الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الرواية التى جسَّدت قلب فلسطين..«أرواح كليمنجارو» رسالـــة للعالــم كلــه

عندما  كتب إبراهيم نصر الله الملهاة الفلسطينية وأخرجها  للنور فى ثمانية أجزاء يتوقع أن يكتب بعد عدة سنوات رواية أخرى لا تقل أهمية عنها؛ بل وصفها فى إحدى شهاداته عنها بأنها «الرواية التى طالما تمنيت أن أكتبها».



إنها رواية «أرواح كليمنجاور» التى وثق فيها نصر الله وجسَّد بها ملخص رؤية شعب مقهور تحت وطأة احتلال غاشم، إنها معايشة خاصة عاشها نصر الله مع مجموعة من الأطفال بينهم أطفال فلسطينون فقدوا أطرافهم فقرروا أن يصعدوا قمة جبل « كليمنجارو» ليقولوا للعالم كله إنهم لم ولن يستسلموا للقهر والعدوان وأنهم سيظلوا يقاومون حتى آخر نفس بداخلهم.

«أرواح كليمنجارو» تتناول قصة عدد من الأفراد لا يجمعهم سوى هدفهم الوحيد، تسلق قمة كليمنجارو، فى تحدٍّ واضح للمناخ والتضاريس، ليثبتوا أنهم قادرون،واستطاع نصر الله أن يصور تجربة شخصية له مع بعض الأطفال الفلسطينيين الذين  فقدوا سيقانهم جراء ممارسات الاحتلال الصهيونى، فاستطاعوا أن يصلوا إلى قمة الجبل وقد أثبتوا أنهم قادرون، حتى وإن فقدوا كل سيقانهم أن يصعدوا للقمة.

ويقول نصر الله إن فلسطين لم تفقد ساقيها، بل تقف على آلاف السيقان، ولهذا لم تزل قادرة بعد مئة عام على أن تواجه، رغم كل ما مر بها ويمر الآن، داخليًا وخارجيًا.

ويقول عن رواية كليمنجارو إنها حكاية من حكايات فلسطين الرائعة التى سعدت أن أكون داخلها وأنا أصعد الجبل مع هؤلاء الأطفال، ونصل إلى قمة كليمنجارو فى أصعب الظروف: ارتفاع 20 ألف قدم، ودرجة حرارة 15 تحت الصفر، وستة أيام صعودًا وثلاثة أيام هبوطًا.

 لو فعلها أطفال إسرائيليون لأنتجت أفلام كثيرة وفازت بعشرات الجوائز. لكن أفضل ما حصل أن الرواية كُتبت، ولعلها تُنتج فى الوقت التالى لحريّتنا.

ويستكمل شهادته عن روايته التى فازت بجائزة «كتارا» للرواية العربية لا أعرف إن كان من الممكن تلخيص تلك التجربة، بعد أن كتبتها فى رواية من 380 صفحة، لكن التجربة كانت مهمة لى إنسانيًا، ومهمة لكل من شارك فيها، وربما ساعدتنا الرواية جميعًا، الكاتب، وأبطاله، على إعادة الصعود الروحى مرة أخرى، ولكن من زاوية لم نكن ندركها تمامًا فى لحظات الخوف، والألم، والتحدى، والانتصار فى النهاية. ولكننى سعيد بالأثر العميق الذى تركته الرواية على القراء، بحيث وصل الأمر ببعضهم إلى الذهاب لصعود الجبل، بحثًا عن قمته الخاصة. كما جاء فى الرواية: «لكل إنسان قمة عليه أن يصعدها وإلا بقيَ فى القاع مهما صعد من قمم».

إن الرواية تتحدث عن لحظة التحدى المطلق لقدرة الجسد، واختبار الروح، وفيها ذلك الفائض الدلالى الذى يلمس قلب كل إنسان، أينما قرأها كما يقول عنها مؤلفها، فهى رواية تحاور ثقافات متعددة، وأعمالًا فنّية وأدبيّة بارزة، وتمتلك جرأة إعادة النظر فى هذه الأعمال، وتوسيعها.

وتعد من أهم التحديات الأدبية لأنها جسدت بسالة وشجاعة أطفال فلسطين والتى تكمن فى قلوب الأطفال الأبرياء، فهم الذين يشكلون أبطال هذه الرواية الذين هلك بعض أعضائهم، فخسر البعض يده والآخر رجله فى الاعتداءات الصهيونية الغاشمة فها هى قصة «يوسف» و«نورة» اللذين يصعدان جبل «كليمنجارو» فى تنزانيا بصحبة متطوعين ليثبتا للعالم قدرتهما على هزيمة المحتل القاتل بالإرادة والتصميم والرغبة فى الحياة.

وقد خلد نصر الله فى روايته روح المقاومة الفلسطينية والتى تبدأ مع أطفال هذا الشعب الأبى وتكبر معهم لتؤكد للعالم كله أنه شعب لا يُقهَر مهما طالت معاناته إلا أنه لا ينهزم وفى داخله مقاومة لا تعرف الانكسار او الخضوع والهزيمة.

وبدأ  نصر الله هذه الرواية بأن «فى كل إنسان قمة عليه أن يصعدها وإلا بقى فى القاع» وهى تعتبر فى الحقيقة من أروع الروايات من سلسلة الملهاة الفلسطينية لغة وأسلوبًا وإبداعًا وفنًا.

وتكمن قوة وتفرد هذه الرواية فى  الخليط الإنسانى لأبطالها الذين يأتون من ثلاث قارات بمعتقدات دينية متنوعة وأفكار متنوعة عن العالم.

إن رواية أرواح كليمنجارو هى رسالة خاصة جدا من شعب أنهك جسديا ولكن قلبه يمتلك مقاومة متجددة، أصبحت هى سلاحه الوحيد فى وجه عدو استباح أرضه لعقود كثيرة ولا يزال حتى الآن يتمركز بها إلا أنهم شعب لا يعرف معنى كلمة « استسلام».

لقد أبدع نصر الله فى كتابته فاستحق أن يحصد العديد من الجوائز من أهمها جائزة «كتارا» للرواية العربية، للمرة الثانية، 2020، عن رواية «دبابة تحت شجرة عيد الميلاد» الجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر) 2018 عن روايته «حرب الكلب الثانية».

جائزة (كتارا) للرواية العربية 2016، عن روايته «أرواح كليمنجارو»، جائزة القدس للثقافة والإبداع (تمنح للمرة الأولى) من لجنة القدس عاصمة دائمة للثقافة العربية فلسطين 2012م، جائزة سلطان العويس للشعر العربى 1997م. جائزة تيسير سبول للرواية 1994م.جائزة عرار للشعر 1991م. حصل على جائزة رابطة الكتاب الأردنيين ثلاث مرات (أفضل ديوان) عن ثلاث من مجموعاته الشعرية.