الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
من الأدب إلى السينما والتليفزيون

من الأدب إلى السينما والتليفزيون

سألتنى صحفية شابة مشاغبة: ما رأيك فى المسلسلات الدرامية التى انتقلت من السينما إلى الشاشة الصغيرة سواء كانت مأخوذة أو مستلهمة من روايات أدبية أو قصص قصيرة فما إن هممت إلى الإجابة حتى بادرتنى فى ثقة وحسم: هذا إفلاس فكرى وفقر واضح فى خيال كتاب السيناريو وعجز بالغ فى الابتكار والتفرد مشيرة إلى عودة تلك الآفة التى تواضعت منذ سنوات وحتى الموسم الرمضانى القادم ممثلة فى مسلسلات «أنف وثلاث عيون» و«إمبراطورية ميم» عن روايتين للروائى الكبير إحسان عبدالقدوس و«جرى الوحوش» عن رائعة السيناريست الكبير الراحل «محمود أبوزيد».



جاوبتها مؤكدًا: لا أستطيع أن أصدر أحكامًا قاطعة على مسلسلات لم نشاهدها بعد.. أما ما سبق عرضه فى السنوات السابقة من مسلسلات «العار» و«الكيف» و«رد قلبى» و«الزوجة الثانية» فقد أساء كتاب السيناريو إلى محتوى وقيمة الروايات ومن ثم المسلسلات المرتبطة بهم.. وكذلك مسلسل «لا تطفئ الشمس» الذى شوه تمامًا الرواية البديعة لـ«إحسان عبدالقدوس» التى تنتمى أحداثها إلى حالة المجتمع المصرى بعد ثورة 1952.

لكنى فى الوقت نفسه أرى أن ذلك لا يمنع من الإشارة إلى نقطة مهمة وهى أن هناك بعض الروايات العظيمة فى تاريخ الأدب المصرى الحديث والتى تحولت إلى أفلام رائعة لم تستوعب كل القضايا المهمة التى طرحتها الرواية وكل الأبعاد الاجتماعية والنفسية للشخصيات.. وكل الأحداث والخطوط الدرامية.. والأفكار الجوهرية.. والمعانى المتعددة وبالتالى فيصبح الدافع إلى تحويلها إلى مسلسلات أمرًا مغريًا وملحًا يشغل ذهن السيناريست المثقف ويؤرقه لإعادة التجسيد من خلال مسلسل تليفزيونى.

فعلى سبيل المثال رواية «الحرام» للكاتب الكبير د«يوسف إدريس» رغم أنها تحولت إلى فيلم كتبه المبدع الكبير «سعد الدين وهبة» وأخرجه القدير «بركات» ولعبت بطولته «فاتن حمامة» إلا أن مفهوم الحرام الذى كان يقصده «يوسف إدريس» فى روايته كان أشمل وأعمق وأكثر غورًا ودلالة من مفهوم الحرام الذى طرحه الفيلم.. وقد اقتصر «الحرام» فى الفيلم - نظرًا لزمن الفيلم المحدود – على عزيزة المعدمة التى حملت سفاحًا فى مقابل كوز بطاطا.. لكن الرواية تتحدث عن «الحرام» وراء الأبواب المغلقة فى بيوت القرية التى تحتوى على عشرات الحكايات المستترة غير المعلنة وغير المفضوحة وغير المرئية التى يحتمى أصحابها بأستار كثيفة من مكانة اجتماعية زائفة أو فارق طبقى ظالم فتظل سرية ويظل أصحابها يتمتعون بالاحترام والسمعة الطيبة.

إن «حرام» عزيزة أسقط أقنعة وعرى «حرام» قرية بأكملها فاسدة.

لذا فإن الفيلم – رغم عظمته – يظل ناقصًا.