الأحد 8 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الاحتفالية.. ورحلة هروب العائلة المقدسة «مبارك شعبى مصر» مصر تحتفل بدخول المسيـح أرضهــــا والهـــــروب إليـــــها

احتفلت الكنيسة المصرية بداية هذا الشهر بعيد دخول المسيح مصر، والذى يوافق 24 بشنس بالتقويم القبطى.



وأقامت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية احتفالية كبيرة بمسرح الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حيث شهد البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إطلاق الجزء الثانى من الفيلم الوثائقى «أم الدنيا»..تم خلال الاحتفالية عرض وثائقى الفيلم والذى يعد الجزء الثانى من سلسلة أم الدنيا والذى يحمل عنوان «إحنا مين؟».

تناول العمل الوثائقى أهم الأماكن التى زارها المسيح خلال مدة تعدت الثلاث سنوات فى بداية حياته على الأرض مع العائلة المقدسة عندما هربوا إلى مصر من بطش الملك هيرودس، إلى جانب ملخص لحياة المسيح، ودخول المسيحية لمصر عن طريق القديس مار مرقس الرسول وتأسيس كنيسة الإسكندرية ومدرسة الإسكندرية اللاهوتية، ولمحات من تاريخ المسيحية فى مصر، وفترة الاضطهاد الرومانى خلال فترتى حكم الإمبراطورين ديكيوس ودقلديانوس والتى شهدت عصر الاستشهاد المسيحى، ثم انطلاق فكرة الرهبنة المسيحية التى بدأت من أرض مصر وانطلقت إلى العالم، وآبائها الكبار القديسين أنطونيوس وباخوميوس ومقاريوس.

 

 

 

حضر الاحتفالية الدكتور أشرف سالمان رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، والسيد عمرو الفقى الرئيس التنفيذى للشركة المتحدة، والأستاذ «أحمد الطاهرى» رئيس تحرير مجلة روزاليوسف ورئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة وعدد من قيادات «المتحدة»، ومنصة WATCH IT المنتجة للعمل الوثائقى.

جدير بالذكر أن البابا تواضروس التقى بقيادات الشركة المتحدة قبل بداية الاحتفالية فى زيارة محبة تزامنًا مع الاحتفالية.

كما حضر الاحتفالية عدد من سفراء بعض الدول، والآباء المطارنة والأساقفة، وعدد كبير من الفنانين والمخرجين والمنتجين والعاملين فى صناعة السينما والدراما.

وألقيت عدة كلمات من الفنانة سوسن بدر والمخرج محمود رشاد، والدكتور أشرف سالمان، واختتمت الكلمات بكلمة قداسة البابا التى رحب فى بدايتها بجميع الحضور.

وفى ختام الاحتفالية قدمت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية درع تكريم لقداسة البابا تواضروس، كما تم تكريم السيدة نشوى جاد الحق الرئيس التنفيذى لمنصة WATCH IT، والفنانة سوسن بدر بطلة سلسلة «أم الدنيا»، ومؤلف ومخرج السلسلة محمود رشاد، والأستاذ الدكتور إسحق عجبان عميد معهد الدراسات القبطية، الذى كان ضمن هيئة مراجعة المادة العلمية للجزء الخاص بمسار العائلة المقدسة فى «أم الدنيا».

 

 

 

ودخول المسيح مصر هو ما يعرف عالميا باسم «رحلة العائلة المقدسة إلى مصر» وهى الرحلة التى ألهمت الكثير من الفنانين مثل مايكل أنجلو والإسبانى بارتولومى موريللو والألمانى فيليب أوتو رونجى صاحب لوحة «استراحة فى بر مصر».

ورحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر بدأت عندما ظهر الملاك ليوسف النجار فى حلم وقال له: «قم خذ الصبى وأمه واهرب إلى أرض مصر لأن هناك من مزمع أن يقتله» وهكذا بدأ تحديد مسار الرحلة.

مسار العائلة المقدسة

يضم مسار رحلة العائلة المقدسة ٢٥ نقطة تمتد لمسافة 3500 ذهابًا وعودة من سيناء حتى أسيوط، حيث يحوى كل موقع حلت به العائلة مجموعة من الآثار فى صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع وفقًا لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

حيث بدأت رحلة دخول العائلة المقدسة من رفح بالشمال الشرقى للبلاد، مرورًا بالفرما شرق بورسعيد، وإقليم الدلتا عند سخا بكفر الشيخ، وتل بسطا بالشرقية، وسمنود بالغربية، ثم انتقلت إلى وادى النطرون فى الصحراء الغربية، حيث أديرة الأنبا بيشوى والسيدة العذراء «السريان»، والبراموس، والقديس أبو مقار.

