د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء يجيب عن أشهر أسئلة الحج: التخلف من العمرة للحج مخالفة لا تتفق معها العبادة.. ويحقق أذى المسلمين فى الحج
صبحى مجاهد
مع بداية موسم الحج تتوالى الاستفسارات حول العديد من المسائل المتعلقة بتلك الفريضة العظيمة، التى يشتاق إليها كل مسلم، ويعد من أبرز تلك الأسئلة حج من كان عليه دين، وحكم الطواف، وأعمال الحج، وكيفية الإحرام، وكيفية تجنب الزحام، وغيرها من الاستفسارات التى يقصد بها استجلاء الصورة، وأداء فريضة الحج على أكمل وجه. «روزاليوسف» تعرض إجابات فضيلة د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء عن أشهر أسئلة الحج، وكيفية الإنابة فى الحج.. وحقيقة بعض أركان الحج والتى تبدأ بالإحرام.
>بداية كيف يستشعر الإنسان بالحج؟
- الحج فريضة فرضت على المستطيع، والحج يجب أن يعلم الناس أنه ليس رحلة سياحية، وأنه رحلة إيمانية فلا يسعى من يحج إلى الراحة فقط وأن يكون فى موضع بالقرب من الكعبة، وعلى الناس أن تستعد للحج بالمال الحلال وتحرى النفقة الحلال، واستشعار أنها رحلة جهاد تجعل المسلم يبدأ صفحة جديدة مع الله.
>هناك من ينتابه الشك عند الحج فيعتبر أن معرفة الناس بسفره للحج ينقص من ثوابه؟
- على المحرم أن يحسن النية فقط ولا يشك فى شىء ويخلص النية فقط فى حجه لله، وينبغى أن يحمد من كُتب له الحج ربه على توفيقه لأداء الفريضة.
>الإنابة فى الحج
>ما معنى الإنابة فى الحج؟ وما شروطها؟
- الإنابة تعنى إنابة شخص يحج عنى، وهذه الإنابة قد تكون مع القدرة أو مع عدم القدرة وقد تكون فى حالة الحياة أو بعد الممات، ومع أن الأصل فى العبادات البدنية عدم الإنابة، إلا أن الله أباح الإنابة فى الحج.
الأئمة وضعوا شروطًا للإنابة، فأبو حنيفة اشترط وصية الشخص قبل مماته بالحج عنه، لكن الإمام الشافعى لم يشترط ذلك استنادًا إلى حديث شبرمة، حيث إن سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم لو كان هناك شروط فى الحج بالإنابة يكون قد أخبر عنها، حيث إنه قال لمن سمعه يقول لبيك اللهم حجًا عن شبرمة: هل حججت عن نفسك فقال الرجل: لا، فقال صلى الله عليه وسلم: حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة»، وعليه فالإنابة فى حج الفريضة باتفاق تجوز عمن مات وكان قادرًا حال حياته أم غير قادر سواء أوصى أم لا من ماله أم لا.
أما حج النافلة فاختلف العلماء هل يجوز الحج عن الميت فيه أم لا، ولكننا نرجح عدم حج النافلة عن الميت.
>وهل يجوز للمرأة أن تحج عن الرجل، والعكس؟
- بدون شك يجوز للمرأة أن تحج عن الرجل، ويجوز للرجل أن يحج عن المرأة، شرط أن يكون من يحج قد حج عن نفسه، وهذا يؤكد المساواة فى الإسلام بين المرأة والرجل، وليس التساوى الذى يستهدف أن يكون جسد الرجل مثل المرأة وخصائصهما واحدة.
>حج المعضوب
>وما حكم من كان مريضًا فخشى الموت قبل الحج فأناب غيره، ثم برأ من مرضه؟
- هذا نسميه المعضوب، الذى لا يستطيع السفر للحج، فإن حج عنه شخص ثم شفاه الله، فهنا الحج بالإنابة وقع وله أن يحج بنفسه مرة أخرى.
>وأيهما يقدم الوصية بالحج أم النذر إن كان المال لا يكفى إلا واحدًا منها؟
- النذر ينفذ أولاً لأنه متعلق بالعباد، فالنذر مقدم على الوصية، كما لا يصح أن يوصى الشخص بحج يستنفد أكثر من ثلث التركة.
