الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تصعيد إسرائيلى متواصل يعزز من قلق موسكو وبكين مخـاوف «روسيـة - صينيــة» مـن «العواقب الوخيمة» لاجتياح رفح

أثار تجهيز جيش الاحتلال الإسرائيلى لإطلاق عملية عسكرية فى مدينة رفح الفلسطينية جنوبى قطاع غزة، مخاوف القوى العالمية من «العواقب الوخيمة» لمثل هذا الإجراء فى خضم تكدس النازحين الفلسطينيين البالغ عددهم ما يقارب 1.4 مليون نسمة.. وفيما تتوالى  ردود الأفعال والمخاوف العالمية بشأن توسع العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى رفح، المكتظة بالنازحين، بعد تلويح جيش الاحتلال بأن محطته المقبلة، بعد خان يونس ستكون رفح، يطرح مراقبون أسئلة عن مواقف القوى والتكتلات الدولية المختلفة من هذه الحرب غير المسبوقة فى ضراوتها وتأثيراتها المحتملة على الصعيدين الإقليمى والدولى والتى كشفت كثيرًا من مكامن الضعف لدى النظام العالمى القائم، والذى فشل بمنظومته الحالية فى تبنى سياسات تضغط باتجاه وقف الحرب.



ومن بين التساؤلات الكثيرة التى طرحتها التطورات الأخيرة والخاصة بالتخطيط والإعلان الإسرائيلى عن عمليات عسكرية بمدينة رفح الفلسطينية، ما يتعلق بمواقف كل من روسيا والصين، وهما البلدان اللذان أعلنا بشكل واضح ومباشر عن معارضة سياسة العقوبات الجماعية التى تنتهجها إسرائيل، وطالبا بوقف حربها الشرسة على قطاع غزة.

وفى ظل تصعيد الخطاب الأمريكى ضد إسرائيل بشأن حرب غزة، والذى يراه مراقبون كاذبًا بل ويعد بمثابة تبادل أدوار بين الجانبين طالما لم تطالب الإدارة الأمريكية بوقف دائم لإطلاق النار وعملت على تنفيذه بشكل حقيقى.

حرب وشيكة 

 يأمل المراقبون بأن تترجم مواقف كل من موسكو وبكين بتحركات سياسية نشطة تعكس ثقل وحجم تأثير البلدين العملاقين. وبالتالى، بات السؤال الأكثر ترددًا الآن لدى الخبراء، عن الخطوات التى يمكن اتخاذها من جانب كل من روسيا والصين فى ظل التصعيد الإسرائيلى الأخير والذى من شأنه أن يشعل حربًا إقليمية شاملة يرى البعض أنها باتت وشيكة. 

كارثة إنسانية 

وفيما دعت الصين إسرائيل إلى وقف عملياتها العسكرية فى أقرب وقت ممكن، ومنع وقوع كارثة إنسانية أشد وطأة بمدينة رفح جنوبى قطاع غزة، حسبما ذكر المتحدث  باسم وزارة الخارجية  الصينية، الذى  أدلى بهذه التصريحات خلال هذا الأسبوع حينما طُلب منه التعليق على الغارات الإسرائيلية واسعة النطاق فى مدينة رفح جنوبى قطاع غزة، والتى تسببت فى خسائر فادحة، وكذلك التعليق على خطة الجيش الإسرائيلى لشن هجوم برى على المدينة.

فأوضح أن بلاده تتابع عن كثب التطورات فى مدينة رفح.

قائلا: «نعارض وندين الأعمال المرتكبة ضد المدنيين والمخالفة للقانون الدولى وندعو إسرائيل إلى وقف العمليات العسكرية فى أقرب وقت ممكن، وبذل كل ما فى وسعها لتجنب وقوع خسائر فى صفوف المدنيين الأبرياء، ومنع وقوع كارثة إنسانية أشد وطأة فى رفح».

 أعلن الكرملين، أيضا أن روسيا مستعدة لدعم أى تحرك يؤدى إلى إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين ووقف إطلاق النار فى قطاع غزة.

جاء ذلك فى إطار تعليق للمتحدث باسم الكرملين ديمترى بيسكوف على المحادثات الأمريكية الجارية مع إسرائيل وحركة حماس.

