الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

علاقات راسخة وممتدة من القاهرة إلى الخرطوم مصر والسودان.. وجهان لشعب واحد

من شارعى السودان والميرغنى بالقاهرة إلى نجيب وناصر بالخرطوم، أميال يقطعها العابرون فى السماء، لكنها لا تتعدى أمتارًا لمن ارتوت شفاههم بماء النيل، فالمصريون والسودانيون ما هم إلا شعب واحد فى دولتين، ولم يكن يبالغ الشاعر السودانى عبدالكريم الكابلى عندما تغنى بمصر من بين كثيرين، عندما قال: «مصر يا أخت بلادى يا شقيقة.. يا رياضًا عذبة النبع وريقة».



 

فالعلاقة بين مصر والسودان تاريخية وراسخة، تحكمها روابط الأخوة، وتدعمها الشراكة الاستراتيچية، وبينهما شريان عنوانه الأمن القومى لمصير واحد ومستقبل واعد.

ارتكزت العلاقات «المصرية - السودانية» على تاريخ ممتد منذ القدم، وتنوعت وشملت مجالات الحياة كافة، فالثابت أن العلاقات بين البلدين تتسم بتعدد الروافد، وذلك على النحو الذى توصف معه بأنها علاقات فريدة بين بلدين جارين، إذ تتأسس تلك العلاقات على ثوابت الجغرافيا ووقائع التاريخ والروابط الثقافية والعلاقات الاجتماعية، فضلا عن رابطة نهر النيل الذى يمثل شريانًا تاجيًا لأبناء وادى النيل، فكل منهما عمق استراتيچى للآخر.

وبعد ثورة 30 يونيو عام 2013، وعقب فوز الرئيس السيسى بمنصب الرئاسة فى يونيو 2014 شهدت علاقات البلدين زيارات قياسية متتالية لم تحدث فى تاريخ البلدين، حيث تعمل السياسة المصرية على إقامة علاقات تتميز بالخصوصية والتفاهم العميق مع السودان الشقيق، وتطوير العلاقات الاقتصادية المشتركة وإحداث نقلة نوعية فى شتى المجالات، فالسودان البلد الوحيد الذى لديه قنصلية فى محافظة أسوان مما يدل على نمو حجم التبادل التجارى. وتلك القنصلية لا يتوقف دورها عند تقوية العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدولتين بل يمتد هذا الدور ليشمل العلاقات فى المجالات المختلفة.

علاقات ممتدة

العلاقات بين مصر والسودان امتدت منذ القرن 19 حتى 1952، حيث عاش الشعبان تاريخًا مشتركًا منذ أقدم الأزمنة وحتى العصر الحالى، وهو ما أوجد قدرًا كبيرًا من الامتزاج بين شعبى البلدين، فمنذ عام 1820 وحتى استقلال السودان فى عام 1956، هناك تاريخ واحد بين البلدين.

الوجود المصرى فى السودان أسهم فى توحيد الكيان السياسى السودانى وربط أقاليمه بمصر برباط الوحدة العضوية والسياسية، الأمر الذى عزّز ورسّخ الأسس الوحدوية لوادى النيل ورسخ علاقات التواصل الدينى والنفسى والثقافى والوجدانى، إضافة إلى المياه والاقتصاد والتجارة، وقد ظل السودان يشكل جزءًا من مصر خاصةً قبل اتفاقية الحكم الثنائى التى أعقبت الاحتلال البريطانى للسودان1899.

تأثر السودان بثورة 1919م، فأخذ الوطنيون يجمعون صفوفهم ويتطلعون إلى الاستعانة بأشقائهم فى مصر للاستفادة من تجاربهم فى الكفاح من أجل الحرية والاستقلال، وفى عام 1936م، تم وضع معاهدة قضت بإشراك مصر فعليًا فى إدارة السودان، وقد كفل ذلك عودة الجيش المصرى للسودان بناء على قرار مجلس الوزراء المصرى فى 31/3/1937م.

