الأحد 8 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

منال صالح الرئيس التنفيذى لبنك الكساء المصرى «لروزاليوسف»: أنشأنا مشاغل صغيرة للسيدات تُصنع فيها الملابس المعاد تدويرها

منذ عشرة أعوام، نشأت فكرة بنك الكِساء المصرى القائمة على جمع الملابس المستعملة من البيوت وبقايا الأقمشة من المصانع والمحلات، وإيصال تلك الملابس للأسر الأكثر احتياجًا. ونجحت الفكرة فى مساعدة الأسر المحتاجة بالاعتماد على الملابس المستعملة التى تتبرع بها.. واستمرت فكرة بنك الكساء طوال تلك الفترة بناءً على أن الملابس ليست فقط سترا وغطاء للشخص، ولكنها أيضًا أداة تمكينية وتنموية.



يعمل بنك الكساء على تحصيل الفائض من البيوت والمحال والمصانع، ويقوم بإيصالها للمحتاج لمساعدته على تغيير مجرى حياته.

ومع الوقت أدرك القائمون على بنك الكساء أن هناك أشياء تصل للبنك لا تصلح للاستخدام من قبل المُستحقين، مثل الأقمشة المقطعة أو القديمة. ومن ناحية أخرى، هناك أشياء قيمة جدًا لكنها غير سليمة كليًا. وعندها بدأوا بالتفكير فى حلول بديلة لتلك الأقمشة.

 

 

 

وتوجهت فرق العمل للجامعات لدعوة الطلاب ممن يدرسون تصميم الملابس فى كليات الفنون التطبيقية للحصول على منح للتدريب الصيفى فى بنك الكساء.

وهنا كان السؤال: هل بإمكانكم تحويل تلك الأقمشة المهملة إلى شىء ذا قيمة؟ وبدأ الطلاب فى التوافد على بنك الكساء، وبدأت فكرة تحويل الأقمشة المهملة إلى مجموعة من المنتجات المعاد تدويرها مثل «سجادة، شلته».

ولكن كان هناك العديد من الجمعيات التى تقوم بهذه العملية، وهو ما سيجعلها غير ذات فائدة كبيرة فى السوق إذا تم عرضها للبيع.

 

 

 

ومن هنا بدأت فكرة صناعة ملابس أنيقة وجميلة «فاشون» من تلك الأقمشة والملابس المعاد تدويرها على أن تُباع بأسعار غالية تكفى لتغطية احتياجات العديد من المحتاجين.

 براند ألما التابع لبنك الكساء المصرى

ونجحت منال صالح، الرئيس التنفيذى لبنك الكساء المصرى منذ عامين تحديدًا، فى خلق فكرة مبتكرة من داخل بنك الكساء لإعادة تدوير الملابس المهلكة وإنتاج ملابس جديدة منها صالحة للاستخدام.

وأطلقت براند «ألما» التابع لبنك الكساء المصرى وكما تقول لنا منال صالح إن فكرة البراند تقوم على إعادة تدويرالملابس والأقمشة المُهلكة، والمقصود بها خلق منتج جديد بقيمة جديدة من شيء بلا قيمة تمامًا.

وأضافت منال مع بداية تلك الخطوة، بدأ بنك الكساء فى تعيين «مصممى أزياء»، وتم تجهيز إدارة كاملة لهم. تعيين أيضا مصممين ومدربين على إعادة التدوير ممن يستطيعون التعامل مع هوالك القماش المتردية واكتشاف ما يمكن فعله بها.

واستطردت منال قائلة بدأ فريق عمل البراند فى عمل التجارب ونشر المنتجات المُنتجة من الأقمشة المختلفة فى المحلات، وهنا أصبح لها تأثير بيئى كبير لأنها منتجات معاد تدويرها ومردودها ذو أثر مجتمعى.

 

 

 

 من موزع إلى مُصنّع

وقالت منال بدأ القائمون على البراند فى التفكير: لماذا نكون مجرد موزع؟ لماذا لا نُصنع؟ وبدأوا بالتفكير فى عمل مشروع لتمكين المرأة فى الجمعيات الصغيرة التى يتم تقديم ملابس للمستحقين فيها. على أن يتم عمل مشاغل صغيرة بداخل الجمعيات للنساء تُصنع فيها الملابس المعاد تدويرها ويتم بيعها، ومن أموال البيع يتم صناعة ملابس لأطفال هؤلاء السيدات. فالسيدة تحصل على مقابل مادى لوظيفتها، ومن ناحية أخرى كِساء لأطفالها. 

 43 جمعية فى كل محافظات مصر

وقالت الرئيس التنفيذى لبنك الكساء المصرى استطعنا عمل 43 مشغلا فى 43 جمعية فى كل محافظات مصر. تعمل معظم الجمعيات فى المنتج التدويرى البسيط لأن المنتج المعاد تدويره صعب يحتاج لقدر عالٍ من الإبداع والاتقان. وهناك حوالى 10 مشاغل فقط تعمل فى المنتج التدويرى عالى الجودة لأنهم أصبحوا أكثر إتقانًا، والباقون يقومون بصناعة منتج أبسط مثل الشنط. وهو منتج يتوافق مع اتجاه وزارة البيئة فى دفع الناس للحد من استهلاك الشنط البلاستيكية والتوجه للشنط المعاد تدويرها.

أما عن التحديات التى واجهت فريق عمل ألما، فتقول السيدة منال صالح: «كان من أبرز التحديات التى واجهت فريق ألما خلال فترة التدريب أن أقنع سيدة غير متعلمة أن لديها القدرة على صنع الاختلاف، وأن أجعلها تثق فى قدرتها على العمل بيديها.. أو أن بإمكانها الخروج للعمل مع خوفها من رفض زوجها الخروج من البيت وخلافه. وكان التحدى الثانى الذى واجهته هو أن أقنع هؤلاء السيدات بالعمل فى قصاصات القماش وليس توب القماش الكامل، وأن أقنعهن بأن بإمكانهن إعادة تدوير تلك الأقمشة وإنتاج منتج جميل منها. وهو ليس بالأمر السهل ولا يمكن تقبله سريعًا، ولكن لا بد أن يتعود الشخص عليه بالتجربة.

 المنتج التدويرى عالى الجودة

ومن بين التحديات التى واجهت فريق عمل ألما أيضًا، أنه لا بد أن يكون المنتج التدويرى عالى الجودة جدًا لكى يدفع فيه العميل مبلغًا كبيرًا مقابل القطعة. فيمكن من خلال تلك المبالغ توفير ملابس لحوالى 100 أو 200 أو 300 طفل مقابل القطعة الواحدة.

وتؤكد السيدة منال صالح أن الخطوة التالية فى براند ألما هى إعادة تدوير منتجات أخرى بخلاف القماش مثل البلاستيك والخشب والمطاط والورق والأحذية والألعاب المكسرة، وصناعة منتجات مربحة منها. وهو ما يُوقع مسئولية كبيرة على فريق التصميم.

وأوضحت صالح أن البراند الآن فى مرحلة استكشاف ما يُمكن فعله بهذه الخامات وكيف يُمكن تحويلها إلى منتج تدويرى ذي مردود مجتمعى. فكما تمت صناعة فساتين وبيعها بأسعار خيالية، يمكن أيضًا عمل منتجات عالية الجودة من المخلفات.

 الحفاظ على البيئة

وفى سياق متصل، تشير يسر عبد القادر، المدير الإبداعى لبنك الكساء، إلى أنها بدأت العمل مع بنك الكساء بعد تخرجها فى إحدى كليات تصميم الأزياء. وتقول: «بدأنا فى تأسيس ألما من خلال جمع كل الهوادر أو المواد غير الصالحة للتوزيع. وبدأنا فى وضع خطين سير للمنتجات أحدهما إعادة تدوير المنتج، والآخر إعادة الاستخدام. فيكون من بين المنتجات التى تأتى لبنك الكساء ملابس أو أقمشة بحالة قيمة جدًا؛ ولكن قد يكون بها بعض المشكلات التى تمنع إعادة استخدامها مباشرة. عندها يأتى دورنا، فبدلًا من رميها يمكن استخدام الأجزاء السليمة ودمجها مع بعضها وصنع منتج تدويرى. فعلى سبيل المثال، من المنتجات التى تأتى بكثرة لبنك الكساء هى الكرافتات، والتى قمنا من خلالها بصناعة فساتين تم بيعها بأسعار خرافية.

كما أننا هدفنا الحفاظ على البيئة، لذلك نضع فى اعتبارنا خلال عملنا أن نوصل رسالة عن البيئة أو المجتمع عند العمل على أى كوليكشن ملابس جديدة. فعندما قمنا بصناعة قماش بديل للفرو فى الشتاء كنا نحاول أن نوصل من خلاله رسالة بالأضرار التى تقع على الحيوانات بالحصول على الفرو.

 ملابس للبيع وأخرى للإيجار

وقالت: ليست كل الملابس التى يعرضها براند ألما للبيع، ولكن هناك نوع آخر للإيجار. فهناك جزء من الملابس التى تأتى لبنك الكساء تكون قيّمة جدًا؛ لكنها ذات طابع قديم فلا نقوم ببيعها. وإنما نقوم بعرضها للإيجار إما لبيوت الإنتاج أو المسلسلات لأنهم دائمًا ما يقومون بالشراء بشكل مستمر ودائمًا لديهم نفس الشكوى من عدم وجود مكان للتخزين وتكلفهم الكثير من النقود. ومن هنا تجدر الإشارة إلى أن براند ألما يخلق حالة من الاستدامة.

وتضيف أن براند ألما لا يزال حتى تلك اللحظة لم يقم بتصدير منتجاته للخارج، لكن تلك الخطوة فى الاعتبار، وخصوصًا مع الإقبال الكثيف على المنتجات المستدامة فى الخارج. مضيفة أن الأوضاع الاقتصادية أجبرت الأشخاص فى مصر على استدامة الملابس بشكل تلقائى، فنجد الكثير من العائلات تتوارث الملابس فيما بينها، وخصوصًا ملابس الأطفال والرجال. ونتيجة لذلك يواجه بنك الكساء ندرة فى ملابس الأطفال والرجال وملابس الأشخاص ذوى الإعاقة، وعليه يحتاج لبيع منتجات أخرى بقيمة عالية من أجل توفير هذه المنتجات للأسر المحتاجة سواء بشراء الجاهز أو بتصنيعها داخل الورش التابعة لبنك الكساء.