لم يصل إلى ذروته بعد

وتزامنت تصريحات المتحدث باسم الكرملين، مع أخرى لوزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، أكد فيها أن الغرب يسعى إلى استبعاد روسيا من جميع آليات التسوية فى الشرق الأوسط.

وقال لافروف، خلال مؤتمر الشرق الأوسط الثالث عشر لنادى فالداى الدولى، إن القضية الفلسطينية التى طال أمدها ولم يتم تسويتها هى العامل الرئيسى لعدم الاستقرار فى المنطقة.

وأشار لافروف فى تصريحاته إلى أن الولايات المتحدة ما زالت تراهن على سيطرتها على المنطقة.

وحذر الوزير الروسى من تفاقم الأوضاع فى الشرق الأوسط، مؤكدًا أن الوضع الحالى «لم يصل إلى ذروته بعد».

كما أوضح لافروف أن مشروع قرار وقف إطلاق النار فى غزة لم يعرض على التصويت فى مجلس الأمن بسبب الاعتراض الأمريكى.

 وأكد على التحذير الروسى بشأن أى هجوم برى إسرائيلى على رفح، لافتًا إلى أن واشنطن وشركاءها يصرون على إبعاد بلاده عن أى مبادرة لإعادة الاستقرار إلى الشرق الأوسط وبأن الدول الغربية تدفع الفلسطينيين والإسرائيليين ودول المنطقة إلى الكارثة.

وإن كانت هذه التصريحات تعبر عن أن كلًا من الصين وروسيا تشتركان فى نفس الموقف بشأن القضية الفلسطينية بشكل عام وتحذيرهما من أى تصعيد جديد فى رفح الفلسطينية والدعوة لتهدئة الوضع والمساعدة فى تحقيق حلِّ الدولتين لإسرائيل والفلسطينيين، إلا أن البعض يرى أن البلدين اللذين طالما تكلما عن دفع التحرك نحو ترسيخ ملامح نظام عالمى جديد، وغدا هذا المسار جزءًا أساسيًا من عقيدتيهما فى مجال السياسة الخارجية فى السنوات الأخيرة، أصبح لديهما فرصة الآن للتحرك ومنع وقوع كارثة إنسانية أشد وطأة بمدينة رفح جنوبى قطاع غزة، انطلاقًا من أن الظروف الدولية التى يشهدها العالم حاليًا تدفع لتكريس فكرة الانتقال إلى نظام دولى جديد عبر تحركات جدية تضع بدائل للهيمنة على القرار الدولى من جانب الغرب.

وفى السياق ذاته، حذر خبراء روس من عودة أنشط للولايات المتحدة إلى المنطقة، لا استمرارًا لانحسار دور واشنطن وتأثيرها كما اعتقد البعض. وهذا، من دون أن يعنى ذلك، تقليص الحضور الروسى أو الصينى المتزايد أيضًا فى المنطقة.

فخ لتل أبيب

من جانبه، أفاد الكاتب الروسى إيغور سوبوتين بأن غزو إسرائيل جنوب قطاع غزة (رفح)، سيصبح فخًا لتل أبيب بتعريض علاقات حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع الولايات المتحدة ومصر للتوتر.

وأشار الكاتب، فى تقرير له نشرته صحيفة «نيزافيسيمايا»، إلى أن مصر هددت بقطع علاقاتها مع إسرائيل فى حالة تدفق اللاجئين ودخولهم إلى شبه جزيرة سيناء.

وقال إن مصر تعارض تنفيذ العملية البرية فى رفح خوفًا من تفاقم الأزمة الإنسانية على طول الحدود.  وأورد الكاتب أن المعركة من أجل السيطرة على رفح تحتاج إلى قوة. وحسب القادة العسكريين الإسرائيليين، فإن شكل العملية فى هذه المنطقة سيتبع نموذج الحرب فى خان يونس.

لذلك من المتوقع أن يزيد تنفيذ مثل هذه الخطط من حدة الكارثة الإنسانية فى رفح، حيث يعيش حوالى 1.3 مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة. وقد وصل إلى هناك جزء كبير من الفلسطينيين من المناطق الشمالية.

