الأحد 8 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تماشيا مع الموقفين الرسمى والشعبى الفتاوى المصرية دعم مستمر للقضية الفلسطينية

أكد المؤشر العالمى للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم أن المؤسسات الإفتائية المصرية الرسمية قدمت مختلف الدعم الدعوى والإفتائى للقضية الفلسطينية على مر العصور، وبلغ نسبة اهتمام الخطاب الرسمى بالأحداث الأخيرة المعروفة باسم «طوفان الأقصى» ما يقرب من (65 %) من إجمالى الخطابات والفتاوى الدينية المتداولة عبر الساحة الإفتائية. حيث قام مؤشر الفتوى برصد عينة مكونة من (150) فتوى إلى جانب عدد من المقالات والتغريدات تجاوزت الـ(500) مادة تناولت القضية الفلسطينية؛ لتحليل تفاعل المؤسسات الإفتائية الرسمية مع القضية الفلسطينية، ومتابعة المواقف الشعبية من القضية بصورة عامة ومن الفتاوى الصادرة بشأنها بصورة خاصة.



وأكد مؤشر الفتوى على انطلاق فتاوى دار الإفتاء المصرية وبيانات المفتى الأستاذ الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم لتعلن عن دعم ومساندة الشعب الفلسطينى، والعمل الدءوب على وقف آلة الحرب والاعتداءات الغاشمة والهمجية للكيان الإسرائيلى، ووقف الهجمات الإسرائيلية على الأراضى الفلسطينية وقطاع غزة.

وكشفت عينة الرصد والتحليل عن قيام دار الإفتاء بمسئوليتها الاجتماعية من خلال التأكيد على دعم القيادة المصرية فى جميع الإجراءات والمواقف التى تتخذها مما يخلق وعيًا شعبيًّا بأهمية الترابط والوحدة الوطنية ويعزز إعلاء قيم التضامن والصمود أمام الضغوط الخارجية، كما أن تأكيدها على ضرورة توصيل المساعدات الإنسانية إلى فلسطين عبر القنوات الرسمية للدولة يعكس مدى حرص الدار على استفادة الفلسطينيين والمنكوبين من تلك المساعدات وغلق الطرق أمام كل من تسول له نفسه استغلال القضية للنصب والاحتيالات وجمع تبرعات وهمية لا تصل لمستحقيها.

 

 

 

وقد أكد مفتى الجمهورية، أنَّ وصول المساعدات الغذائية والطبية إلى قطاع غزة أمرٌ بالغ الأهمية وذو أولوية قصوى للحدِّ من معاناتهم التى يعيشون فيها منذ بَدء الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على القطاع، مجدِّدًا نداءه إلى المجتمع والمنظمات الدولية أن يبذلوا مزيدًا من الضغط على الكيان الإسرائيلى المحتل للسماح بدخول مزيد من شاحنات المساعدات الإنسانية التى تنتظر فى معبر رفح المصرى للدخول إلى قطاع غزة؛ حفاظًا على أرواح الأبرياء، وتخفيفًا على الأطفال الذين يفتقدون أبسط مقومات الحياة.

وحذر من كارثة إنسانية وشيكة إذا لم يسمع العالم لصوت القيادة المصرية التى تعلن ضرورة الوقف الفورى غير المشروط لسياسات العقاب الجماعى والحصار الإسرائيلى المفروض على السكان المدنيين فى قطاع غزة، والتجويع والحرمان من المياه، والدواء، والغذاء والكهرباء، والوقود وغيرها من الاحتياجات الأساسية؛ مما يشكل جريمةَ حرب وتعدٍّ على الإنسانية بموجب القانون الدولى. 

فتاوى إغاثية 

وخرجت فتاوى لدار الإفتاء المصرية تدعم الفلسطينيين والمسجد الأقصى، من ذلك جواز إخراج الزكاة لإغاثة أهل فلسطين بالغذاء والدواء والكفالة التامة لما يحقق لهم الحياة الكريمة فى شئونهم كلها، خاصة التعليم والصحة والأمن. وفتوى أخرى قضت بأنه إذا أخرج المزكى زكاته أشياء عينية أو مادية فلا مانع من إرسالها إلى إخواننا الفلسطينيين واعتبارها مصرفًا من مصارف الزكاة الواردة فى قوله تعالى: إِنَّمَا ٱلصَّدَقاَتُ لِلفُقَرَآءِ وٱلمَساَكِينِ وَٱلعاَمِلِينَ عَلَيهَا وَٱلمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم وَفِى ٱلرِّقَابِ وَٱلغاَرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم (التوبة: 60)، أما إذا لم تحدد نية المتبرع فتُعد صدقة ولا مانع من إرسالها إلى إخواننا الفلسطينيين.

