الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ماذا يقرأ المصريون؟

ماذا يقرأ المصريون؟

سؤال مهم أجاب عليه كتاب «قراءة القراءة فى الوطن العربى.. الاتجاهات والميول»، والذى أصدره اتحاد الناشرين العرب عن دراسة وافية أعدها الدكتور خالد عزب، السؤال كان ضمن أسئلة عديدة تضمنتها الدراسة مثل لماذا نقرأ؟ وما هى الاهتمامات الحالية فى ظل وجود القراءة الرقمية؟ وما مدى ملاءمة المحتوى المتاح على الإنترنت لاحتياجات وميول القراءة؟ وهل استجاب الناشر الورقى للتطورات الحديثة؟ ولكن السؤال الأخطر من وجهة نظرى لارتباطه بمستقبل اللغة العربية فى بلادنا هو ماذا نفعل إزاء تصاعد ظاهرة الازدواجية اللغوية فى القراءة فى العديد من الدول العربية؟، حيث تشير شبكة الإنترنت إلى زيادة القراءة باللغة الإنجليزية فى مصر ودول الخليج والأردن وبالفرنسية فى دول المغرب العربى، وترى الدراسة أن هذه الازدواجية جاءت بسبب انتشار المدارس الأجنبية ثم إقرار الإنجليزية والفرنسية كلغة تعليم أساسية فى العديد من المدارس والجامعات، وزاد الطين بلة افتتاح فروع لجامعات أجنبية وإقبال الأهالى على إلحاق أولادهم بها، ومن هنا اتجهت الأجيال الجديدة إلى القراءة بالإنجليزية والفرنسية بديلا للعربية وخاصة فى القراءة الرقمية بحيث أصبح التساؤل هل ستكون القراءة بالإنجليزية هى المفضلة فى المنطقة العربية وهل تتراجع العربية فى بلادها؟ وهو أمر يحتاج إلى كثير من الدراسات وإلى عينات أكبر مما شملتها هذه الدراسة حتى نعرف موقف ورؤية الأجيال الجديدة للغة العربية؟ الإجابة على باقى الأسئلة لم تكن سهلة والوصول إلى نتائج استدعى عمل دراسة ميدانية رغم صعوبة إجرائها فى العديد من الدول العربية، ولكن قبل ذلك هل نحن أمة تقرأ وتهتم بالمعرفة؟ وهل مقولة أن العرب لا يقرأون صحيحة؟ الإجابة كما جاءت فى الدراسة أنه حسب البيانات العالمية ومن خلال الشركات المتخصصة فى إحصائيات السوق والمستهلكين فى المجال الثقافى فإن مصر والسعودية جاءتا ضمن الشعوب الأكثر قراءة عالميا فى المركزين الخامس والحادى عشر فيما احتلت الهند وتايلاند والصين المراكز الثلاثة الأولى والمدهش أن أمريكا جاءت فى المركز الثالث والعشرين، ولكن هل تغيرت طبيعة القراءة؟ يرى عزب أن قارئ العصر الحالى يميل إلى الموجز فى الموضوع أو الخلاصات لذلك يفضل ألا تزيد الكتب المطبوعة عن 300 صفحة، مع مراعاة أن الأكاديميين يتجهون الآن إلى المواقع الرقمية ولذا فإن عصر المطبوعات الموسوعية انتهى ويبقى الكتاب المصور استثناء لأن له طبيعة خاصة، أما عن حالة القراءة فى البلاد العربية فتتبعتها الدراسة فى كل دولة على حدة، وبالنسبة لمصر يرى عزب أن مصر تمثل حالة يمكن من خلالها اختزال المشهد العربى للقراءة ليس لكونها تتوسط المنطقة العربية جغرافيا فقط ولكن لأنها تتوسط الحراك الثقافى بين المشرق والمغرب العربى، وتؤكد الدراسة أن القراءة فى مصر تلقت دفقة فى ظل المشروع الثقافى للدولة فى الخمسينيات والستينيات وهو المشروع الذى شهد تحولا منذ السبعينيات ثم جاء انتشار الإذاعة والتلفزيون بصورة كبيرة مع صعود النشر الخاص بتوجهاته المختلفة ما أدى إلى تغير فى المنتج المقدم للقارئ، ومع ظهور مشروع مكتبة الأسرة بدأ تكوين قراء من أعمار جديدة وبدا وكأن هناك تصاعدا فى القراءة وهو ما جنينا ثماره مع انتشار شبكة الانترنت والإقبال عليها، ويرى عزب أن هناك عوامل أدت إلى زيادة القراءة فى مصر منها وجود شبكة من المكتبات العامة فى كل مكان مثل مكتبات قصور الثقافة ومكتبات مصر العامة ومكتبات الجمعيات الأهلية مثل الشبان المسلمين والمكتبات الموجودة فى المساجد بجانب مكتبات الأفراد الخاصة، وتضيف الدراسة أسبابا أخرى مثل وجود رموز أدبية وفكرية وثقافية حققت إنجازات بحيث صارت قدوة محفزة للأجيال الجديدة على تحصيل العلم والمعرفة فقد أعطى فوز نجيب محفوظ بنوبل دفقات لحركة الكتابة الأدبية فى مصر وتواكب ذلك مع صعود جيل جديد من القراء فضلا عن ظهور مبدعين جدد منذ الثمانينيات بحيث صارت الرواية لها مبدعون بالمئات، أضف إلى ذلك وجود رموز عديدين يمكن الاحتذاء بهم مثل العقاد وطه حسين واحمد شوقى وحافظ إبراهيم والرافعى وغيرهم، ويؤكد عزب أن انتشار التعليم الجامعى خاصة فى الدلتا والصعيد كان حافزا على ظهور حركة النشر فى مدن المحافظات مما أدى إلى ظهور كتاب صار لهم قراء خارج النخبة المتمركزة فى القاهرة والإسكندرية وتواكب ذلك مع ظهور مبدعين خارج دائرة الضوء الرسمية مثل أحمد خالد توفيق الذى عاش ومات فى طنطا، وساهم فى زيادة القراءة أيضا ازدياد دور النشر الخاصة والتى حققت نجاحات كبيرة كما قدم بعض الشباب شبكات خاصة لتوزيع الكتب عبر شبكة الانترنت، ومثل أيضا الكتاب المستعمل فضاء كاشفا لحركة القراءة إذ تزدهر هذه النوعية من الكتب فى العديد من المدن بعد أن كانت مقتصرة على سور الأزبكية فى القاهرة وسور النبى دانيال فى الإسكندرية.



ولكن ماذا يقرأ المصريون؟ حسب العينة وملاحظة المترددين على المكتبات العامة والإعارات بها وحركة تبادل وشراء وإهداء الكتب على شبكة الإنترنت فإن الجيل من 15 عامًا إلى 35 عاما يتجهون إلى قراءة السير الذاتية والتاريخ وما بين 25 إلى 40 عاما يفضلون الأدب كما أن هناك شريحة من 15 عاما إلى كبار السن يقرأون الكتب الدينية والأدب الكلاسيكى.. الكتاب مهم ويكشف عن اتجاهات الشباب فى القراءة ليس فى مصر فقط ولكن فى كل الدول العربية وهو ما يمكننا من معرفة كيف يفكر الجيل الجديد وما هى اهتماماته الفكرية والأدبية؟