الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فتح قلبه وتحدث كما لم يتحدث من قبل الموسيقار مجدى الحسينى: اسألوا المسئولين عن سر تهميشى!

فى أحد الفنادق الشهيرة المطلة على النيل، جلس الموسيقار وعازف الأورج الشهير «مجدى الحسينى» أمام بيانو أنيق يتوسط قاعة من قاعات الفندق الفخم، أخذ يعزف أجمل الألحان بحماسة تشبه حماسة شاب فى العشرين، وباندماج يعيدك لزمن مضى، عزف فيه خلف «أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وفريد الأطرش» وأصبح واحدًا من المقربين للعندليب الأسمر، للدرجة التى جعلته الموسيقى الوحيد الذى سمح له «عبدالحليم» بأن يبيت فى منزله.



كان موعدى معه فى السابعة، لكننى فضلت الحضور مبكرًا قبل أن ينهى فقرته التى اعتاد تقديمها أسبوعيًا فى الفندق، وهناك، وبينما وقعت أذنى أسيرة لنغماته الساحرة، أخذت أجول بعينى بين الجالسين، وتساءلت: هل يعى هؤلاء السائحون قيمة هذا الفنان الكبير؟ لكن صوتًا ما بداخلى عدّل السؤال وغير مساره ليصبح: هل نعى نحن قيمة هذا الفنان الكبير الذى يعيش بيننا؟

حدثنى «مجدى الحسينى» عن ذكرياته مع رموز الغناء والطرب، وعن الحفل الذى أقامه فى الرياض قبل عدة أشهر، وعن الحفاوة التى وجدها هناك، وعن تكريم مرتقب له فى مدينة سيدنى بأستراليا، وعن اشتياقه للوقوف على مسرح دار الأوبرا المصرية الذى لم يقف عليه منذ زمن بعيد، كما أرسل من خلال (روز اليوسف) رسالة إلى الفنان «إيمان البحر درويش» علها تصل له وهو على فراش المرض، حاول من خلالها إزالة آثار سوء تفاهم وقع بينهما منذ سنوات، ورغم ابتسامته التى لا تفارقه أبدًا إلا أننى شعرت بغصة ما فى حديثه، كما شعرت أن السؤال الذى تبادر إلى ذهنى أثناء عزفه، يتبادر إلى ذهنه يوميًا عشرات المرات!

(لو حكينا يا حبيبى نبتدى منين الحكاية) أعلم أن لهذه الأغنية معزة لديك، ولذلك قررت أن أصنع منها سؤالى الأول: من أى المراحل تريد أن نبدأ حديثنا؟

- بالفعل لهذه الأغنية قدر كبير فى نفسى، وقد حققت نجاحًا كبيرًا منذ الحفل الذى أذيعت فيه لأول مرة، وحتى يومنا هذا، وأذكر أن الجمهور أخذ يهتف فى الحفل (بص شوف مجدى بيعمل إيه) وظننت حينها أن هذا الأمر سيزعج «عبدالحليم» ولكن على العكس فقد جاءنى بينما أنا مندمج فى العزف، وسعيد برد فعل الجمهور، وداعبنى بقوله (إيه يا مجدى انت موزع فلوس فى الصالة النهاردة ولا إيه) والجميل أنه لم يزل الهتافات فى المونتاج الذى كان يُشرف عليه بنفسه، وحتى اليوم يوجد على الإنترنت تسجيل لهذه الحفلة وتظهر خلاله هتافات الجمهور لى.

وهل كان «عبدالحليم» من المطربين الذين يشعرون بالغيرة من تفوق العازفين فى فرقته، ويحب أن يستأثر بالنجاح لنفسه؟

- إطلاقًا، عبدالحليم كان ملائكيًا، يحب الخير للجميع، وقد احتضننى منذ أن قدمنى له «عمر خورشيد» بينما كنت مراهقًا لم أتجاوز الخامسة عشرة، حيث شاركت بعزف الأورج فى أغانى فيلم (أبى فوق الشجرة) وأذكر أننى بعد نجاح الفيلم رافقته إلى باريس لإجراء الفحوصات الطبية التى كان يجريها بشكل دورى، وفى أحد محلات الشانزليزية وجدت أورجًا حديثًا لم يكن قد وصل إلى مصر، وأبديت إعجابى الشديد به، وعندما ذهب «حليم» لرؤيته، أعجب به، وقام بإعادة ساعة باهظة الثمن كان قد اشتراها فى هذه الرحلة، من أجل أن يأتى لى بهذا الأورج المتطور، وكان «عبدالحليم» محتفظًا بالطباع الشرقية، لذلك كان يرفض أن يبيت أحد من الموسيقيين فى منزله، ولم يستثنى من هذا الأمر سوى شخصين وهما الفنان «حسن يوسف» وذلك وقت تصوير فيلم (الخطايا)، حيث أراد «حليم» أن يعتادا على بعضهما لأنه يقدم دور شقيقه فى الفيلم، أما الشخص الثانى فهو أنا، فقد كان يطالبنى قبل كل أغنية جديدة بأن أحضر حقائبى استعدادًا لمعسكر مغلق قد يمتد إلى ستة أشهر، لكن هذه الإقامة الدائمة لم يكن سببها فقط إجراء البروفات المكثفة، فقد كان «حليم» قبل كل أغنية يستخدم آلة جديدة، ولا يعلن عن ذلك إلا قبل الحفل بوقت قصير، وكان يخشى بسبب صغر سنى أن أقوم بإفشاء السر، ولن أنسى أنه كان ينادينى بـ (أبو الميج) ورغم أن لى أكثر من اسم (دلع) حيث كانت تنادينى «أم كلثوم» بـ(مجودة) و«شادية» بـ (ميجوس) و«فايزة أحمد» بـ(أبو المجد) إلا أن (أبو الميج) يظل هو الأقرب لقلبى.

