الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

القمـــة الثلاثيــة ماذا يحمل الحراك السياسى للقضية الفلسطينية؟

فى لقاء جمع الأشقاء، استضافت مدينة العلمين القمة الثلاثية بين الرئيس عبدالفتاح السيسى وملك الأردن عبدالله الثانى والرئيس الفلسطينى محمود عباس لبحث آخر مستجدات القضية الفلسطينية وللتنسيق المشترك تجاه آخر المستجدات، حيث جاء هذا اللقاء بعد اجتماع الفصائل الفلسطينية، يوليو الماضى لاتخاذ خطوات لرأب الصدع بين الفصائل أصحاب الوطن الواحد.



وأكّد البيان الختامى للقمة على أهمية حل القضية الفلسطينية، وتحقيق السلام لضرورته إقليميًا ودوليًا، كما شدد القادة فى بيانهم الختامى على وجوب تنفيذ إسرائيل التزاماتها وتعهداتها، وفقًا للقانون الدولى، والاتفاقات الدولية السابقة.

وبعد أن أكد السيسى والملك عبدالله دعمهما الكامل لجهود عباس فى الدفاع عن مصالح الشعب الفلسطينى، شددا على ضرورة احترام إسرائيل لالتزاماتها، بصفتها القوة «القائمة بالاحتلال فى الأرض الفلسطينية».

حراك فلسطينى

ومع لقاء قادة الفصائل الفلسطينية الشهر الماضى، والتى تعثرت بعد اشتعال أزمة مخيم «عين الحلوة» فى لبنان، بالإضافة إلى الحراك الإسرائيلى من الحكومة اليمينية أدى هذا إلى اتخاذ الرئيس الفلسطينى خطوات جادة لمعاودة الحراك السياسى للقضية وكانت المبادرة المصرية هى الأهم لحشد القادة العرب لوضع حد للأزمات المتوالية فى الأراضى المحتلة.

وقبل قمة العلمين بأيام أشار رئيس الوزراء الفلسطينى محمد أشتية فى كلمة بمستهل الاجتماع الأسبوعى لحكومته إلى «حراك سياسى مهم فى المنطقة»، مضيفًا أن «الرئيس محمود عباس يشارك فى هذا الحراك بنشاط عالٍ».

وأعرب أشتية عن ثقته فى القادة العرب بأن يعتبروا القضية الفلسطينية محط اهتمامهم، وعلى رأس أولوياتهم فى مداولاتهم الإقليمية والدولية.

«الحراك السياسى المهم» كما وصفه أشتية يثير جملة من التساؤلات، من بينها: هل من مبادرة أو أفق سياسى يتعلق بالقضية الفلسطينية؟ أم أن تلك التحركات تتعلق بدرء مخاطر متوقعة فى ظل حكومة إسرائيلية متطرفة؟

وعلى مدار أسبوعين عقد الرئيس الفلسطينى محمود عباس سلسلة لقاءات قمة مع قادة تركيا ومصر والأردن، حيث تتزامن اللقاءات عالية المستوى مع إعلان المملكة العربية السعودية تعيين سفير لها غير مقيم لدى دولة فلسطين وقنصل عام فى القدس.

مواجهة التحديات

ووفق تصريحات سفير فلسطين لدى مصر، دياب اللوح، لإذاعة فلسطين الرسمية فإن قمة العلمين تحظى «بأهمية كبيرة فى التنسيق والتعاون التشاور المستمر بين مصر والأردن وفلسطين».

وقال اللوح إن القمة تبحث «كل ما له صلة بالشأن الفلسطينى والتطورات الدولية والإقليمية الحاصلة وانعكاساتها على مجمع الأوضاع فى المنطقة والشرق الأوسط، خاصة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى».

وأضاف اللوح أن القمة يتخللها «التفكير فى وضع استراتيجية لمواجهة كل التحديات الماثلة أمامنا وما هو قادم أيضا من تطورات، وكيف نتعامل معها بما يخدم ليس فقط القضية الفلسطينية وإنجاز حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة، لكن أيضا هموم ومشاغل تتعلق بالأشقاء».

ووفق السفير الفلسطينى فى مصر، فإن عباس «يحمل رسالة الشعب الفلسطينى ومطالبه بإنجاز حقوقه الوطنية الكاملة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلى».

يذكر أنه منذ 2014 وقد انقطعت كافة المفاوضات السياسية بين السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال، ولم ينجح اجتماعا العقبة وشرم الشيخ الخماسيان برعاية أمريكية فى فبراير ومارس الماضيين فى تحقيق الهدوء لفتح مسار سياسى لحل الأزمة.

مبادرات متجمدة

ووفق تصريحات لعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف فإن تحركات أبو مازن الأخيرة لم تؤد إلى أى مبادرات سياسية جديدة، موضحًا: «لا توجد أى مبادرات حتى الآن، ونؤكد فى تحركاتنا على حقوق شعبنا فى الحرية والاستقلال استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة».

