السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الحقيقة مبدأ.. قصيدة الدم والسلام

الحقيقة مبدأ.. قصيدة الدم والسلام

السلام ليس حالة، فالسلام مهمة ربما هى المهمة الأكثر صعوبة؛ هى الصعوبة التى يجب أن تَزال يوميًا المهمة التى نسدد ثمنها كل لحظة فى تلك الأيام التى نحاول أن نفتقد الخوف ولو لمرة واحدة لأن فى أعماقنا لا مكان لذلك الخوف.. وأمام كل تلك المشاهد التى تملأ خريفا داميا لفلسطين، ثمة مؤشرات عديدة على أن العدوان الصهيونى على فلسطين والذى تواجهه المقاومة منذ السابع من أكتوبر الماضى ربما تتجه نحو نهايتها خلال أسابيع قليلة. ولأن الأوضاع التى سيتوقف عندها القتال لا تبدو واضحة أو محددة بسيناريو وحيد فإن أى محاولة لرسم مستقبل الصراع العربى الصهيونى بشكل عام، أو فى المدى المنظور بداية من عام 2024؛ ستعتمد بالدرجة الأولى على نتائج المذبحة الراهنة.



 

من حيث الحسابات النظرية والمنطقية لنتائج أى حرب فإن الحرب تنتهى وفقًا لأحد احتمالات ثلاثة.

أولها أن ينتصر طرف بشكل واضح على الطرف الآخر الذى يعترف بهزيمته ويعلن استسلامه رسميًا.

والاحتمال الثانى أن يقبل الطرفان وقف الحرب دون إنهاء الصراع، وهو ما يعنى الاستعداد لجولة أخرى من الحروب بينهما مستقبلًا. 

أما الاحتمال الثالث ففيه يُبدى الطرفان استعدادهما لوقف القتال، والدخول فى مفاوضات لأجل حل الصراع بشكل جذرى، عبر معالجة جميع أسبابه أو وضع سيناريوهات لحلول نهائية تضمن عدم تجدد الحروب بينهما مرة أخرى.

مؤشرات نهاية الحرب

1 - يواجه رئيس وزراء الكيان الصهيونى، بنيامين نتنياهو، ضغوطًا متزايدة من جانب الولايات المتحدة للعمل على عدم إطالة أمد الحرب، وخفض أعداد قوات جيش الاحتلال فى القطاع وعودة المدنيين إلى مناطقهم الأصلية فى وسط وشمال غزة وفقًا لتصريحات «بلينكن» بعد زيارته للمنطقة. ويتضح وجود مثل هذه الضغوط من خلال تصريح وزير الخارجية الإسرائيلى، إيلى كوهين، بأن بلاده ستواصل حربها على حركة حماس، سواءً بدعم المجتمع الدولى أم من دونه. لكن من الناحية الفعلية لن تتمكن إسرائيل من تحدى الولايات المتحدة لمدى زمنى طويل، بل وتبذل جهدًا هائل من أجل إقناع واشنطن بأن الجيش الإسرائيلى على وشك القضاء على حركة حماس.

وفى هذا الإطار، يستطيع الكل تفهم زيارة كل من مستشار الأمن القومى الأمريكى، جيك سوليفان، ووزير الدفاع الأمريكى، لويد أوستن، تل أبيب فى شهر ديسمبر الماضى للتباحث مع المسئولين الإسرائيليين حول الحرب فى غزة، وبهدف الاطلاع على مجريات هذه الحرب من داخل ميدان المعارك نفسها، وتأكيد إسرائيل من جانبها أنها أصبحت على وشك تحقيق هدفها بالقضاء على حماس عسكريًا. ولا شك فى أن هذا التحرك ضروريًا بالنسبة للكيان الصهيونى الذى يشعر بالقلق نتيجة التقارير الإعلامية التى تشير إلى أن الولايات المتحدة وضعت سقفًا زمنيًا للاستمرار فى حماية إسرائيل من صدور قرار من مجلس الأمن الدولى بوقف إطلاق النار فى موعد ليس بالبعيد.