 

 

 

كما تبنت مؤسسة الأزهر الشريف منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى؛ ممثلة فى بيانات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب وعلمائها، ومرصد الأزهر لمكافحة التطرف، ومركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، وصفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعى، القضية الفلسطينية ومقدساتها، وعلى رأسها المسجد الأقصى؛ بهدف حث كل مسلم فى شتى بقاع الأرض أن يساند ويدعم القضية الفلسطينية، حيث قال الأزهر مرارًا وتكرارًا، إن وجود الاحتلال الإسرائيلى فى غزة هو وصمة عار على جبين الإنسانية والمجتمع الدولى، الذى يكيل بمكيالين ولا يعرف سوى ازدواجية المعايير حينما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية.

نقل السفارة الأمريكية للقدس وصفقة القرن

ولفت مؤشر الفتوى إلى أن المؤسسات الإفتائية الرسمية فى مصر لم تتوانَ عن تقديم الدعم المستمر تجاه الفلسطينيين والتنديد بجميع الانتهاكات الإسرائيلية خلال الأعوام الماضية، ففى ديسمبر 2017، بعد اعتراف إدارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب رسميًّا بالقدس عاصمة لإسرائيل، وافتتاح الولايات المتحدة سفارتها الجديدة فى القدس فى مايو 2018، اعتبرت الهيئات والمؤسسات الرسمية قرار نقل السفارة ما هو إلا مستوطنة أمريكية فوق الأراضى العربية، وأن هذا هو التوصيف الحقيقى الذى لا يجوز استخدام مصطلح غيره، مشيرة إلى أنه لا يجوز بحال من الأحوال التعامل مع هذا الحدث والقبول به، وشدد الخطاب الرسمى على أن عروبة القدس وهويتها غير قابلة للتغيير أو العبث، وأن كل شعوب ودول العالم الإسلامى ترفض رفضًا قاطعًا جميع محاولات قوات الاحتلال لتهويد القدس وتغيير هويتها العربية والإسلامية.

وفى عام 2019 برز ما سمى بصفقة القرن أو خطة ترامب للسلام وهو اقتراح أو خطة سلام تهدف إلى حل النزاع الإسرائيلى الفلسطينى، وتشمل الخطة إنشاء صندوق استثمار عالمى لدعم اقتصادات الفلسطينيين والدول العربية المجاورة، وقد أبدى الفلسطينيون غضبهم الكبير ورفضهم القاطع لبنود وحيثيات صفقة القرن، وخرجوا فى مسيرات تنديدية رافضة لها، وتفاعلت مؤسسات الفتوى الرسمية مع الأمر، مؤكدةً أننا أمام تاريخ طويل يشهد بأن القدس والمسجد الأقصى هويتها عربية وستبقى كما هى عربية إلى يوم الدين، وتابعت بأن النبى صلى الله عليه وسلم قد أُسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فى القدس الشريف، وعُرج به من هناك إلى السموات العلا، وهو أمر ثابت بنص قطعى الثبوت فى قوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا، وهو ما يجعلنا أمام ربط بين مسجدين لهما من القدسية والرعاية فى قلب كل مسلم مكان كبير.

وفى شهر مايو (2021)، اندلعت أحداث بحى الشيخ جراح بين الفلسطينيين ومستوطنين يهود، سقط على إثرها آلاف الشهداء من الفلسطينيين، وأكدت الفتوى الرسمية أن الدفاع عن القضية الفلسطينية واجب على كل عربى ومسلم، وأن الانتهاكات الإسرائيلية تستفز مشاعر المسلمين، «الاحتلال الصهيونى انتهك حرمة المسجد الأقصى واعتدى على المقدسات الدينية»، كما كشفت الفتوى الرسمية أن «فلسطين ستبقى أبيَّة على الطغاة مهما طال الزمن، وسيظل شعبها مرابطًا على أرضه وعِرضِه ومقدساته، مدافعًا عن الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين، فتحية إجلالٍ وإكبارٍ لهذا الشعب المظلوم».

ولاحظ مؤشر الفتوى تزايد حدة الخطاب الرسمى فى ذلك العام واستخدام ألفاظ لم يعهدها المتابعون من قبل، مثل: «الطغاة الإسرائيليون»، «الصهاينة»، «الاحتلال»، «الصمت المخزى».

