الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ما لم ولن يستطيع «الذكاء الاصطناعى» تحقيقه فى الأغانى

من أيام قليلة احتفل الفنان «عمرو مصطفى» بوصول أغنية (أفتكرلك إيه) - التى لحنها وصدرت بصوت «مى فاروق» - إلى مليون مشاهدة، وبغض النظر عن أن الأغنية صدرت قبل ذلك بصوت «شيرين عبدالوهاب»، ولم تحقق النجاح الجماهيرى المرجو، بالمثل كإصدار «مى فاروق» الذى وصل بشق الأنفس للمليون بعد مرور حوالى 4 أشهر، وهذا رقم ضعيف للغاية!



«عمرو مصطفى» يقول على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى أن هذا المليون «حلال» بدون إعلانات، ونحن لا نشكك فى ذلك، ولكن نفس الأغنية بنفس التوقيت صدرت أيضًا على أحد التطبيقات الغنائية ولم تصل للنصف مليون مشاهدة، وهو تطبيق لا يقبل الإعلانات، ويقوم بشكل رئيسى على بحث الجمهور عن فنانيهم المفضلين، ولا يستطيع فنان أن يقوم بـ«ضرب» نسب الاستماع كما يحدث فى اليوتيوب، أو أن يقوم فنان بعينه بتسويق أغانيه بأسعار «رخيصة الثمن» فى بلاد لا تتحدث العربية، مثلما يفعل «تامر حسنى»، ونجد ملايين المشاهدات فى أغانيه ببلاد مثل أوكرانيا رغم الحرب! وفيتنام وإندونيسيا، وهذه النسب تتفوق بشكل كبير عن البلاد العربية التى يستهدفها الفنان نفسه!

ما علينا..

الذى أريد أن أتحدث عنه، أن أغنية (أفتكرلك إيه) ربما تكون أغنية جيدة، فدورى ليس الحكم على الأشياء، أو المصادرة على أعمال المبدعين، ولكن الحقيقة الرقمية تقول إن الجمهور لم يتجاوب معها بالشكل الأمثل، رغم الشهرة الواسعة التى حدثت مع صدور الأغنية منذ شهور بصوت مركب لـ«أم كلثوم»، مصحوبة باستغلال ترند «الذكاء الاصطناعى»، ورغم ذلك لم تنجح.

قطعًا (أفتكرلك إيه) لم تنجح جماهيريًا لأنها لم تعبر عن احتياجات الجمهور فى هذا التوقيت، هكذا يقول المنطق، ربما ينصفها الزمن بعد ذلك، مثلما أنصف موال (العدل فوق الجميع) لـ«بدرية السيد» بعد مرور سنوات طويلة من إصداره بسبب استخدامه فى مسلسل (سفاح الجيزة).

ولكن ما أريد أن أتحدث عنه فى هذا المقال، مستغلًا أغنية (أفتكرلك إيه)، والضجة التى صاحبتها بسبب الذكاء الاصطناعى، ونحاول أن نجيب مع بعضنا البعض، هل هذا الذكاء الاصطناعى من الممكن أن يصنع أغنية ناجحة؟ أتصور الإجابة بـ«نعم»، فهو يتم إمداده بمعلومات، هذه المعلومات ربما تكون صوتية، أو لغوية، أو موسيقية، ويقوم بتطويرها ودمجها وصناعة عمل جديد من خلال هذه المعطيات.

ولكن يظل المنتج النهائى لهذا العمل عبارة عن محاكاة للإبداع الأصلى الذى يقوم به العقل البشرى، وأهم ما يميز المبدع هو تراكم الخبرات، وقدرته على تخزين المواقف التى مر بها بحياته، هذه المواقف هى التى تحرك شعوره الإبداعى، فينتج لنا عملاً به شيء من الذاتية، وهذا ما يفرق فنانًا عن فنان آخر.

على سبيل المثال، يستطيع الذكاء الاصطناعى حاليًا، أن يقدم لنا أغانى بنفس «تكنيك»، «بوب مارلى»، وبنفس أساليبه، ولكنه قطعًا لن يستطيع أن يعطينا نفس حالة الصدق التى نشعر بها بمجرد سماع أغانى أسطورة الريجي.

سر تميز «بوب مارلى» ليس له علاقة بالابهار الفنى، بل على العكس، البعض يراه مملًا، وأغانيه تحمل أرتامًا موسيقية متشابهة، وأسلوب غنائه يكاد يكون واحدًا.

لكن سر نجاح «بوب مارلى» الحقيقى هو تجاربه الشخصية، وقدرته على تحويل الأزمات والمشاكل السلبية التى مر بها إلى منتج غنائى حقيقي.

الذكاء الاصطناعى، لن يعطينا الشعور البشرى الذى تعرض للاضطهاد العنصرى والتفرقة العرقية، لا يستطيع أن يصف لنا أحاسيس البشر الذين يعانون من حروب أهلية، ولن يكون لديه القدرة على تفريغ شحنات الكبت بداخل كل المستضعفين كما يفعل «مارلى» فى أغانيه، التى هى عبارة عن استعراض لأفكار مر بها مواطن قضى عمره بأكمله فى البحث عن المفهوم الحقيقى فى تحقيق المساواة، وإرثاء القيم الإنسانية الحقيقية.

ربما الذكاء الاصطناعى فى البداية أعطى ضجة لأغنية (أفتكرلك إيه) ولكن فى النهاية هذه الضجة لم تمكن الأغنية من الانتشار الجماهيرى، حتى إذا قمنا باستبدال الصوت المصنع بصوت حقيقي! بل إن هذه الخاصية أصبح يتم التعامل معها حاليًا من قبل الجمهور بشكل كوميدى، فبدأنا نستمع إلى أغانى «أم كلثوم» بصوت «مروان بابلو» بغرض الفكاهة.

ولذلك يجب أن يطمئن الجميع، ويتأكد من أن الذاتية الفنية والخبرات والتراكمات التى مر بها المبدع، هى الضامن الوحيد للنجاح.