السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

صراع ألبومات الراب: «مانجستو» لـ«وينجى» يتفوق على «استيراد // تصدير» لـ«مروان موسى»!

من ضمن المفارقات العجيبة والغريبة فى سوق الغناء المصرى، أن ثقافة الألبوم أصبحت غائبة عن الغناء الرسمى المعترف به إعلاميًا وجماهيريًا، ولا يوجد لدينا فنانون يلتزمون بالمفهوم الصحيح لـ«الألبوم»حاليًا، سوى «حمزة نمرة» و«كايروكى»، وهذه الثقافة التى أقصدها هى أن تكون هناك رسالة واضحة للعمل الغنائى، وتعبر كل أغنية بداخل هذا العمل عن فكرة مستقلة بحد ذاتها، ولكن بعد سماعها مع باقى الأغانى تعطى المفهوم الأوسع لرسالة «الألبوم».



 

فى هذا الصيف، ورغم الزخم الإنتاجى الكبير، تغيب ثقافة الألبوم عن كل الأعمال، باستثناء «حمزة نمرة»، ولكنه يطرح أغانى هذا الألبوم بشكل متقطع، بواقع أغنية كل أسبوع.

ولكن على النقيض تمامًا فى مجال الأغنية المستقلة، وبالتحديد فى سوق «الراب» نجد مفهوم الألبوم متواجدًا بقوة، من حيث الفكرة، ومن حيث طريقة الإصدار أيضًا.

والدليل على ذلك فى الأيام القليلة الماضية، صدر ألبومان غنائيان فى مجال الراب، الأول (مانجستو) للرابر الصاعد «وينجى»، والثانى (استيراد // تصدير) لـ«مروان موسى».

وإذا قمنا بمقارنة الألبومين، سنجد على الناحية الفنية، أن هناك تفوقًا واضحًا بكل تأكيد لألبوم (مانجستو) رغم أنه التجربة الأولى لـ«وينجى» بشكل منفصل بعد ابتعاده قليلا عن فريقه «M-Town Mafia»، المعروفين جماهيريًا بأغنية (خمسة جد).

تفضيل ألبوم (مانجستو) له العديد من الأسباب، أولها هو التأكيد على الـ « album Concept»، حيث يتحدث «وينجى» فى 12 أغنية عن ذاته، وكأنه يدون مذكراته بشكل غنائى، عن تفاصيل النشأة والتكوين بشكل شخصى وصادق، بل صادم فى الوقت ذاته، بدون أى عوامل تجميلية، وهذا أهم مميزات العمل، كونه تجربة إنسانية حقيقية، بكل ما تحمل هذه التجربة من تجارب فشل ونجاح، وضعف وانكسار، وبما فى ذلك لحظات السعادة.

الألبوم بدأ بأغنية الـ«Intro»، باستخدام صوت «عمه» الذى استوحى منه اسم «مانجستو»، حيث استمعنا إلى صوت العم وهو يقدم لـ«وينجى» النصائح ويؤكد له بأن يعيش قصته بالشكل الذى يحلو له، وضرورة الاستفادة من ثقافة الشارع، كتأكيد على الثقافة الشعبية واكتساب الخبرات من خلال الاختلاط مع الناس.

وإذا كانت أول أغنية بدأت بصوت العم، فكانت الأغنية الثانية بعنوان (ياما)، وكذلك الأغنية الأخيرة فى الألبوم (ارجع البيت) كانت موجهة للأم، كتأكيد من «وينجى» على دور الأسرة فى تكوينه، وكاعتراف منه برد الجميل، كشاب خرج من عشوائيات إمبابة وانتقل إلى الحى الراقى «المعادى»، وأصبح من نجوم الـ«دريل» كما تحدث عن نفسه فى أغنية (ستة فى وشك).

وعلى المستوى الموسيقى فالألبوم اعتمد على أشكال الـ«Trap، Afto Tra Dark trap»، وكذلك موسيقى الـ«Rock» بالتعاون مع الجيتاريست «محمد صيام» عضو فريق «مسار إجبارى» فى أغنية (ارجع البيت).

كما أن الألبوم به العديد من الأغانى المشتركة من خلال التعاون مع «Lorenzoo»، و«Hleem Taj Alser»، و«Shikago»، بالإضافة إلى «فيليكس» الذى ظهر معه قبل ذلك فى أغنية (خمسة جد).

