الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

24 أغسطس الاجتماع المنتظر العالم فى انتظار «البنكنوت الأخضر»

تتجه أنظار العالم فى الـ24 من أغسطس الجارى إلى العاصمة جوهانسبرج لعقد قمة «بريكس» وسط أنباء عن استعداد بلدان المجموعة الاقتصادية الصاعدة لبحث إنشاء عملة مشتركة كأحد الموضوعات الرئيسية التى سيتم طرحها على جدول الأعمال، وكلمة «بريكس» هى اختصار للأربع دول الأعضاء هى (البرازيل وروسيا والهند والصين)BRIC وانضمت جنوب إفريقيا إلى المجموعة لاحقًا فى عام 2010، لتصبح «BRICS».



وقد دعت جنوب إفريقيا قادة 67 دولة من القارة السمراء و«الجنوب العالمي»، بالإضافة إلى 20 ممثلاً عن منظمات دولية، إلى اجتماعات «بريكس» التى من المتوقع أن تقر انضمام دول جديدة لمجموعتها الأمر الذى يثير شكوك الجانب الغربى وخاصة الولايات المتحدة فيما يتعلق بزيادة نفوز «بريكس» الدولى، كما أن إصدار عملة موحدة بين الدول الأعضاء قد يؤدى إلى زعزعة قوة الدولار باعتباره العملة العالمية الموحدة.. وهو ما يؤكد أن القمة المقبلة لـ«بريكس» ربما تكون أول مسمسار فى «نعش» سيطرة الدولار عالميًا.

تهميش الدولار

ينطلق تجمع «البريكس» فى نسخته الـ15 خلال الفترة من 22 إلى 24 من أغسطس الجارى، وتقوم جنوب إفريقيا باستعدادات مكثفة لاستضافة هذه القمة إذ تتوجه الأنظار إلى القمة التى تكتسب زخمًا شديدًا فى خضم تغيرات سياسية واقتصادية عالمية تشكل عالمًا متعدد الأقطاب.

وبدأت جنوب إفريقيا استعداداتها للقمة المرتقبة التى تعد من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، إذ يمثل التجمع نحو %30 من حجم الاقتصاد العالمى، و%26 من مساحة العالم و%43 من سكان العالم، وتنتج أكثر من ثلث إنتاج الحبوب فى العالم، كما تصل مساهمة مجموعة بريكس فى الاقتصاد العالمى إلى %31.5، بينما توقفت مساهمة مجموعة السبع عند %30.7.

وتجعل التحديات السياسية والاقتصادية الكبيرة من قمة «بريكس» هذا العام أهمية غير مسبوقة فمنذ بداية الحرب الروسية- الأوكرانية يتجه العالم بشكل ملحوظ نحو عالم متعدد الأقطاب، ما جعل مجموعة بريكس بمثابة تحالف دبلوماسى، وممول تزداد أهميته للتنمية فى دول عديدة.

وتشبه مجموعة بريكس مجموعة العشرين فى تمثيلها فى تحرك نحو عالم متعدد الأقطاب، والابتعاد عن عالم تهيمن عليه الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة، ما يتجلى ذلك من خلال منظمة مثل مجموعة السبع والبنك الدولى، حيث يوجد عدة مكتسبات اقتصادية تكتسبها الدول التى انضمت إلى البريكس، لعل أبرزها، الفوائد المخفضة على القروض الدولية إذا ما قورنت بصندوق النقد الدولى.

سيناقش تحالف دول البريكس استخدام العملات المحلية فى المعاملات عبر الحدود فى القمة هذا الشهر، وستدرس الكتلة المكونة من خمس دول طرقًا لتقوية اقتصاداتها المحلية من خلال استخدام عملاتها المحلية وتهدف مجموعة «بريكس» إلى القضاء على الدولار الأمريكى للتجارة العالمية وبدء تحويلات الواردات والصادرات باستخدام المناقصات المحلية.

وأكد سفير جنوب إفريقيا أنيل سوكلال أن التحالف سيناقش الأمور المتعلقة بالعملات المحلية، وأشار إلى أن دول البريكس جادة فى تهميش الدولار الأمريكى وتهدف إلى إبقاء العملات المحلية فى مقعد القيادة للنظام المالى العالمى.

أكد سوكلال أن «المناقشة تركز على تعميق استخدام العملات المحلية»، لذلك، ستطرح الكتلة المكونة من خمس دول عملاتها لتسوية التجارة العالمية وليس الدولار الأمريكى.

وستقرر «مجموعة البريكس» خلال قمتها المقبلة عدد القطاعات التى سيتم فيها استخدام العملات المحلية فى المعاملات الدولية، وستعزز هذه الخطوة الاقتصادات المحلية مما يمنح عملاتها المحلية دفعة قوية فى أسواق الصرف الأجنبى مما سيؤدى لتسوية التجارة داخل الكتلة عن طريق التخلى عن الدولار الأمريكى إلى ازدهار الأعمال فى دول البريكس، وسيكون استخدام العملات المحلية داخل دول البريكس أسرع وأكثر سلاسة وفعالية من حيث التكلفة من الدولار الأمريكى.

