الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حبكة درامية من نوعية الكوميديا السوداء: أشرف مصيلحى وأحلامه التى لم تكتمل

قبل 23 عامًا، وتحديدًا فى مطلع الألفية الجديدة، أطل «أشرف مصيلحى» على جمهور السينما لأول مرة فى دور صغير فى فيلم (بونو بونو) لـ«نادية الجندى»، لم تأت إطلالته تلك بمحض الصدفة، فقد كان للشاب صاحب الستة والعشرين ربيعًا محاولات عديدة، بدأها بشكل جدى بعد تخرجه من المعهد الفنى الصناعى، حيث حاول مرارًا الالتحاق بأكاديمية الفنون دون جدوى، وحتى بعد عمله كمهندس إلكترونيات، لم يتناس حلمه، فدق أبواب شركات الإنتاج باحثًا عن فرصة للتمثيل، حتى ابتسم له الحظ، وبدأ مشواره مع الفن.



 

 لكن السنوات التى قضاها «أشرف مصيلحى» داخل أروقة الفن، سواء مديرًا لدور العرض السينمائية، أو مشاركًا فى أعمال سينمائية وتليفزيونية لم تكن كافية لإظهار موهبته بشكل حقيقى، وما بين التنميط فى أدوار بعينها الذى هو آفة مخرجى هذا الزمان، وما بين انشغاله لسنوات فى أعمال إدارية داخل شركة أفلام مصر العالمية، لم يقدم «أشرف» أعمالًا توازى موهبته الكبيرة، ولم يحقق شهرة كالتى حققها فى أيامه الأخيرة، عندما بدأ الجمهور يتابع صراعه الشرس مع المرض اللعين الذى انتهى بانتصار الأخير عليه، ليرحل فى ريعان شبابه، دون أن يحقق سوى جزء بسيط من أحلامه.

 مؤمن بالنصيب

عندما قرر «أشرف مصيلحى» الذهاب إلى مقر شركة أفلام مصر العالمية، راودته أحلام كبيرة بأن يكون واحدًا من أبطال المخرج الراحل «يوسف شاهين» لكنه فوجئ بهم يضعونه فى مجال إدارة دور العرض، وكانت البداية مع سينما كريم، لتأتى له فرصة الوقوف أمام الكاميرا لأول مرة من خارج الشركة التى يعمل بها، حيث اختاره المنتج «محمد مختار» ليشارك فى فيلم (بونو بونو) أمام «نادية الجندى» وفى حوار سابق له، اعترف «أشرف مصيلحى» أن العمل كمدير لدور العرض السينمائية قد أفاده، لأنه أشعره بقيمة وأهمية هذه الصناعة، لذلك قرر أن يحقق نفسه فى إدارة دور العرض، حتى أصبح مديرًا عامًا لأكبر سينمات مصر، لكنه فى الوقت نفسه كان سببًا فى تأخر نجوميته، لكنه أنهى حديثه فى هذه المسألة قائلًا: (أنا مؤمن بالنصيب وأن كل شىء بميعاد).

