الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تضمن فحص 60 مليون شخص ولا توجد دولة فى العالم استطاعت تحقيقه القضاء على فيروس «سى» معجزة مصرية ونموذج عالمى رائد

إذا تحدثنا عن أبرز إنجاز طبى فى مصر، بل أبرز إعجاز طبى عالمى لن نجد أفضل من هذا الإنجاز العظيم المتمثل فى القضاء على فيروس «سى» بشكل نهائى، وهذا بشهادة الجهات الدولية، إذ يقول الدكتور هارفى ألتر، الفائز بجائزة نوبل للطب لعام 2020، إن ما قامت به مصر فى القضاء على فيروس «سى» كان شيئًا رائعًا، ولا توجد دولة فى العالم قد قامت بمحو فيروس »سى»، وهو جهد رائع وعظيم امتد على مدى 4 سنوات، حين تم فحص أكثر من 60 مليون شخص وتقديم علاج للمصابين وهو ما يعتبر «معجزة علمية».



 

وأضاف هارفى: «نحاول التعامل مع مصر باعتبارها نموذجًا، ولقد أثبتت مصر أنه من الممكن أن تتحقق المعجزة، وكان هناك جهد كبير من الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى استثمر فى علاج فيروس سى وأوجد فريقًا وكان أمرًا صعبًا لفحص أكثر من 60 مليون شخص وتقديم العلاج للمصابين منهم ونتمنى تكرار النموذج فى إفريقيا».

شهادة هارفى لم تأت من فراغ، فبفضل جهود الدولة وتكاتف أجهزتها، أطلق رئيس الجمهورية مبادرة «100 مليون صحة» لعلاج الحالات المعروفة والكشف عن الحالات غير المتعارف عليها وعلاجها، وإنتاج الدواء وإتاحته بالمجان، واستطاعت مصر الخروج من ذلك المأزق، وانخفضت نسب الإصابة فى وقت قصير، لتصل هذا العام إلى أقل من ٪1. 

 المشكلة الأولى فى مصر

 يقول د. محمد عز العرب مؤسس وحدة أورام الكبد لأبحاث الأمراض المتوطنة والكبد لـ«روزاليوسف»: «فيروس سى كان بمثابة المشكلة الأولى فى مصر، ويرجع ذلك إلى نسب الإصابة المرتفعة والتى بلغت عام 2015 حوالى ٪7 من عدد السكان وذلك يعتبر أعلى نسبة إصابة فى العالم، ووفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2014 ذكر أن ٪22 من الشعب المصرى يعانى من الفيروس، وكان المريض ينقل العدوى لعدة أشخاص غيره». 

 اعتماد السوفالدي

ويوضح: «بدأ التعامل الفعلى مع فيروس سى فى عام 2006 مع إنشاء اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، وكان الدواء المستخدم فى ذلك التوقيت هو حقن الإنترفيرون طويل المفعول ويؤخذ تحت الجلد لمدة عام وكان هناك كبسولات مصاحبة له، إلا أن مشكلة هذا الدواء تتمثل فى أن له موانع استخدام فمثلا يمنع الشخص الذى يعانى من نقص فى صفائح دموية أو أمراض مناعية من استخدامه، وبالتالى لم يكن مناسبًا لجميع المرضى، وفى ديسمبر 2013 تم اعتماد دواء السوفالدى كعلاج يتناول عن طريق الفم، وأول مريض مصرى حصل على هذا الدواء فى أكتوبر 2014، وتم توافره بشكل مجانى على نفقة الدولة من خلال المراكز العلاجية التابعة للجنة العليا لمكافحة فيروس سي».

مبادرة 100 مليون صحة 

ويضيف: «باستخدام السوفالدى تم معالجة 2 مليون مريض مصرى من عام 2014 وحتى 2018، والمأزق يكمن فى أن هناك العديد من المرضى لا يشعرون بأعراض وبالتالى من الممكن أن يتعرضوا لمضاعفات مثل حدوث أورام فى الكبد أو تليُّف، فكان التحدى فى كيفية اكتشاف هذه الحالات من بين الأصحاء، ومن هنا جاءت فلسفة مبادرة «100 مليون صحة» والتى تم إطلاقها فى أول أكتوبر 2018 وحتى نهاية أبريل 2019 حيث استمرت لمدة 7 شهور، وشملت الكشف عن فيروس سى والأمراض غير السارية مثل الضغط والسكر والسمنة، وخلال هذه الفترة تم الكشف على 62 مليون مواطن وتم اكتشاف حوالى 2 مليون و200 ألف مواطن مصاب، وتجاوزت نسب الشفاء ٪98». 