ثم اتجهت بعد ذلك إلى منطقة مسطرد والمطرية، حيث توجد شجرة مريم، ثم كنيسة زويلة بالقاهرة الفاطمية، ثم مناطق مصر القديمة عند كنيسة أبو سرجة فى وسط مجمع الأديان، ومنها إلى كنيسة المعادى وهى نقطة عبور العائلة المقدسة لنهر النيل، حيث ظهرت صفحة الكتاب المقدس على سطح المياه مشيرة إلى المقولة الشهيرة «مبارك شعبى مصر»، وصولًا إلى المنيا حيث جبل الطير، ثم أسيوط حيث يوجد دير المحرق وبه أول كنيسة دشنها السيد المسيح بيده، ثم انتقلت إلى مغارة درنكة، ثم العودة مجددًا إلى أرض الموطن عند بيت لحم.

وفى القاهرة أقيمت بعض الكنائس فى أماكن تواجدت فيها العائلة المقدسة من أهمها الكنيسة المعلقة والتى شيدت فى أواخر القرن الرابع ونقل إليها الكرسى البابوى فى القرن الحادى عشر الميلادى. وسميت بالمعلقة لأنها بنيت على برجين من الأبراج القديمة للحصن الرومانى. وهى على ارتفاع ١٣م، وأطلق عليها فى القرون الوسطى «كنيسة السلالم»، كما عرفت باسم كنيسة العمود.

كنيسة أبى سرجة والتى بنيت على الطراز البازيليكى وبها المغارة التى احتمت بها العائلة المقدسة أثناء زيارتها إلى مصر.

كنيسة السيدة العذراء بالمعادى وهى الكنيسة التى عبرت منها العائلة المقدسة النيل متوجهة إلى ميت رهينة ثم إلى الصعيد.

بداية الرحلة

بعد ولادة الطفل يسوع فى مدينة بيت لحم وزيارة المجوس له، حيث قدموا له هدايا ذهب ولبان ومر، أوحى لهم بأن يرجعوا من طريق آخر حتى لا يرشدوا هيرودس الملك على طريق الصبى الملكى.

حينئذ أمر هيرودس بقتل جميع أطفال بيت لحم من سن سنتين فأقل، وهنا ظهر ملاك الرب ليوسف فى حلم ليهرب إلى مصر من بطش هيرودس.

بدأت الرحلة من بيت لحم إلى العريش ثم الفرما (بورسعيد حاليًا) ومنها إلى بسطا (الزقازيق حاليًا)، وهى أول مدينة عامرة بالسكان فى مصر، لذلك تم اتخاذ يوم 24 بشنس يوم دخول العائلة المقدسة إلى بوبسطة هو عيد دخول العائلة المقدسة إلى مصر.

وعن تل بسطا جاء فى ميمر البابا ثيؤفيلوس البابا الثالث والعشرين من باباوات الإسكندرية فى أواخر القرن الرابع الميلادى، أن وصول العائلة المقدسة إلى بسطة أول قرى مصر، حيث ذكر الميمر أيضًا حدوث عدة معجزات صنعها المسيح فى هذه المدينة فيقول: «حيث جلسوا تحت شجرة خارج المدينة ليستظلوا بها من حرارة الشمس، واتفق أن عطش الطفل وبعد البحث لم يجدوا ماءً ولا آبارًا البتة، الأمر الذى حمل العذراء أن تمضى به إلى المدينة نفسها طلبًا للماء وبعد شديد عناءٍ، لم تجد من يعطيها من سكان تلك القرية. فرجعت بخفَّى حنين، فتألمت وصارت تبكى ولما رأها يسوع تبكى مسح بيديه الصغيريتين دموعها ثم رسم بإصبعه دائرة على الأرض ففى الحال تفجر نبع ماء حلو كالعسل، أبيض كالثلج، فباركه المسيح».

كما يذكر المؤرخ Bassili, W.F فى وصفه لرحلة العائلة المقدسة نقلًا عن ميمر الأنبا زخارياس أسقف مدينة سخا قائلًا :

«إنه عندما ذهبت العائلة المقدسة إلى بيت كلوم وعندما وصلوا عند الباب اعتذر كلوم للسيدة العذراء مريم قائلًا: إن زوجته لن تكون قادرة على استقبالهم والترحيب بهم عند الباب بسبب مرضها وإنها تلازم الفراش منذ أكثر من ثلاث سنوات، عندئذ قال الطفل: «لا: سارة زوجتك ليست مريضة ثم نادى عليها باسمها، سارة».

وعلى الفور نهضت زوجة كلوم من فراشها وتقدمت تجاه الباب ورحبت بالطفل المقدس والسيدة مريم منحنية الرأس، وقد دخلت قبلهم، ولهذا اندهش كلوم وكان فى قمة السعادة وقام كلوم وزوجته بخدمة العائلة المقدسة وأرادوا أن يبقوا معهم لعدة أيام فى بيتهم لكى يُباركوا بحضورهم». 

ويُقال أن المنزل الذى مكثت فيه السيدة العذراء صار كنيسة فى القرن الرابع الميلادى باسم السيدة العذراء مريم، هذا وصارت بوبسطة كرسى أسقفى فى القرن الرابع الميلادى.

ثم يضيف المؤرخ باسيلى إن مكان ترددهم كان المعبد الكبير فقال: «أثناء الحديث أبدت السيدة العذراء رغبتها فى زيارة المعبد الرائع للإلهة بسبب مهرجانها الرائع المحتفل بها فيه، وبعد الظهيرة حملت السيدة العذراء الطفل المقدس وذهبت هى وسارة (زوجة كلوم) إلى العبد وعندما دخلت المعبد مع الطفل يسوع سقطت وتحطمت كل التماثيل الجرانيتية الضخمة الخاصة بالإلهة، وأصبح المعبد الضخم كومة من الأطلال الجرانيتية».

هذا حدث تحقيقًا لنبؤة الكتاب المقدس على لسان أشعياء النبى «فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ مِنْ وَجْهِهِ وَيَذُوبُ قَلْبُ مِصْرَ دَاخِلَهَا» ( أش 19 :1). وهذا ما يراه الزائر هذه الأيام إلى مكان المعبد، حيث لا يوجد تمثال كامل ولا عمود قائم فقد سقطت جميع الأعمدة والتماثيل أمام السيد المسيح ومازالت ملقاة على الأرض حتى يومنا هذا.

وهنا انتشر الخبر بين أهل المدينة وراح الكل يتساءل من أين هذا الطفل الذى بدخوله سقطت الأصنام أمامه.. ووصل الخبر إلى الحاكم الذى أمر بالقبض على الأسرة المقدسة، وعرف كولوم بالأمرٍ فنصح الأسرة بالرحيل خوفًا عليهم وعلى سلامة الطفل الإلهى. وفى ظلام الليل خرجت العائلة المقدسة من المدينة مستأنفة رحلتها ونظر الطفل يسوع إلى كولوم قبل رحيله مبتسمًا وقال له: «بوركت وبورك بيتك وحلت البركة فيه ما دُمت فى هذه الحياة، ويخلد اسمى واسم والدتى على هذا البيت إلى الأبد بسبب قبولك لنا وما صنعته لنا من معروف».

مدينة بوباستيس

اسم بوباستيس باللغة المصرية وتُنطق تقليديًا بير باست وهى عبارة عن اسم مركب من اللغة المصرية وهو «منزل» واسم الإلهة باستيت؛ وبالتالى فإن العبارة تعنى «بيت باست».

وبوباستس بمثابة عاصمة نوم أم خنت، لمصر الوجه البحرى.

كانت بوباستيس تقع جنوب غرب تانيس، على الجانب الشرقى لفرع نهر النيل.

تم تخصيص نوم ومدينة بوباستيس كمدن حربية حدودية لمصر.

وأصبحت مقرًا ملكيًا بعد أن أصبح شوشنق الأول، أول حاكم ومؤسس الأسرة الثانية والعشرين، فرعونًا فى عام 943 قبل الميلاد. 

كانت بوباستيس أوجها خلال هذه السلالة وأيضًا الأسرة الثالثة والعشرين. تراجعت بعد غزو قمبيز الثانى فى 525 قبل الميلاد، والذى كان بداية النهاية للأسرة 26 وبداية الإمبراطورية الأخمينية.