 هارب من التنميط

فى تاريخ «أشرف مصيلحى» أكثر من 70 عملًا سينمائيًا وتليفزيونيًا، ويستحوذ دور الضابط على نصيب الأسد فى تلك الأعمال، وعلى سبيل المثال قدم دور الضابط فى فيلم (خالتى فرنسا)، كما جسد دور ضابط أمن الدولة الشريف فى فيلم (تيتو)، كما قدم دور ضابط المباحث أيضًا فى فيلم (العيال هربت)، و(شارع 18)، ومسلسلات (ابن موت)، و(كلبش 3)، و(ولد الغلابة)، وغيرها من الأعمال، ومن المؤكد أن هذا التنميط الذى عانى منه، وحصره فى دور بعينه، كلها أمور قد أضرت بموهبته، ورغم أنه قد حاول مرارًا أن يرفض دور الضابط فى أعمال عديدة عرضت عليه مثلما فعل فى فيلم (خليج نعمة) إلا أنه فى كل مرة كانت الظروف تفرض عليه قبول الدور نفسه، يحاول أن يصنع جديدًا، فى محاولة جادة منه بأن لا يكرر نفسه، ومع ذلك فقد وقف «أشرف مصيلحى» أمام مخرجين قدموه بشكل جيد، يكشف عن موهبته الحقيقية، منهم زوجته المخرجة «منال الصيفى» التى قدمته فى فيلم (الحياة منتهى اللذة) فى دور «عمرو فهمى» مخرج الكليبات الذى يحرص على اكتشاف الوجوه الجديدة، والذى ساهم فى حل المشكلات التى وقعت فيها بطلة الفيلم، أما المخرج الراحل «على عبدالخالق» فقد أصر على تقديمه دور الإرهابى فى فيلم (راند فو) رغم رفض مؤلف العمل الدكتور «عصام الشماع» الذى اعترض على اختيار «أشرف» للدور لكن اقتناع «على عبدالخالق» به، وإصراره على وجهة نظره، كانا سببًا فى تقديمه للدور، وفى حوار سابق له، قال «أشرف مصيلحى» معلقًا على هذه الواقعة: (أدين بالفضل للأستاذ على عبدالخالق، لأنه أصر على اختيارى رغم رفض الدكتور عصام الشماع، ومن المواقف التى لا أنساها فى هذا الفيلم إصراره على جملة «قومى اتوضى واستغفرى ربنا» التى وردت فى الفيلم على لسانى وكانت مسار غضب الرقابة على المصنفات الفنية التى طالبت بحذف الدور كاملاً، لكن «على عبدالخالق» أصر على وجود هذا المشهد تحديدًا لأنه ترتب عليه التغيير الذى حدث فى حياة بطلة الفيلم «تهانى» التى جسدتها سمية الخشاب ضمن أحداث الفيلم).

 علامة فارقة

فى الدراما التليفزيونية كان لـ«أشرف مصيلحى» علامة فارقة فى مشواره، وهى دوره فى مسلسل (قضية رأى عام) الذى لعب من خلاله دور «سيد شكمان» الذى ارتدى من خلاله ثوب المغتصب، لكنه استطاع ببراعة أن يغلفه بإطار كوميدى ميزه عن المغتصبين الآخرين، وقد كان الدور بمثابة فرصة لـ«أشرف» حتى يظهر جزءًا من موهبته الحقيقية، لذلك قام باستعدادات خاصة جدًا من أجله، وعن تلك الاستعدادات يقول فى حوار سابق له (لم أتعامل مع شخص بمواصفات شكمان من قبل كى أعرف منه كيفية حدوث الاغتصاب أو التحرش، كما لم أقترب من المدمنين لأعرف كيفية وصولهم لأقصى حالاتهم حين ينسحب المخدر من أجسادهم ويشعرون بآلام مثل السكاكين والكرابيج فى ظهورهم، وأن صوتهم يعلو أو يرتعشون، وقد يكررون الكلام مرتين لعدم تأكدهم من سماع من أمامهم لهم، ولذلك استندت إلى خيالى خلال التصوير، ووضعت نفسى فى قالب شكمان وشخصيته، وقبل التصوير كنت أبحث عن لازمة تميز الشخصية، وأن تكون حركاتها وطريقة كلامها مختلفة عن المتهمين الآخرين، خاصة أن شكمان ضحية فقر، وعوز، وجهل، وقبل تصوير مشاهد المستشفى كنت لا أتناول أى طعام لمدة 3 أيام سوى التفاح والماء كى أصل لحالة الارتعاش التى ظهرت عليها، بينما رجل المباحث محمود يحقق معى، فوجدت نفسى وأنا أخبط يدى على رأسى وأقول لسامى العدل «على راسى ياباشا» فارتبطت هذه الجملة لدى الناس بشكمان، لدرجة أنهم قالوا لى إنه الضحية الوحيدة التى تركت بسمة لديهم عكس المتهمين الآخرين).