الانضمام لـ«بريكس»

ومع تزايد حدة الصراع العالمى بين روسيا وحلفائها وأمريكا وحلفائها بدأت دول العالم تدرك أن تغيير النظام العالمى أصبح أمرًا لا مفر منه، وجاءت مجموعة بريكس لتفرض قوتها أمام سيطرة الغرب بصورة قوية، ووفق مؤشرات فهناك نحو 22 دولة تطمح فى الانضمام إلى المجموعة لكن لماذا تتسابق الدول الآن للانضمام إلى بريكس؟.. هذا هو السؤال المهم والإجابة هنا سهلة.. فكثير من الدول النامية تريد الحصول على تمويلات وفرص استثمارية والمساعدة فى مواجهة الأزمات العالمية وترى نفسها بحاجة إلى (التكتلات الكبرى). وإذا ما نظرنا إلى إعلان 6 دول إفريقية هذا الشهر رغبتها فى الانضمام إلى البريكس بالإضافة إلى 14 دولة أخرى فمن غير المتوقع أن يتم قبول معظم المرشحين لافتقاد الكثير منهم الثقل الاقتصادى والعائد الديمغرافى الذى تحظى به بعض الدول الراغبة فى الانضمام مثل مصر والسعودية ونيجيريا وحتى السنغال وإثيوبيا والجزائر.

وإلى جانب كل ذلك فقد أصبحت هناك قناعة أصبحت تترسخ يومًا بعد يوم لدى كثير من دول العالم وهى أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت غير مأمونة الجانب فيما يخص السياسة الخارجية وإدارة القضايا الدولية وكثرة الحديث عن سقف الديون وما يرتبط بذلك من مخاطر العقوبات الاقتصادية.

وخلال هذه الفترة أصبحت (بريكس) منفتحة على انضمام أعضاء جدد إليها لتكون صاحبة صوت أقوى فى الساحة الدولية، كما أن الدول الصناعية الكبرى، أو مجموعة G7 التى تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان، تُدرك أن بانضمام دول مؤثرة فى الاقتصاد العالمى لمجموعة بريكس، فإن ذلك قد يٌعتبر منافسًا شرسًا لمجموعتهم، وأن بريكس فى طريقها لتصبح قوة اقتصادية كبيرة بعد ضمّها دولًا تتميّز بثقلها الاقتصادى وموقعها المهمّ دوليًا، وستصبح قوةً لا يستهان بها، وستُنهى سطوة الغرب أو على الأقل ستقلل منها، خاصة إذا ما علمنا أن الصين وروسيا المنافستين الاقتصاديتين والسياسيتين للغرب، وبالذات للولايات المتحدة، تدعمان طلبات العضوية خاصة للسعودية والإمارات ومصر، ما يجعل العالم الغربى يترقب بشغف بالغ نتائج اجتماع قمة المجموعة فى جوهانسبرج.

أمريكا فوق خط النار

رغم ثقل القمة المقبلة لمجموعة بريكس وزيادة سوء الأوضاع فى الغرب والولايات المتحدة سواء فى الداخل الأمريكى أو بسبب الحرب الأوكرانية يبقى تحدى واشنطن أمام انضمام دول أخرى للمجموعة هو التحدى الأكبر والمفزع للإدارة الأمريكية.

وستحاول واشنطن دفع جميع السبل لتحويل هذا التجمع إلى تجمع (جيوسياسي) للالتفاف على الصين تحديدا وإقناع الدول التى تطلب الانضمام لهذا التجمع ترغيبًا وترهيبًا بالعدول عن فكرة الانضمام إليه لكنَّ كثيرًا من الدول ذات الثقل السياسى كالسعودية ومصر طلبت الانضمام وهو ما سيقيد تحركات واشنطن خاصة أن قمة القادة الأمريكية الأفريقية التى أقيمت أوائل العام الجارى لم تنم عن أى تحركات لتغيير اتجاهات أو سياسات الدول الإفريقية.

كما أن الصين ستحاول فى مجموعة «بريكس» تعزيز التنمية الاقتصادية والسياسية للأسواق الناشئة التى لا يمكن وصفها بأنها جزء من الدول الغربية المتقدمة وبالتالى لا يمكن النظر إلى هذا التصرف على أنه ضد القيادة الأمريكية.

من جهة أخرى، يوجد تباين بين القادة الأمريكيين وقادة الغرب حول تأثير انضمام أية دول للتكتل فبعضهم يرى أن القبول لوضع هذه الدول الصاعدة والصياغات الاستراتيجية التى تسعى من خلالها إلى تحقيق تنمية اقتصادية وسياسية لن يحقق نجاحًا يذكر فى (تحقيق القيادة الدولية)، بينما يرى آخرون أن هذا التكتل سيؤدى حتمًا إلى تراجع هيبة الولايات المتحدة.. وبداية عصر جديد متعدد الأقطاب يواجه سيطرة الغرب وربما يكون بداية جديدة للدول الإفريقية وآسيا لبدأ عصر هيمنتها على العالم الاقتصادى.