الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

سلاما على «فيصل» و«زايد» وعلى دم كل عربى من المحيط إلى الخليج يد «العرب» مع مصر

«إلى بطل الحرب والسلام الرئيس أنور السادات:



اليوم نحن الأحفاد فى كل شبر عربى، نتحاكى بتحقيق الجيش المصرى المستحيل، رافعين رؤسنا مهللين عاش العرب، نعم فقد كانوا على الموعد، لم يخذلوا مصر الحصن، من المحيط إلى الخليج العربى، من مراكش إلى البحرين، كانت المساندة والدعم بالروح والرجال والمال والنفط الذى لم يكن أبدا أغلى من الدم العربى، فالكل كان يدرك جيدا، حكاما وشعوبًا كانوا على الموعد، فهناك من أرسل رجاله الجنود بعتادهم،  وأيضا هناك من استدان باسم بلاده محاولا تحقيق جزء بسيط لدعم مصر فى معركة بقاء العرب التى تحارب بالنيابة أمام إسرائيل هذا العدو المتغطرس الذى يقف وراءه من يرغبون فى محو العرب لنهب ثرواتهم».

الدعم العربى لمصر، تمثل فى كل الأوجه، فكان دخول سوريا فى المواجهة أمام إسرائيل بهدف تحرير الأراضى السورية التى خسرتها فى حرب 1967، عاملا قويا فى تخفيف الضغط على القوات المصرية التى تحقق انتصارات مذهلة على خط المواجهة فى قناة السويس والمناطق التى دارت فيها المعارك فى سيناء، الأمر الذى كان بمثابة التشتيت للعدو الإسرائيلى فى وقت كان يكتب فيه الجيش المصرى أعظم أيام التاريخ بعرق ودماء «الآباء» من قادة وضباط وجنود.

جيلنا العربى لا يريد أن يتوقف عن سماع أمجاد هذه الأيام، لا نتوقف عن تعدد مناسباته، فى ذكرى العاشر من رمضان، فى 25 أبريل من كل عام، فى يوم الشهيد، فى ذكرى إغراق «إيلات»، نعم نتحاكى ونتفاخر لأن هذا النصر جعل كل عربى يرفع رأسه، فعندما أقف سعيدا بهذا اليوم لا نذكر الرئيس «السادات» فقط وأبطالنا من القوات المسلحة، فإن كل الشرفاء العرب حاضرون، البطل الملك فيصل بن عبدالعزيز، العاهل السعودى هو ورئيس دولة الإمارات، الشيخ زايد العزيز الذى لم يدير فقط مع الملك فيصل أحداث «صفعة» النفط التى غيرت أشياء كثيرة فى الاقتصاد والسياسة العالمية بجانب نصر أكتوبر، الشيخ زايد أيضا دفع بنجله الشيخ «خليفة» إلى خط المواجهة بجوار أشقائه من الجنود المصريين كتفا بكتف فى أرض المعركة.

كل العرب هبوا لمساندة مصر فى أعظم معارك رجالنا، لدرجة أن صاحب القرار الرئيس «السادات» وسط قيامه بمهامه العظيمة هو ورجاله من القادة فى «غرفة العمليات» فى هذا التوقيت الصعب، كان سعيدا متجاوبا مع مناشدات العرب من كل مكان للمشاركة وأن يكون لهم نصيب مع مصر فى هذه الأيام الخالدة، الرئيس الجزائرى هوارى بومدين، الرئيس التونسى الحبيب بورقيبة، أشقاؤنا من المغرب، ليبيا، السودان، البحرين، الصومال، الأردن، فلسطين، لبنان، العراق، الكويت، اليمن، سلطنة عمان، الكل كل العرب، كانوا على الموعد.

