الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هجوم جيش الاحتلال على غزة يؤكد انعزال الفنان العربى عن واقعه!

يبدو أن هناك توجها عاما راسخا وثابتا ولن يتغير لدى صناع الأغنية العربية، على أن تكون المواضيع المطروحة فى أغانينا قاصرة على العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة!



أنا هنا أتحدث عن التوجه العام، والسائد، ربما يكون هناك بعض المحاولات القليلة للغاية، ولكنها تظل محاولات فردية.

فهل يعقل على مدار هذه الأيام، وبعد الأحداث الوحشية التى قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلى، على أراضى فلسطين منذ السابع من أكتوبر، وحتى الآن لم نر أى أغنية رسمية توثق، أو تشجب، أو تدين، أو حتى ترفض ما حدث؟ هل هذا معقول؟

ربما يكون صناعة أغنية سياسية، أو وطنية، صعبا على فئة مغنيي الـ«بوب ميوزك»، ولكن ما حجة الفن المستقل؟ أين مغنيو الراب؟ أين مغنيو الفرق الموسيقية المتخصصة فى الـ«جاز»، والـ«روك»؟

مجرد المشاركة الفنية التضامنية لم تعد موجودة، وكأن ما يحدث على الأراضى الفلسطينية ليس له قيمة؟! هل هذا معقول؟!

فى الماضى، وبالتحديد بعد قيام ثورة 23 يوليو فى مصر، كان لدينا العديد من الأغانى التى توثق الأحداث، سواء فى القرارات السياسية، أو حتى توثيق بطولات المصريين فى بناء المشاريع الكبرى، «السد العالى»، على سبيل المثال، وحتى لحظات الهزيمة والانكسار، كان يتم التعبير عنها فى أغان، وعندما انتصرنا على المحتل الإسرائيلى كان لدينا أغنيات تتغنى ببطولة جنودنا وقياداتنا وشعبنا، ولم تمر علينا لحظات صمت مريبة مثلما يحدث حالياً، فما السر؟!

أتذكر جيدا ما حدث وقت الانتفاضة الفلسطينية التى حدثت مع بداية الألفية، وقت استشهاد الطفل «محمد الدرة»، وإصدار الأغانى التى لا تناقش جذور القضية بتعمق، وتكتفى فقط بالعناوين الكبيرة، وبالكلمات العامة، وترديد الشعارات، مثل (الحلم العربي)، والتجمع الكبير لكل الكوكبة الغنائية المشاركة فى صناعته من مختلف بلدان الوطن العربى، حتى هذا الغناء الدعائى التجارى، لم يعد موجوداً!

وأكبر دليل على دعائية هذا العمل، إننا لم نعد نستدعيه حالياً لأنه لا يعبر عن شعورنا، فتأثيره كان مثل تأثير «الفيشار» الذى نصطحبه معناً فى السينمات، فبمجرد الانتهاء من تناوله، لا نعد نشتاق إليه، ولا نتذكره، وهذا ليس رأيى الشخصى، فالفنان «محمد منير «كان له نفس الرأى فى هذا العمل، وذكره مع الفنانة «صفاء أبو السعود» فى برنامجها منذ سنوات عديدة عندما كانت مستضيفة الفنان «حلمى بكر» ملحن العمل!

ربما تكون الحقيقة مؤلمة، ولكن أغلب الفنانين أصبحوا غير مؤمنين بمهمتهم ومهنتهم، أصبحنا نرى منشورات تفاعلية على وسائل التواصل الاجتماعى للفنانين، ليتساوى الفنان مع الجمهور العادى فى نفس طريقة التعبير! فإذا كان الفنان سيكتب «بوستات» على فيسبوك ليشجب ويدين، فمن سيغنى إذن؟ الجمهور؟!

حتى إذا كان لدى بعض الفنانين وجهة نظر مختلفة فيما حدث من المقاومة الفلسطينية، فهذا الأمر لم يتم التعبير عنه أيضا فى أغانٍ، مثلما فعل الفريق الأيرلندى «ذى كرانبيريز» فى أغنية (زومبي)، ورفضه لما فعله أهل بلده من تفجيرات فى لندن كان الغرض منها رفض الهيمنة البريطانية على إيرلندا بغرض الاستقلال، ورغم نبل المقصد ولكن الضحايا كان من بينهم أطفال، فاعترض أصحاب القضية على طريقة التعامل مع القضية.

حتى هذا الرفض لم يحدث، فنحن لم نعلم أساسا موقف الفنانين من الأوضاع، سواء بالرفض أو بالقبول!

وكأن الفنانين يريدون التأكيد على أنهم أصبحوا منعزلين عن واقعهم بشكل أساسى، لا نرى منهم أى مشاركة سياسية، أو وطنية، أو تضامنية، أو إنسانية، مع أى حدث «شائك»، ولا نراهم فى أى أعمال بعيداً عن مشاعر «الهجر، الفراق، الهيام، الغرام»، فهل اختار الفنان بإرادته الحرة أن يكون بلا رأى، وبلا موقف، وبلا رؤية؟!