عدم الثقة فى نتنياهو

ونقل التقرير عن صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية أن هذا الوضع يزيد من عدم ثقة الرئيس الأمريكى جو بايدن برئيس الوزراء الإسرائيلى.

وفى محادثات خاصة، وصف بايدن نتنياهو بأنه «رجل سيئ»، معربًا عن مخاوفه من أن كفاح رئيس الحكومة الإسرائيلية لإنقاذ حياته السياسية سوف يجرّ الولايات المتحدة إلى صراع واسع النطاق فى الشرق الأوسط.

وأوضح التقرير أن أحد دوافع حملة إسرائيل المتوقعة فى جنوب القطاع هى الرغبة فى تفكيك شبكة الأنفاق التابعة لـ(حماس)، بعد أن سيطر جيش الاحتلال على جزء كبير من نظام الأنفاق الاستراتيجى فى خان يونس، حيث يوجد موقع الرهائن الإسرائيليين والقيادة العليا من المقاومة الفلسطينية.

سكب الزيت على النار

من جانبها أكدت صحيفة (جلوبال تايمز) الصينية أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتسوية الأزمة المشتعلة حاليًا وسط تفاقم الوضع الإنسانى. لافتة إلى «أن أية محاولة لمعارضة أو تأخير هذه الخطة لأى سبب من الأسباب سوف تؤدى إلى تأخير السلام وتكريس الكراهية وتسكب الزيت على النار».. محذرة إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن من أنها إذا لم تتخذ قرارًا حاسمًا فى هذا الصدد فإنها ستواجه على الأرجح «كارثة».

وأشارت الصحيفة - إلى أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية لم تستجب بشكل فعال لنداء الضمير هذا وبدلًا من ذلك كانت هذه السياسات مقيدة بفِعل السياسات الداخلية وتذبذبت، الأمر الذى حال دون توصل الدول الكبرى إلى إجماع فورى، ولم يكن الأمر كذلك إلا بعد أن تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة فى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا بمن فى ذلك النساء والأطفال، وتشريد مئات الآلاف من الناس حتى بدا أن القادة فى الولايات المتحدة والدول الأوروبية يدركون الحاجة إلى العودة إلى حل الدولتين، وأعرب الرئيس الأمريكى جو بايدن وبعض الزعماء الأوروبيين عن موقفهم حيال هذا الأمر مؤخرا.

ولفتت الصحيفة إلى أنه رغم أن المعاناة الحالية فى الشرق الأوسط لا ترجع بشكل مباشر إلى الولايات المتحدة وأوروبا، باعتبارهما منخرطتين بعمق فى اللعبة الجيوسياسية هناك منذ الحرب العالمية الثانية، فإنهما تتحملان مسئولية ثقيلة عن استئناف الحرب.

وبحسب «جلوبال تايمز» فإن السبب على وجه التحديد هو الدعم غير المحدود الذى تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل، وموقف الولايات المتحدة وأوروبا المتخاذل، الذى أدى إلى الفشل فى اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على السلام بينما زحفت إسرائيل إلى غزة دون أى وازع حاملة أسلحة ومعدات أمريكية الصنع، وبدلًا من ذلك، دعمت الهجمات الإسرائيلية الانتقامية ضد غزة وعززت نشر القوة للحد من مشاركة قوى أخرى فى الشرق الأوسط، والأمر الصادم هو أن بعض كبار المسئولين الأمريكيين ما زالوا يشككون فى عدد القتلى الفلسطينيين.

وقالت بعض وسائل الإعلام الأمريكية «إن طرح الصين لحل الدولتين هو شعار أجوف».

وعلقت الصحيفة بالقول «منذ التسعينيات أصبح حل الدولتين هو السياسة الوطنية للحكومة الأمريكية فى تعزيز محادثات السلام الإسرائيلية -الفلسطينية، كما أصبح هذا هو الموقف الرسمى لمعظم الدول التى تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بشأن القضية الإسرائيلية الفلسطينية».. مشيرة إلى أن السبب وراء صعود وهبوط حل الدولتين وعدم إمكانية تنفيذه بشكل حقيقى له علاقة كبيرة بالمصالح المختلفة لجميع الأطراف المعنية.