>هناك فى بعض البلدان ما يعرف باسم حج البدل، من خلال تكلفة الحج - ويقوم أناس من طلبة العلم بالحج بدلًا عن صاحب المال فهل يجوز ذلك؟
- هذه مثل الإنابة بس فى هذه الصورة أن الطالب متواجد فى مكة فيحج نيابة عن الشخص المتوفى ببدل أو بأجر.
>الاستدانة والحج
>وما حكم من جاءت فرصته بالحج بعد أن سعى لها واضطر للاستدانة من أحد أقاربه لإكمال مصاريف الحج؟
- قيام بعض الناس بالاستدانة للحج لا يعنى توافر شرط الاستطاعة، ولكن هذا لا يعنى أنه إن حج فحجه غير صحيح، فالخروج للحج وعليه دين جائز بشرط استطاعة السداد وألا يكون الدين عاجلاً.
>وهل يلزم الحاج أن يؤمن نفقة أهله قبل سفره للحج؟
- لا بد أن يؤمن الحاج لأهله النفقة والرسول كان يحضر لأهله خزين عام، فشرط أن من يخرج للحج أن يترك لأهله النفقة الكافية، ولا يجوز للحاج أن يترك أهله بلا نفقة أثناء الحج.
>وما حكم من لم يتذكر ما كان منه من مظالم للغير ويريد أن يبرأ ذمته قبل الحج؟
- عليه أن يحج ناويًا رد المظالم، ومن كان فى ماله شىء حرام اختلط بالمال الحلال فإن كان معينًا ومحددًا كالرشوة فليرجعه، وإن كان غير محدد فقال العلماء: التوبة فيه تكفى.
>حج التخلف
>ما حكم حج من يتخلف من العمرة؟
- هذا لا يصح، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة، والتخلف من العمرة للحج مخالفة لا يتفق معها العبادة، وحج هؤلاء المتخلفين من العمرة للحج به أذية للمسلمين، حيث يحدث الافتراش أثناء الحج بسبب المتخلفين، كما أن المتخلفين للحج يطغون على حقوق الحجيج القادمين من بلادهم للحج.
>هناك من يذهب كعمالة للحج ثم يؤدى الحج فيحرم قبل عرفات بيوم وهو فى مكة ثم يذبح هدى، فما حكم الحج هنا؟
- الحج هنا جائز، ولذلك يتم عمل حسابهم رسميًا فى المبيت مع الحج، فمن خرج على خدمة الحجيج فقام بالحج كالسائق فهذا جائز، لكن لا يجوز الإفتيات على الإمام بمعنى مخادعته للحج.
>إحرام الحج
>وكيف يحرم الحاج؟ وماذا يفعل إن فاته الميقات؟
- التهيئة للإحرام لا يعنى الإحرام، وللشخص أن يضع الطيب على جسده وملابس إحرامه قبل الإحرام الذى هو القول: «لبيك اللهم بعمرة أو بحج أو بعمرة وحج»، وعلى المحرم أن يقول بعد الإحرام: «اجعل محلى حيث حبستنى».. ومن لم يحرم فى الميقات فعليه أن يحرم وعليه دم بذبح هدى عن فوات الميقات.
>وما حكم طواف القدوم لمكة؟
- طواف القدوم لمكة هو تحية لبيت الله الحرام، وهو سنة، ولا ينبغى أن يحسب المسافر للحج ما إذا كان الطواف سنة وواجبًا وإنما عليه أن يغتنم كل فرصة لفعل كل طاعة، وعليه أن يلتزم شروط الطواف التى هى شروط الصلاة وأن يجعل الكعبة عن شماله ويبدأ من الحجر الأسود.
>وما أفضل الدعاء عند الطواف؟
- لم يرد تفصيلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خصص أدعية للطواف فى الشوط الأول أو الثانى أو الثالث أو هكذا، ولكن ورد عن بعض الصالحين والأتقياء بعض الأدعية التى جمعت الدعاء بخيرى الدنيا والآخرة.