الملك فيصل، أبن المملكة العربية السعودية، له مكانة فى قلوب المصريين، ليس من عاصره فقط لأن دوره وتضحيته تتوارث ونتباهى بها جميعا، قائلا ومنفذا فى دعم مصر القوى فى هذه الحرب «عشنا وعاش أجدادنا على التمر واللبن وسنعود لهما»، هذه المقولة لنصرة الجيش المصرى ونفذت بالفعل وجاء بما هو أكثر من ذلك، الرجل الذى وضع أذنه وقلبه أمام الرئيس السادات، فنفذ بدمائه، بعد التنسيق فى لقاء جمع الملك فيصل بالرئيس السادات قبل الحرب بأسابيع قليلة، ألمح الأخير إلى نيته لدخول الحرب، محاولا استكشاف ماذا سيفعل شقيقه السعودى بسلاح النفط المهم، فكان «الوعد» من «فيصل» الرجل، لتكون المساندة الحقيقة التى أربكت إسرائيل ومن وراءها فى الغرب جاءت «الصفعة» عندما استجاب الملك فيصل للرئيس السادات، وقام مع بداية الحرب بدعوة وزراء البترول العرب إلى اجتماع فى الكويت، وتم اتخاذ قرار بتخفيض إنتاج النفط العربى بنسبة 5 %، وتخفيضه بنسبة 5 % أخرى كل شهر، كما تم الإقرار بحظر تصديره إلى الدول الداعمة لإسرائيل، ورفع أسعار البترول بنسبة 70 % وفرض عقوبات اقتصادية على الدول المعادية، حيث استدعى السفير الأمريكى فى السعودية وأبلغ أنه إذا استمرت الولايات المتحدة فى دعم إسرائيل، فسوف يتعرض مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية لإعادة النظر، كما ألمح الملك فيصل إلى إمكانية وقف شحن البترول السعودى إلى الولايات المتحدة إذا لم يحدث تقدم سريع فى إنهاء الحرب، وفى 20 أكتوبر 1973، لم تستجب الولايات المتحدة لهذا الحظر النفطى، حيث قدمت دعما لإسرائيل بمبالغ مالية وشحنات أسلحة، لذا فعلت الدول العربية المصدرة للنفط تحذيراتها واستمرت فى تنفيذ الحظر النفطى، فكانت المساندة الفاعلة ذات مفعول السحر لدعم مصر وجيشها وأبنائها ممن سالت دماؤهم فى هذه الأيام المجيدة، مزينة بعبارات من الملك فيصل وقتئذ: «ما نقدمه هو أقل القليل مما تقدمه مصر وسوريا من أرواح جنودها فى معارك الأمة المصيرية، وتعودنا على عيش الخيام ونحن على استعداد الرجوع إليها مرة أخرى وحرق آبار البترول بأيدينا وألا تصل إلى أيدى أعدائنا».

الشيخ «زايد» كان الشريك المهم والمساهم بالتدبير لصفعة «النفط» فى حرب أكتوبر، لإسرائيل ومن وراءها من الغرب، فكان مهندسا منفذا للحظر النفطى، وإيقاظ العالم لقضية العرب أمام عدو تنحاز له دوائر صنع القرار الغربى لتنفيذ استعمار من نوع جديد، فكانت خطواته وجولاته بين الاشقاء فى الخليج العربى لتدبير قرار حظر النفط على الدول الداعمة لإسرائيل فى الحرب، والإعلان عن أن دولة الإمارات قررت قطع إمدادات النفط بالكامل عن أمريكا، وجميع الدول الداعمة لإسرائيل سواء سياسيا أو عسكريا، قائلا: «المعركة هى معركة الوجود العربى كله ومعركة أجيال كثيرة قادمة علينا أن نورثها العزة والكرامة».

دور سياسى ودعائى قام به الشيخ زايد أيضا، فتحرك من بقعة إلى أخرى فى العالم وقت الحرب لمساندة مصر وحشد تأييد رأى عام دولى من خلال مؤتمر عقده فى العاصمة البريطانية لندن وهو ما كان له صدى دولى انعكس من خلال مطالبة شعوب العالم بإنهاء الاحتلال الإسرائيلى لسيناء والأراضى العربية المحتلة، لترنو كلماته على مسامع العالم: «ما تقوم به الإمارات نحو مصر هو نقطة ماء فى بحر مما قامت به مصر نحو العرب، ونهضة مصر نهضة للعرب كلهم»، وفى نفس الوقت، خاض الشيخ «زايد» معركة إعلامية ضخمة، عندما لاحظ انحياز وسائل الإعلام الأجنبية لإسرائيل، إذ قرر الإسهام فى دعم المعركة إعلاميا، حيث أمر على الفور بسفر 40 صحفيا ممثلين لأكبر الدور الصحفية فى بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، وإسبانيا لتغطية المعارك على نفقته الشخصية ليساهموا فى نقل الصورة الصحيحة إلى الرأى العام العالمى، وطوال أيام الحرب، كان الشيخ زايد يتابع التطورات أولا بأول.