وأشار القيادى الفلسطينى إلى «العديد من التغيرات فى المنطقة وما يمكن أن يشكل خطرا من حكومة إسرائيلية فاشية لا تمتلك سوى زعزعة الأوضاع وتصدير أزمتها للدول المجاورة والأراضى المحتلة».

وأضاف أبو يوسف إن «التنسيق الفلسطينى مع مصر والأردن والدول الشقيقية يأتى فى إطار التأكيد على حماية القضية والثوابت الفلسطينية».

وأوضح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أنه خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجارى ارتقى شهداء أكثر من عام 2022 كاملا «الأمر الذى يستوجب البحث فى كيفية الخروج من الصمت الدولى».

أهمية التوقيت

وتأتى قمة العلمين ضمن جهود الأشقاء العرب المستمرة خاصة بين مصر والأردن فى ملف القضية الفلسطينية وأثره على الأمن الإقليمى، وذلك سعيًا لجهود التهدئة وترسيخ الاستقرار فى المنطقة وإعطاء أفق وأمل للشعب الفلسطينى فى أنه سائر باتجاه إحقاق الحقوق وإنشاء دولته، التى بات وجودها جوهر الحلم الوطنى الفلسطينى.

 وما يزيد من أهمية هذه القمة ما يحدث فى إسرائيل من معارضة سياسية قوية لمشروع اليمين للتعديلات القضائية، واستفاقة المعارضة بقوة على نحو لم نره منذ الانتفاضة الثانية فى العام 2000، فحكومة اليمين فى وضع حرج، وهى متحدة فى مشروعها للإجهاز على استقلال السلطة القضائية فى إسرائيل، فى حين أنها ليست كذلك فى الأجندة الدبلوماسية والأمنية، وقد رأينا مزيدًا من القيادات العسكرية الإسرائيلية تنتقد الحكومة اليمينية، والدول المحيطة والمهمة ومنها أمريكا لا تبتاع قصة أن الائتلاف سوف ينهار إذا ما قدم تنازلات للفلسطينيين من أى مستوى، بل تجده عذرا للتهرب لحل القضية وإرساء الأمن فى المنطقة المتوترة، فحكومة اليمين أثبتت أنها خطر على الاستقرار فى المنطقة وتخلق أجواء العزلة وعدم التعاون وهو ما يشعل توتر الأوضاع فى المنطقة ككل.

ووفق المشهد الإسرائيلى الآن فيوجد تعارض استراتيجى واضح بين ما تريده دول القمة، وهى الموقعة على معاهدات سلام مع إسرائيل، وبين ما يريده اليمين الإسرائيلى، فهذا الأخير يريد استمرار الوضع على ما هو عليه؛ فلسطينيون بلا دولة فقط بسلطة تقوم بمهام معينة لا ترتقى لمستوى السيادة الكاملة، فى حين أن ما تريده الدول المجتمعة دولة فلسطينية كاملة السيادة بالمعنى القانونى وليس العسكرى، قادرة على القيام بمهام الدول وعلى رأسها القدرة على منح الجنسية.

إسرائيل تريد التقدم بالتعاون والتنسيق وتوقيع المعاهدات مع الاستمرار بإبقاء الوضع الفلسطينى على ما هو عليه، فى حين تشعر الدول العربية والفلسطينيون أن أى تعاون لا بد وأن يرافقه انفراج فى الملف الفلسطينى، هذا هو جوهر الخلاف الذى بسببه توجد تحركات دبلوماسية مستمرة، ولا يخفى الأمر أن حتى السلطة الأمريكية تعارض مع ما تريده حكومة نتنياهو، وأكبر دليل على ذلك أن الرئيس الأمريكى جو بايدن لم يستقبل نتنياهو حتى الآن فى البيت الأبيض رغم أن نتنياهو زار عدة أماكن فى أمريكا دون أن يحظى بمقابلة فى البيت الأبيض.

ومن الواضح أن المواجهة مع الحكومة الإسرائيلية ستستمر بخطوات دبلوماسية واضحة من قبل كافة الأطراف سواء العربية أو الأمريكية، لأن الأطراف المواجهة لحكومة اليمين استطاعت أن تحقق فيها تقدمًا سياسيًا ودبلوماسيًا أنهك نتنياهو، والمعارضة الإسرائيلية أيضًا ويكفى ما تمر به دولة الاحتلال من أزمات داخلية يمكن أن تنسف هذه الحكومة من أساسها.

لذا فمن الأهمية إبقاء الضغوط الدبلوماسية والتعاون العربى، وعدم عمل أى ما من شأنه أن يشكل طوق نجاه لنتنياهو وحكومته. لا بد من تعرية هذه الحكومة سياسيا أمام العالم، وهذا ما يحدث يوميًا حيث يشاهد العالم أجمع كل هذا التشدد والعنصرية الدينية التى يمارسها اليمين الإسرائيلى، وهذا ليس الذى دعم العالم إسرائيل لأجله باستثناء دوائر الإنجيليين المتشددة.