الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كواليس أزهرية فى 30 يونيو الإخوان روّجوا لاستقالة الإمام الطيب على منصة رابعة لإعلان القرضاوى شيخا للأزهر

عقب مرور عشر سنوات على ذكرى ثورة 30 يونيو كانت هناك العديد من الكواليس والأحداث التى شهدها الأزهر، والعديد من المواقف التى عبر عنها علماء الأزهر تأييدا لثورة 30 يونيو، وكانت البداية من إعلان الأزهر تأييده لعزل د. محمد مرسى عن الرئاسة، ولم تتوقف خطواته عند هذا الحد بل حرص على التوجيه والتوعية للشعب المصرى، وأصدر بيانا طالب فيه بالرجوع إلى الاصطفاف الوطنى وإنهاء حالة الانقسام، والتى قد تجر البلاد إلى كارثة محققة، مؤكدا انحيازه للشعب المصرى.



كواليس عديدة شهدها الأزهر عقب موقفه الداعم لثورة 30 يونيو حيث حاولت جماعة الإخوان المسلمين النيل من شخص شيخ الأزهر الشريف بعد موقفه من دعم الإرادة الشعبية فى 30 يونيه حيث قاموا عبر صفحات الفيس بوك بترويج خبر يفيد باستقالة د. أحمد الطيب من منصبه فى الوقت الذى أعلنت فيه منصة رابعة العدوية مقر اعتصام الإخوان الشيخ يوسف القرضاوى شيخا للأزهر.

ولقد أثار خبر الإخوان الكاذب نوعا من الاستياء الشديد داخل مشيخة الأزهر التى أكدت أن فكرة الاستقالة غير مطروحة من شيخ الأزهر لاسيما وأن د. الطيب ليس معروفا عنه التهرب من مسئولياته، وقال مصدر مسئول بالأزهر: «إن الإخوان أرادوا الضغط على شيخ الأزهر للتراجع عن موقفه من عزل مرسى سواء بالتهديد أو بالتظاهر أمام مشيخة الأزهر وهو ما يعد مستحيلا».

هجوم الإخوان 

وبسبب موقف الأزهر نالت المؤسسة الأزهرية هجوما شديدا من قبل جماعة الإخوان، وبعض رموزها وعلى رأسهم يوسف القرضاوى الذى هاجم شيخ الأزهر والمؤسسة الأزهرية بشدة متهما إياها بمخالفة شرع الله... إلا أن رد الأزهر كان سريعا، بأن موقفه نابع من الثوابت الوطنية التى أمرت بها الشريعة وقال البيان وقتها: «أنه لم يكن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ليتخلف عن دعوة دُعِى لها كل القوى الوطنية والرموز السياسية والدينية، وفى موقف وطنى يعد فيه التخلُّف خيانة للواجب المفروض بحكم المسئولية، وذلك استجابةً لصوت الشعب الذى عبر عن نفسه بهذه الصورة السلمية الحضارية، والتى لم تفترق عن الخامس والعشرين من يناير فى شىء».

عقب هذا الموقف شهدت مشيخة الأزهر تظاهرات من عدد من الدعاة والأزهريين المنتمين لتيار جماعة الإخوان للتنديد بموقف شيخ الأزهر من تفويض الجيش فى مواجهة المؤيدين لمرسى تحت مسمى مواجهة العنف.

كما شهد الجامع الأزهر صدامات بسبب مؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى عقب استمرار ثورة 30 يونيو حيث شهد محيط الجامع الأزهر عقب أول صلاة جمعة عقب عزل مرسى حالة من الكر والفر من قبل معارضى الرئيس المعزول مرسى، وأنصار الإخوان، حيث كان عدد من المؤيدين للدكتور مرسى قد احتشدوا داخل المسجد حاملين صور الرئيس المعزول مرسى.

ووفقًا لشهود عيان قام أهالى من المنطقة بالإحاطة بهم فى الأبواب الرئيسية ومنعهم من الخروج، فيما تدخلت الشرطة والجيش وقامت قوات الشرطة المتواجدة أمام المسجد بعمل كردون أمنى أمام باب المسجد فى محاولة منها لإخراج مؤيدى المعزول من داخل المسجد، وتم إخراجهم من الباب الخلفى من الجامع الأزهر.

