الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

للمحكمة الجنائية الدولية حق ممارسة اختصاصها الجنائى هل تُحاكَم إســـــــــرائيل على جرائمها فى غزة؟

قدمت عدة منظمات وجمعيات حقوقية دعوات قضائية أمام محكمة الجنايات الدولية، للمطالبة بالنظر فى «الجرائم الإسرائيلية المرتكبة فى قطاع غزة». وجاءت آخر تلك الدعاوى من ثلاث منظمات حقوقية فلسطينية، رفعت شكوى أمام المحكمة الدولية للنظر فى «نية الإبادة الجماعية والتحريض على إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، ارتكبتها إسرائيل فى غزة.



وكانت الحكومة الفلسطينية قد طلبت من المحكمة الجنائية الدولية اعتقال المسئولين عن الجرائم فى القطاع، وقال رئيس الوزراء الفلسطينى محمد أشتية «ندعو المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار أمر باعتقال المجرمين المسئولين عن الجرائم التى تشهدها غزة».

واعتبر أشتية أن «نتنياهو يبرر القتل والمجازر والإبادة الجماعية فى غزة مستشهدًا بنصوص من التوراة».

ويأتى ذلك فى أعقاب خطوة مشابهة من ثلاث منظمات فلسطينية غير حكومية، وجهت رسالة إلى المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، للتنديد بـ«جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية» ارتكبها الجيش الإسرائيلى فى قطاع غزة.

وفى نفس السياق، تقدمت مجموعة من المحامين الأتراك بطلب رسمى إلى المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال عدد من كبار المسئولين الإسرائيليين بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وصرح به أحد الذين رفعوا الدعوى القضائية المحامى بوراك بيكير أوغلو: «لقد تقدمنا لتونا بدعوى إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد وزير الدفاع الإسرائيلى ومجلس الدفاع الإسرائيلى، ورئيس الأركان العامة، وقائد القوات الجوية، وقائد المنطقة الجنوبية، وطالبنا باستصدار مذكرة اعتقال بحقهم، وكذلك بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو».

وفى إسبانيا، طالبت وزيرة الحقوق الاجتماعية الإسبانية، ايونى بيلارا، من القائم بأعمال رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، بالتوقف عن شراء الأسلحة من إسرائيل كجزء من الرد على أفعالها العنيفة فى الإبادة الجماعية التى تمارسها ضد الفلسطينيين فى غزة.

وقالت بيلارا إن «هذه الأشياء الاقتصادية ملطخة بالدماء»، مشيرة إلى أنه فى عام 2023 الجارى وحده اشترت إسبانيا مواد عسكرية من إسرائيل مقابل 300 مليون يورو، إلى جانب 700 مليون أخرى، تعهدت بالحصول على أسلحة للسنوات المقبلة، حسبما قالت صحيفة لابانجورديا الإسبانية.

وأكدت بيلارا خلال خطابها فى المؤتمر السياسى للحزب، الذى ركز على استكمال استراتيجيتها السياسية الجديدة، حيث طالب سانشيز بأن يحذو حذو بوليفيا وتشيلى وكولومبيا، مضيفة «دعونا نتوقف عن شراء الأسلحة من إسرائيل مرة أخرى».

وأكدت أنه من الضرورى إخبار رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بأنه «قاتل ومجرم حرب»، وقالت أمام إخوانه المجتمعين فى سيركولو دى بيلاس: «إنها ليست حربًا، ولا هى دفاع مشروع، إنها إبادة جماعية، أيها الرفاق، إنها تطهير عرقى وما تفعله دولة إسرائيل هو إبادة شعب فلسطين».

ونشرت الوزيرة بيلارا بيانًا أكدت فيه أن حزب بوديموس يشعر «بالمعاناة الفظيعة التى يعيشها الشعب الفلسطينى منذ عقود»، ولذلك فإنهم يرفعون أصواتهم للتنديد بأن دولة إسرائيل تنفذ «التخطيط للإبادة الجماعية فى قطاع غزة»، وترك مئات الآلاف من الأشخاص دون ضوء وطعام وماء وتنفيذ تفجيرات على السكان المدنيين يشكل عقابًا جماعيًا، وينتهك القانون الدولى بشكل خطير ويمكن اعتباره جرائم حرب».

