الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

شعار حملة الـ 16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة بالتزامن مع اليوم العالمى لحقوق الإنسان: العنف يبدأ بفكرة.. وبالوعى نقدر نغلبها

أكثر  أشكال العنف التى يشهدها العالمُ كله ويسجلها التاريخ هو ما يحدث فى غزة من قتل واغتصاب للحق وتهجير قسرى للمواطنين الأبرياء.. أرقام مخيفة ومزعجة نشهدها فـ%75 من الشهداء من النساء والأطفال، فقد سجلت وزارة الصحة فى غزة من 7 أكتوبر حتى 13 نوفمبر 2023 استشهاد 11240 منهم 2326 امرأة و4630 طفلاً، وليس هناك ألمٌ أشد من الألم الذى تشعر به أمهات غزة وهن يكتبن أسماء أولادهن على أماكن عديدة من أجسادهم حتى يتم التعرف عليهم إذا استشهدوا تحت الأنقاض، وأيضًا العنف الموجود فى السودان وغيرها من الدول التى تشهد حروبًا ومنازعات يكون ضحيتها أبرياء لا ذنب لهم.. تنطلق حملة «16 يومًا مناهضة العنف ضد النساء» فى 25 نوفمبر وتستمر حتى 10 ديسمبر من كل عام، وهى فترة مكرّسة لرفع الوعى حول التحديات التى تواجهها النساء فى أشكال مختلفة والتأكيد على الحاجة إلى إنهاء العنف ضدهن. 



هذا وقد أطلقت السيدة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى حملة الـ 16 يومًا لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات تحت شعار «العنف يبدأ بفكرة.. بالوعى نقدر نغلبها»؛ حيث بدأت الحملة يوم 25 نوفمبر الماضى وتستمر حتى العاشر من ديسمبر الحالى، وذلك بالتزامن مع اليوم العالمى لحقوق الإنسان الذى يوافق 10 ديسمبر من كل عام.

الاستغلال الاقتصادى

وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعى، أن الحملة تركز على النساء اللاتى يتعرضن للاستغلال الاقتصادى فى بيئة العمل أو العنف المنزلى، والنساء ذوات الإعاقة وما يتعرضن له من الاستغلال أو التنمر أو التهميش من جانب، والتعامل من المنظور الخيرى وليس الحقوقى من جانب آخر، بالإضافة إلى النساء فى الصراعات المسلحة اللاتى تعرضن لأبشع أنواع العنف هى وأطفالها (الأمراض والجرحى- والتهجير- والاغتصاب- وفقدان الأمن..)، والنساء اللاجئات اللاتى تعرضن للاستغلال الاقتصادى والجنسى، والنساء اللاتى يتعرضن للاضطهاد والحرمان من الحقوق نتيجة الأفكار المتطرفة الدينية والاجتماعية، وكذلك الفتيات اللاتى يتم لهن إجراء جريمة ختان الإناث وما يعانيه من انتهاك حقوقهن فى الصحة النفسية والجسدية، والفتيات اللاتى يتزوجن وهن فى مرحلة الطفولة ويحرمن من حقوقهن فى التعليم والصحة والمستوى المعيشى المناسب؛ حيث تعرض الحملة للأفكار والمعتقدات السلبية التى تقف وراء استمرار هذه الأشكال من العنف ضد المرأة، وتقدم المعرفة الصحيحة العلمية والاجتماعية والدينية للرد على مثل هذه الأفكار والمعتقدات، وكذلك الخدمات التى تقدمها وزارة التضامن الاجتماعى للتعامل مع أشكال العنف المختلفة، وحماية النساء والفتيات وكيفية الوصول لها.

سيدات مصر

وأضافت «القباج»: إننا ندعم دائمًا وأبدًا سيدات مصر البطلات والمثابرات والمكافحات، ونؤكد على أن المرأة هى حَجَر الأساس لاستقرار الأسرة المصرية فى جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة سواء كانت امرأة ريفية أو حضرية أو بدوية.. مشددة على أن الحملة تستهدف قطاعات مختلفة، منها المواطنون الأكثر استخدامًا لمواقع التواصل الاجتماعى، وكذلك الفئات الأولى بالرعاية من خلال تعريفهن بمنظومة الخدمات التى تقدمها لهن الوزارة، واستعراض قصص سيدات نجحن فى التغلب على التحديات الاجتماعية والاقتصادية.. موضحة أن الحملة تتضمن عرض مجموعة من الرسائل والمعلومات الموثقة، حول اتجاهات وممارسات العنف فى المجتمعين المصرى والدولى والتى قام بإصدارها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية.