معارضة أزهرية للإخوان 

 الأحداث التى لحقت بالأزهر للضغط عليه للتراجع عن موقفه من تأييد عزل مرسى لاقت رفضا من علماء بالأزهر الشريف الذين أعلنوا عدم القبول بعودة الرئيس المعزول، حيث أكد د. عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية أنه لا يمكن عودة مرسى، وأن عودته تمثل خطرا وضررا على مصر لا يقبله أى مصرى، وأن الإخوان فضحوا أنفسهم بالسعى وراء السلطة مهما كان الأسلوب، وقال فى تصريحات صحفية لقد خسر الإخوان كثيرا ولا يمكن أن يرجع لهم ثقة الناس فيهم، مؤكدا أننا أمام أمر واقع اليوم والقول برجوع الإخوان هو محاولة لإثارة الفتنة.

كما أفتى د. عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية عقب ثورة 30 يونيه بوجوب فض اعتصام ميدانى رابعة العدوية والنهضة، وقال النجار فى فتواه:  «إن فض الاعتصامات من الميادين واجب شرعى، ومن يتمسكون بالبقاء فى تلك الميادين هم مرجفون فى الأرض لأنهم يقطعون على الناس طريقهم».

وشدد على أن الذين يدعون الناس لنصرة الإخوان هم مخرفون جهلة يخلطون الحق بالباطل، ويخيفون الناس من أجل أن يستمر الظلم، ويجب أن يمضى الناس فى إنهاء اعتصام رابعة مهما كانت التبعات بشرط الصبر على هؤلاء إلى أقصى مدى.

مواقف  ضد القرضاوى 

ومع استمرار تصريحات القرضاوى ضد الأزهر بسبب ثورة 30 يونيه قام مجمع البحوث الإسلامية بالنظر فى الطلبات المقدمة لإقالة د.يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين من عضوية مجمع البحوث، فيما أعلنت هيئة كبار العلماء قبول استقالة القرضاوى من عضوية الهيئة فى اجتماعها الأخير بعد موافقة الأعضاء على التصويت بالقبول بينما تنحى شيخ الأزهر عن التصويت.

وكان القرضاوى مثله مثل بقية أعضاء هيئة كبار العلماء يجمع بين عضوية البحوث الإسلامية والهيئة؛ حيث إن التشكيل الأساسى لهيئة كبار العلماء كان يضم 26 عضوا من أعضاء البحوث الإسلامية كان من بينهم الشيخ القرضاوى.

استبعاد للإخوان 

ومع تزايد الهجوم الإخوانى على المؤسسة الأزهرية ومحاولات الإخوان استخدام عناصرها المتواجدين ببعض قطاعات الأزهر كان قرار الأزهر باستبعاد عدد من المنتمين للإخوان بلغ عددهم 800 موظف ومدرس، وقال الأزهر إن هذا الاستبعاد لم يأت نتيجة شكاوى كيدية وإنما جاء وفق تقارير دقيقة وحالات ووقائع أثبتت تورط هؤلاء المدرسين والموظفين البالغ عددهم 800 موظف ومدرس فى التحريض على العنف أو نشر أفكار غير وسطية بين الطلاب. 

بينما أكدت قيادات وعلماء بالأزهر أن الإخوان حلموا وما زالوا يحلمون بالسيطرة على الأزهر لما له من مكانة عالمية وثقل فى نفوس الجميع، وذلك من أجل أن تكون المرجعية الدينية لهم وحدهم، وفى سبيل ذلك ارتكبوا العديد من الحوادث، ومحاولات التشويه للأزهر وشيخه وعلمائه الأجلاء، إلا أن الأزهر يتصدى لكافة المحاولات التى تحاول اختراقه من خلال قيادته.

