قمة «مصرية - صينية» ببكين.. الرئيس السيسي: لا سبيل للوصول إلى السلام الإقليمى والدولى إلا بالمعالجة الشاملة لجذور القضية الفلسطينية

توجَّه الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى العاصمة الصينية بكين، تلبية لدعوة الرئيس الصينى «شى جين بينج» للقيام بزيارة دولة لجمهورية الصين الشعبية، والتى تضمنت عقد مباحثات قمة بين الرئيس والرئيس الصينى، ولقاءات مع كبار قيادات الدولة الصينية، حيث تمت مناقشة أوجه تعزيز العلاقات الثنائية وفتح آفاق أوسع للتعاون فى مختلف المجالات، تزامنًا مع الذكرى العاشرة لترفيع العلاقات بين مصر والصين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
وصرح المتحدث الرسمى لرئاسة الجمهورية أن المباحثات اشتملت كذلك على مختلف القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الحرب فى غزة، وسبل استعادة الاستقرار فى المنطقة، بما يحقق تطلعات شعوبها نحو السلام والأمن والتنمية.
كما التقى الرئيس برؤساء عدد من كبرى الشركات الصينية العاملة فى مجالات متعددة، حيث تمت مناقشة فرص جذب مزيد من الاستثمارات إلى مصر، فى ضوء توجه الدولة لتعزيز آليات توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا، من خلال التعاون مع القطاع الخاص والاستثمار الأجنبى المباشر.
قمة «مصرية - صينية»
وخلال الزيارة التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى بالرئيس الصينى «شى جين بينج»، بالعاصمة الصينية بكين.
وصرح المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس الصينى استقبل الرئيس بقاعة الشعب الكبرى فى بكين، حيث أجريت مراسم الاستقبال الرسمية، وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف، وتلى ذلك عقد محادثات معمقة بين الرئيسين، تناولت كيفية تعزيز العلاقات الثنائية تزامنًا مع الذكرى العاشرة لترفيع العلاقات بين مصر والصين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وقد صدر فى هذا الإطار بيان مشترك يفصّل مجالات التعاون والتنسيق خلال المرحلة المقبلة، بما فى ذلك الإعلان عن عام «الشراكة المصرية الصينية»، الذى سيشهد العديد من فعاليات التعاون الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين.
وأوضح المتحدث الرسمى أن المباحثات تناولت رؤى البلدين بالنسبة للتطورات الدولية والإقليمية، حيث شدد الرئيس على ضرورة وقف الحرب فى غزة، مؤكدًا الخطورة البالغة للعمليات العسكرية الإسرائيلية فى رفح الفلسطينية، على الأصعدة الإنسانية والأمنية والسياسية، وما تسفر عنه من مآسٍ إنسانية وسقوط ضحايا، وآخرها القصف المتعمد لمخيم للنازحين الذى نتجت عنه كارثة إنسانية مفجعة، وقد أشاد الرئيس الصينى فى هذا السياق بدور مصر المحورى وجهودها الدؤوبة للتهدئة وإنفاذ المساعدات الإنسانية، واتفق الرئيسان على ضرورة وقف إطلاق النار فورًا، ورفض التهجير القسرى للفلسطينيين خارج أراضيهم، مؤكدين أن تطبيق حل الدولتين هو الضامن الرئيس لاستعادة الاستقرار وإرساء السلم والأمن الإقليميين.. كما ناقش الجانبان الأوضاع فى القارة الإفريقية، وسبل تعزيز التعاون بين البلدين بما يدعم جهود القارة التنموية، حيث حرص السيد الرئيس على تأكيد الأولوية القصوى لضمان الأمن المائى المصرى.
وقد شهد الرئيسان عقب ذلك مراسم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون بين البلدين، من بينها خطة التطوير المشترك لمبادرة الحزام والطريق، وتعزيز التعاون فى مجال الابتكار التكنولوجى وتكنولوجيا الاتصالات، وعدد من مجالات التعاون الأخرى.
منتدى التعاون «العربى - الصينى»
كما شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أعمال الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزارى العاشر لمنتدى التعاون «العربى - الصينى»، بحضور الرئيس الصينى وعدد من القادة العرب، حيث قام الرئيس بإلقاء كلمة مصر فى الاجتماع، التى ركزت على سبل تعزيز التعاون العربى الصينى فى ظل المتغيرات الدولية، كما استعرضت الأوضاع الإقليمية الجارية وخاصة الحرب فى غزة، مطالبةً بالوقف الفورى لإطلاق النار وبإنفاذ المساعدات الإنسانية.
نص كلمة الرئيس
عزيزى فخامة الرئيس/ شى جين بينج.. رئيس جمهورية الصين الشعبية
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالى،
معالى السيد/ أحمد أبوالغيط..