>وما حكم من أحدث أثناء الطواف؟
- هناك قولان، ولكن نفتى بأن من يطوف فأحدث فعليه أن يبنى على ما فات بحيث لو أحدث فى الشوط الثالث يخرج يتوضأ ثم يعود فى الشوط الرابع، وهذا على قول أن الموالاة ليست شرطًا.
>نرى أن هناك من يتزاحمون على الحجر الأسود لاستلامه؟ فما حكم ذلك؟ وهل نهى الرسول عن ذلك؟
- التزاحم على الحجر الأسود منهىٌّ عنه لأنه يؤدى لإيذاء الغير، وقد يكون فيه أيضًا عدوان على النساء، والتزاحم الذى يؤدى لضرر حرام، واستلام الحجر الأسود يتحقق بالإشارة إليه وليس معنى اللمس الحقيقى أو تقبيله.. والتزاحم لا يمكن أن يكون تراحمًا.
> وهل للحجر الأسود قدسية فى الإسلام؟
- القدسية معناها مزيد من التبجيل، وتبجيل البيت الحرام لا يعنى عبادته، فليس كل مقدس معبودًا، فالمصحف مقدس ومحترم، وهذا لا يعنى عبادته، فالقدسية لا تعنى العبادة.
>وبماذا نرد أن تقبيل الحجر الأسود هو جزء من بقايا الوثنية؟
- ظهر بعض المستشرقين يقولون إن المسلمين يسجدون للحجر فى الكعبة، مع أننا نسجد لله متوجهين إلى بيته الحرام، وكما قلنا هناك فارق بين القداسة العبادة، أما الوثنية فلها معنى آخر، فالمسلمون يقدسون ويحترمون ما هو معظم.
>وما حكم من طاف خارج المسجد؟
- الطواف من خارج المسجد الحرام لا يحسب طوافًا، واشترط العلماء حتى ومن طاف بطائرة لا بد أن يلتزم الحاج بحدود المسجد الحرام.
>وهل يصح الطواف راكبًا؟
- طاف النبى راكبًا، ويجوز أن يطوف الإنسان محمولاً، والمهم أن يكون داخل الحرم، كمن يطوف فى الدور الثالث بالمسجد الحرام، وليسه لها علاقة بالقدرة، فيجوز للمقتدر أن يطوف راكبًا.
>ما حكم من زاد على سبع فى الطواف؟ وما حكم من شك فى عدد مرات الطواف؟
- على الشخص إن شك فى عدد الطواف أن يبنى على الأقل إلى أن يتيقن الإنسان من السبعة أشواط.
>وما كيفية ركعتى الطواف؟ وهل هما واجبتان أم سنة؟
- ركعتا الطواف سنة، ويغنى عنهما أداء الفريضة، وهما يؤديان كأى ركعتين خفيفتين بقراءة خفيفة.
>وما حكم من أراد أن يطوف طوافين أو أكثر؟ ماذا عليه من ركعات؟
- يجوز للشخص أن يطوف أكثر من طواف، لأن الطواف بالبيت الحرام عبادة، وكما قلنا ركعتا الطواف سنة فله أن يصلى لكل طواف ركعتين.
>فى الزحام قد يتلامس الرجال مع النساء دون قصد فما الحكم؟
- من المعجزات أن يحدث هذا التزاحم بين النساء والرجال فى البيت الحرام ولم يحدث حادثة تحرش واحدة، فلم نر أى سيدة تعلن أنها تعرضت لتحرش فى هذا الزحام الشديد، لأن هذا من تعلق قلوب الناس بالبيت الحرام، وقد كانت هناك سيول تغرق البيت الحرام، فكان هناك من يطوفون عائمين حوله.
>ما الرمل؟
- هو الإسراع، وهو فى الغالب يكون فى المنطقة المحددة فى السعى بين الصفا والمروة بين العلامتين الخضروين، وهذا للرجال دون النساء.
>وما الاضطباع؟
- هو كشف الكتف اليمين، وهذا أمر به الرسول به الثلاثة أشواط الأولى فى الطواف، أما الصلاة بكشف الكتف فقد نهى الرسول أن نصلى بثوب ليس منه شىء على الكتف.
>وهل للسعى بين الصفا والمروة شروط مثل الطواف؟
- السعى لا يشترط فيه الطهارة أو شروط الطواف.>
