طارق الشناوي
كلمة و 1 / 2.. (صلة رحم) يخترق الممنوع!
أتصور أن مسلسل (صلة رحم) لن يمر بهدوء، سوف يفجر قضايا فكرية نحن جميعًا فى أشد الحاجة إليها، من الذي يملك القرار فى مثل تلك الحالة الشائكة، العلم أم الدين أم العرف الاجتماعى؟ فهو يصطدم بالثلاثة، ولا أدرى قطعًا ما الذي ستُسفر عنه الحلقات، إلا أنى أتصور أن القوس لن يغلق سيظل مفتوحًا؟ الكاتب الجرىء محمد هشام عبية، الذي شاهدنا له قبل عامين (بطلوع الروح) إخراج كاملة أبوذكرى كان يتناول بأسلوب عميق داعش، قدم كل التفاصيل ولم يكتف فقط بالسطح، هذه المرة ومع المخرج الشاب الموهوب تامر نادى، يقدم تلك القضية الشائكة التي تفضح الكثير من المسكوت عنه فى حياتنا، كان هشام أشبه بمحقق يبحث عن الحقيقة، وفى نفس الوقت هو يعيش نفس الحيرة.
المسلسل لعب بطولته إياد نصار وأسماء أبواليزيد ويسرا اللوزى وهبة عبدالغنى والسورية ريام كفارنا. السيناريو يضع المحددات الثلاثة،الدين والعلم والعرف، فى صراع يصل لحدود الدموية، ويدخل الجمهور كطرف فاعل فى الحكاية، بعد أن انتقلت الحيرة إليه.
طبيب تخدير يحب زوجته ويشعر بالذنب لأنه تسبَّب فى حادث أفقدها الجنين وأفقدها أيضًا الرحم وأصبح حلمها بالإنجاب مستحيلًا.
كانت قبل هذا الحادث قد جمدت بعض بويضاتها، ويسرقها دون علمها إياد الذي ارتكب الكثير من الحماقات القانونية والدينية لتحقيق هذا الهدف الذي يبدو ظاهريًا نبيلاً إلا أنه استخدم وسائل تخاصم الشرع والشريعة والدين والقانون، رافعًا شعار (الضرورات تبيح المحظورات)، ولأن القضية قد تثير غضب قطاع من الرأى العام، قدم السيناريو لقاءً بين إياد نصار والشيخ خالد الجندى، وأكد خالد موقف الأزهر الشريف الرافض تمامًا لهذا الإجراء تحسبًا لاختلاط الأنساب، فمن ستصبح الأم، هل صاحبة البويضة أم الرحم، لا يمكن الحسم قطعًا بإجابة قاطعة، ولا أحد يصادر على ما يمكن للعلم أن يقدمه لنا مع الزمن، البعض يعتبر أن الجنين فى علاقته بالرحم البديل تشبه علاقة الطفل بأمه التي لم تستطع إرضاعه لظرف طبي، وفى هذه الحالة يرضع من امرأة أخرى، فهل من حقها أقصد السيدة التي أرضعت الطفل أن تتنازع على أمومة هذا الطفل، بحجة أنها منحت إليه فى ساعته الأولى الحياة؟
قدم المخرج معزوفة إبداعية رائعة وتألق عدد كبير من الممثلين فى أدوارهم، وعلى رأسهم إياد، ولأول مرة أرى يسرا اللوزى بكل هذا النضوج، كما أن هبة عبدالغنى تركت بصمة خاصة فى أدائها لدور الممرضة، ويبقى دور صفاء جلال التي عادت للتألق فى مساحة درامية مغايرة لما تعودت عليه.
الإيقاع السريع واحد من عناصر تفوق هذا المسلسل الذي انتزع لنفسه مكانة خاصة وعن استحقاق، وكان هو (الحصان الأسود) فى النصف الأول من رمضان!