وكان المدعى العام للجنائية الدولية كريم خان، قد نشر فيديو على حساب المحكمة على منصة «إكس» من الجانب المصرى من معبر رفح الحدودى مع غزة، شدد فيه على ضرورة ضمان تمتع «الأشخاص الذين يعيشون فى خوف ورعب» بالحقوق المتساوية لجهة الحصول على الحماية بموجب القانون الدولي. وأكد أن مكتبه عازم على التأكد من الدفاع عن هذه الحقوق حيثما كان ذلك ممكنًا، وحيثما كانت لديه ولاية قضائية.

وتوجه خان إلى مصر بعد أن أعلن نيته محاولة الدخول إلى قطاع غزة للاطلاع على الأوضاع هناك، لكنه فى النهاية لم يسمح له بذلك. وقال المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان إن دول جنوب أفريقيا وبنغلاديش وبوليفيا وجزر القمر وجيبوتى، تقدمت بطلب مشترك للتحقيق فى الأوضاع الجارية فى الأراضى الفلسطينية.

المطلوب الجنائية الدولية

تجرى المحكمة الجنائية الدولية بالفعل تحقيقًا منذ يونيو 2014، بشأن الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية فى ما يتعلق بارتكاب جرائم حرب سواء من جانب إسرائيل أو المجموعات الفلسطينية المسلحة.

وقال مكتب المدعى العام للمحكمة إنه جمع حتى الآن «قدرًا كبيرًا من المعلومات والأدلة» بشأن جرائم فى الأراضى الفلسطينية، وجرائم ارتكبها فلسطينيون أيضًا.

كما طالبت المنظمات الفلسطينية الثلاث وهى مؤسسة الحق ومركز الميزان والمركز الفلسطينى لحقوق الإنسان، بإصدار مذكرات توقيف فى حق «المسئولين عن هذه الجرائم» ومن بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، والرئيس إسحق هرتسوغ.

وقال المدير العام لمؤسسة الحق، شعوان جبارين إن خطوة المنظمات الثلاث عبارة عن «عملية تزويد بالمعلومات لأن هناك تحقيقًا جاريًا بالفعل من جانب المحكمة الجنائية الدولية».

وأوضح جبارين أن التحقيق يشمل ما حدث قبل السابع من أكتوبر وما بعده على الأراضى الفلسطينية»، وتابع: «ننتظر إصدار مذكرات توقيف وسنواصل فى هذا الاتجاه».

وأشار إلى أن الخطوة الأخيرة تتعلق باتهامات لإسرائيل «بنية الإبادة الجماعية والتحريض على إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب».

ولفت فى ذلك إلى تصريحات مسئولين إسرائيليين، وأبرزها تصريح وزير الدفاع الإسرائيلى عن الفلسطينيين بأنهم «حيوانات بشرية»، وإعلانه عزم بلاده قطع المياه والكهرباء والغذاء والوقود عن قطاع غزة.

وكان خان قد صرح الشهر الماضى بأن تفويض مكتبه بالتحقيق يشمل هجوم حماس على إسرائيل فى السابع من أكتوبر وأى جرائم ارتكبت فى إطار الرد الإسرائيلى بما فى ذلك قصف قطاع غزة.

من جانبه قال المحامى رئيس مؤسسة «JUSTICIA» الحقوقية، العميد فى الجامعة الدولية للأعمال فى ستراسبورغ، بول مرقص، إن المحكمة الجنائية الدولية تأسست للتحقيق بشأن الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم موضع الاهتمام الدولى، مثل جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

وأضاف فى تصريحات صحفية أن المحكمة تختص «بمحاكمة ومقاضاة الأفراد وليس الجماعات أو الدول كما أنه لا يمكن للأفراد التمتع بالحصانة أمامها».

وضع إسرائيل

إسرائيل ليست عضوًا فى المحكمة الجنائية الدولية، ولا تعترف بسلطتها، وأكدت فى أوقات سابقة أنها لن تتعاون معها وأن المحكمة ليس لديها أى سلطات داخل أراضيها.