وبعد ذلك جرى تعديل الدستور المصرى ليتم بمقتضاه إعلان الملك فاروق ملكًا على مصر والسودان، وصدر قانون آخر لقيام جمعية تأسيسية مهمتها وضع دستور خاص، تجرى بمقتضاه انتخابات عامة لتكوين برلمان سودانى، ومجلس للوزراء، إلى أن قامت ثورة 23 يوليو 1952فى مصر والتى اعترفت بحق السودان فى تقرير مصيره وطالبت بإنهاء الحكم الإنجليزى المدنى والعسكرى من السودان، وقد أدت المفاوضات المصرية- البريطانية إلى توقيع اتفاقية السودان فى 12/2/1953م، وبناءً عليها تأسست أول حكومة وطنية سودانية برئاسة إسماعيل الأزهرى فى 9/1/1954م، وفى الأول من يناير تم إعلان استقلال السودان.

عبرت مصر عن سعادتها باستقلال السودان وتجلى ذلك فى الخطاب التاريخى الذى وجهه الرئيس جمال عبدالناصر، إلى حكومة السودان، للتهنئة بهذا اليوم الخالد فى تاريخ السودان، وهكذا جاء ميلاد السودان وسط أفراح شاملة، عمت وادى النيل شماله وجنوبه وأتاح فرصة طيبة لتأكيد أخوة الشعبين السودانى والمصرى.

اتصال بلا حدود

تعد الجالية المصرية من أقدم الجاليات العربية الموجودة فى السودان، وكذلك علاقات الزواج والمصاهرة، كما أن اتفاق الحريات الأربع الذى تم توقيعه فى عام 2004 والذى نص على حرية التنقل، وحرية الإقامة، وحرية العمل، وحرية التملك بين البلدين، أتاح لمواطنى البلدين التنقل بحرية تامة من وإلى كلا البلدين.

وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد المصريين يدور بين 80 و100 ألف، بينما يدور عدد السودانيين فى مصر قبل الأزمة الأخيرة ما بين 3 و4 ملايين نسمة، وزادت أعداد الأخوة السودانيين فى مصر ما بعد الأزمة بما يقارب من مليون نسمة إضافية.

وتتركز معظم الجالية السودانية فى أسوان، إضافة إلى محافظات الشرقية والسويس والإسماعيلية والقاهرة الكبرى وهو ما يعكس تباين وضع الجالية السودانية وطبيعة اندماجها فى المجتمع المصرى منذ عقود، مقارنة بغيرها، بل أن غالبية السودانيين المقيمين فى مصر تزوجوا من مصريات، وتزوج مصريون من سودانيات، حتى إن أجيالًا من الشباب والأطفال الآن يحملون الجنسيتين السودانية والمصرية بأعداد ليست بالقليلة.

فمنذ أن وطأت أقدامهم أرض مصر، شعروا بالطمأنينة والأمان، فهى ليست بالدولة الغريبة عنهم بل ملاذهم وبيتهم الثانى، ورغم محاولات بعض القوى المرتزقة الوقيعة بين الشعبين فإنها لم تفلح فى ذلك، فالعلاقات التاريخية بين البلدين أقوى وأمتن.

بعثات علمية

هناك تاريخ طويل للعلاقات بين البلدين فى مجال التعليم، حيث كان السودان يستقبل البعثات العلمية من مصر منذ عهد الفراعنة من «مدرسة الإسكندرية».

شارك أبناء السودان فى عهد محمد على المصريين فى بعثاتهم العلمية إلى أوروبا، وفى عام 1956 أصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قرار تأسيس جامعة القاهرة فرع الخرطوم، لتكون جسر تواصل علميًا وثقافيًا تربط العلاقات بين السودان ومصر.

فى 30 ديسمبر 2019،  أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى قرارًا بتخفيض الرسوم الدراسية بنسبة %90 للطلبة السودانيين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة، أو البكالوريوس من السودان، أو من أى دولة أخرى إذا كان يحمل الجنسية السودانية. 

روابط دينية

ارتبط البلدان بعلاقات أزلية تقوم على روابط القرابة والدم والتاريخ واللغة والدين الواحد، واستقبل السودان البعثات العلمية من مصر منذ عهد الفراعنة  إلى أن جاءت المسيحية وانتشرت فى مصر ومن بعدها قامت مصر بنشرها فى السودان عن طريق إرسال مطارنة النوبة فانتشرت الكنائس والأديرة.