مصر قبلة للسياحة العلاجية

وأكد أن أهمية توافر الدواء المصرى أنه أبعد مصر عن الاستيراد، حيث لم تحتاج إلى أى استيراد أجنبى من الخارج وبالتالى وفرت عملة صعبة، ولو مصر كانت لجأت إلى الاستيراد من الخارج فإن إنتاج الشركة الأجنبية لا يكفى عدد المصابين الذين تجاوزوا مليونى مصرى، وبإتاحة السوفالدى عادت السمعة الطيبة للدواء المصرى الذى أثبت خلال فترة فيروس سى أنه يتمتع بدرجة أمان عالية ولا يقل فاعلية عن أى دواء مستورد، وبالتالى أصبحت مصر قبلة للسياحة العلاجية، وبدأت تصدر هذا الدواء للخارج حيث توجهت مبادرة «100 مليون صحة» إلى إفريقيا، وتم إنشاء عدة مراكز فى بعض دول إفريقيا مثل جنوب السودان والصومال وتشاد، وأثناء مبادرة «100 مليون صحة» تم الكشف على حوالى 60 ألف إفريقى من المتواجدين فى مصر، وظهر من بينهم ٪1 مصابين بالفيروس وخضعوا للعلاج بالمجان، وذلك يوضح أيضًا أهمية الدواء المصرى، ويساهم فى مد أوتار التعاون مع الدول الإفريقية. 

 الوضع الآن 

ويؤكد «نسبة الإصابة بفيروس سى حاليًا تسجل أقل من ٪1، وهناك إشادات دولية بالتجربة المصرية فى مكافحة فيروس سى مثل إشادات منظمة الصحة العالمية ومراكز مكافحة الأمراض المعدية والأوبئة، وهناك دراسة تم نشرها عام 2017 بالمجلة الطبية البريطانية قام بها باحثون مصريون وأمريكيون توقعت أن الأدوية الحديثة لفيروس سى تحمى من الإصابة بسرطان وتليف الكبد، حيث توقعت أن 950 ألف مريض من الذين خضعوا للعلاج بالأدوية الحديثة لفيروس سى مثل السوفالدى تقل نسب إصابتهم بسرطان الكبد، و 18 مليون مريض من الذين تمت معالجتهم بالدواء ذاته تقل نسب إصابتهم بالتليف الكبدى، وذلك حتى عام 2050، وهذه الدراسة اعتمدت على نموذج إحصائى يسمى (ماركوف)، إذن نسب الإصابة تراجعت كثيرًا على مستوى المستشفيات الحكومية والعيادات الخاصة، وتم معالجة أكثر من 4 ملايين مريض من 2014 وحتى الآن، ومصر ستصبح من أولى الدول التى تحصل على الشهادة المائية».

أنظمة وإجراءات متبعة 

 ويشير إلى أن «هناك أنظمة وإجراءات متبعة فى المستشفيات الحكومية والعيادات الخاصة تعمل بنظام محكم وتهدف إلى مكافحة العدوى ومنع نقلها من المرضى القدامى إلى المرضى الجدد، وتجنب الإصابة بالفيروسات الكبدية، بالإضافة إلى برامج لنقل الدم الآمن والمفعلة منذ 15 عامًا وتنفذ بحرافية وفاعلية، كما ساهمت المبادرات التوعوية والإرشادات التحذيرية فى رفع الوعى لدى المواطن، وفى مقدمة تلك التحذيرات منع استعمال الأدوات الشخصية مع الآخرين سواء فى المنزل أو فى صالونات الحلاقة، إذن فيروس سى من الملفات المهمة التى نجحت مصر فى مواجهتها». 

إنجاز تاريخى 

ويقول د.وحيد دوس رئيس اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية إنه تم عمل مسح لنسب الإصابة بفيروس سى فى مصر عام 2008، وتبين أن نسبة الإصابة بلغت 15٪ وتم إجراء مسح عام 2015 وتبين أن نسبة الإصابة سجلت ٪10. 

ويضيف إن «توافر الدواء المصرى شجع الإنتاج المحلى، وتم إتاحته على نفقة الدولة وبشكل مجانى، بالإضافة إلى إنشاء مراكز علاج على مستوى الجمهورية حيث تم معالجة حوالى 3 ملايين مواطن مصرى من عام 2007 وحتى عام 2018، فضلًا عن إطلاق مبادرة رئيس الجمهورية «100 مليون صحة» للكشف المبكر عن فيروس سى فى عام 2018-2019، وتم معالجة 6 ملايين مصري». 

ويؤكد أن الإعلان عن خلو مصر من فيروس سى لتصبح بذلك أول دولة فى العالم تقضى على هذا الفيروس، يعد إنجازًا تاريخيًا نتج عن تضافر الجهود بين الدولة المصرية والحكومة والقيادة السياسية، ووزارة الصحة، واللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية.