الثلاثاء 9 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الكاريكاتير ومنهـج الإحســان

فى مجموعة من الفعاليات الفنية والثقافية المعنية بفنون الكاريكاتير أقيمت من الرابع والعشرين واختتمت فى الثامن والعشرين من الشهر الجارى بقاعة الأندلس فى مركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر تحت عنوان «تمكين المرأة» قدمها الأزهر الشريف هذا العام ممثلًا فى مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب كمبادرة لتفعيل المزيد من الأدوار الحضارية الريادية والرسائل التى يضطلع بها فى إثراء التراث الإنسانى والحياة بوجه عام فى كل المجالات.



 

والحدث الذى بادر الأزهر الشريف برعايته وتقديمه للعام الثانى على التوالى شارك به إنسان أبيض وآخر أصفر وآخر أسمر وآخر ملون فى مزيج حضارى يشمل العديد من الأعراق والأفكار والأديان والثقافات واللغات التى تنم عن اختلاف محمود فى الرؤى والتناول الفنى النقدى وتتفق فى الدفاع عن حقوق المرأة وتمكينها بتسليط الضوء على كافة المشاكل التى تواجهها من عنف مجتمعى يتمثل فى التحرش والختان والزواج المبكر والحرمان من التعليم والعمل والميراث وخلافه، إضافة إلى رد بعض الاعتبار لها بتوضيح الصورة الحقيقية لدورها البارز اجتماعيًا وسياسيًا وحضاريًا وإنسانيًا كزوجة وأم معيلة وعالمة وأديبة وقائدة سياسية واجتماعية ورائدة فى كل المجالات، كما أقيمت على هامش الاحتفالية أيضًا مجموعة من الورش الفنية والندوات التفاعلية تحت عنوان «فن الكاريكاتير والصراع العربى الإسرائيلي» والمعارض الفنية لإبراز دور المرأة الفلسطينية إزاء جرائم الاحتلال الصهيونى وأكاذيبه ولنصرة فلسطين. 

اصطف بهذا الحدث المصرى والسودانى والمالى والنيجيرى والسنغالى والماليزى والكازاخى والسويدى والإندونيسى وغيرهم. الكل يتبادل الخبرات ويتعلم من بعضه البعض فى ورش الكاريكاتير وندواته التفاعلية ومعارضه.

وقدم هذا الحدث نخبة من أسماء جديدة لمواهب واعدة ومتجددة مثل عبدالحفيظ ومحبوب الله وعتيق الرحمن وعبدالحميد والأم فريدة وبناتها مريم القانتة وصفيةالذهن وراضية المرضية والزوجان المحبان لفن الكاريكاتير عادل ومناهل والحافظ لكتاب الله وفائقة الحسن ومرزان وخير الأذكياء مع المزيد من العبادلة والمحامدة.

جاء الملتقى للتأكيد على أهمية رسائل المحبة والسلام والتواصل والتعايش بين كافة البشر ورفضًا لكل سلوكيات وأفكار العنف والكراهية والإساءة والعنصرية.

وكذلك إثراء الحياة الفنية والثقافية بدعم المزيد من النماذج الإبداعية الحضارية التى تعكس تراثنا وهويتنا وثقافتنا وتقديم المزيد من المبدعين الموهوبين فى فنون الكاريكاتير على مستوى العالم.

إضافة إلى زيادة الخبرات الجمالية والتشكيلية والنقدية لدى فنانى الكاريكاتير الناشئين وتحفيز ودعم الممارسات الإبداعية والابتكارية لديهم عبر فنون الكاريكاتير.

كذلك لنشر ثقافة إبداء الرأى والنقد البناء والاختلاف بشكل متحضر من خلال فنون الكاريكاتير والتحذير من سلوكيات السب والقذف والتحريض والبذاءة مع الاحتفاء بالنماذج الإيجابية فى النقد وإبداء الرأي، فى الوقت الذى تطرح فيه الدورة الثانية لملتقى الأزهر للكاريكاتير هذا العام المزيد من الأسئلة وتسلط الضوء على مشاكل تمكين المرأة كتشخيص لتلك المشاكل من أجل المساعدة فى التفكير والمساهمة فى إعادة النظر والحل.

 تناولت الدورة الأولى قضية التسامح والأخوة الإنسانية وكل ما يساهم فى ترسيخ القيم التى تمثلها.

يرى البعض بأن الملتقى جاء كرد فعل للرسوم المسيئة وهذا غير دقيق فإطلاق تلك الفعاليات كان مبادرة كريمة من الأزهر الشريف دعمًا وإثراءً للثقافة والفنون والعلوم وكل مناحى الحياة بوجه عام وليس رد فعل لطرف أو رأى آخر فالملتقى معنى بتسليط الضوء على سلوك الإحسان وليس للرد على الإساءة.

والسخرية فى هذه الحالة حينما تعبر عن وجهة نظر تشير إلى الأشخاص أو الظواهر السلبية فى المجتمعات أو تدافع عن حقوق المستضعفين أو تتبنى خطابًا نقديًا متحضرًا فهى تمثل كلمة حق مرسومة يجب أن تقال ويحتفى بصاحبها وبما يرى. أما لو كانت مصوبة لصدور المستضعفين أو البسطاء أو الفقراء أو تتبنى خطابًا بذيئًا أو مسيئًا أو عنصريًا أو مذلًا تجاه بعض الأفراد أو الجماعات فهذا مرفوض كلية.

بوجه عام حثنا ديننا الحنيف على عمارة الأرض والاهتمام بكل شئون دنيانا متخذين كافة الوسائل والأدوات المباحة ومنها الفنون فهى تشكل وعينا وتعبر عنا وتشارك كل مناحى الحياة من مأكل ومشرب وملبس وعمارة ولغات وأفكار وثقافات.

فمنذ فجر الإسلام برز دور الفنان المسلم وهويته الفنية فى عمارة المساجد والمنازل والمقابر والتكايا والمدارس والمشافى وبرع فى فنون النسيج والحفر على الأخشاب والمعادن والخطوط العربية والموسيقى والتصوير والنقوش الجدارية والمنحوتات والعملات وأدوات المائدة والآلات الموسيقية وخلافه، وها نحن الآن على الدرب نسير مواصلين ما بدأه أسلافنا وحثنا عليه ديننا الحنيف من رعاية شئون ديننا ودنيانا معاً.

وأخيرًا وليس آخرًا تقر الأعمال الكاريكاتورية المشاركة بملتقى الأزهر الثانى للكاريكاتير بأننا كبشر مختلفون فى اللون والعرق والنوع والأفكار والديانات، وعلى الرغم من ذلك نحمل نفس الفضول، ولدينا ذات الشغف ونفس الهموم، نبحث عن عالم أفضل وأرحب وأوسع ننعم فيه بالتواصل والتعارف ونشر المحبة وسلوك الإحسان، فكلنا يسعى لكمال صورته وعمله أمام الخالق، وكلنا يتلو أنشودة المغفرة بطريقته.