وأعلن مكتب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية فى مارس 2021، أنه سيبدأ بمباشرة تحقيق بخصوص الحالة فى الأراضى الفلسطينية، ويغطى التحقيق الجرائم التى تدخل فى اختصاص المحكمة والتى يُدَّعى بارتكابها منذ 13 يونيو 2014، والتاريخ المشار إليه فى إحالة الحالة إلى المكتب.

بعد جمع الأدلة بنزاهة وموضوعية من قبل المدعى العام وإبلاغ الدول الأطراف أو المنظمات الحكومية، تصدر القرارات الأولية التى تقضى بأمر القبض على المتهم أو أمر بحضوره. وتعتمد المحكمة الجنائية الدولية على تعاونها مع الدول للقضاء على المشتبه بهم لأنها لا تمتلك شرطة خاصة.

وحول موقف إسرائيل، فإنها غير منضمة للمحكمة بخلاف فلسطين، وهذا ما يصعّب الأمور فى ما يخص إحالات للمحاكمة أو إصدار مذكرات اعتقال حيث لن تكون ملزمة لها.

وطالما أكدت إسرائيل عدم التعاون مع الجنائية الدولية فى مثل هذه التحقيقات، وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، خلال قرار المحكمة البدء فى التحقيقات فى مارس 2021، بأنه «مشين»، وأكد «سأحارب هذا القرار فى كل مكان».

من جانبه قال محللون إن عدم انضمام إسرائيل للجنائية الدولية «لا قيمة له لأنها قوة قائمة بالاحتلال، والمحكمة لها سلطة على الأراضى الفلسطينية إذا تم ارتكاب الجريمة فى الأراضى المحتلة منذ عام 1967»، والأراضى الفلسطينية مدرجة ضمن أعضاء المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2015.

أدلة دامغة

وحققت منظمة العفو الدولية فى خمس هجمات إسرائيلية على قطاع غزة، وقعت فى الفترة من 7 إلى 12 أكتوبر. ونظرًا لأن السلطات الإسرائيلية رفضت أو توانت عن الرد على طلبات منظمة العفو الدولية لدخول غزة ما بين عامى 2012 و2022، فقد تعاقدت المنظمة مع باحث ميدانى من غزة زار مواقع الهجمات وجمع الشهادات والأدلة الأخرى.

وأجرى باحثو منظمة العفو الدولية مقابلات عبر الهاتف مع 17 ناجيًا وشهود عيان آخرين، فضلًا عن ستة من أقارب الضحايا، بشأن الحالات الخمس الواردة فى هذا التقرير. وحلّل مختبر أدلة الأزمات التابع للمنظمة صور الأقمار الصناعية، وتحقّق من الصور ومقاطع الفيديو لمواقع الهجمات.

ووجدت منظمة العفو الدولية أن القوات الإسرائيلية نفذت هجمات انتهكت القانون الدولى الإنسانى، بما فى ذلك عن طريق التقاعس عن توخى الاحتياطات الممكنة لدرء الخطر عن المدنيين، أو عن طريق شن هجمات عشوائية لا تميز بين المدنيين والأهداف العسكرية، أو القيام بهجمات ربما كانت موجهة مباشرة ضد أعيان مدنية.

وبموجب القانون الدولى الإنسانى، يجب على جميع أطراف النزاع، فى جميع الأوقات، التمييز بين المدنيين والأعيان المدنية، والمقاتلين والأهداف العسكرية، وتوجيه هجماتهم فقط على المقاتلين والأهداف العسكرية؛ فالهجمات المباشرة على المدنيين أو الأعيان المدنية محظورة، وتُعتبر جرائم حرب. كما تُحظر أيضًا الهجمات العشوائية – تلك التى لا يمكن أن تميّز بين ما هو مدنى وما هو عسكرى على النحو المطلوب. وعندما يؤدى هجوم عشوائى إلى مقتل أو إصابة مدنيين، فإنه يرقى إلى جريمة حرب. كما يُحظر أى هجوم غير متناسب – وهو الهجوم الذى يكون فيه الضرر المتوقع للمدنيين والأعيان المدنية مفرطًا «فى تجاوز ما يُنتظر أن يسفر عنه من ميزة عسكرية ومباشرة». إن شن هجوم غير متناسب عن علم هو جريمة حرب.