 

 

 

 إدانة المجازر الإسرائيلية 

وعقب عملية طوفان الأقصى التى وقعت فى 7 أكتوبر 2023، والتى شنتها فصائلُ المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة وعَلى رأسِها حركة حماس نتيجة للانتهاكات الإسرائيلية فى باحات المَسْجِدِ الأقصى المُبَارك، واعتداء المُستوطنين الإسرائيليين على المُواطنين الفلسطينيين فى القُدس والضّفّة، برز اهتمام جميع المؤسسات الإفتائية الرسمية مع القضية، وتنوعت الموضوعات التى تناولتها دار الإفتاء المصرية سواء من خلال الفتاوى أو البيانات والتصريحات أو التغريدات والتدوينات، وجاء دعم القضية الفلسطينية وإدانة الاعتداءات الوحشية والمجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين بنسبة (30 %) كأكثر الموضوعات التى تناولتها الدار سواء عبر صفحاتها الرسمية وموقعها الإلكترونى أو عبر الوسائل الإعلامية المختلفة، وتنوعت بين تصريحات لفضيلة المفتى وبيانات صادرة عن دار الإفتاء.

كما برزت المسئولية الاجتماعية وإعلاء قيم حفظ النفس فى تناول الدار لضرورة تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين عبر القنوات الرسمية للدولة، وإعلاء قيمة حفظ الأرض بضرورة تمسك الفلسطينيين بأراضيهم وذلك بتوضيح موقف الدار الرافض لتهجيرهم إلى مصر والأردن، وكانا من الموضوعات الأكثر تداولًا عبر المنصات الاجتماعية لا سيما موقع فيسبوك.

وتناولت محاور الرصد الخاصة بمؤسسة الأزهر الشريف وما يتعلق بها، ثمانية موضوعات رئيسية، تقدّمها محور الدعم المالى والمعنوى للفلسطينيين بنسبة (23 %)، ثم استهداف النساء والأطفال والمنشآت بنسبة (20 %)، وفى المرتبة الثالثة جاء محور تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم بنسبة (16 %)، ثم قطع الكهرباء والإنترنت بنسبة (12 %).

وجاء المحوران (اعتبار المستوطنين ليسوا مدنيين) و(ضرورة استغلال مقدرات وثروات الدول العربية والإسلامية لنصرة القضية الفلسطينية) بنسبة (10 %) لكل منهما، ثم تصريح شيخ الأزهر الخاص بـ(زوال إسرائيل) بنسبة (6 %)، وأخيرًا إصدار فتاوى مؤيدة للفلسطينيين وعملية طوفان الأقصى بنسبة (3 %).

 أبرز توصيات المؤشر

وقد أكد المؤشر على التأثير القوى والفعال لدور المؤسسات الدينية فى التعامل مع القضايا الإسلامية لا سيما القضية الفلسطينية، وما شهدته من تأثير وزخم كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعى، لذا قدم المؤشر عددًا من التوصيات من أهمها وضع خطة زمنية للنشر الدورى حول القضية الفلسطينية عبر الصفحات والحسابات الاجتماعية للمؤسسات الإفتائية على منصات التواصل الاجتماعى، تزامنًا مع تصاعد الأحداث وتطورها.

كما طالب بضرورة عمل أجندة بجميع الموضوعات المطروحة على الساحة حول القضية الفلسطينية وتداركها سواء فى شكل بيانات أو فتاوى أو تصريحات إعلامية، وعمل حلقات تليفزيونية للحديث عن البعد التاريخى للقضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلى عليها، وعرض الصفحات الرسمية للدار الدور التاريخى لدار الإفتاء المصرية منذ القدم فى خدمة القضية الفلسطينية، من فتاوى متعلقة بأحداث بالانتفاضات مثلًا، وكذلك البيانات التاريخية والتصريحات المنسوبة للمفتين عبر تاريخ دار الإفتاء المصرية. 

وشدد المرصد على أهمية تنظيم حملات توعوية عبر السوشيال ميديا حول القضية الفلسطينية وتاريخها لدعم الوطنية والانتماء لدى جيل النشء وتعريفهم بأسماء المدن الفلسطينية ومواقعها على الخريطة العالمية.

وطالب باعتماد يوم عالمى للقضية أو يوم عالمى للدفاع عن المسجد الأقصى، ونشر القضية فى المحافل الدولية والمؤتمرات العالمية وجميع وسائل الإعلام الحديثة كمحاولة للضغط على المجتمع الدولى للقيام بواجباته تجاه أهم القضايا فى تاريخ البشرية.