كما دخل الإسلام السودان من مصر، واستقبل السودان المعلمين المصريين كما توافد الطلاب السودانيون لتلقى العلم بالأزهر الشريف فى مصر، مما أدى إلى تأثر السودان بالنظام التعليمى فى الأزهر. 

كما أرسل محمد على نخبة من علماء الدين للسودان، وتشجيع أبناء الطرق الصوفية المصرية على الذهاب إلى هناك ومنها الطريقة السعدية والبدوية والدسوقية.

«الصوفية - الطريقة البرهامية» الدسوقية تعد من أكبر الطرق الصوفية فى قارة إفريقيا، إذ ينتشر مريدوها بين مصر والسودان، ولها شيخ يتولى أمورها، وسلك مشايخها منهج القطب الصوفى الكبير «سيدى إبراهيم الدسوقي»، الذى يوجد ضريحه الكبير بمدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، والذى نشر أتباعه الدين الإسلامى فى جميع بقاع الأرض.

 مؤسس الطريقة؛ ينتشر أتباع الطريقة البرهامية فى السودان ومصر، وينظم مشايخ الطريقة العديد من الاحتفالات فى شهر رمضان المبارك، حيث يتجمع المريدون فى حلقات ذكر يتم فيها قراءة الأوراد الخاصة بسيدى عبده البرهامى، شيخ الطريقة، والمؤسس، الذى أسس الطريقة على محبة آل بيت رسول الله وجمع حوله الآلاف من المريدين فى كل البلاد التى أدخلها فيها حتى أطلق عليه شيخ الأولياء وصاحب الكرامات.

طقوس خاصة؛ تنظم الطريقة البرهامية فى مصر العديد من الاحتفالات حول المساجد الكبرى حيث يتم استقدام العشرات من قارئى القرآن الكريم والمنشدين لإحياء ليالى شهر رمضان، وتبدأ الحضرات من بعد صلاة التراويح وحتى فجر اليوم الذى يليه ويشارك فى تلك الاحتفالات الآلاف من أحباب ومريدى الطريقة البرهامية سواء فى مصر أو السودان حيث يتجمع المريدون فى حلقات بشكل منظم يتمايلون مرددين القصائد الدينية المختلفة التى تظهر وتبين محبة آل البيت سلام الله عليهم أجمعين.

سيمفونية فنية رياضية

للتقارب الجغرافى بين مصر والسودان أثر كبير فى تعميق العلاقات، خاصة الأدبية والفنية، فمنذ الخمسينيات ومصر حاضنة للفنانين والمثقفين السودانيين، وجاء التاريخ الأدبى حافلًا بإفراز عدد من الأدباء والشعراء من بينهم:

 الطيب صالح، ومحمد الفيتورى، والروائى الشاب حمور زيادة، وفى الوقت نفسه قضى عدد من الكتاب المصريين فترة فى السودان وكتبوا عنها منهم شاعر النيل حافظ إبراهيم الذى قضى وقتًا كبيرًا بالسودان، كما عاش فيها أيضا الأديب الكبير عباس محمود العقاد فترة طويلة فى الأربعينيات، كما عاش محمد نجيب، أول رئيس جمهورية مصرى، فترة طويلة فى السودان وأصدر كتابًا اسمه «رسائل من السودان».

 كما أن الكتاب السودانيين كان لهم حضور قوى فى مصر، مثل الكاتب عباس علام الذى أصدر كتابًا عام 1946 بعنوان «دماء فى السودان» عبارة عن رسائل لأحد الجنود المصريين فى السودان فى تلك الفترة.

منذ الخمسينيات ومصر حاضنة للفنانين والمثقفين السودانيين؛ ومنهم على سبيل المثال الفنان إبراهيم خان، الذى قدم أدوارًا مهمة فى السينما المصرية.