قوانين جرائم الحرب

يندرج الصراع الدائر بين حركة حماس وإسرائيل تحت نظام عدالة دولى معقد نشأ منذ الحرب العالمية الثانية. وقد انبثقت قواعد الصراع المسلح المتفق عليها دوليًا من اتفاقيات جنيف لعام 1949، والتى صادقت عليها جميع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة وتم استكمالها بأحكام أصدرتها محاكم دولية معنية بجرائم الحرب.

وتنظم سلسلة من المعاهدات معاملة المدنيين والجنود وأسرى الحرب فى نظام يعرف إجمالًا باسم «قانون النزاعات المسلحة» أو «القانون الإنسانى الدولي». وينطبق هذا القانون على القوات الحكومية والجماعات المسلحة المنظمة، ومن بينهم مقاتلو حماس.

وإذا لم يتم تقديم الأشخاص الذين يقال إنهم ارتكبوا فظائع فى هذه الحرب إلى العدالة فى الداخل، فإن المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى هى الهيئة القانونية الدولية الوحيدة المخولة بتوجيه التهم.

كما يمكن للمحاكم المحلية تطبيق ما يسمى بالولاية القضائية العالمية فى قضايا جرائم الحرب، لكن هذا سيكون محدود النطاق. ويمنح نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية سلطة قانونية للمحكمة للتحقيق فى الجرائم التى يزعم أنها ارتكبت على أراضى الدول الأعضاء أو التى يرتكبها مواطنو هذه الدول، عندما تكون السلطات المحلية «غير راغبة أو غير قادرة» على القيام بذلك.

وأكد مكتب المدعى العام للمحكمة أن تفويضه ينطبق على الجرائم التى يحتمل أن تكون قد ارتكبت فى الصراع الحالى، وقال إنه يواصل جمع المعلومات.

دور الجنائية الدولية

تأسست المحكمة الجنائية الدولية، وهى محاكم دائمة مختصة بالنظر فى جرائم الحرب فى العالم، فى لاهاى عام 2002. وتشمل ولايتها القضائية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية فى الدول الأعضاء بها وعددهم 123 دولة أو التى يرتكبها مواطنو هذه الدول.

الكثير من القوى الكبرى فى العالم ليسوا أعضاء فى المحكمة، بما فى ذلك الصين والولايات المتحدة وروسيا والهند ومصر. تعترف المحكمة الجنائية الدولية بفلسطين كدولة عضو، فى حين ترفض إسرائيل الولاية القضائية للمحكمة ولا تتعامل معها رسميًا.

ورغم محدودية الميزانية والموظفين، يحقق الادعاء العام فى المحكمة بالفعل فى 17 قضية مختلفة بداية من أوكرانيا وأفغانستان إلى السودان وميانمار. وخصصت ميزانية المحكمة ما يقل قليلًا عن مليون يورو (1.06 مليون دولار) للتحقيقات فى الأراضى الفلسطينية فى 2023 وتسعى للحصول على موارد إضافية.

وتواصل المحكمة الجنائية الدولية التحقيق فى اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام 2021. ولم تصدر أى أوامر اعتقال تتعلق بهذا التحقيق.

وقال ممثلو الادعاء فى عام 2021 إن هناك أساسًا معقولًا للاعتقاد بأن جميع الأطراف ارتكبت انتهاكات، بما فى ذلك القوات الإسرائيلية ومقاتلو حماس والجماعات الفلسطينية المسلحة الأخرى.

أفعال تنتهك قانون جرائم الحرب

أشارت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان وتتخذ من نيويورك مقرًا لها، إلى جرائم حرب محتملة تتمثل فى استهداف الجماعات المسلحة الفلسطينية المتعمد على ما يبدو للمدنيين والهجمات والعشوائية واتخاذ المدنيين رهائن، وكذلك الضربات الإسرائيلية فى غزة، والتى أدت إلى مقتل مئات الفلسطينيين.

وقال عمر شاكر، المدير المسئول عن إسرائيل والأراضى الفلسطينية فى المنظمة: «القتل المتعمد للمدنيين واحتجاز الرهائن والعقاب الجماعى هى جرائم شنيعة لا مبرر لها».