وأشارت «القباج» إلى دَور الرائدات الاجتماعيات، فهن سفيرات وجنود الوزارة فى الميدان وفى جميع أنحاء الجمهورية بما يشمل القرى والنجوع والمناطق الحضرية والنائية، وأنهن شريكات فى مكافحة جميع أشكال العنف ونقص الوعى بكثير من القضايا التى يؤدى التصدى لها إلى نهضة المجتمعات المحلية، وقد قامت الرائدات بعَقد ندوات للتوعية بأهداف الحملة على مدار شهرى نوفمبر وديسمبر.. داعية جميع الفئات لتطبيق السلوكيات الإيجابية بعد المشاركة فى الحملة، من أجل تكوين مناخين ثقافى واجتماعى داعمين لقضايا مناهضة العنف ضد الفتاة والمرأة؛ من أجل الحفاظ على حقوقهن وتمتعهن بحياة كريمة تليق بكرامتهن وبقدرهن.

رسائل صحيحة

وعن اختيار عنوان الحملة «العنف يبدأ بفكرة.. بالوعى نقدر نغلبها» قالت د. منى أمين، مستشار برنامج وعى بوزارة التضامن الاجتماعى: عنوان الحملة يحمل رسالتين؛ أولاهما أن العنف ليس دائمًا مقصودًا ولكنه يبدأ بفكرة، يبدأ بمعلومة خاطئة مثل قول شائع «البنت لازم تتختن» هى فكرة تم نقلها لأم البنت، وأيضًا نجد مقولة أخرى مثل «اضرب الولد عشان يبقى راجل أو عشان يتربى» فكرة تم نقلها للأب أو الأم خطأ، فهى معلومات خاطئة بدأت بمقولة تحمل فكرة خاطئة وتنتهى بعمل واقعى وهو العنف.. الرسالة الأخرى «بالوعى نقدر نغلبها»، فهو وعى عائد ليس على الأسرة فقط ولكن على المجتمع أيضًا، فقد تجد الأم وهى فى طريقها لختان البنت مَن يعى وينصحها بخطورة وتجريم ما ستفعله وبالتالى تقلع عن الفكرة، فالوعى يخلص على العنف، ونجد فى التراث والأفلام القديمة بعض النصائح التى توعى الأفراد مثل «لازم ترجع لبيتك.. ولادك محتاجين لك» هذا الكلام يحمل رسائل بها وعى، فدَور المؤسّسات والمجتمع أن يتبنّى الرسائل الصحيحة ويصل بها للجمهور المُعَرّض للوقوع تحت طائلة الأفكار المحملة بالعنف.

الانتخابات

وأكدت «أمين»، أن تركيزهم فى هذه الفترة أكثر على الانتخابات الرئاسية الحالية، وأن الحملة بدأت فى كل المحافظات فى نفس الوقت وستستمر حتى آخر ديسمبر، وأن الحملة هذا العام لها طابع مختلف لأننا ليس معزولين عن كل الأحداث التى نراها فى العالم سواء فى غزة أو السودان أو غيرهما من الدول، فنحن نؤثر ونتأثر بالأحداث ولا نستطيع عزل الحملة واقتصارها على الممارسات الخاطئة التى نحاربها على مَرّ السنوات ولكن ننظر إلى قصة اللاجئين مثلاً، فالمجتمع المصرى بطبعه عاطفى ويتعاطف مع الطرف الضعيف ولكن نجد أيضًا من يستغل الضعيف مثل المحتاج إلى عمل والمحتاج إلى سكن والأطفال الصغار ضحايا الصراعات قد يتم استغلالهم، لذا هذا العام نلقى الضوء على مراكز ضحايا الاتجار، الاتجار بالمفهوم الأشمل سواء لاجئ من سوريا أو غزة أو السودان، وأيضًا السيدة الأجنبية التى تتزوج من رجل يعنفها أو يستغلها، كل المفاهيم الموجودة فى المجتمع، ونركز على ذلك لأن الأرقام الإقليمية للضحايا مخيفة وكبيرة، ونحن لدينا خدمات قد لا تغطى الملايين ولكن تعمل كل وزارة على حدة لتغطية جزء ما، وذلك لنصل فى النهاية إلى توفير الحماية للأشخاص المُعَرَّضين للاتجار أو العنف بسبب اغترابهم.

مرصد وعى

وتابعت: إن الرائدات لهن دور مُهم فى الحملة، ويوم 14 ديسمبر ستطلق الوزارة مرصد وعى الذى يرصد كل ظواهر العنف سواء العنف المجتمعى أو العنف الأسرى وباقى أشكال العنف، وهذا حدث مهم لأنه يرصد الظواهر ويعمل على الحماية للمجتمع من مثل هذه الظواهر السلبية، وأيضًا نقوم بزيارات ميدانية لمراكز استضافة وتوجيه المرأة المعنفة ونعمل أيضًا على نشر اللائحة الخاصة بمراكز الاستضافة بتعديلاتها والتركيز على حقوق المرأة، وأيضًا يتم نشر فيديوهات تحذر من العنف والتنمر والختان والاستغلال الاقتصادى والتهميش، فالتهميش الاجتماعى صورة من صور العنف، وكل ذلك على الصفحة الرسمية لوزارة التضامن.

