، فدراسة الآراء المتعددة فى الفقه واللغة والعقيدة يرسخ فكرة التعايش وقبول الآخر عند الطالب الأزهرى، وكذلك مجاورته لطلاب من أجناس مختلفة؛ فكل هذه الظروف تكوِّن إنسانًا متوائمًا وقابلًا بالفعل للتعايش مع كل الرؤى ولا يعرف الإقصاء الذى يُعد من أبرز سمات جماعة الإخوان.

وأوضح المفتى قائلاً:  لن تجد أزهريًّا معتبرًا يؤيد أو يوافق هذه الجماعة، بل تواتر عن علماء الأزهر جيلًا بعد جيل رفضهم لأفكارهم، مشيرًا إلى المضايقات السابقة من هذه الجماعة للأزهر وللإفتاء المصرية، وحتى الآن فالذباب الإلكترونى لا يتوانى عن الهجوم على دار الإفتاء المصرية فور التنديد بأفعالهم الشنيعة المخالفة للدين.

 

حب الوطن 

وعن عدم حب جماعة الإخوان للوطن المصرى وللأوطان؛ ظنًّا منهم أنها مجرد حفنة تراب، قال فضيلته: إن الجماعات المتطرفة عمومًا تنطلق من نفى فكرة الوطن، إنهم لا يعترفون بالوطن، ولكن يعترفون بالتدمير والهلاك والإضرار بالمجتمع كما فعلوا من أعمال قتل وحرق للمساجد والكنائس.

ولفت إلى أن انتماء الإنسان إلى المكان الذى ولد فيه فطرة إنسانية فطر الناس عليها، فالإنسان مجبول على حب الأوطان، والنصوص الشرعية من قرآن وسنة نصت على ذلك، ومن يقولون إن الوطن حفنة من التراب يتجاوزون فى حق الأوطان فى إساءة منهم لتاريخ الإنسان والمكان الذى ولد فيه، فإن حب الوطن جزء من الإيمان، مثلما جعل النبى صلى الله عليه وسلم حب مكة من الإيمان.

وشدد أن الدين نزل لهداية البشرية لا لاستغلاله؛ فإذا استُغل الدين من أجل أغراض سياسية كما تفعل الجماعات المتطرفة والإرهابية تكون هناك مخالفة للشرع الشريف، وتكون هناك جريمة قد ارتكبت فى حق هذا الدين؛ لأن الإسلام يستوعب الجميع، فالدين جاء ضابطًا لأمور الحياة جميعًا، ولذلك لا يجوز لأحد أن يستغله ويقول أنا وحدى فقط الذى يمكن أن يفسر هذا الدين، وأن أضبط به حركة الحياة من وجهة نظرى أنا.

وتعجب مفتى الجمهورية من أصحاب التدين الشكلى الذين يزعمون الاختصاص بالحق من دون سائر الخلق، رغم أن شريعة الإسلام تشهد للأمة كلها بالخيرية؛ فجماعات التشدد تخص نفسها بالهداية والاستقامة، وترمى الناس بالزيغ والهلاك والخطأ.

الدولة مدنية 

وعن قول بعض الجماعات إن هدفها إقامة دولة دينية قال المفتى: «إن الإسلام لا يعترف أبدًا بالدولة الدينية التى تعنى الحكم بناءً على تفويض إلهى والتسلط على الناس باسم الدين، بل إن الإسلام عرف الدولة المدنية الحديثة الحاضنة للجميع».

وأوضح أن النبى صلى الله عليه وسلم عمل على تأسيس مقومات الدولة وبناء كيانها وهيكلها الأساسى عقب إعلانه لوثيقة المدينة لِما للدولة من أهمية فى النهوض الحضارى، وتحقيق مصالح الفرد والمجتمع، وفى ذلك دلالة واضحة على أهمية بناء الدولة على أسس متينة من السمو الروحى والرقيِّ الأخلاقى والتطور الحضاري.

وأشار فضيلته إلى أن قضية التنوع هى قضية حتمية فى الوجود؛ ولذلك فالإسلام لما جاء تعامل مع هذا الواقع الذى فيه المسلم وغير المسلم والثقافات المتعددة، كما أن مجتمع المدينة المنورة كان فيه التعددية، ومع ذلك لم يكن النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى خطابه يومًا مُقصيًا غير المسلمين، بل وضع وثيقة المدينة التى احتوت الجميع واعترفت بأنهم جميعًا أبناء هذا الوطن، فالإسلام لا يعرف قضية التفريق.