الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بنك المجموعة جمع 94 مليون دولار قبل أسبوع من القمة بالدعوات وطلبات الانضمام كيف استعدت جوهانسبرج؟

فى الثانى والعشرين من أغسطس الجارى انطلقت القمة الخامسة عشرة لمجموعة «بريكس» فى العاصمة جوهانسبرج، وسط تطلعات عديدة وطموحات لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية تنافس القوة العالمية المعروفة واستعداد لفرض مبدأ تعدد الأقطاب العالمية دون حكر أو سيطرة من أطراف بعينها.



ويضم تحالف «بريكس» 5 اقتصادات ناشئة حاليًا، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ويهدف إلى أن يصبح «بريكس بلس» وأن يستوعب العديد من الأعضاء الجدد، حيث تتطلع نحو 23 دولة للانضمام إلى المجموعة المنافسة لقوة G7-G20وصندوق النقد الدولى وغيرها من المنظمات العالمية، لتتصدر وتوحد العديد من التحالفات العالمية الناشئة.

 

وعقدت القمة هذا العام تحت شعار «بريكس وأفريقيا: شراكة من أجل النمو المتسارع والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة»، وشهدت هذا القمة حضور الرئيسين الصينى شى جين بينج والبرازيلى لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، بينما مثل الهند رئيس وزرائها ناريندرا مودى، ومثل روسيا وزير خارجيتها سيرجى لافروف، كما شارك الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، فى القمة عبر الاتصال المرئى.. وعلى الرغم من أن هذه القمة كانت لا تمثل أيًّا من الأخطار فى السابق لكبرى الاقتصاديات العالمية إلا أن الأمر تحول الآن وأصبح الغرب يترقب أهم قرارات هذه القمة.

 حضور عالمى

وكمضيفة للقمة، قامت جنوب إفريقيا بدعوة 67 زعيما من مناطق مختلفة فى العالم، وتحديدا من إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا ومنطقة البحر الكاريبى، لحضور هذه القمة.

بالإضافة إلى ذلك، تم توجيه دعوات لـ20 ممثلا عن منظمات دولية مختلفة. وقد حضر أيضًا إلى القمة أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، للمشاركة فى هذا الحدث.

واتجهت أنظار العالم إلى العاصمة جوهانسبرج لمتابعة أعمال ونتائج قمة مجموعة «بريكس» الرامية لتوسيع نفوذ التكتل والدفع باتجاه تحول فى السياسة العالمية، حيث يطالب هذا التكتل، المنتج لربع ثروة العالم، بتوازن اقتصادى وسياسى عالمى متعدد الأقطاب. وفى مؤشر على تزايد الاهتمام بهذا التجمع، فقد أبدت أكثر من 40 دولة عن اهتمامها بالانضمام إلى هذه المجموعة، وقدمت 23 دولة طلبات رسمية للانضمام إلى هذه الكتلة.

وعشية انعقاد القمة وفى ظل الانقسامات على الساحة الدولية تغذيها تطورات الحرب الروسية - الأوكرانية، أعلن رئيس جنوب أفريقيا عن مشاركة أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة من مختلف أنحاء إفريقيا فى هذه القمة، وأشار إلى أن هؤلاء القادة يريدون بناء شراكة بين مجموعة بريكس والقارة الأفريقية، بهدف تعزيز الفرص لزيادة التجارة والاستثمار وتطوير البنية التحتية.

وفى كلمة متلفزة، أكد رئيس جنوب إفريقيا أن مجموعة «بريكس» تمتلك القدرة على إحداث تغييرات فى الاقتصاد العالمى والعلاقات الدولية، مشيرًا إلى أهمية توسع نفوذ المجموعة من خلال ترحيبها بأعضاء جدد، وأكد أن بلاده تؤيد توسيع مجموعة بريكس لتضم دولا تتشارك الرغبة فى أن يكون هناك نظام عالمى أكثر توازنا.

وفى ضوء التحديات المتزايدة والانقسامات العالمية، شدد رئيس جنوب أفريقيا على ضرورة تحقيق إصلاحات حقيقية فى الأمم المتحدة، مع التركيز على تحويل مجلس الأمن إلى هيئة أكثر فعالية وشمولية، تستطيع ضمان السلام والأمن فى العالم. وأكد دعمه للأمم المتحدة كمؤسسة متعددة الأطراف تحتاج إلى تحسين وتطوير لمواجهة التحديات العالمية بفاعلية.

 أجندة «بريكس»

يأتى اجتماع بريكس وسط اهتمام دولى لافت بالتجمع الذى بات يُنظر إليه كتجسيد لمساعى الكثير من القوى الدولية لبناء عالم متعدد الأقطاب، وإنهاء هيمنة الولايات المتحدة على قيادة العالم.

