الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مسار وليس اختيارًا المشهد الفلسطينى بحاجة إلى توافق

الانتهاكات التى تعكف على ممارستها قوات الاحتلال الإسرائيلى فى القدس والضفة الغربية يوميًا تُمثل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولى والاتفاقيات الدولية، ويأمل الجميع أن يكون اجتماع الأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية بمدينة العلمين بداية حقيقية لتوحيد الموقف الفلسطينى وتذليل الخلافات، الأمر الذى سيكون له دور مهم فى بلورة حل شامل للقضية ومواجهة ما تقوم به سُلطات الاحتلال الإسرائيلى من أعمال إجرامية خطيرة تُعرقل مسيرة السلام.



 

لقد أودى العنف المرتبط بالصراع «الإسرائيلى- الفلسطينى» بحياة أكثر من 230 شخصًا حتى الآن هذا العام، ما لا يقل عن 203 فلسطينيين و27 إسرائيليًا وامرأة أوكرانية ورجُل إيطالى، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى مصادر رسمية.

المعطيات على الأرض الفلسطينية لم تتغير، فالمواجهات الجماهيرية والتنظيمية والفردية مع الاحتلال الإسرائيلى متواصلة، وتزداد عنفًا، وفى مقابل ذلك، العدوان إسرائيلى يتواصل، واقتحامات المدن الفلسطينية والمخيمات لم يتوقف، وتدنيس المسجد الأقصى لم يتراجع، كل ذلك العدوان الإسرائيلى يترافق مع مواصلة الاعتقالات السياسية من قِبَل السُّلطة الفلسطينية.

لقد أصبحت القضية الفلسطينية فى بؤرة وصدارة اهتمامات المجتمع الدولى بجميع دوله ومنظماته بفضل تحركات الدولة المصرية فى جميع المحافل، كما أن إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، علاوة على التوصل لتسوية عادلة وشاملة سيدعم بدوره استقرار المنطقة، كما يُسهم فى الحد من الاضطراب الذى يشهده الشرق الأوسط والحفاظ على الثوابت العربية الخاصة بالقضية الفلسطينية ودعم شامل للقضية الفلسطينية فى جميع المحافل الإقليمية والدولية.

ولم تتغير مواقف التنظيمات الفلسطينية؛ فما زالت السُّلطة الفلسطينية ملتزمة بما جاء فى اتفاقية أوسلو من اعتراف بـ(إسرائيل)، ورفض المقاومة، والالتزام بما وقّعت عليه منظمة التحرير، والاعتراف بالشرعية الدولية، وتشترط تحقيق المصالحة بموافقة التنظيمات الفلسطينية على ما وافقت عليه قيادة السُّلطة.

وما زالت تنظيمات المقاومة الفلسطينية ملتزمة بمواقفها المعادية لـ(إسرائيل)، ولا تقبل بما قبلت به منظمة التحرير من نبذ للمقاومة، واعتراف بـ(إسرائيل)، وما زالت التنظيمات الفلسطينية تطالب السُّلطة الفلسطينية بالتوقف عن التنسيق والتعاون الأمنى؛ للتقدم خطوة فى اتجاه التوافق الوطنى والمصالحة.

صيغة توافق

المشهد الفلسطينى قاتم، ولا مَخرج من هذا المشهد إلا بالتوصل إلى صيغة توافق؛ ليكون الحسم من خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية، انتخابات نزيهة تحدد نتائجها مسار العمل السياسى الفلسطينى، وذلك إن توافرت النوايا الصادقة، والرغبة الوطنية بالخروج من هذا المنزلق.

ويستند الرئيس الفلسطينى فى رؤيته على انضمام الفصائل الفلسطينية كلها لمنظمة التحرير، كممثل شرعى للفلسطينيين وبموجب قوانين الشرعية الدولية ورؤية حل الدولتين.

 

ويدعو إلى تشكيل حكومة وفاق وطنى تضم الفصائل الفلسطينية كافة، مع حركتى حماس والجهاد الإسلامى، تعمل على إنهاء الانقسام وتوحيد عمل مؤسّسات السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة، والتمسك بالمقاومة الشعبية السلمية للسياسات الإسرائيلية مع استمرار العمل الدبلوماسى الفلسطينى فى المحافل الدولية؛ وفقًا لما أكده مسئولو حركة فتح المرافقون للرئيس عباس.