الأمين العام لجامعة الدول العربية،
الحضور الكرام،
بداية، أتوجه بخالص التقدير لفخامة الرئيس «شى جين بينج».. رئيس جمهورية الصين الشعبية.. على الدعوة الكريمة.. كما أتوجه إلى الجانب الصينى والأمانة العامة لجامعة الدول العربية.. بالتقدير على ما تم بذله من جهد.. فى الإعداد لهذا المنتدى القيم.
واسمحوا لى فى هذا الصدد.. أن أشيد على نحو خاص.. بالعلاقات «المصرية - الصينية».. وأود أن أنوه فى هذا الإطار.. إلى مرور عشرة أعوام.. على تدشين علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة.. بين مصر والصين.. وما شهدته تلك السنوات من تطور ملحوظ.. فى علاقات البلدين لنؤكد من خلال ذلك.. استمرار حرصنا المتبادل.. على الارتقاء بالعلاقات الثنائية.. على تحقيق التكامل بين «رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة».. مع أولويات مبادرة «الحزام والطريق».
الحضور الكريم،
تقوم العلاقات السياسية العربية الصينية.. على عدد من الأسس الراسخة.. على رأسها الحرص المتبادل.. على أمن واستقرار ومصالح الشعوب.. ورفض الاعتداء على السيادة.. ولقد مثلت تلك العلاقات.. والتعاون العربى الصينى الوثيق.. لإقرار تلك المبادئ.. ركيزة من ركائز الاستقرار الدولى.. والعمل على إقرار العدالة فى المنظومة الدولية.
وأود أن أنوه فى هذا الإطار.. إلى التقدير العربى الكبير.. للسياسات الصينية تجاه القضية الفلسطينية.. ودعم «بكين» المستمر.. للوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة.. ولحق الفلسطينيين المشروع.. فى إقامة دولتهم المستقلة.
إننى أدعو جميع أطراف المجتمع الدولى الفاعلة.. للاضطلاع بمسئولياتها الأخلاقية والقانونية.. لوقف الحرب الإسرائيلية الغاشمة.. كما أطالب المجتمع الدولى.. بالعمل دون إبطاء.. على الإنفاذ الفورى والمستدام.. للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة.. لوضع حد لحالة الحصار الإسرائيلية.. والتصدى لكل محاولات التهجير القسرى للفلسطينيين من أراضيهم.. وأكرر التأكيد «أنه لا يوجد سبيل للوصول إلى السلام والاستقرار الإقليمى والدولى المنشودين.. إلا من خلال المعالجة الشاملة.. لجذور القضية الفلسطينية وذلك بالالتزام الجاد والفورى بحل الدولتين.. الإقرار للفلسطينيين بحقهم المشروع.. فى الحصول على دولتهم المستقلة».
الحضور الكريم،
إن الانعقاد الدورى المنتظم للمنتدى العربى الصينى.. يحمل دلالة واضحة على الحرص المتبادل.. على تعزيز العلاقات المؤسسية «العربية - الصينية».. حيث يهدف المنتدى.. إلى تحقيق عدد من الأهداف السياسية والاقتصادية الرئيسية.. منها تعزيز التعاون «جنوب/ جنوب».. وتشكيل نظام عالمى أكثر عدالة.. مع العمل على تعزيز أوجه التعاون الفنى المشترك.. فى مواجهة التحديات المرتبطة.. بحوكمة الاقتصاد العالمى.. ونقل وتوطين التكنولوجيا.. إلى جانب مكافحة التغير المناخى.. وضمان الأمن المائى.. وذلك ضمن قائمة مطولة من التحديات والأخطار.. التى تفرض ضرورة حشد قدرات التعاون.. بين مختلف الأصدقاء بالمجتمع الدولى.
واسمحوا لى هنا بمعاودة التنويه.. لأهمية وضع قضية الأمن المائى العربى.. على رأس أولويات التعاون المستقبلى.. فى إطار «المنتدى العربى -الصينى».. نظرا لما تحمله هذه المسألة.. من مخاطر ترقى إلى حد التهديد الوجودى.. وأود الإشارة فى هذا السياق.. إلى أننا طالبنا الحكومة الإثيوبية - على مدار أكثر من عشر سنوات - بالانخراط بحسن النية الواجب.. مع مصر والسودان.. للتوصل إلى اتفاق قانونى ملزم.. يؤمن لأجيال الحاضر والمستقبل بالدول الثلاث.. حقها فى الحياة والتنمية.. أخذًا بعين الاعتبار.. أننا لن نسمح.. بكل ما من شأنه العبث.. بأمن واستقرار دولنا وشعوبنا.
السيدات والسادة،
إن العلاقات «العربية - الصينية» المتميزة.. والآفاق الواسعة لتطويرها.. اتصالًا بالمقدرات والإمكانات المتاحة.. وما ألمسه من توافر الرغبة الصادقة.. فى تعزيز هذه العلاقات وتطويرها.. يجعلنى واثقًا تمام الثقة.. فى أن أعمال المنتدى.. وما سيخلص إليه من نتائج.. سيحمل دفعة إيجابية ملموسة للعلاقات بمختلف أوجهها.
أشكركم..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.>