الأحد 8 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد اختيارها ضمن 100 سيدة رائدة فى مجالات العلوم والتكنولوجيا فى العالم.. الجيولوجية سارة فخرى: كسرت قاعدة «للرجال فقط» فى مجال البريمة

«للرجال فقط» كلمتان لطالما كان لهما وقع تأثيرى عظيم فى نفوس الفتيات؛ بل إنهما تسببتا فى معاناة كبيرة فى نفوس الكثيرات ممن ابتعدن عن الكثير من المهام التى عشقنها فقط لأنها غير مسموحة أو متاحة للنساء، وناقشت السينما هذه القضية فى عدد من الأعمال أبرزها فيلم (للرجال فقط)؛ حيث تنكر الثنائى سعاد حسنى ونادية لطفى فى زى رجال لكى تقوما بالعمل فى الوظيفة الأصعب فى الصحراء. 



 

وبالفعل نجحتا وأثبتتا تفوقهما العلمى فى قيادة البحث العلمى فى الصحراء.. وكان الفيلم بوابة العبور للعديد من الفتيات لاختراق العديد من المهن الصعبة التى تحمل لقب «للرجال فقط».. ومن بينها الوقوف على بريمة فى الصحراء، وهى المهنة التى شغلها الثنائى فى الفيلم.. ومن هنا التقت «روزاليوسف» بواحدة من الفتيات اللاتى اخترقن مهن الرجال ونجحن فيها.

وهى» سارة فخرى» عالمة الجيولوجيا المصرية ابنة الـ32 عامًا التى نجحت فى اختراق واحد من أصعب المجالات المصنفة «للرجال فقط» واستطاعت إبراز نفسها فيها بشكل جيد؛ حيث نجحت فى قيادة البحث الجيولوجى فى الصحراء لتكون من بين أوائل النساء فى الوقوف على بريمة البترول، ومع دخولها لعمر الـ30 شاركت فى واحدة من المنح المهمة فى مجال الجيولوجيا على مستوى العالم ليتم تكريمها باعتبارها واحدة من بين 100 رائدة على مستوى العالم فى مجالات العلوم والتكنولوجيا فى العالم، ومرتان متواليتان فى نفس الفترة، لتتوالى نجاحاتها.. وإلى نص الحوار.. 

حدّثينا عن دخولك لمجال الجيولوجيا؟ 

- خلال فترة دراستى بالتعليم الثانوى كنت أحلم بدخول كلية الهندسة ولكن قادنى القدر إلى دخول كلية العلوم ووقع اختيارى على قسم الجيولوجيا بمحض الصدفة، وعندما دخلت القسم كانوا يطلقون عليه «للرجال فقط»، فقررت أن أقوم بالتحويل إلى قسم آخر مناسب؛ لكننى رأيت فيديو لفتاة جيولوجية أجنبية ترتدى خوذة وتعمل كمهندسة فى حقول البترول، وهنا تجدَّد حلم الهندسة وقررت استكمال دراستى فى القسم، وأصبحت من الأوائل، وبعد تخرجى سعيتُ للالتحاق بمنحة الأمل للمتفوقين لتوفير فرصة عمل مناسبة فى إحدى شركات البترول، وبالفعل التحقت بمجموعة اختبارات وتم اختيارى للمشاركة فى المنحة وتخرجت منها عام 2014، وبالفعل وفرت لى فرصة لمقابلات فى أكثر من شركة بترول، ونجحت فى الاختبارات وعُينت فى الشركة عام 2015 ويعمل فى مجالى سيدتان فقط على البريمة فى مصر.

 ما هو الدور الذى تقومين به فى عملك؟ 

- أولاً على الجميع أن يعلم أن هناك فرقًا بين مُهندس البترول والجيولوجى، فمهندس البترول يقوم بتشغيل أدوات الحفر لكى يستخرج مكامن البترول فى باطن الأرض؛ لكن الجيولوجى هو الشخص الذى يحدد النقطة التى يستطيع المهندس الحفر فيها. ومهنتى كجيولوجية على البريمة تتضمن تحليل العينات الصخرية المحفورة وتحديد إن كان هناك كشف بترولى بالمنطقة أثناء الحفر. 