تألفت الأسرة الثانية والعشرون من الملوك المصريين من تسعة ملوك، أو حسب يوسابيوس من ثلاثة ملوك بوباستيين، وخلال فترة حكمهم كانت المدينة واحدة من أهم الأماكن فى الدلتا. مباشرة إلى الجنوب من بوباستيس كانت حصص الأراضى التى كافأ بها بسامتيك الأول خدمات مرتزقته الأيونيين والكارانيين؛ وعلى الجانب الشمالى من المدينة بدأت قناة الفراعنة التى بدأها الفرعون نخو الثانى (لكن لم ينته) للذهاب بين النيل والبحر الأحمر.

رحلة معاناة

كان دخول المسيح أرض مصر بركة كبيرة لأرضها وشعبها، فبسببها ذكر فى الكتاب المقدس «مبارك شعبى مصر» (أش 19: 25)، وبسببها تمت نبوءة أشعياء القائلة: «.. يكون مذبحًا للرب فى وسط أرض مصر فهو مذبح كنيسة السيدة العذراء مريم الأثرية بدير المحرق العامر، حيث مكثت العائلة المقدسة فى هذا المكان أكثر من ستة شهور كاملة، وسطح المذبح هو الحجر الذى كان ينام عليه الطفل».

ويقع دير المحرق فى منتصف أرض مصر تمامًا من جميع الاتجاهات، كما كثرت فى أرض مصر وعلى امتدادها الكنائس، خصوصًا فى الأماكن التى زارتها العائلة المقدسة وباركتها.

وقد سارت العائلة المقدسة من بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق (الفلوسيات) غرب العريش بـ37 كم، ودخلت مصر عن طريق صحراء سيناء من الناحية الشمالية من جهة الفرما (بلوزيوم) الواقعة بين مدينتى العريش وبورسعيد.

وبعد أن غادرت العائلة مدينة تل بسطا (بسطة) بسبب سوء معاملة أهلها بعد سقوط تماثيلهم متجهة نحو الجنوب حتى وصلت بلدة مسطرد - المحمة وتبعد عن مدينة القاهرة بحوالى 10 كم تقريبًا.

وكلمة المحمة معناها مكان الاستحمام وسميت كذلك لأن العذراء مريم أحمت هناك المسيح وغسلت ملابسه، وفى عودة العائلة المقدسة مرت أيضًا على مسطرد وأنبع المسيح، نبع ماء لا يزال موجودًا إلى اليوم.

ومن مسطرد انتقلت شمالًا إلى بلبيس (فيلبس) مركز بلبيس التابع لمحافظة الشرقية وتبعد عن مدينة القاهرة حوالى 55 كم تقريبًا.

 واستظلت العائلة المقدسة عند شجرة عرفت باسم شجرة العذراء مريم ومرت العائلة المقدسة على بلبيس أيضًا فى رجوعها.

ومن بلبيس رحلت العائلة شمالًا بغرب إلى بلدة منية سمنود - منية جناح مــن منيـة سمنود عبـرت العــائلة المقـدسـة نهـر النيــل إلى مـدينة سمنـود (جمنوتى - ذبة نثر) داخـل الدلتا واستقبلهم شعبها استقبـالًا حسنًا فباركهـم المسيح ويوجد بها ماجور كبير من حجر الجرانيت يقال إن السيدة العذراء عجنت به أثناء وجودها ويوجد أيضًا بئر ماء باركه السيد بنفسه، ومن مدينة سمنود رحلت العـائلة المقدسة شمالًا بغــرب إلى منطقة البرلس حتى وصلت مدينة (سخا - خـاست - بيخـا ايسوس) حاليًا فى محافظة كفــر الشيخ.

 وقد ظهر قدم المسيح على حجر ومنه أخذت المدينة اسمها بالقبطية وقد أخفى هذا الحجر زمنًا طويلًا خوفًا من سرقته فى بعض العصور واكتشف هذا الحجر ثانية من حوالى 13 عامًا فقط.

وإذا كانت العائلة المقدسة قد سلكت الطريق الطبيعى أثناء سيرها من ناحية سمنود إلى مدينة سخا فلا بد أنها تكون قد مرت على كثير من البلاد التابعة لمحافظة الغربية وكفر الشيخ ويقول البعض إنها عبرت فى طريقها فى برارى بلقاس. ومن مدينة سخا عبرت نهر النيل (فرع رشيد) إلى غرب الدلتا وتحركت جنوبًا إلى وادى النطرون (الاسقيط) وقد بارك السيد المسيح وأمه العذراء هذا المكان.