وناقش القادة بين 22 و24 من أغسطس الجارى، ملفات رئيسية بارزة على الطاولة أبرزها مبدأ توسيع التحالف وزيادة عدد أعضائها وكيفية تحسين العلاقات الاقتصادية بين اقتصادات أعضائها الخمسة، وجمع الأموال لبنك التنمية الجديد، المعروف على نطاق واسع باسم «بنك بريكس» والذى تأسس فى عام 2015 كبديل لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى.

وركزت القمة على تعزيز العلاقات بين المجموعة والدول الإفريقية، التى تعتبر سوقا غير مستغلة إلى حد كبير، من خلال منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وتعد بريكس، والصين على وجه الخصوص، بالفعل أكبر شريك تجارى لأفريقيا، ومن المتوقع أن تصل التجارة بين الطرفين إلى أكثر من 500 مليار دولار بحلول عام 2030.

وفيما يتعلق بتوسيع مجموعة بريكس وزيادة عدد أعضائها، فإن ذلك يتطلب موافقة جميع أعضاء التكتل الخمسة، وتحرص روسيا والصين وجنوب إفريقيا على تنمية الكتلة، حيث تسعى موسكو وبكين بشكل خاص إلى توسيع شبكة حلفائهما بين الدول النامية فى العالم، لكن الهند والبرازيل أكثر تحفظا تجاه عملية التوسيع وزيادة أعضاء التكتل، حيث أشار الطرفان إلى ضرورة أن تلبى الدول الجديدة «معايير معينة قبل أن يتم منحها العضوية فى مجموعة بريكس».

وتتيح العضوية فى الكتلة للبلدان إمكانية وصول أكبر إلى أسواق الدول الأعضاء، وتشكل مصدرا للاستثمار الأجنبى المباشر، وناقشت القمة أيضا تعميق استخدام العملات المحلية فى التجارة بين الدول الأعضاء، وإمكانية إطلاق عملة مشتركة أو نظام مدفوعات مشترك لتحسين التجارة داخل الكتلة.

ويرى مراقبون أن توسيع التجمع سيساعد فى تحقيق التوازن فى تأثير الدول الكبرى على الاقتصاد العالمى، ويضيف هؤلاء أن التوسع لن يساعد فقط دول بريكس فى الحفاظ على أهميتها فى النظام العالمى، بل سيوفر أيضا مصدرا بديلا للتمويل للعالم النامى.

وقد قام بنك بريكس الذى جمع 94 مليون دولار فى مزاد سندات جنوب إفريقيا قبل انعقاد القمة بأسبوع، بإقراض أكثر من 30 مليار دولار لمشروعات فى الدول الأعضاء المؤسسين، وقالت رئيسة البنك وهى الرئيسة السابقة للبرازيل ديلما روسيف، إن البنك يهدف إلى تقديم 30 % من قروضه بعملات الدول الأعضاء بين عامى 2022 و2026، حيث تحمى القروض «غير الدولارية» المقترضين من تداعيات أسعار الفائدة المرتفعة فى الولايات المتحدة.

بدأ التجمع، الذى يمثل حوالى ربع ثروة العالم، عام 2009، باسم «BRIC»، وهو اختصار لأربعة اقتصادات تعد من الأسرع نموا وهى البرازيل وروسيا والهند والصين، ومنذ انضمام جنوب إفريقيا إلى هذا التكتل، أصبح يعرف باسم BRICS، وقد زادت صادرات جنوب إفريقيا إلى الصين بمقدار أربعة أضعاف، مما جعل الصين شريكا تجاريا رئيسيا لها.

وتمثل دول بريكس مليارات الأشخاص عبر ثلاث قارات، مع اقتصادات تشهد مراحل متفاوتة من النمو، ويمثل التكتل حاليا %23 من الناتج المحلى الإجمالى العالمى و%42 من سكان العالم، وأكثر من %16 من التجارة العالمية، وتشير بعض التقديرات إلى أن بريكس فى حال توسيعها، يمكن أن تساهم بأكثر من %50 من الناتج المحلى الإجمالى العالمى بحلول عام 2030.

وكان موضوع إصدار عملة موحدة واحدة من أبرز الموضوعات المطروحة خلال القمة، حيث يعيد التكتل إحياء فكرة تقليص هيمنة الدولار على نظام المدفوعات الدولية، وهى الفكرة التى طرحت للمناقشة فى القمم السابقة. عاد النقاش ليبرز من جديد بعد رفع أسعار الفائدة الأمريكية والحرب «الروسية - الأوكرانية»، مما أدى إلى ارتفاع العملة الأمريكية، ومعها تكلفة السلع المقومة بالدولار.