وفى ضوء اتجاه الأزهر الشريف إلى اتخاذ إجراءات حاسمة ضد المنتمين إلى الكيانات التى تستخدم الدين ذريعة لترويج أفكار تحاول من خلالها التحريض على استخدام القوة لإسقاط نظام الحكم القائم فى البلاد بدعوى عدم شرعيته والعمل على زعزعة أمن واستقرار البلاد، أصدر.د عباس شومان، والذى كان يشغل منصب  وكيل الأزهر، عام 2015  منشورا يخاطب فيه جميع العاملين بالأزهر الشريف بضرورة تقديم ما يثبت تبرؤهم من الكيانات التى تحرض على نظام الحكم وتهدد أمن واستقرار الوطن.

وطالب المنشور العاملين بالأزهر الذين ينتمون أو يشتركون فى عضوية أحد الكيانات الخارجة على المسلك الوطنى المصرى مثل جماعة الإخوان المسلمين، أو الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، أو جبهة علماء الأزهر، أو رابطة علماء أهل السنة، أو جبهة علماء ضد الانقلاب أو الاتحاد العالمى لعلماء الأزهر، أو غيرها من الكيانات التى لا يعترف بها الأزهر، بضرورة التقدم إلى جهة العمل التى ينتسبون إليها بالأزهر الشريف بما يفيد قطع صلتهم بهذه الكيانات وعدم الإقرار بما تقوم به من التحريض على نظام الحكم وتهديد الأمن والاستقرار، وذلك خلال خمسة عشر يومًا من نشر هذا المنشور وسيعتبر عدم التقدم إلى جهة العمل بما يفيد ذلك إقرارًا وموافقة على مسلك هذه الكيانات.

وأهاب بجميع العاملين بالأزهر عدم إنشاء أية كيانات تحت أى مسمى دون موافقة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، محذرا من الزج باسم الأزهر فى كيانات قائمة أو مزمع إنشاؤها بما يخل برسالة الأزهر وتوجهه العام ودوره الوطنى التاريخى، وسوف تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد من يخالف هذا، مطالبا جميع قطاعات الأزهر الشريف وهيئاته المختلفة بتنفيذ ما جاء فى هذا المنشور، وتقديم جهة العمل صورة من تبرئة ذمة منتسبيها الذين ينتمون إلى هذه الكيانات إلى مكتب وكيل الأزهر، وعلى الممتنع من المنتمين إلى هذه الكيانات تحمل التبعات.

مواجهة فكرية للحاكمية 

ولم يكن دعم الأزهر لثورة 30 يونيو متوقفا عند القرارات والبيانات بل قام بعمل مواجهة فكرية للفكر الإخوانى لاسيما فيما يتعلق بمسألة الحاكمية التى اتخذها الإخوان ذريعة عقب ثورة 30 يونيو لأعمال العنف، وقام د.أحمد الطيب  شيخ الأزهر بالرد على تلك الفكرة وقال فى بيان مفصل: إن فكرة الحاكمية هى فكرة بدأت منذ الخوارج، قتلوا بموجبها أمير المؤمنين على بن أبى طالب -رضى الله عنه- وكفروه، وبعد أن اندثرت عادت مرة أخرى على يد المودودى؛ ليحارب بها الإنجليز ثم على يد سيد قطب، وبعده الجماعات الإرهابية التى ظهرت بعد 1965م واعتبرت أن مجلس الشعب كفر والانتخابات كفر والديمقراطية كفر لأنها تفتح المجال لحكم البشر، وبالتالى يكون المجتمع كافرًا ومَن يحكم به كافرًا ومن يرضى بهم دون أن يكفرهم فهو كافر أيضًا، ثم يجب أن تكون هناك مفاصلة شعورية بأن تكرههم وتحقد عليهم وتتربص بهم الدوائر، ثم بعد ذلك تحكم عليهم بأنهم مجتمع جاهلى، ثم بعد ذلك تستعد لحتمية الصدام والصراع.