واحتجاز الرهائن والقتل والتعذيب محظورة صراحة بموجب اتفاقيات جنيف، كما أن الرد الإسرائيلى قد يكون موضع تحقيق فى ارتكاب جرائم الحرب.

كما انتقد مسئولون فى الأمم المتحدة وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وزير الدفاع الإسرائيلى بعد إعلانه تشديد الحصار لمنع وصول الغذاء والوقود إلى قطاع غزة، الذى يقطنه 2.3 مليون نسمة.

اتفاقيات جنيف

قال الرئيس الأمريكى جو بايدن إن من حق وواجب إسرائيل الرد على ما حدث، مضيفًا أنه بحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو «كيف تكون الدول الديمقراطية مثل إسرائيل والولايات المتحدة أقوى وأكثر أمنًا عندما تتصرف بموجب القانون».

ويمكن اعتبار الحصار جريمة حرب إذا كان يستهدف المدنيين، وليس وسيلة مشروعة لتقويض قدرات حماس العسكرية، أو إذا تبين أنه غير متناسب.

كما يتعين أن تكون الهجمات على الأهداف العسكرية متناسبة بموجب القانون الدولى، مما يعنى أنها يجب ألا تؤدى إلى خسائر فادحة فى أرواح المدنيين أو إلحاق أضرار بالممتلكات المدنية مقارنة بالمكاسب العسكرية المباشرة المتوقعة.

وقال إيمانويل داود، المحامى المكلف من قبل المنظمات الثلاث بتوجيه الرسالة للهيئة الدولية، إن المنظمات المعنية ترغب فى أن «يفهم المسئولون الإسرائيليون الذين يشنون حربًا مع إفلات تام من العقاب، حيث ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية كل يوم، أن عليهم أن يتحملوا شخصيًا مسئولية أفعالهم أمام القضاء الدولي».

وأضاف «بما أن المجتمع الدولى غير قادر على فرض وقف لإطلاق النار على إسرائيل (...)، فيجب على العدالة الجنائية الدولية أن تتحمل مسئولياتها، فهى تمتلك الوسائل اللازمة للقيام بذلك».

وجاء فى الرسالة التى وجهت إلى المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، أن الوقائع التى عرضتها كل من مؤسسة الحق ومركز الميزان والمركز الفلسطينى لحقوق الإنسان، هى «نية الإبادة الجماعية والتحريض على إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب».

وفى بيان لها، شددت المنظمات الحقوقية على أن «العمليات التى نفذتها القوات المسلحة الإسرائيلية كانت مدمرة جدًا وقاتلة للسكان المدنيين الفلسطينيين فى غزة، الذين اضطروا إلى النزوح وتم تجويعهم عمدًا».

كما ندد البيان باستخدام «غازات سامة» وتدمير «الكثير من المنازل» والمبانى غير العسكرية.

ووفقًا لمختصين بالقانون الدولى، فإن ما يحدث فى غزة «ليس مجرد انتهاكات عادية للقانون الدولى الإنسانى وحقوق الإنسان، بل جرائم حرب ترتكب فى الأراضى الفلسطينية وضد الإنسانية وفق المادة الثامنة من ميثاق روما».

مجيد بودن، رئيس جمعية محامى القانون الدولى فى باريس، أشار إلى أن القانون الدولى الإنسانى «يضع قوانين الحرب على شقين: إدارة العمليات العسكرية وحماية المدنيين. فى الشق الثانى، يجب على الأطراف المتنازعة ضمان أمن وسلامة المدنيين».

وأشار بودن إلى أن ما يجرى فى قطاع غزة «خرق للقانون الدولى، وإسرائيل ارتكبت جرائم حرب. هناك أعداد كبيرة من القتلى وهناك استهداف متعمد لمنشآت القطاع وبناه التحتية. حجم الدمار الهائل والمهول والحصار الذى تفرضه إسرائيل على سكان غزة، والذى يشمل منعهم من الوصول للمساعدات الإنسانية (الدواء والماء والطعام) والتنقل... كلها خروقات للقانون الإنسانى الدولى وكلها جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي».