الأحد 18 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

فى عدد جديد من سلسلة «توجهات عالمية» «معلومات الوزراء» يناقش أثر رقمنة الخدمات المالية على النمو الاقتصادى

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عددًا جديدًا من سلسلة «توجهات عالمية»، وهو تقرير دورى يرصد ويحلل الأحداث والتوجهات العالمية الأكثر تداولًا فى الصحف والمجلات الأجنبية، حيث يناقش العدد الجديد موضوع «أثر رقمنة الخدمات المالية على النمو الاقتصادى»، والذى أوضح أن هناك العديد من العوامل التى يمكن التعامل معها كمحددات للنمو الاقتصادى وأحد هذه العوامل هو النظام المالى، ولا شك أن الإطار المؤسسى للنظام المالى وأداءه يشكلان محددين مهمين لنمو الناتج الإجمالى.



يشهد القطاع المالى تحولًا رقميًا كبيرًا مدفوعًا بالحاجة إلى زيادة الكفاءة وتحسين تجارب العملاء وتعزيز المرونة التشغيلية، وعلى الرغم من أن عملية التحول الرقمى نفسها معقدة؛ فإن الرقمنة ضرورية للمؤسسات المالية التى ترغب فى تحقيق النجاح فى المستقبل، بدءًا من التقنيات المتقدمة مثل (RPA) -وهى تقنية تعمل على إنتاج الأعمال التى تستخدم برامج ربوتية افتراضية-، والذكاء الاصطناعى وتحليلات البيانات الضخمة، وحتى الأساليب الاستراتيجية للأمن السيبرانى وخصوصية البيانات وإدارة النظام البيئى، حيث تستفيد المؤسسات المالية من الأدوات المتنوعة لدفع الابتكار والكفاءة.

وأضاف التقرير إن اختيار أفضل استراتيجية وأدوات التكنولوجيا المناسبة هى الخطوات الأولى الحاسمة نحو التحول الرقمى فى الخدمات المالية لتحويل عملياتها وتقديم خدمات مخصصة وتحقيق النمو المستدام فى بيئة رقمية دائمة التطور ويمكن لمؤسسات الخدمات المالية اعتماد مجموعة من الاستراتيجيات المختلفة.

كما أوضح التقرير أن الخدمات المالية الرقمية المدعومة بالتكنولوجيا المالية تتمتع بالقدرة على خفض التكاليف عن طريق تعظيم وفورات الحجم وزيادة سرعة المعاملات وأمنها وشفافيتها والسماح بتقديم خدمات مالية أكثر تفصيلًا تخدم الفقراء، كما تساعد التكنولوجيا المالية الحكومات على الوصول بسرعة وبشكل آمن إلى الأشخاص من خلال التحويلات النقدية وغيرها من أشكال المساعدة المالية والوصول إلى الشركات بالسيولة الطارئة حيث يسمح للناس بتحويل الأموال -بما فى ذلك التحويلات المالية عبر الحدود- ودفع الفواتير من منازلهم أو فى السوق أو المتجر مع اتصال جسدى محدود وقد سلَّطت أزمة فيروس كورونا الضوء على فوائد الخدمات المالية الرقمية فى العديد من الأبعاد المختلفة ودور هذه الخدمات الحاسم فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

ويرى البنك الدولى أن الشمول المالى هو إمكانية وصول الأفراد والشركات إلى منتجات وخدمات مالية مفيدة وبأسعار معقولة تلبى احتياجاتهم والتى تتمثل فى المعاملات والمدفوعات والمدخرات والائتمان والتأمين والاقتراض، ويتم تقديمها بطريقة مسؤولة ومستدامة.

وتمثل الخدمات المالية كالمدفوعات والحسابات الادخارية والائتمان حجر الزاوية فى صميم عملية التنمية، فالحسابات تتيح لأصحابها إمكانية تخزين الأموال اللازمة لتلبية احتياجاتهم اليومية وإرسالها واستلامها بشكل آمن ميسور التكلفة والتخطيط لحالات الطوارئ والقيام باستثمارات منتجة من أجل المستقبل كما فى الصحة والتعليم والأعمال التجارية، ولذلك تسعى العديد من دول العالم وخاصًة النامية إلى توسيع نطاق الشمول المالى الرقمى وتحسين الوصول إلى الخدمات المالية للأسر ذات الدخل المنخفض والمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر بما يمكن أن يساهم فى تحقيق انتعاش مالى أكثر شمولًا ودعم التنمية المستدامة.

وأشار التقرير إلى أفضل الدول فى مجال التكنولوجيا المالية، حيث أوضح أن الولايات المتحدة تعد موطنًا لأهم شركات التكنولوجيا المالية فى العالم فى عام 2023 وفقًا لبيانات (statista)، وتنتج الولايات المتحدة مجتمعة أكبر قيمة من حيث التكنولوجيا المالية، حيث تبلغ القيمة الإجمالية لثمانى شركات من أفضل 15 شركة فى مجال التكنولوجيا المالية فى العالم 1.2 تريليون دولار. وتتميز الولايات المتحدة الأمريكية بوجود أنظمة مدفوعات متطورة ومؤمنة وذات موثوقية فضلاً عن حلول التكنولوجيا لقطاع (B2B) المتخصصة فى قطاعات محددة أثبتت نجاحها بفضل نموذج أعمالها الفريد ومجموعة الخدمات المقدمة.