2 - تلقى نتنياهو اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، يوم 10 ديسمبر الماضى، هو الأول منذ منتصف أكتوبر الماضى. وحسب البيان الصادر من مكتب نتنياهو فإن بوتين أعلن رفضه العنف ضد المدنيين على الجانبين.. وحسب البيان نفسه، فقد جاء الاتصال من جانب بوتين، ما يعنى أن روسيا ربما تتحسب لقرب انتهاء الحرب، وتريد إصلاح العلاقات مع إسرائيل لضمان دور ما فى تسويات ما بعد الحرب.

3 - حث الرئيس الأمريكى، جو بايدن، نتنياهو على إجراء تغيير وزارى فى ائتلافه الحاكم لإخراج الوزيرين المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، زعيمى حزب «الصهيونية الدينية» وحزب «القوة اليهودية» الرافضين لحل الدولتين. وهذا قد يعنى أن واشنطن تخطط بجدية لوقف العدوان على غزة، والسعى لفرض مفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية قد يكون فيها محاولة لاستبعاد حماس كقوة عسكرية، والموافقة على تجريدها من السلاح، لكنها لن يتم استبعادها سياسيًا بل محاولة إدماجها فى إطار منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية، تمهيدًا لتطبيق حل الدولتين.

4 - إشارة تقارير عديدة إلى أن إسرائيل بدأت تنفيذ خططها لإغراق الأنفاق التى تختبئ فيها قوات حماس فى غزة، للإسراع فى عملية القضاء على الحركة. وإذا لم تتمكن تل أبيب من إنجاز المهمة خلال الأيام المقبلة فإن الوضع التفاوضى المُحتمل أن تفرضه الولايات المتحدة على إسرائيل والسلطة الفلسطينية (التى ستندمج فيها حماس سياسيًا) سيكون أفضل بالنسبة بالنسبة للفلسطينيين. بل ربما سيؤدى لتقوية موقف حماس بشكل خاص والمقاومة والمقاومة بشكل عام هذا وسيفشل المخطط الصهيونى الذى يستهدف استسلام رسمى من جانب مقاتلى حماس، وهذا أمر غير مرجح حدوثه، ومن ثم فإن ذلك سيمنح إسرائيل الفرصة لمقاومة الضغوط الأمريكية لتطبيق حل الدولتين طالما أن المقاومة لازالت تحتفظ بتسليحها 5 - تصريح رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، إسماعيل هنية، فى 14 ديسمبر الماضى، بأن أى حل يستبعد حركة حماس والمقاومة الفلسطينية فى غزة لن يكون إلا محض وهم كبير؛ وهو تصريح يعبر ربما عن اطلاعه على الخطة الأمريكية التى قد تنفذ قريبًا لمعالجة أوضاع ما بعد الحرب، وهى الخطة التى ذكرنا سابقًا أنها تقوم على تصفية الوجود العسكرى لحماس وحلفائها من منظمات المقاومة، مع إدماجها فى السلطة الفلسطينية دون أن يكون لها قرار سياسى مستقل داخلها.

 السيناريوهات المرجحة

1 - انتصار أحد الطرفين: بشكل عام يتحدد الانتصار أو الهزيمة فى الحروب بحجم ما حققه أو أخفق فيه هذا الطرف أو ذاك من الأهداف التى وضعها للحرب. وفى ما يتعلق بالحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس فالمعنى الوحيد للانتصار بالنسبة لإسرائيل هو تحقيق أهم أهداف الحرب؛ أى القضاء على حماس، وإذا لم تتمكن من تحقيق هذا الهدف فستصبح تل أبيب الطرف الخاسر. وبالنسبة لحماس، تغير هدف الحرب، بعد الضربات القوية التى تلقتها، من توسيع نطاق الحرب بانضمام جبهات أخرى للقتال كمدخل لإضعاف إسرائيل (طبقًا لبيانات الحركة فى الأيام الأولى للحرب)؛ وهو الهدف الذى فشلت فى تحقيقه بعد مُضى أكثر من ثلاثة اشهر على الحرب، إلى هدف وحيد وهو بقاء الحركة كسلطة سياسية وكقوة عسكرية، ومنع محاولات تهميشها أو إدماجها فى السلطة الفلسطينية. وإذا فشلت حماس فى تحقيق هذا الهدف فستكون الطرف الخاسر فى الحرب.

