الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الفنان الكبير.. عاشق البلاتوهات

الفنان الكبير.. عاشق البلاتوهات

 يمثل «جوكر» فنون الدراما المصرية «حسن حسنى» حالة نادرة وفريدة واستثنائية مدهشة.. فكان أكثر فنانينا إنتاجًا وانتشارًا وتواجدًا على الشاشتين الكبيرة والصغيرة (500 فيلم ومسلسل ومسرحية) التى أدى فيها أدوارًا متنوعة ومختلفة كوميدية وتراجيدية بنفس البراعة والاقتدار.. وكان يملك قدرة على التنوع والانتقال من شخصية إلى أخرى بسلاسة مدهشة نافذًا إلى أعماقها.. ويخاطبك بخبرته الهائلة القادرة على إبراز أخص سمات الشخصية وكأنه عايشها وسبر أغوارها زمنًا طويلًا وقد أسعدنى الحظ بالاقتراب منه كثيرًا من خلال تجسيده لشخصيات درامية متعددة لأعمال قمت بتأليفها وكتابة السيناريو والحوار لها.. فهو الباشا الوزير فى إحدى حكومات ما قبل ثورة (1952) فى مسلسل «دموع صاحبة الجلالة».. وهو عبده مشتاق فى مسلسل «ناس وناس» الطامح فى أن يكون وزيرًا فى أى وزارة.. وهو الشخصية المسيحية الانبساطية المحبة للحياة والذى أوقعه حظه العاثر فى الزواج من سيدة متشددة دينيًا فى مسلسلىّ «يا رجال العالم اتحدوا» و«النساء قادمون».. ثم عليك أن تصدق أن جدول عمله اليومى يمتد منذ الصباح الباكر ويتجاوز منتصف الليل.. يقسمه بين ثلاثة أو أربعة مسلسلات وفيلم.. وربما يمتد إلى مسرحية يسدل ستار فصلها الثالث فى فجر اليوم التالى.. وهو يستطيع ببراعة ملفتة أن ينسق بين مواعيد هذه الأعمال بحيث لا يمكنك أن تضبطه وقد تأخر دقيقة عن «أوردر» منها.



وهو يجد سعادته فى العمل اليومى الشاق بلا هوادة.. ولا راحة بصرف النظر عن العائد المادى الذى يحصده والمال فى حد ذاته لا يعنيه.. فهو يأكل أقل القليل.. وينام ساعات محدودة.. ويبدو زاهذًا فى متع الحياة إلا متعة التمثيل.. فيمكنك أن تطلق عليه «عاشق» أو مدمن البلاتوهات.. أما قدرته على حفظ حوار المشاهد فحدث ولا حرج.. فلديه ذاكرة فوتوغرافية مذهلة.. فبمجرد النظر فى صفحات المشاهد المكتوبة نظرة عابرة يمكنه الإلقاء دون تلعثم.. وأذكر أنه فى مشهد أساسى صعب وطويل كتبته فى مسلسل «الكماشة» يحتوى على عشر صفحات يتحدث فيه «حسن حسنى» بصفته رئيسًا لناد كبير تعرض لخسارة فادحة خرج على أثرها من نهائى كأس «مصر» أمام فريق درجة ثالثة من الأرياف.. فما كانت من الجماهير إلا أنها أشعلت النار فى مبنى النادى.. والمشهد يمثل اجتماعًا لرئيسه من الجهاز الفنى والإدارى ونجوم الفريق يحاول أن يعالج فيه الآثار النفسية السيئة للهزيمة، وأن يلم الشمل من جديد ويقوى فيهم روح العزيمة لاستعارة أمجاد الماضى ويضرب لهم أمثلة متعددة لفرق عالمية ومنتخبات مثل منتخبات البرازيل والأرجنتين وإيطاليا وفرنسا سبق لهم الهزيمة رغم وجود لاعبين أفذاذ بفرقهم والمشهد به حشد كبير من أسماء الأندية واللاعبين وتواريخ اللقاءات مع الخصوم.. وقد قدر المخرج أن يخصص بمد ساعات اليوم كله لتصوير هذا المشهد.. ودارت الكاميرا وانطلق «حسن حسنى» يؤدى ببراعة حوار المشهد كله مرة واحدة دون إعادة.. فالتهبت الأكف بالتصفيق.. وحينما اندفعت لتهنئته بحرارة لهذا التفوق البديع.. ضحك كثيرًا وقال لى: «مش حاتصدق لو قلت لك أنا لست مشجعًا كرويًا.. ولا أفهم الفرق بين كرة القدم وكرة اليد ولا أعرف شيئًا على الإطلاق من المعلومات والمصطلحات الكروية الغزيرة التى سردتها فى المشهد».