الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تلك قضية وهذا كفاح

«ينقذ فى سلاحف بحرية.. يقتل حيوانات بشرية.. تلك قضية وتلك قضية» بهذه الكلمات البديعة بدأ «مصطفى إبراهيم» قصيدته (تلك قضية)، فى إسقاط على التصريحات «الوقحة» التى يرددها وزير دفاع جيش الاحتلال الإسرائيلى. والذى دائمًا يصف الشهداء الفلسطينيين أصحاب الأرض بأنهم مجرد «حيوانات بشرية»، ولذلك يبرر قتلهم بشكل يومى بمذابح دموية بشعة، تؤكد بما لا يدع أى مجال للشك، أننا أمام أسوأ حكومة ونظام إرهابى فى التاريخ، ولا ندرى إلى متى سيقف العالم صامتًا أمام كل هذه الجرائم المستمرة على مدار أكثر من 70 عامًا.



حتى هذا الشعور بالتخاذل والصمت عبر عنه «مصطفى إبراهيم» فى نفس القصيدة قائلا: «بننادى على عالم مين.. علشان يستنكر ويدين.. دن كما شئت فأى إدانة.. لما يجرى جوا السلخانة.. مش هتخف بارود الدانة»، وهذه القصيدة قام «محمد محسن» بغناء بعض أبياتها وصاغ لها ألحانًا من صناعته وإبداعه، كما يفعل فى كل أغانيه التى يغنيها من كلمات رفيقه وصديقه «مصطفى إبراهيم».

هذا العمل الغنائى هو الأفضل من بين كل الأعمال الغنائية التى صدرت حديثًا بعد أحداث 7 أكتوبر، والفضل لذلك فى اشتباك العمل مع الأحداث الحالية، والابتعاد التام عن الشعارات، وعن تديين القضية وجعلها صراعا إسلاميا يهوديا كما فعل أغلب المغنين العرب الذين قرروا أن يصنعوا أغانى تضامنية مع الشعب الفلسطينى وحربه ضد المحتل فى قطاع غزة.

«محمد محسن» اختار أن يستبعد الجزء الخاص بتصريحات الوزير الإسرائيلى وكنت أتمنى أن يتم توثيق هذه «الحقارة» الإسرائيلية فى عمل غنائى، لأن السنوات تمر، والتصريحات تنسى، ولكن الفن وحده قادر على تخليد الأحداث وحفظها فى وجدان الجمهور عبر السنين، حتى يعلم الجمهور القادم مدى بشاعة هذا الكيان المحتل الذى يدعى دائما أنه يدافع عن حقوق الإنسان ويحمى الديمقراطيات وكل هذا كذب نراه بأعيننا يوميًا بمجازر وحشية فى قطاع غزة.

وإذا كانت كلمات «مصطفى إبراهيم» طازجة وتعالج بعض الوقائع التى تحدث فى حرب إسرائيل ضد غزة، فعلى النقيض تمامًا يمارس «محمد منير» عادته بإعادة تدوير الأغانى القديمة وتقديمها مرة أخرى، فاستمعنا إلى أغنية (يا فلسطينى) بتصوير سيئ، وتوزيع موسيقى أسوأ، وأداء صوتى لا يقل سوءًا عنهما للأسف الشديد.

أغنية (يا فلسطينى) صدرت قبل ذلك بصوت الفنان «مدحت صالح» فى فيلم (بركان الغضب) الصادر عام 2002، وهى أغنية كان من الممكن أن تكون معبرة عن الأحداث التى وقعت فى انتفاضة القدس عام 2000، حينما أمسك الشعب الفلسطينى بالحجارة فى مواجهة الدبابات والمدرعات الإسرائيلية، ولذلك كان جزءٌ من كلماتها يقول: «وأدى الشعب أن حب يرد بحجارة جندل تأمينك.. يا فلسطينى ينصر دينك»، ولكن ما يحدث الآن فى غزة لا يوجد به ردود بحجارة من الشعب، ولم تظهر فيديوهات تتماشى مع هذا المعنى، ولذلك نقول إن هذه الأغنية غير معبرة عن طبيعة الأحداث الحالية، وكانت فكرة إعادة تقديمها من جديد غير موفقة بالمرة، خاصة بعدما تم ربطها بأحد الأحزاب المصرية السياسية حاليًا ولا ندرى ما علاقة هذا بذاك!

فى النهاية، لا يزال الجانب الإنسانى الذى يوثق الأحداث غائبا عن أغانينا المتضامنة مع الشعب الفلسطينى فى حربه ضد العدوان الإسرائيلى، ولا تزال نبرة الشعارات والصراعات الدينية الأيديولوجية هى المسيطرة فى طريقة تعاملنا مع الأمر، ولا تزال قوتنا الناعمة لا تسعى لاستعطاف المجتمعات الغربية كمحاولة منا لتقليل الدعم الغربى للكيان المحتل عن طريق الفن، ولا ندرى ماذا سيحدث هذا الأمر؟ ومتى سيؤدى الغناء العربى دوره فى هذه القضية بالشكل الصحيح؟!>