 ومن هنا، فإن انتصار إسرائيل سيُعزز قدرتها على مقاومة التوجه الأمريكى للبدء فى عملية سياسية بين تل أبيب والسلطة الفلسطينية، وصولًا إلى مفاوضات تطبيق حل الدولتين. كما قد يُمكن هذا الانتصار نتنياهو من استرداد بعض من شعبيته فى الداخل التى فقدها أثناء الحرب، وإن كان ذلك لن يعنى بالضرورة إمكانية بقائه فى السلطة أو الفوز فى الانتخابات المتوقع إجراؤها بعد نهاية الحرب؛ فمصير نتنياهو سيتحدد بعاملين آخرين هما: تقرير اللجنة التى ستُشكل بعد الحرب للتحقيق فى مسؤوليته عن التقصير الذى قاد إلى طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر من جهة، ورد فعل الشارع الإسرائيلى على محاولاته البقاء فى الساحة السياسية من جهة أخرى.

وقياسًا على سابقة لجنة «أجرانات» التى تشكلت بعد حرب أكتوبر 1973 فإن توصيات اللجنة المُنتظر تشكلها بعد نهاية الحرب الحالية فى غزة لن تخرج عن المطالبة بعزل نتنياهو وعدد من قادة الاستخبارات والجيش الإسرائيلى. وكما انتفض الشارع الإسرائيلى ضد غولدا مائير بعد حرب أكتوبر 1973 مطالبًا حينها برحيلها عن السلطة، رغم فوزها فى الانتخابات التى جرت عام 1974، فإن الشارع الإسرائيلى قد لا ينتظر تقرير وتوصيات لجنة ما بعد حرب غزة، وقد يطالب برحيل نتنياهو فور انتهائها.

فى كل الأحوال يبدو أن الأوضاع السياسية فى إسرائيل بعد الحرب الحالية مرشحة للمرور بفترة طويلة من عدم الاستقرار، ما سيشكل عائقًا كبيرًا أمام محاولات الولايات المتحدة إقناع الإسرائيليين بتطبيق حل الدولتين. على الجانب المقابل لن تستطيع حماس تسويق إمكانية صدور أى قرار بوقف إطلاق النار وإرغام إسرائيل على قبوله، باعتباره انتصارًا لها، إذ إن واشنطن ربما ستخطط لصياغة قرار بوقف إطلاق النار، من المتوقع أن يتضمن بندًا بشأن تسليم الحكم فى القطاع للسلطة الفلسطينية، وتشكيل لجنة دولية لنزع سلاح غزة. وعندها لن يكون أمام حماس سوى الخضوع للقرار، أو اتهامها رسميًا بأنها تدافع عن بقاء تنظيمها، وليس عن حقوق الشعب الفلسطيني؛ وهو ما قد يمنح إسرائيل الفرصة لاستئناف محاولات إسقاط حماس بالقوة العسكرية، وبتأييد دولى هذه المرة.

2 - وقف إطلاق النار من دون شروط: بسبب الأعداد المهولة من الضحايا المدنيين فى قطاع غزة قد تدفع اضطرارًا الولايات المتحدة ومعها عدد كبير من القوى الدولية للقبول بفكرة إنهاء الحرب الحالية بالأسلوب نفسه الذى انتهت به الحروب السابقة؛ أى صدور قرار بوقف إطلاق النار دون شروط، لاستعادة التهدئة فقط. وتكتنف هذا السيناريو صعوبات عديدة ؛ أهمها أنه فى حالة صدور مثل هذا القرار فإن إسرائيل لن تكون مُلزمة بالانسحاب من الأراضى التى احتلتها فى قطاع غزة، كما سترفض السماح بعودة المهجرين إلى منازلهم السابقة على الحرب؛ ما يعنى استمرار التوتر والدخول فى مواجهات متقطعة بين إسرائيل وحماس، ستفضى حتمًا إلى انفجار الوضع مجددًا.

على جانب آخر، سيؤدى قبول نتنياهو بوقف القتال دون اشتراط رحيل حماس عن السلطة فى غزة ونزع سلاحها إلى تفكيك الائتلاف الحكومى الذى يقوده، إذ يهدد حزبا «الصهيونية الدينية» و«القوة اليهودية» بالانسحاب من الائتلاف فى مثل هذه الحالة، وهو ما سيقود حتمًا إما إلى اضطرار نتنياهو للاستقالة من حزب «الليكود» ورئاسة الحكومة تحت الضغوط الشعبية، وإفساح الطريق لتشكيل حكومة جديدة بزعامة إحدى الشخصيات البارزة فى «الليكود»، وبمشاركة من أحزاب الوسط واليسار وبعض الأحزاب العربية؛ أو إلى حل الكنيست والدعوة لانتخابات جديدة، لن يتم إجراؤها إلا بعد صدور قرار الحل بثلاثة أشهر على الأقل، ما يعنى بقاء حكومة نتنياهو كحكومة تصريف أعمال خلال هذه الفترة، وهو ما يمكنها من استئناف محاولة القضاء على حماس بحجج أمنية متنوعة.

من المتوقع أن يحاول نتنياهو بالدرجة الأولى الحفاظ على ائتلافه عبر إقناع حلفائه بأن القبول بوقف إطلاق النار لا يعنى التخلى عن هدف القضاء على حماس، وبأن الحرب ستستمر لتحقيق هذا الهدف بذريعة انتهاك حماس وقف إطلاق النار، وحق تل أبيب فى الدفاع عن نفسها.

بمعنى آخر، سيقود هذا السيناريو، فى حال تحققه، إلى بقاء ائتلاف نتنياهو السابق على تشكيل حكومة الطوارئ، التى من المتوقع تفكيكها فى حالة القبول بوقف إطلاق النار، وهو وضع سيترتب عليه انقسام حاد فى الشارع الإسرائيلى، وقد يقود إلى اندلاع مظاهرات حاشدة ومواجهات بين أنصار اليمين وأنصار أحزاب الوسط واليسار، لا يُعرف المدى الذى يمكن أن تصل إليه، وإن كان من المؤكد أنها ستؤثر على تماسك المؤسسات الإسرائيلية فى إدارة الأزمات المتنوعة أمنيًا وسياسيًا واجتماعيًا، التى سيخلفها مثل هذا السيناريو بكل احتمالاته. والأهم أن ذلك السيناريو فى حال تحققه سيضعف قدرة الولايات المتحدة على تطبيق تصورها لإنهاء الصراع الفلسطينى الإسرائيلى بشكل كامل.

3 - وقف القتال وبدء التفاوض السياسى: هو السيناريو الذى تفضله الولايات المتحدة والعديد من القوى والأطراف الدولية والإقليمية، لكنه يواجه بدوره صعوبات كبيرة، أهمها أن وقف القتال وفتح باب التفاوض لا بد أن يتم بموافقة الطرفين. وكما أوضحنا سابقًا فإن بقاء نتنياهو فى السلطة ومحاولته الحفاظ على ائتلافه يتعارض مع رفض حلفائه فى جبهة اليمين، وبعض أعضاء «الليكود» نفسه، فكرة حل الدولتين جملة وتفصيلًا، التى تسعى الولايات المتحدة إلى تفعيلها على أرض الواقع. كذلك سيكون من المستحيل تصور قبول حماس بالاندماج فى السلطة الفلسطينية وتهميش دورها السياسى، وتجريدها من قوتها العسكرية، فى آنٍ واحد، إذ ستصر الحركة على الاحتفاظ بقدراتها العسكرية، حتى لو وافقت على الاندماج فى السلطة الفلسطينية وتحت ضغوط مصرية.