فى المقابل شارك الفنان محمود المليجى فى أفلام سودانية. وفى الجيل الجديد نجد المخرج سعيد حامد، الذى قدم عددًا من الأفلام الناجحة مع عدد من النجوم الكبار أبرزهم محمد هنيدى، وأحمد السقا.

ولا ننسى زيارة كوكب الشرق أم كلثوم إلى الخرطوم فى فبراير 1968 واعتبرت أم كلثوم تلك الزيارة من أجمل رحلات حياتها الفنية الناجحة والمتميزة وظهر ذلك فى اختيارها لكلمات قصيدة «أغدًا ألقاك» من نظم الشاعر السودانى الهادى آدم لتغنيها.

كما أن هناك عددًا من شعراء السودان الذين عاشوا فترة من حياتهم بمصر مثل الشاعر السودانى الراحل محمد سعيد العباسى، وقد بادل الشعراء المصريون أشقاءهم السودانيين حبًا بحب، ومن ذلك قصيدة «السودان» التى كتبها أمير الشعراء «أحمد شوقي» ولحن بعض أبياتها الموسيقار «رياض السنباطي» وغنتها «أم كلثوم».

من ناحية ثانية برز أيضًا عدد من الكتاب السودانيين فى مصر؛ ومنهم الطيب صالح الذى قدمه الناقد رجاء النقاش، وأصدر أول رواية له عام 1969؛ وهى «موسم الهجرة إلى الشمال»، ثم قدم بعد ذلك مجموعة من الروايات.

وسجلت الأغانى أيضا حكاية مصر والسودان ومنها أغنية شادية «عاشت مصر والسودان»، بالإضافة إلى أغنية «المامبو السودانى»، وتعتبر من أشهر الأغانى الشعبية فى السودان وكانت تقدم ضمن فلكلور فى السينما المصرية، والعديد من الأعمال الفنية المشتركة والتى جمعت بين رموز الفن والطرب فى البلدين: الفنان سيد خليفة، الفنان صلاح بن البادية، والفنان محمد وردى، والفنان عبد الكريم الكابلى، كما غنت الفنانة شادية أيضًا باللهجة واللحن السودانى أغنية «ياحبيبى عد لى تاني»، وأغنية عن النيل تقول فيها (ياجاى من السودان لحد عندنا - التمر من أسوان والقٌلة من قنا).

وفى مجال الرياضة نتذكر لاعب الأهلى الأسبق الكابتن مصطفى عبد المنعم «شطة» ولاعب نادى الزمالك الأسبق الكابتن عمر النور، وحارس المرمى سمير محمد على، كما تولى الكابتن حسام البدرى تدريب نادى المريخ السودانى، والذى لعب له أيضًا حارس مرمى مصر عصام الحضرى. وغيرهم كثيرون.

تعاون إعلامي

مسيرة العلاقات الإعلامية بين البلدين شهدت تطورات عديدة، عبرت فى مجملها عن التلاحم فى العلاقات بين البلدين، وكانت إذاعة «ركن السودان من القاهرة» هى المنفذ الإعلامى الأنشط والأهم لكل ما هو سودانى، على الرغم من أن إرسالها لم يكن يتعدى الأربع ساعات، إلا إنها لعبت دورًا كبيرًا فى التقارب الإعلامى بين الشعبين استمر حتى عام 1983 عندما حلت محلها «إذاعة وادى النيل» وقد ارتبطت أسماع المواطن فى كل من مصر والسودان ببرامج «ركن السودان» ومنها برنامج «حبابك عشرة» ومع «السيرة» وبرنامج «من وحى الجنوب» الذى كان يقدم الأغانى النوبية. 

وواصلت إذاعة « وادى النيل» مسيرة ركن السودان منذ عام 1983 وفق البروتوكول الموقع بين البلدين عام 1983 باعتبارها ملمحًا يعكس خصوصية وتميز العلاقات بين البلدين فى المجال الإعلامى.