وشملت الاقتراحات التى خضعت للنقاش، زيادة استخدام العملات الوطنية للدول الأعضاء فى التجارة، وإنشاء نظام دفع مشترك.

يُنظر إلى هدف إنشاء عملة مشتركة على أنه مشروع طويل الأجل.

بدأ العديد من أعضاء «بريكس» فى تسوية صفقات تجارية ثنائية بالعملات المحلية.

وقد اتفقت الهند مع ماليزيا لزيادة استخدام الروبية فى الأعمال التجارية عبر الحدود، وأبرمت البرازيل والصين فى وقت سابق من العام الجارى صفقة لتسوية التجارة بعملتيهما المحليتين، وتواصلت الهند وروسيا مع جنوب أفريقيا بشأن ربط تسوية المدفوعات بالعملات المحلية.

 تنمية حقيقية

بعد ما زادت المبادلات التجارية بين أعضاء «بريكس» 56 % إلى 422 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية، فى حين يعادل مجموع الناتج المحلى الإجمالى الاسمى للأعضاء، والبالغ 25.9 تريليون دولار، 25.7 % من الناتج العالمى، بحسب بيانات المدرسة العليا للاقتصاد فى موسكو تأتى خطوة بنك التنمية الجديد كأحد أهم الملفات المطروحة على القمة.

وقال أنيل سوكلال سفير جنوب إفريقيا لدى بريكس إن تقديرات بنك التنمية الجديد، الذى سيكون قناة لإبرام مثل هذه المعاملات، تشير إلى أن ما لا يقل عن ثلث الإقراض سيكون بالعملات المحلية بحلول عام 2026.

خلال الاجتماع، تقدم ديلما روسيف، رئيسة بنك التنمية الجديد ومقره فى شنجهاى، آخر التحديثات بشأن خطط تنويع مصادر تمويله.

وأُنشئ بنك التنمية الجديد فى عام 2015 ليكون بديلًا عن صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، وقد أعاقته العقوبات الغربية على روسيا -العضو المؤسس- بعد الحرب «الروسية - الأوكرانية».

قال سوكلال إن هناك أيضًا رغبة فى توسيع سلة الإقراض لدى البنك، وهناك العديد من الدول فى الشرق الأوسط وأماكن أخرى فى آسيا مهتمة بالمساهمة فى رأس مال بنك التنمية الجديد. وأضاف أن 12 دولة تتطلع لأن تصبح لديها عضوية كاملة.

 الحرب الأوكرانية والأمن الغذائى

وناقشت القمة الحرب الروسية - الأوكرانية التى بدأت قبل 18 شهرًا. حيث ظلت دول «بريكس» متماسكة فى الغالب منذ الحرب، وصوّتت البرازيل فقط لصالح قرار للأمم المتحدة فى فبراير يدعو إلى إنهاء الصراع ويطالب روسيا بالانسحاب، بينما امتنعت الصين والهند وجنوب أفريقيا عن التصويت. قال لولا دا سيلفا إنه يريد من المجموعة المساعدة فى إحلال السلام، فيما تقود جنوب أفريقيا مبادرة أفريقية لإنهاء القتال.

وكانت أخطر تبعات الحرب هو تهديد الأمن الغذائى العالمى، حيث تلحق أسعار الغذاء المرتفعة الضرر بمليارات الأشخاص من أفقر الناس فى العالم، وكان الأمن الغذائى على جدول أعمال قمة جنوب إفريقيا فى ظل الإجراءات التى اتخذتها الهند وروسيا والتى فاقمت الوضع.

زادت الهند - التى تمثل %40 من تجارة الأرز فى العالم- من القيود على الصادرات لحماية سوقها المحلية. وانسحبت روسيا من المبادرة التى تضمن المرور الآمن لصادرات الحبوب الأوكرانية، والتى كانت مثالًا نادرًا للتعاون خلال الحرب.

يعتبر الأرز عنصرًا حيويًا للوجبات الغذائية للآسيويين والأفارقة، حيث يسهم بنسبة %60 من إجمالى السعرات الحرارية التى يتناولها الناس فى القارتين.

تعتزم الهند استضافة منتدى «الهند وأفريقيا»، فيما تخطط الصين لتنظيم فعالية مماثلة خاصة بها.

قال سوكلال: «أعتقد أنهما ستصدران إعلانات، بما فى ذلك إعلانات بشأن الزراعة.. أنا واثق تمامًا من أنه سيجرى تناول بعض هذه القضايا بشكل إيجابى».