ومن وادى النطرون ارتحلت جنوبًا ناحية مدينة القاهرة وعبرت نهر النيل إلى الناحية الشرقية متجهة ناحية المطرية وعين شمس. ومنطقة المطرية وهى بالقرب من عين شمس (هليوبوليس - أون) وتبعد عن مدينة القاهرة بحوالى ١٠ كم وفى هذا الزمان كانت عين شمس يسكنها عدد كبير من اليهود وكان لهم معبد يسمى بمعبد أونياس.

وفى المطرية استظلت العائلة المقدسة تحت شجرة تعرف إلى اليوم بشجرة مريم. وأنبع الرب يسوع عين ماء وشرب منه وباركه ثم غسلت فيه السيدة العذراء ملابس الطفل يسوع وصبت الماء على الأرض فنبت فى تلك البقعة نبات عطرى ذو رائحة جميلة هو المعروف بنبات البلسم أو البلسان يضيفونه إلى أنواع العطور والأطياب التى يصنع منها الميرون المقدس. ومن منطقة المطرية وعين شمس سارت العائلة المقدسة متجهة ناحية مصر القديمة وارتاحت العائلة المقدسة لفترة بالزيتون وهى فى طريقها لمصر القديمة.

ومرت وهى فى طريقها من الزيتون إلى مصر القديمة على المنطقة الكائن بها حاليًا كنيسة السيدة العذراء الأثرية بحارة زويلة وكذلك على العزباوية بكلوت بك.

ووصلت العائلة المقدسة إلى مصر القديمة، وتعتبر منطقة مصر القديمة من أهم المناطق والمحطات التى حلت بها العائلة المقدسة فى رحلتها إلى أرض مصر ويوجد بها العديد من الكنائس والأديرة. وقد تباركت هذه المنطقة بوجود العائلة المقدسة ولم تستطع العائلة المقدسة البقاء فيها إلا أيامًا قلائل نظرًا لتحطم الأوثان فأثار ذلك سخط والى الفسطاط فأراد قتل الصبى يسوع. وكنيسة القديس سرجيوس (أبو سرجة) بها الكهف (المغارة) التى لجأت إليه العائلة المقدسة وتعتبر من أهم معالم العائلة المقدسة بمصر القديمة. وارتحلت العائلة المقدسة من منطقة مصر القديمة متجهة ناحية الجنوب، حيث وصلت إلى منطقة المعادى إحدى ضواحى منف - عاصمة مصر القديمة.

وقد أقلعت فى مركب شراعى فى النيل متجهة نحو الجنوب بلاد الصعيد من البقعة المقام عليها الآن كنيسة السيدة العذراء المعروفة بالعدوية لأن منها عبرت (عدت) العائلة المقدسة إلى النيل فى رحلتها إلى الصعيد، ومنها جاء اسم المعادى ولايزال السلم الحجرى الذى نزلت عليه العائلة المقدسة إلى ضفة النيل موجودًا وله مزار يفتح من فناء الكنيسة.

ومن الأحداث العجيبة التى حدثت عند هذه الكنيسة أنه فى يوم الجمعة الموافق 12 مارس 1976 م وجد الكتاب المقدس مفتوحًا على سفر أشعياء النبى الإصحاح (19 - 25) مبارك شعبى مصر طافيًا على سطح الماء فى المنطقة المواجهة للكنيسة من مياه النيل. وبعد ذلك وصلت العائلة المقدسة قرية دير الجرنوس (أرجانوس) على مسافة 10 كم غرب أشنين النصارى - مركز مغاغة.

وبجوار الحائط الغربى لكنيسة السيدة العذراء توجد بئر عميقة يقول التقليد إن العائلة المقدسة شربت منها. مرت العائلة المقدسة على بقعة تسمى اباى ايسوس (بيت يسوع) شرقى البهسنا ومكانه الآن قرية صندفا (بنى مزار) وقرية البهنسا الحالية تقع على مسافة ١٧ كم غرب بنى مزار.