أما الصين فلديها شركات مدفوعة ضخمة مثل (Tencent – Ant Group) مما يجعلها فى المرتبة الثانية بقوة بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهى الدولة الأولى التى تعمل بشكل متسارع على تعزيز تمويلها الشامل من خلال التكنولوجيا المالية.

وأشار التقرير إلى الشمول المالى فى مصر، مشيرًا إلى أنه باستعراض أفضل الدول فى رقمنة الخدمات المالية فإنه لا يمكن إغفال دور مصر فى تطوير الشمول المالى وأنظمة الخدمات المالية، والجدير بالذكر أن نسبة المواطنين المشمولين ماليًا (16 سنة فأكثر) فى مصر ارتفعت إلى  70.7 % فى نهاية 2023 مقارنًة بـ64.8 % فى نهاية 2022 وبمعدل نمو بلغ 174 % خلال الفترة من (2016 - 2023) وفقًا لمؤشرات قاعدة بيانات الشمول المالى بالبنك المركزى المصرى، وترجع الزيادة فى نسبة الشمول المالى إلى مشاركة البنوك فى العديد من المبادرات والمشروعات التى تستهدف إدماج شرائح العملاء المختلفة فى القطاع المصرفى حيث ارتفعت نسبة الشمول المالى للسيدات إلى 62.7 % فى عام 2023 بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الشمول المالى للشباب فى الفئة العمرية (16-35 سنة) لتصل إلى 51.5 % خلال الفترة (2020 - 2023)، كما تمتلك مصر عدة منصات للدفع الإلكترونى والتى سهلت بشكل كبير عملية الدفع، ومن أهم المشروعات المستقبلية لدى البنك المركزى المصرى «التعرف على هوية العملاء إلكترونيا (E- KYC) (الهوية المالية الرقمية)»، «الادخار والإقراض الرقمى من خلال محفظة الهاتف المحمول»، «العملات الرقمية للبنوك المركزية».

كما سلَّط التقرير الضوء على أثر التكنولوجيا المالية على نمو الاقتصادات الناشئة والمتقدمة، حيث شهدت صناعة التكنولوجيا المالية العالمية طفرة فى النمو وأثبتت الخدمات المصرفية والمالية الرقمية أنها قادرة على إحداث تحول سواء فى الاقتصادات المتقدمة أو فى المناطق التى عانى فيها مليارات الأشخاص فى السابق من أجل الوصول إلى الخدمات المصرفية.

وأشار التقرير إلى التحديات التى تواجهها البلدان المختلفة فى الخدمات المالية الرقمية، والتى يجب معالجتها من أجل توسيع نطاق الشمول المالى وذلك وفقًا للمؤشر العالمى للشمول المالى 2023 الصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية، وقد تمثلت فى، «ارتفاع تكلفة الخدمات المالية الرقمية»، و«نقص المعرفة العامة بالتكنولوجيا المالية»، و«استبعاد الفئات الضعيفة»، والامتثال التنظيمي»، و«المعوقات الهيكلية والمؤسسية».

وأوضح التقرير فى ختامه أن القطاع المالى له دور فعال فى استعادة التعاون فى عالم منقسم، فعام 2024 سيكون ذا أهمية بالنسبة للأنظمة المالية والنقدية العالمية، فعلى الرغم من حالة عدم اليقين السياسية والاقتصادية والجيوسياسية فى العالم؛ فإن القطاع المالى قادر على الاضطلاع بدور بنَّاء فى القضايا ذات الأهمية النظامية وبالتالى تعزيز سلامة النظام والتعاون العالمى لصالح الجميع، كما أن الخدمات المالية من الممكن أن تقوم بدور فعَّال وبنَّاء فى القضايا ذات الأهمية الشاملة فتعمل كقوة للتماسك بدلًا من الاحتكاك، ويمكن رؤية مجالات التعاون البارزة حول الاستقرار المالى ومكافحة الجهات الإجرامية وتمويل المناخ وتعزيز المرونة المالية للأفراد.

وفى سياق متصل، فإن حماية الاستقرار المالى أمر حتمى حيث أن الثقة هى الأصول الأكثر قيمة لدى أى مؤسسة مالية وعند فقدان هذه الثقة تكون أصداؤها بعيدة المدى وربما تؤدى إلى زعزعة استقرار النظام، ومن ثم، يجب على القطاع المالى أن يواصل التعاون عبر الحدود لضمان التأهب لمواجهة الصدمات المستقبلية لأن التخفيف من العدوى الناجمة عن الهجمات السيبرانية له أهمية خاصة حيث أن الجهات الفاعلة السيئة يمكنها أن تتلاعب بشكل متزايد بالتكنولوجيات الناشئة على حساب النظام.

وفى هذا الصدد، فإن تأمين الصحة المالية للفرد أصبح مسعى فرديًا على نحو متزايد، كما يقع على القطاع المالى التركيز على الإجراءات الرامية إلى دعم الأفراد فى إدارة المخاطر وزيادة المرونة المالية.