وأكدت على شدة تأثير والاستجابة للحملات التى تقوم بها الدولة لمكافحة العنف، بدليل أن الإحصائيات القومية أكدت انخفاض نسب انتشار ختان البنات من %74 عام 2008 إلى %36 فى 2021 فى البنات من سن 15- 17 سَنة، وأيضًا من 75 % عام 2000 إلى %30 عام 2021 فى السيدات من سن 15 - 49 سَنة.

وتحكى لنا إحدى الرائدات التى تعرضت لأحد أشكال العنف ولكنها تغلبت عليه ولم تستسلم له 

مطلقة لكن مش فاشلة.

أشجان محمد بديع، صاحبة الـ43 عامًا، إحدى الرائدات الاجتماعيات بمركز أوسيم بمحافظة الجيزة، أمٌّ لابنتين؛ الكبرى بالجامعة والثانية بالثانوى، وإحدى مستفيدات دعم تكافل وأيضًا مستفيدة من دعم تكافؤ الفرص التعليمية للتعليم الجامعى، تقول أشجان: عندما بلغت العشرين وانتهيت من الحصول على شهادة إتمام الدراسة بشعبة القانون بالمعهد الفنى التجارى، تزوجت زواج صالونات، أم مدرس شافتنى فعجبتها فخطبتنى، وهو مدرس لكن مش صاحب رأى، اللى تقوله ماما هيمشى، وأنا اللى دفعت الثمَن

تسعة أشهر بالتمام والكمال وقبل أن أنجب بأسبوع واحد، حدثت بينى وبين زوجى مشاجرة فخرجتُ لبيت أهلى، وانتظرته أن يأتى يوم الولادة بملابس المولود التى تركتها قبل أن أخرج، فجاء رده: «أنا طلقت بنتكم غيابى واللى عايزينه خدوه بالمحكمة»، وبعد الكثير من المشاكل اضطررت أنا وأهلى لترك الشقة واستئجار شقة فى إحدى قرى مركز أوسيم بالجيزة؛ لنبتعد عن المشاكل التى يمكن أن تحدث مع أهل الزوج السابق، بعد أن لجأت للقضاء للمطالبة بحقى فى الأثاث والنفقة وباقى حقوقى.

أعمل رائدة

وفى عام 2003 توجّهت إلى الوحدة الاجتماعية لأقدم طلبًا للحصول على معاش المطلقة، وأثناء لقائى مع رئيس الوحدة الاجتماعية لبحث حالتى ومدى استحقاقى للمعاش سألنى عن راتبى من الحضانة، فأجبت: 75جنيهًا وبعد أسئلة وإجابات أخرى، عرض علىّ أن أعمل رائدة اجتماعية.

كانت المرّة الأولى التى أسمع فيها عن مهنة «رائدة اجتماعية»، وشرح لى أن العمل فى هذه المهنة يتطلب أن تتمتع بروح القيادة، وتكون لبقة وتفكر دائمًا خارج الصندوق لتتخطى المشكلات وتعالجها، وهو ما لمسه فىّ وفى طريقة تعاملى مع مشكلة طلاقى، ومن وقتها أصبحت رائدة اجتماعية.

وأكدت «أشجان»: لمّا اشتغلت رائدة، لقيت نفسى بنسى همّى لمّا بشوف مشاكل غيرى، حين أساعد الآخرين أشعر بالسعادة لأنى وجدت من يساعدنى ويخرجنى برّه دائرتى، وبقيت أقوم بالدور مع الناس اللى أعرفها أدلهم على الطريق، من لا تعرف أن لها حق فى المعاش أو الدعم من التضامن الاجتماعى أقول لها، والمريض أساعده يروح للأماكن التى تقدم له خدمة الكشف وكمان العلاج وأى مساعدات ثانية، كل هذا تعلمته من الدورات التدريبية اللى شاركت فيها كرائدة اجتماعية فى وزارة التضامن الاجتماعى.

جَوٌّ أُسَرى

وبعد ست سنوات من الطلاق، تزوجت حتى تعيش ابنتى فى جَوّ أسَرى، وفعلاً ربنا رزقنى بأخت لها، بعدها ربنا رزق زوجى بفرصة عمل فى الخارج مربحة جدًا، فطلب منّى أن أترك ابنتى لوالدها أو لأهلى لأن القانون لن يسمح بسفرها معنا، ونسافر بالصغرى، قلت له: مش معقول؛ لأنى تزوجت عشان أكوّن لها أسرة، مقدرش أوعدها وآخذ أختها وأسيبها.. قال: أنا مش هضيّع مستقبلى عشان أى حد.. ومشى وتركنى، وبقوا بدل الواحدة اثنين.

تتابع «أشجان»: أفخر بوصول ابنتى الكبرى إلى السنة النهائية بشعبة اللغة التركية بقسم اللغات الشرقية بآداب عين شمس، وبوصول الابنة الثانية للصف الأول الثانوى، أشارك فى ندوات التوعية حتى أعرف كيف أربّى ولادى صح وأكون صديقة لهما، وطبعًا لم أعرضهما للختان، ولا لأى ممارسة ضارة بصحتهما الجسدية أو النفسية.