ولم يتوقف الشيخ «زايد»، فقد استدان باسم بلاده باقتراض مليار دولار، تحت حساب الأسلحة التى تحتاجها مصر وسوريا للحرب الدائرة فى سيناء والجبهات العربية، وداخليا، قام بتفعيل صندوق للموظفين فى الإمارات، للمساهمة براتب شهر كامل لصالح دعم مصر وجيشها.

دولة «الكويت» كانت شريكا فى صفعة «النفط» مع دول الخليج، حيث احتضنت اجتماع وزراء البترول العرب على أراضيها، ودعمت فعليا قرار تخفيض إنتاج النفط العربى وحظر تصديره إلى الدول الداعمة لإسرائيل، وكان لها دور مؤثر من خلال مساهمتها فى تواجد قبل اندلاع الحرب كتيبة مشاة، وبعد اندلاع الحرب أرسلت 5 طائرات هوكر هنتر إلى مصر.

أخى فى الجزائر، وجه أذانه إلى موجات «صوت العرب»، فى الشوارع من العاصمة إلى الجبال وصولا إلى الساحل، لا صوت يعلو فوق صوت دعم مصر فى معركتها، فشاركت بالفوج الثامن للمشاة الميكانيكية، وكانت الوحدات المشاركة، 3 فيالق دبابات فيلق مشاة ميكانيكية فوج مدفعية ميدان فوج مدفعية مضادة للطيران7، وكتائب لإسناد التعداد البشرى بحوالى 2115 جنديًا 812 ضابط صف 192 ضابطا، أما العتاد البرى كان 96 دبابة 32 آلية مجنزرة 12 مدفع ميدان 16 مدفعًا مضادًا للطيران، وسرب من طائرات ميج 21، سربان من طائرات «ميج17»، سرب من طائرات «سوخوي7»، أى بحوالى 50 طائرة.

وشارك اللواء المدرع فى أعمال اشتباكات مدفعية فقط ودخل ضمن تخطيط القضاء على ثغرة الدفرسوار، علاوة على ذلك قام الرئيس الجزائرى آنذاك «الهوارى بومدين» بزيارة موسكو فى نوفمبر 1973 ودفع 200 مليون دولار إلى الاتحاد السوفييتى ثمنا لأية أسلحة أو ذخائر قد تحتاج لها مصر أو سوريا بنسبة 100 مليون دولار لكل دولة.

الشقيق التونسى كان «كتف فى كتف» مع الأبطال فى هذا النصر المجيد، عقب اندلاع الحرب مباشرة، جاءت إلى مصر كتيبة تتألف من 1200 جندى تواجدوا فى إحدى بقاع منطقة الدلتا لحماية ظهر القوات المصرية المتقدمة فى عمق سيناء، وبحسب إعلاميين تونسيين، تحركت قوات تونسية إلى الدفرسوار بعد حدوث ثغرة للمشاركة فى محاصرة قوات العدو، وأظهر الجنود التونسيون بشهادة الضباط المصريين شراسة استثنائية فى القتال، حيث تمكنوا أكثر من مرة من صد توغلات للعدو الإسرائيلى، إضافة إلى نسف عدد من المدرعات.

ومع اندلاع الحرب شهدت شوارع البحرين اجتماعات ولقاءات شعبية للتبرع بالأموال والأشياء العينية والتبرع بالدم لمساندة الجيش المصرى كما أعلنت حكومة البحرين، قائلة: «تعلن حكومة دولة البحرين أنها بالنظر للموقف الذى تقفه الولايات المتحدة الأمريكية من الأمة العربية، وهى فى غمرة نضالها العادل والمشروع ضد العدو الصهيونى انسجاما مع كل ما يتطلبه الواجب القومى حيال الأمة، فقد قررنا وقف تصدير البترول للولايات المتحدة الأمريكية»، ثم لحقته بقرار ثانً بإنهاء جميع الاتفاقيات الموقعة بينها وبين أمريكا الخاصة بمنح تسهيلات للبواخر الأمريكية فى ميناء البحرين.