ويمكن لهذا السيناريو أن يتحقق فقط فى حالة رحيل نتنياهو وتشكيل ائتلاف كبير من «الليكود» وأحزاب الوسط واليسار عقب نهاية الحرب مباشرة، وهو ما تسعى إليه إدارة بايدن التى طالبت نتنياهو بإعادة تشكيل ائتلافه باستبعاد شركائه من اليمين المتطرف. لكن كما هو معروف عن طبيعة نتنياهو الشخصية فهو لن يقبل بسهولة التضحية بحلفائه فى اليمين، لأن ذلك قد يُعرضه فى المدى القصير لخسارة منصبه، سواءً بضغوط من المتشددين داخل حزبه «الليكود»، الذين سيسعون بشكل مؤكد إلى الإطاحة به من رئاسة الحزب ردًا على قبوله فكرة تفكيك جبهة اليمين، والدخول فى مفاوضات مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين؛ أو بسعى من أحزاب المعارضة المرشحة للانضمام إلى مثل هذا الائتلاف إلى عزله من منصبه فى مرحلة لاحقة، وتقديم مرشح بديل له من صفوفها. وفى كل الأحوال، ستتسبب حالة عدم الاستقرار السياسى الداخلى فى إسرائيل فى إعاقة أى فرصة للتقدم نحو مفاوضات حل الدولتين.

 على ماذا يراهن نتنياهو؟

نستخلص من استعراض السيناريوهات المُحتملة لنهاية الحرب فى غزة والصعوبات التى تكتنفها، والتأثير المُحتمل لكل منها فى مستقبل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، أن نتنياهو سيعمل بشكل أكبر على سيناريو مختلف بهدف إفساد السيناريوهين الثانى والثالث، وهو رفض أى قرار لإيقاف الحرب لا يتضمن نصًا واضحًا بتولى قوة دولية تفكيك قدرات حماس العسكرية، ورفض حل الدولتين إذا ما تم السماح لحماس بالاندماج فى السلطة الفلسطينية واشتراكها فى عملية التفاوض ضمن الوفد الفلسطينى الذى سيفاوض على حل الدولتين. ولتحقيق ذلك قد يلجأ نتنياهو إلى تحدى واشنطن فى حالة عدم ممانعتها صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، ويرفض تنفيذ هذا القرار، مع الاتفاق مع شركائه فى اليمين لحل الكنيست، والدعوة إلى انتخابات جديدة، على أن يستغل الفترة الطويلة حتى إجراء هذه الانتخابات كرئيس لحكومة تصريف الأعمال، بهدف الاستمرار فى محاولة إسقاط حماس بالقوة العسكرية. ويعتقد نتنياهو أنه سيتمكن من تحقيق ذلك لأسباب متعددة، أهمها:

1 - أن قدرة حماس العسكرية تأثرت كثيرًا فى ظل الضربات العنيفة للجيش الإسرائيلى، حتى لو كان بوسعها شن عمليات نوعية من حين إلى آخر.

2 - أن المجتمع الإسرائيلى، رغم الخسائر التى لحقت بالجنود والمدنيين الإسرائيليين، مازال- وفق استطلاع نشره «معهد الأمن القومى الإسرائيلى» فى 3 ديسمبر الماضى- يؤيد بنسبة كاسحة (99 %) استمرار القتال من أجل القضاء على حماس.

3 - ستتمتع حكومة تصريف الأعمال التى سيقودها نتنياهو لمدة ثلاثة أشهر بالصلاحيات كافة، كما لو كانت حكومة منتخبة، فى ما يتعلق بمواجهة التهديدات الأمنية.

4 - عدم قدرة الولايات المتحدة على فتح ملف التفاوض حول حل الدولتين إلا فى وجود حكومة منتخبة.

5 - أن الوضع الإنسانى الصعب لسكان قطاع غزة، الذى قد يتفاقم أكثر فى غضون هذه الفترة، سيضع عبئًا مضاعفًا على حركة حماس، فى ظل عدم قدرتها على حماية سكان القطاع من الاعتداءات الإسرائيلية، ومنع تهجيرهم إلى جنوب القطاع. فى النهاية نجد أن السيناريوهات المحتملة زائد رهانات نتانياهو حتى مع الضغوط الأمريكية على الاحتلال الصهيونى لقبول هدنة طويلة ثم الجلوس على مائدة المفاوضات ليست هى الضامن للتباحث حول حل الدولتين وإنما هناك حاجة كاملة للدور المصرى الذى يضمن موافقة السلطة الفلسطينية وموافقة كل من حماس والجهاد على الطرح وهو ما يعرف بالمبادرة المصرية ومن جهة أخرى تحتاج مصر إلى نزاهة حقيقية من الدور الأمريكى لضمان التزام الكيان الصهيونى على الطرح المصرى.