وأوضح أن «الحاكم هو الله – تعالى – الذى يقول: هذا حلال فافعلوه وهذا حرام فلا تفعلوه، وفى هذا تحرُّرٌ كاملٌ من عبودية الإنسان للإنسان، إلى العبودية لله سبحانه وتعالى، مشيرًا إلى أن لفظ الحاكمية: لفظ مشترك، يطلق على كثيرين مختلفين، مثل كلمة «عين» التى تطلق على الجارحة وعلى البئر وعلى النقود وعلى الجاسوس، ومثلها كلمة حاكم؛ فإنها كما تطلق على الله تطلق على الإنسان الذى من حقه أن يحكم، ولكن الحاكمية الخاصة بالله - عز وجل- هى حاكمية التشريع، وهذا فتح المجال لأَنْ يجتمعَ المسلمون ويجتهدوا ثم يقرِّرُون بعد ذلك الحكم فى أمرٍ معيَّنٍ بالإجماع، ويكون له نفس قدسية النَّصِّ القرآنيِّ، ومن هنا قيل: إن الإجماع مصدر من مصادر التشريع يأتى بعد القرآن والسُّنَّة.

وتابع أنَّ لفظةَ «حاكم» لفظة مشتركة لكنها تختلف باختلاف الوضع؛ مثل صفة «عالم» فالله عليم وعلَّام وعالم، والإنسان قد يوصف بذلك، لكنَّ علمَ الله علمٌ مطلقٌ، وعلم الإنسان محدودٌ، فاللفظ مشترك ولكن المعنى مختلف، وهذا ما تعلمناه من تراثنا ونعلمه لطلابنا، ويجعلنا نرفض قول من يقول: ليس هناك غير القرآن والسنة، وأن أيَّ تجاهٍ آخَر يُعدُّ كفرًا، ويُحكَم على صاحبه بالقتل، وهذا ما فعله الخوارج لأوَّل مرَّةٍ فى تاريخ المسلمين حينما رفضوا التحكيم، وأخذوا يقولون: الحُكْمُ لله وحدَه ولا حُكم للإنسان، وقولهم هذا هو السبب فى كل ما تستحله الحركات المسلحة الإرهابية المستندة للإسلام، وتعتمد عليه فى تكفير المسلمين مجتمعًا وحكامًا وتُحلُّ قتلهم.

وشدد على أن مفهوم الحاكمية اندثر باندثار الخوارج إلا أنه ظهر فى العصر الحديث على يد عالم فى الهند اسمه «أبو الأعلى المودودي» الذى كان يعيش فى عصر سيطرة الإنجليز على الهند، وتحت ضغط الاستعمار الذى أرهق المسلمين وقصر المناصب على بعضهم، لذا قال: إن حكم الإنجليز باطل، والحكم مقصور على الله عز وجل ولا حكم للبشر ولا سلطة فى إصدار قوانين أو دساتير، ثم تابعه سيد قطب الذى قال: إن الحكم لا يكون إلا لله، وإن أيَّ مجتمع يوجد به رجال يُشرِّعون ويضعون دساتير هو مجتمع كافر يجب مواجهته، لكن هناك مَن يعتذر لأبى الأعلى المودودى، ويعتبر أنه قال ذلك فى وقت استثنائى لمواجهة حكم الإنجليز ورفض قوانينهم؛ لأنه بعد أن انفصلت باكستان عام 1947م تراجع عن رأيه ذلك، واعترف بالدستور والدولة، بل وترشح فى الانتخابات، فكأنه استدعى مفهوم الحاكمية لمواجهة الاستعمار، ومع زوال السبب تراجع عن ذلك الرأى، كما أن هناك من يبرر أخذ سيد قطب بهذا المفهوم ويقول: إن سيد قطب لا بد من تأويل كلامه؛ لأنه لم يكن يقصد ذلك الكلام.

ولفت شيخ الأزهر إلى أننا سواء أخذنا بالاعتذارات التى وردت على رأى سيد قطب أم لم نأخذ بها فإن الجماعات الإسلامية المسلحة أو جماعات التطرف والعنف التى جاءت بعد ذلك أخذوا بفكرة الحاكمية ونادوا من جديد: أنْ لاَ حُكمَ إلا لله، وأن المجتمع الذى يحكم فيه الناس مجتمع كافر يجب مواجهته ويقولون: إنه لا حكم للبشر، وأن المجتمعات الإسلامية التى تأخذ بالقوانين والمجالس التشريعية تعد كافرة، وبالتالى حاكمها كافر، ومن لم يكفرهم فهو كافر.