أعتقد أنك فى مارس الماضى قد استعدت كل هذه الذكريات عندما عزفت أغانى العندليب وغيره من النجوم على مسرح البوليفار بالرياض، كيف كانت هذه الحفلة؟

- كانت ليلة استثنائية بكل المقاييس، والحقيقة أننى دعيت لحضور حفل تكريم صديقى الموسيقار «هانى شنودة»، ثم قدمت خلال تواجدى بالرياض حفلين متتاليين، وسجلت مقطوعة موسيقية، كعزف منفرد من أغنية (نبتدى منين الحكاية)، وفوجئت أنها نالت الاستحسان، ويتم إذاعتها كثيرًا فى القنوات التابعة للمملكة، والحقيقة أننى بكيت من حرارة استقبال الجمهور السعودى لى، فهى المرة الأولى التى التقى فيها بهذا الجمهور الرائع، حيث عزفت قديمًا مع «عبدالحليم» فى السعودية، لكنها كانت حفلات خاصة لا يحضرها الجمهور. 

ولماذا لا تقدم حفلات للجمهور المصرى الذى يفتقدك؟

- اسألى المسئولين عن دار الأوبرا المصرية، لربما تجدى الإجابة لديهم، حيث إننى لم أقف على مسرح دار الأوبرا المصرية منذ 20 عامًا، فقد كنت أقدم حفلاتى هناك بانتظام، وكانت تحظى بإقبال رائع، وظل هذا الأمر حتى عام 2003، وتحديدًا وقت رئاسة الدكتور «سمير فرج» للأوبرا، وبعد رحيله، فوجئت بتهميشى، وتوقفوا عن دعوتى، والحقيقة أننى تعودت على التدليل، فقد كانت «أم كلثوم» تطلبنى بالاسم، وكرامتى لا تسمح لى أن أطرق باب أحد، وأحمد الله أن حفلاتى فى أمريكا، وكندا وكل الدول العربية تحقق نجاحًا كبيرًا، وقد تمت دعوتى للتكريم من جامعة سيدنى بأستراليا التى ستمنحنى الدكتوراة الفخرية تقديرًا لإنجازى الموسيقى، وذلك مطلع سبتمبر المقبل. 

بينك وبين الموسيقار الراحل «عمر خورشيد» علاقة قوية، مما جعلك تقرر إنشاء جمعية باسمه من أجل تعليم الفنون؟ لماذا توقف نشاط الجمعية سريعًا؟ وهل من الممكن أن تستأنف نشاطها مرة أخرى؟

- «عمر خورشيد» له كثير من الأفضال علىّ، وصداقتى به كانت قوية، وفكرة الجمعية تشاركت فيها مع الموسيقار «هانى شنودة» والصديق «أسامة خفاجة» وكانت تشمل معهدًا لتعليم الموسيقى، وفن التمثيل، والإخراج، فقد كان مؤسسة فنية متكاملة تستهدف المبتدئين والمحترفين، وقد عقدنا زمالة مع كلية التربية الموسيقية، وتحمس عدد من كبار الفنانين لمشاركتنا الحلم، منهم المخرج الراحل «على عبدالخالق» ومنحتنا إحدى الجهات مقرًا للجمعية، لكن للأسف كانت تلك الجهة تستهدف الربح، بالإضافة إلى أن المشروع بدأ بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا وبالتالى لم يلق الانتشار ولا الدعم المطلوب، وحاولنا التواصل مع شقيقته من أمه الفنانة «شريهان» كما حاولنا التواصل مع أبناء السيدة «اعتماد خورشيد» وهم أشقاء له من أبيه لكن لم يتحمس أحد لدعم الفكرة، لذلك أعتقد أنه لا أمل فى استئناف نشاط الجمعية. 

 

نذهب لنقطة أخرى.. ما رأيك فى أداء مصطفى كامل كنقيب للموسيقيين؟

- منصب نقيب الموسيقيين منصب صعب للغاية، وأنا أتحدث هنا من واقع خبرتى كعضو مجلس نقابة لمدة 10 سنوات، وهذه الفترة التى نعيشها تحديدًا تحتاج إلى شخص قوى وقادر على الحسم، وأنا أرى أن «مصطفى كامل» أهل لذلك، ورغم أن «هانى شاكر» فنان عظيم إلا أنه لم يستطع أن يتعامل كنقيب مع كل المستجدات التى فرضها الزمن، ومن رأيى أن نترك لـ «مصطفى كامل» الفرصة لأن يعمل.

 من ضمن النقباء الذين عملت معهم فى النقابة كان الفنان «إيمان البحر درويش» هل سألت عنه فترة مرضه؟

- «إيمان» شخص نظيف وطاهر، وفى قمة النقاء والإخلاص، وقد حاول فترة توليه المسؤولية أن يقف أمام طوفان الفساد داخل النقابة لكنه لم يستطع، وبالطبع علمت بمرضه من خلال صورته الأخيرة التى انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعى، وحزنت كثيرًا بسببها، لكنى حزين أيضًا لأنه لا يزال غاضبًا منى، حيث اعتقد أننى تآمرت ضده مع بقية أعضاء المجلس، وهو ما لم يحدث، ومن خلال مجلة (روز اليوسف) أطالبه بأن يتفهم موقفى، فأنا كنت مجرد صوت واحد من أصل 12 صوتًا، وكل ما أرجوه هو أن يمن الله عليه بالشفاء.