اليمن كان حاضرا بقوة، ففى الوقت الذى كان يصطف شبابه أملا فى الذهاب إلى الجبهة المصرية مناضلين مع اشقائهم أملين فى أن يكونوا مساهمين فى هذا النصر المصرى الذى سيكتب على جبين كل عربى، كان الدور الذى أربك العالم أجمع ليس فقط تجاريا واقتصاديا فى ظل القرار بإغلاق مضيق باب المندب أحد أهم الممرات فى العالم، وذلك لعدة أهداف منها إيقاظ العالم تجاه الانحياز الأعمى لبعض دول الغرب إلى إسرائيل والتأكيـد علـى أن هنـاك حقوقًا عربية أخذت غصبا يجب استردادها وعلى العالم الحر المساندة فى ذلك الأمر، ولكن الأهم من هذه الرسائل أن هذا الإغلاق كان يهدف إلى تعطيل عمل ميناء إيلات الإسرائيلى على البحر الأحمر، مما جاء بإغلاق ممر النفط إلى إيلات، فكان من الضرورى أن تعتمد إسرائيل على مخزونها من احتياطى الطوارئ.

لم يقل مشاعر أهل العراق عن اللهيب فى نفوس كل عربى وقت حرب أكتوبر لنصرة مصر، وما أن اتخذ العراق قراره بالمشاركة فى الحرب، حتى اتصل الرئيس أحمد حسن البكر، بالرئيسين المصرى والسورى أنور السادات وحافظ الأسد هاتفيا وإعلامهما بأن القوات الجوية العراقية مستعدة لخوض الحرب، وذلك مع وجود طائرات عراقية من طراز «هوكو هنتر» فى مصر منذ السادس من أبريل 1973، وبلغت القوات البرية والجوية العراقية التى تم حشدها، فيلق مدرع، فرقة مشاة آلية، لواء قوات خاصة، خمسة أسراب جوية مقاتلة وقاصفة، وأسراب من طائرات النقل الجوى وطائرات الهليكوبتر، وكانت إحدى مميزات وجود الطائرات العراقية فى مصر، أنها شاركت فى العبور، إذ حلقت 24 طائرة بجانب 200 طائرة مصرية فى الساعة الثانية من ظهر السادس من أكتوبر إلى مواقع العدو فى شرق قناة السويس.

بينما قدمت ليبيا مليار دولار مساعدات لشراء أسلحة خلال الحرب، وتبرعت ليبيا بمبلغ 40 مليون دولار و4 ملايين طن من البترول، وأرسلت إلى الجبهة المصرية سرب ميراج 5 ليبى تمركز فى جناكليس منذ منتصف الحرب، بالإضافة إلى السرب 69 ميراج - 5، والذى قاده طيارون مصريون، وكان قد تم تمويله بأموال ليبية.

وشاركت الأردن فى خداع المخابرات الإسرائيلية، حيث تم رفع استعداد القوات الأردنية إلى الحالة القصوى يوم 6 أكتوبر 1973 مما أثار قلق إسرائيل ودفعها إلى إبقاء جزء من جيشها فى إسرائيل للتصدى لأى هجوم محتمل على تل أبيب، أما المغرب فشارك على الجبهة المصرية بقوة عسكرية إلى جانب القوات المصرية فى سيناء وغرب القناة، والتى كانت مشاركة مؤثرة من حيث الكم والكيف بجانب مبادرات الشعب المغربى آنذاك الذى قام بتنظيم حملات للتبرع بالدم قبل وأثناء وبعد حرب أكتوبر لفائدة الجيوش المقاتلة على الجبهة، الأمر الذى سجل لعروبة الملك الحسن الثانى وللشعب المغربى الذى قدم طواعية دمه وأبناءه.

وكان السودان من أوائل الدول التى أعلنت دعمها الكامل لمصر حيث نظمت مؤتمر الخرطوم والذى تم الإعلان من خلاله عن ثلاثية «لا» وهى لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض، وأرسلت السودان فرقة مشاة على الجبهة المصرية ولكنه لم يستطع الوصول إليها إلا بعد وقف إطلاق النار، بينما قامت القوات الفلسطينية بنصب الكمائن وزرع الألغام وتنفيذ الغارات على تجمعات العدو الإسرائيلى مما أشغل العدو أعمال خاصة تقوم بها قوات مصرية لتنفيذ بعض المهام.