وشدد الرئيس الفلسطينى فى الآونة الأخيرة على أهمية وحدة السلطة الفلسطينية وسلاحها وسيادة قانونها فى الأراضى الفلسطينية، وتعهّد بملاحقة كل من يعبث بذلك أو يمس بالسلم الأهلى، كما جاء فى خطابه أمام الجماهير الفلسطينية فى زيارته لمخيم جنين للاجئين خلال الشهر الماضى. وكانت تلك الزيارة الأولى من نوعها منذ 11 عامًا، وقد تفقد خلالها الدمار الهائل فى المخيم الذى خلفته العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة.

 أحداث عنيفة

يأتى اجتماع أمناء الفصائل بعد تطورات دامية كان أعنفها فى مخيم جنين للاجئين، الذى شهد مطلع الشهر الماضى مقتل 12 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 120 آخرين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية البرية والجوية الواسعة الأخيرة.

وقد تضاعف التأييد الشعبى لما حققته المجموعات المسلحة الفلسطينية من تطوير لقدراتها العسكرية والانتصار، حسب رأيها، من خلال قتل جندى إسرائيلى وإعطاب عدد من الآليات المدرعة الإسرائيلية فى مخيم جنين.

بجانب ذلك، إجراء انتخابات عامّة فى فلسطين هو ما يصبو إليه الشارع الفلسطينى منذ 17 عامًا، حين أجريت الانتخابات التشريعية فى فلسطين يناير 2006، ومنذ ذلك التاريخ لم تعقد انتخابات تشريعية، كما أن آخر انتخابات رئاسية كانت عام 2005.

ومنذ 2007 تسيطر أجواء الانقسام على المشهد الفلسطينى بين حركتى «فتح» و«حماس» وسط محاولات عدة لوحدة الصف وإنهاء الانقسام كان آخرها فى عام 2021 فى محاولة لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية فى فلسطين لكن الانتخابات أجّلت إلى أجل غير مسمى.

وباءت الانتخابات بالفشل لرفض الاحتلال إجراء الانتخابات فى القدس، مشيرًا إلى أن الفصائل مجتمعة أخطأت فى هذا الأمر، حينما رهنت مستقبل الشعب الفلسطينى بقرار من الاحتلال، لم تضع آليات لإجراء انتخابات فى القدس دون موافقة الاحتلال.

فى وقت تسير فيه محاولات إسرائيل للتوصل إلى ما يسمى بالهدنة طويلة الأمد مع سُلطة حماس فى قطاع غزة تحت ضغط الحصار ومقابل إجراءات ذات طابع اقتصادى لإغراء حماس بإدامة حكمها للقطاع، وبينما تتواصل أيضًا حالة العجز وقلة الحيلة إزاء ما تسعى إليه إسرائيل لترسيخ الوظيفة الأمنية للسلطة الفلسطينية مقابل إجراءات لمنع انهيارها، فإن هبّات الشعب الفلسطينى التى تنهض دفاعًا عن القدس ومن أجل إنهاء الاحتلال، تكاد تنتزع مشروعية حقها فى المقاومة، كما حسمت ذلك فى وعى الإجماع الشعبى معارك مخيم جنين الأخيرة، وقبلها بلدة نابلس القديمة والعديد من المناطق والمخيمات والبلدات الفلسطينية فى سائر أرجاء الضفة المحتلة.

ربما أن مسئولية خاصة تقع على عاتق حركة الجهاد، التى نأت وتنأى بنفسها عن الصراع على السلطة؛ بأن تعى مضمون الفرصة التى قدمتها لها الحاضنة الشعبية على امتداد الوطن، وألّا تسمح هى والجبهة الشعبية، بفشل الفرصة التى تقدمها القاهرة للفصائل الفلسطينية.

فى الواقع، مواجهة التحديات التى تواجه القضية الفلسطينية والاتفاق على رؤية وطنية وسياسية موحدة فى مواجهة الاحتلال وجرائمه التى يرتكبها بحق الشعب الفلسطينى وأرضه ومقدساته سيحقق وحدة الصف أمام ما يواجه القضية الفلسطينية من مَخاطر والهادفة إلى تصفية المشروع الوطنى.