 ماهى التحديات التى واجهتِك كسيدة تعمل فى مجال «للرجال فقط»؟ وكيف تغلبتِ على التحديات التى واجهتيها؟ 

- هناك العديد من المصاعب التى واجهتنى كفتاة فى هذا المجال ومن بينها أننى كنتُ أعمل فى أماكن معزولة بعيدًا فى الصحراء. فكنا نفتقد للعديد من الإمكانيات الحياتية، على سبيل المثال كانت شبكات الاتصال شبه منقطعة عنا، وفى أغلب الأوقات كنت أعيش بعيدة عن أهلى حتى فى أوقات الأعياد والمناسبات، وفى بعض الأوقات لكى أقوم بمتابعة مجريات الحفر السريع كنت أحتاج للبقاء مستيقظة لـ48 ساعة. وكان من أهم المصاعب التى واجهتنى هى كم الانتقادات التى وُجهت لى عندما خرجت قصتى للرأى العام؛ وبخاصة من الرجال.

 لكن هذا لا يلغى أبدًا دور الكثير من الرجال الداعمين لى فى مشوارى وعلى رأسهم « إيهاب عوض» رئيس الشركة التى أعمل بها والذى أتاح لى هذه الفرصة رغم كونى فتاة؛ أمّا عن كيفية مواجهتى لتلك الانتقادات وألا تدعها تنال منّى فكنتُ أعتبرها وقودًا يُشعل حماسى لتحقيق المزيد، ودائمًا أقابل الرأى الآخر باحترام دون مواجهة أو عِراك. 

حدثينا عن تجربتك فى منحة «Techwomen» فى الولايات المتحدة الأمريكية، وكيف ساهمت فى تطوير مسيرتك المهنية؟

- عرفتُ عن المنحة التابعة للسفارة الأمريكية بالقاهرة بمحض الصدفة؛ حيث رأيتُ إعلانًا على الفيسبوك أن هناك محاضرة تعريفية عن المنحة فذهبت للمحاضرة وتعرفت منها على متطلبات المنحة وقدّمت عليها، وكان من المهم أن أبرز فى أبلكيشن التقديم دورى كرائدة فى مجال الجيولوجيا بمصر لكى يقبلونى. 

والحمد لله تم اختيارى كواحدة من بين أفضل 100 سيدة فى مجالات الـ STEM (العلوم والتكنولوجيا) على مستوى 21 دولة حول العالم لعام 2022 لكى أشارك فى المنحة.

كانت مدة المنحة خمسة أسابيع، أربعة منها كانت بمدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وشملت تلك الفترة تدريبًا شاملاً للمهارات التقنية والشخصية فى مجموعة من أكبر شركات التكنولوجيا فى وادى السيليكون بأمريكا مثل شركات لينكد إن وفيسبوك وتويتر وجوجل.

وفى الأسبوع الأخير تم تكريمنا بوزارة الخارجية بالعاصمة واشنطن؛ حيث فوجئت باختيارى للمرة الثانية لكى أمثل زميلاتى الرائدات وأحكى قصة نجاحى على منصة وزارة الخارجية الأمريكية بواشنطن وكانت من أكثر اللحظات التى أفخر بها فى حياتى. 

حدثينى عن شعورك عندما تلقيتِ تكريمًا كونِك واحدة من بين 100 رائدة فى العالم فى مجالات العلوم والتكنولوجيا؟

- سعيدة أن دورى كرائدة فى مجال الجيولوجيا فى مصر ساعد فى اختيارى من بين أفضل 100 رائدة على مستوى العالم؛ ولكن اللحظة التى أفخر بها دائمًا وربما تكون اللحظة الأكثر فخرًا فى حياتى عندما تلقيتُ دعوة غداء من وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن لكى أتواجد كمتحدثة على منصة وزارة الخارجية الأمريكية وتتسلط عليّ أضواء الأخبار العالمية. وكانت تلك اللحظة محض كرم وفضل من الله سبحانه وتعالى على سنوات تعبى ومثابرتى ولم أكن أصدق نفسى.

أمّا عن المنحة نفسها فاستفدت منها كثيرًا، ويمكن القول إنها ساهمت فى تطوير مسيرتى المهنية بشكل كبير، وطورت من ثقتى بنفسى جدًا، وطورت لغتى الإنجليزية، كما أننى عدتُ بتقنيات جديدة تعلمتها من أمريكا لكى أطبقها فى الشركة التى أعمل بها فى مِصر، وشعرت كأن تلك المنحة «مغناطيس» لمنح أخرى عديدة كنت أقوم بالتقديم عليها وأنا كلى ثقة بالقبول إن شاء الله.