أما ألبوم (استيراد // تصدير)، لـ«مروان موسى» فقد افتقد إلى حالة الطزاجة التى تمتع بها «وينجى» فى ألبومه، وربما يكون السبب فى ذلك، هو أن (مانجستو) هو الألبوم الأولى لـ«وينجى»، فلايزال لديه مخزون من الكلمات والمعانى التى لم تكتشف بعد، بخلاف «مروان موسى» الذى عرف منذ أعوام قليلة، وأصبح لديه جمهور واسع وعريض، ولكنه يبدو فى الوقت ذاته أنه استهلك كل ما يملك من خبرات عاشها، وعبر عنها قبل ذلك فى العديد من الأغانى، ولذلك لم يحدث مفاجأة  فى ألبومه الأحدث.

حتى فى طريقة تشبيهاته بنجوم الكرة كما حدث فى أغنية (دخول- خروج) باستخدام اسم نجم ريال مدريد «لوكا مودريتش»، لم يكن جديدًا على «مروان»، فقد فعل نفس الأمر قبل ذلك مع «دروجبا» فى أغنية حملت نفس اسم نجم كوت ديفوار، أو حتى مع أسماء الفنانين فى أغنيته (بطل عالم) عندما قال: «دنيا ومليش عزيز مرقة»، على اسم النجم الأردنى الشهير.

وعلى مستوى الأغانى المشتركة، فلم يكن هناك سوى أغنية (حب خناق) بالتعاون مع «نورين» وهى الأغنية الأفضل فى هذا الألبوم والتى جاءت مفاجئة، فهى لا تشبه أى أغنية قدمها قبل ذلك «مروان موسى»، كما أنها صنعت وفق المعايير الصحيحة للأغانى المشتركة، حيث استمعنا إلى حوار غنائى متبادل بين الطرفين، ولذلك لا يستطيع «مروان» غناء الأغنية بمفرده دون «نورين»، لأن الميزان الفنى للأغنية سيختل، عكس الأغانى المشتركة التى تصنع فى سوق موسيقى البوب، كأغنية (يا ليالى) لـ«أحمد سعد وروبى»، والتى يستطيع أى منهما غناءها بمفرده، لأنها صنعت كأغنية يغنيها فنان واحد، ونفس الجمل اللحنية التى تغنيها «روبى»، هى التى يغنيها «أحمد سعد»، وبنفس الضمير فى طريقة صياغة الجمل، عكس أغنية (حب خناق).

والأهم من كل ذلك، فى تجربة «مروان موسى» وألبومه الأخير، هو إعادة تذكير كل المنتمين لموسيقى الراب بأشكلها، بأنها قائمة بالأساس على الذاتية، وأن الفنان يجب أن يقوم باستعراض تجاربه الشخصية فى أغانيه، ولذلك عندما يبتعد الفنان عن واقعه الجغرافى والثقافى الذى نشأ فيه، فهو يفتقد إلى أهم ما كان يميزه، ويصبح قاموسه الغنائى فقيرًا، وبدلاً من نقل ثقافة الشارع إلى الجماهير فى أعمال فنية، فتصبح الأغانى معتمدة على التباهى بالإنجازات الشخصية و«نكش» الزملاء، والتباهى بالأموال والثراء وما إلى ذلك، وتغيب النظرة النقدية الاجتماعية فى الأغانى، ومن ثم تفتقد الأغانى لثقافة «الشارع»، ويصبح الفنان منعزلاً عن واقعه الذى تسبب فى تكوين وجدانه وكان سببًا رئيسيًا فى حب الناس له.

هذا المفهوم بدأ يغيب عن معظم نجوم الراب الحاليين، وليس «مروان موسى» فقط، إنما كذلك «ويجز، شاهين، عفروتو»، وغيرهم، أما «وينجى» فربما يعبر عن واقعه فى هذا الألبوم لأنه أول أعماله والذى يقدمه بشكل منفرد، وقد ينعزل هو الآخر مثل باقى زملائه الذين أصبحوا نجومًا، بعد أن يحقق الانتشار الجماهيرى، ويعيد نفس التجارب، بنفس الأسلوب، ونظل فى هذه الدائرة المفرغة!.