ورحلت العائلة من بلدة البهنسا ناحية الجنوب حتى بلدة سمالوط ومنها عبرت النيل ناحية الشرق حيث يقع الآن دير السيدة العذراء بجبل الطير (أكورس) شرق سمالوط ويقع هذا الدير جنوب معدية بنى خالد بحوالى ٢ كم، حيث استقرت العائلة بالمغارة الموجودة بالكنيسة الأثرية. ويعرف بجبل الطير لأن ألوفًا من طير البوقيرس تجتمع فيه. ويسمى أيضًا بجبل الكف، حيث يذكر التقليد القبطى أن العائلة المقدسة وهى بجوار الجبل - كادت صخرة كبيرة من الجبل أن تسقط عليهم فمد الرب يسوع يده ومنع الصخرة من السقوط فامتنعت وانطبعت كفه على الصخر.

وفى الطريق مرت على شجرة لبخ عالية (شجرة غار) على مسافة 2 كم جنوب جبل الطير بجوار الطريق المجاور للنيل، والجبل الواصل من جبل الطير إلى نزلة عبيد إلى كوبرى المنيا الجديد ويقال إن هذه الشجرة سجدت للسيد المسيح له المجد وتجد أن جميع فروعها هابطة باتجاه الأرض ثم صاعدة ثانية بالأوراق الخضراء ويطلق عليها شجرة العابد.

وتغادر العائلة المقدسة من منطقة جبل الطير وعبرت النيل من الناحية الشرقية إلى الناحية الغربية واتجهت نحو الأشمونيين (أشمون الثانية) وحدثت فى هذه البلدة كثير من العجائب وسقطت أوثانها وباركت العائلة المقدسة الأشمونيين.

وارتحلت العائلة المقدسة من الأشمونيين واتجهت جنوبًا حوالى ٢٠ كم ناحية ديروط الشريف فيليس، ثم تغادر من ديروط الشريف إلى قرية قسقام (قوست قوصيا) حيث سقط الصنم معبودهم وتحطم فطردهم أهلها خارج المدينة وأصبحت هذه المدينة خرابًا.

وتهرب العائلة المقدسة من قرية قسقام وتتجه نحو بلدة مير ميره تقع على بعد ٧ كم غرب القوصية وقد أكرم أهل مير العائلة المقدسة أثناء وجودها بالبلدة وباركهم الرب يسوع والسيدة العذراء.

 

 

 

ومن مير ارتحلت إلى جبل قسقام حيث يوجد الآن دير المحرق ومنطقة الدير المحرق هذه من أهم المحطات التى استقرت فيها العائلة المقدسة حتى سمى المكان بيت لحم الثانى. يقع هذا الدير فى سفح الجبل الغربى المعروف بجبل قسقام نسبة إلى المدينة التى خربت ويبعد نحو ١٢ كم غرب بلدة القوصية التابعة لمحافظة أسيوط على بعد 327 كم جنوبى القاهرة. مكثت العائلة المقدسة نحو ستة أشهر وعشرة أيام فى المغارة التى أصبحت فيما بعد هيكلًا لكنيسة السيدة العذراء الأثرية فى الجهة الغربية من الدير ومذبح هذه الكنيسة حجر كبير كان يجلس عليه السيد المسيح. وفى هذا الدير ظهر ملاك الرب ليوسف فى حلم قائلا قم وخذ الصبى وأمه واذهب أرض إسرائيل لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبى.

وفى طريق العودة سلكوا طريقًا آخر انحرف بهم إلى الجنوب قليلا حتى جبل أسيوط المعروف بجبل درنكة وباركته العائلة المقدسة، حيث بنى دير باسم السيدة العذراء يقع على مسافة ٨ كم جنوب غرب أسيوط، ثم وصلوا إلى مصر القديمة ثم المطرية ثم المحمة ومنها إلى سيناء ثم فلسطين، حيث سكن القديس يوسف والعائلة المقدسة فى قرية الناصرة بالجليل.

وهكذا انتهت رحلة المعاناة التى استمرت أكثر من ثلاث سنوات ذهابًا وإيابًا قطعوا فيها مسافة أكثر من ألفى كيلومتر ووسيلة مواصلاتهم الوحيدة ركوبة ضعيفة إلى جوار السفن أحيانًا فى النيل وبذلك قطعوا معظم الطريق مشيًا على الأقدام محتملين تعب المشى وحر الصيف وبرد الشتاء والجوع والعطش والمطاردة فى كل مكان فكانت رحلة شاقة بكل معنى الكملة تحملها المسيح وهو طفل مع أمه العذراء والقديس يوسف بفرح لأجلنا.