 ما هى أهم الإنجازات التى حققتِها خلال مسيرتكِ كعالمة جيولوجية؟ وكيف ممكن أن تساهمى فى تقدم مصر فى مجال العلوم والطاقة؟

- يمكننى القول إننى حصدت مجموعة جوائز فى مسابقات البترول العالمية مع فريق جامعة حلوان وأبحاثنا كانت تحصل على مراكز عالمية، كما أننى ساهمت فى تبسيط العلوم فى المناطق الفقيرة والعشوائية لكى نُخرج جيلاً من العلماء الصغار من هذه الأماكن، كما أننى ساعدت فى نشر التوعية حول الاهتمام ببيئة المحميات الطبيعية فى مصر، ونظمت العديد من الحملات لتنظيف المحميات. وحاليًا أقوم بعمل مجموعة من المحاضرات للتعريف بمهنتى ونشر الأمل بين الطلبة والطالبات، وتقليل الفجوة بين دراستهم النظرية والمجال العملى، وإثبات أنه ليس هناك مستحيلات وإن أى طالب مَهما كان الوضع المادى لأسرته يمكنه العمل فى هذا المجال وتحقيق ذاته. 

ماهى مساهماتِك فى مجال الطاقة النظيفة فى مصر؟ 

- ساهمت العام الماضى بالمشاركة مع فريق جامعة حلوان فى نشر بحث بمجال الطاقة الحرارية النظيفة، التى تهدف للاستفادة من آبار البترول الناضبة فى توليد الطاقة الكهربائية. ونجح بحثنا فى أن يكون واحدًا من بين أفضل 6 أبحاث على مستوى العالم، وفزنا بجائزة الجمعية الأوروربية للجيولوجيين والمهندسين.

ونشرناه فى مؤتمر للطاقة النظيفة بفيينا-النمسا التابع للجمعية الأوروبية للجيولوجيين والمهندسين. وكنت البنت الوحيدة المشاركة فى الفريق.

كونكِ عالمة فى مجال الجيولوجيا.. هل لديكِ اهتمامات أخرى بخلاف البريمة تشغلين بها وقت فراغك؟

- حينما يكون لديّ وقت فراغ أحب أن أطالع كتب السيرة النبوية وأقوم بتلخيصها، كما أحب الرسم والحِرَف اليدوية، ودائمًا ما أبتكر أشياء جديدة فى بيتنا. وبالطبع ألعب مع أولاد أخوتى بألعاب البازل والأوريجامى، كما أننى متأثرة بمجالى بعض الشىء؛ حيث أقوم بجمع الصخور والكريستالات والحفريات من رحلاتى للجبل حيث أعشق رياضة تسلق الجبل والمشى بالوديان.

 

هل هناك قدوة أو نموذج تتطلعين إليه؟

- نعم؛ الدكتور هشام سّلام، هو مَصدر إلهامى فى هذا المجال؛ فلقد ساهم فى تطوير علم الحفريات بمصر، ولفت الانتباه إليه إعلاميًا حتى تعرّف عليه الأشخاص البسطاء من عامة الشعب، وهو حصد العديد من الجوائز وساهم فى تطوير جامعة المنصورة وتحقيقها مركزًا متميزًا بين الجامعات عالميًا بأبحاثه. ورغم بروزه العلمى على مستوى العالم؛ فإنه يعطى مساحة تميز لطلابه ويدفعهم للمشاركة.

 ما هى النصائح التى تقدمينها للفتيات اللاتى يرغبن فى الدراسة بمجال الجيولوجيا؟

- نصيحتى للفتيات ألا يجعلن أحدًا يضع لهن إطارًا محددًا لحياتهن. فبالنسبة لمجالى ليس «للرجال فقط» لكنه لأى فرد يستطيع التميز فى مجال الجيولوجيا. فالعلوم ليست حكرًا على جنس دون الآخر. ونصيحتى لكِ عزيزتى «تميزى» حتى تبرزى وتجعلى الشركات الرافضة لتوظيف الفتيات تقوم بكسر القاعدة. 

ماذا عن خطواتك القادمة؟

- سأقوم بالسفر إن شاء الله فى أغسطس المقبل مع فريقى بجامعة حلوان لتمثيل مصر وقارة إفريقيا لكى أعرض بحثًا فى مجال الطاقة المتجددة فى البترول للحد من انبعاثات الكربون فى مؤتمر الـ IMAGE بولاية تكساس.