ويجمع البلدين عدد من البروتوكولات والاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية فى مسيرة العمل الإعلامى المشترك ومنها:

فى 2 ديسمبر 2018: اتفق الجانبان المصرى والسودانى ممثلان فى (وزارة الإعلام السودانية والمجلس الأعلى للإعلام فى مصر) على بدء تفعيل ميثاق الشرف الإعلامى الموقع بين البلدين، وتبادل الخبرات وتدريب الإعلاميين السودانيين ضمن برامج التدريب المخصصة بمعهد الإعلاميين الأفارقة بالقاهرة، كما اتفقوا على عقد مؤتمر مشترك للمثقفين والإعلاميين السودانيين والمصريين تحت اسم مؤتمر «وحدة النيل». وبحث الطرفان وضع قانون لمواجهة الجريمة الإلكترونية، وسبل مواجهة تجاوزات مواقع التواصل الاجتماعى، مؤكدين أن أغلب المشكلات تحدث نتيجة الاستخدام الخاطئ لمواقع التواصل.

فى 26 يوليو 2018: وافقت الهيئة الوطنية للإعلام المصرية على المقترح الخاص بضرورة الإسراع فى وضع ميثاق شرف إعلامى بين البلدين الشقيقين مصر والسودان لإعلاء المصالح العليا ودعم التعاون بينهما.

فى مارس 2011: تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون فى المجال الإعلامى بين الهيئة العامة للاستعلامات ومجلس الإعلام الخارجى بجمهورية السودان.

فى 19 يوليو 2003: تم توقيع مذكرة تفاهم فى مجال التعاون الإعلامى بين السودان ومصر وجاءت توثيقًا لروابط الأخوة الأزلية بين البلدين ومتابعة لتنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة فى 8 يوليو 2001 والبرنامج التنفيذى لاتفاقية التعاون الإعلامى بين البلدين. تشجيع تبادل المواد الإعلامية، وتشجيع الإنتاج المشترك، وتبادل التدريب الإعلامى، وتنسيق العمل الإعلامى فى 18 أبريل 2003: تم توقيع بروتوكول تعاون إعلامى بين الهيئة السودانية للإذاعة والتليفزيون والشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامى لتوثيق التعاون فى أعمال تصميم المشروعات المستقبلية والتدريب الهندسى والاستفادة من التقنيات الحديثة التى تضمنها برتوكول التعاون الإعلامى الموقع بينهما فى الخرطوم.

فى ديسمبر 1983: انطلقت «إذاعة وادى النيل» التى تبلورت فكرتها كخدمة مصرية سودانية مشتركة تستهدف شعب وادى النيل.

فى عام 1949: بدأ بث إذاعة «ركن السودان من القاهرة» وكانت موجهة بالأساس للسودانيين فى شمال وجنوب الوادى وعلى الرغم من أن فترة إرسالها لم تكن تتعدى الساعات الأربع، فقد لعبت دورًا كبيرًا فى التقارب الإعلامى بين الشعبين. وقد استمر بثها إلى عام 1983، عندما حلت محلها «إذاعة وادى النيل».

مواقف لا تنسى

اتضح موقف السودان القوى بجانب مصر بعد نكسة 1967م، حيث قام السودان بتلبية احتياجات مصر الحربية، ووفر السودان المأوى والملجأ للطائرات المصرية، كما كان السودان المكان الآمن لدفعات من طلبة الكلية الحربية المصرية خلال تلك الفترة حيث تم نقل الكلية من القاهرة إلى الخرطوم، وصعدت العلاقات إلى ذروتها بعدما استضافت السودان القمة العربية فى الخرطوم المشهورة بلاءاتها الثلاث فى مواجهة إسرائيل والتى تم التأكيد فيها على وحدة الصف العربى وتصفية الخلافات. 

وقد شارك الجيش السودانى فى حرب أكتوبر عام 1973، حيث شاركت القوات السودانية كقوة احتياط بلواء مشاة وكتيبة قوات خاصة وتجنيد المتطوعين للقيام بمهمة إسناد للقوات المصرية لعبور خط بارليف، حيث عبر عدد منهم القناة إلى جانب القوات المصرية، كما تم توقيع اتفاق للتكامل الاقتصادى بين البلدين فى فبراير 1974وذلك بهدف دفع عجلة التكامل الاقتصادى والسياسى قدمًا.