مصر بلد السلام

تحمل رحلة العائلة المقدسة لمصر الكثير من المعانى والقيم التى يجب أن يتحلى بها الجميع، أهمها أن مصر بلد للسلام والاطمئنان، وأن رحلة المسيح فيها ملأت ربوعها بالبركة؛ فكل الأديان السماوية أكدت أن مصر هى واحة الأمان.

المشروع القومى لمسار العائلة المقدسة

انطلاقًا من توجيهات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، تعمل الحكومة المصرية على تذليل جميع العقبات أمام المشروع القومى لإحياء مسار العائلة المقدسة، حيث يمثل مسار العائلة المقدسة إضافة مهمة للمزارات السياحية خصوصًا السياحة الدينية باعتبار أن طريق المسار يعد أحد المقاصد الدينية التاريخية.

تطوير 25 موقعًا أثريًا

تستهدف الخطة التنفيذية للمشروع تطوير 25 موقعًا أثريًا تتضمن المناطق الأثرية التى سارت وعاشت فيها العائلة المقدسة بالمحافظات خلال رحلتها لمصر، وبحث وتذليل أى معوقات تقف أمام تنفيذ المشروع، بالإضافة إلى تقديم كل محافظة رؤيتها فيما يخص التطوير خلال الفترة المقبلة، واحتياجاتها لوضعها فى الخطة التنفيذية.

أهمية المشروع

يعتبر هذا المشروع المهم من أهم المشروعات القومية التى تحمل الخير لمصر، ويحظى باهتمام الدولة وجميع الجهات المعنية لتنشيط السياحة الدينية، ودعم الاقتصاد المصرى وتوفير فرص عمل وتطوير البنية التحتية. الجدير بالذكر أنه سيتم إنشاء كيان مسئول عن الإشراف على تنفيذ جميع الأعمال المطلوبة لتطوير مسار العائلة المقدسة يضم ممثلين من وزارتى السياحة والآثار والكنيسة ومجلس النواب والإشراف على أعمال الصيانة الدورية لهذه المناطق.

ينقسم المشروع إلى عدة مراحل، وتضم مرحلة التشغيل التجريبى لعدد خمسة مواقع أثرية فى محافظتى القاهرة والبحيرة وهى كنيسة أبوسرجة فى مصر القديمة وكنيسة العذراء فى المعادى وأديرة وادى النطرون الثلاثة (دير السريان – الباراموس – الأنباء بيشوى)، كما تتضمن المرحلة الأولى أديرة جبل الطير والمحرق ودرنكة بمحافظتى المنيا وأسيوط، كما تتضمن المرحلة الثانية باقى محافظات المسار مثل تل بسطا فى الشرقية وسخا بكفر الشيخ وسمنود بالغربية.

إن مسار العائلة المقدسة ليس مجرد مشروع سياحى، ولكنه محور عمرانى متكامل، حيث إن الآثار الإيجابية المتوقعة له تشمل تنمية المجتمعات الفقيرة والمهمشة بطول المسار، وذلك بتوفير فرص العمل المتناهية والصغيرة، بعد أن يتم تدريب الصناع والحرفيين بالمجتمع المحلى على إنتاج السلع السياحية، كما تشمل الفوائد أيضًا دخلًا سياحيًا كبيرًا، وتنمية للمجتمعات العمرانية التى تخدم السكان المحليين، بالإضافة إلى الزائرين حيث ستكون هناك طرق جديدة، فضلاً عن تجميل المناطق المحيطة بتلك المواقع بطول مسار رحلة العائلة المقدسة، الذى يمتد إلى 3500 كيلو متر (ذهابًا وعودة)، ويشمل تنمية 25 موقعًا عمرانيًا من شمال سيناء شرق البلاد وحتى مصر الوسطى عند أسيوط. 

إن الدولة المصرية حريصة على افتتاح مسار العائلة المقدسة بصورة تليق باسم مصر وحضور دولى رفيع المستوى وشخصيات دينية وثقافية وسياسية كبرى بعد استكمال جميع مراحل البنية التحتية للمشروع والحفاظ على ما تم إنجازه بجميع المحافظات خلال الفترة الماضية، وهو الأمر الذى يجب أن يستمر ويتم وفقًا للتوقيتات المحددة لتنتهى مختلف محافظات الجمهورية فى أقرب وقت من جميع الأعمال المحددة بمسارات المشروع المختلفة.