الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

صندوق «باندورا».. خطة «الكرملين» لتأميم أصول الشركات الغربية

تنوى روسيا إقرار صلاحيات جديدة تسمح بمصادرة أصول شركات غربية وعرقلة خروجها من البلاد، وذلك فى ظل مساعى الرئيس ڤلاديمير بوتين للرد على العقوبات الأمريكية والأوروبية وفقا لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، بينما دعا نائب فى مجلس الدوما إلى مصادرة ممتلكات الشركات المعادية للاتحاد الروسى وليس الشراء بأسعار منخفضة. وقالت الصحيفة فى تقرير إن الكرملين أمر سرًا الأسبوع الماضى بسن تشريع يسمح بالاستيلاء على أصول شركات غربية بأسعار متدنية وأنه ناقش تبنى إجراءات أكثر حدة بهدف تأميم هذه الشركات بشكل كامل وفقًا لما نقلته عن أشخاص مطلعين على المداولات، لم تكشف هويتهم.



 

وأضافت المصادر إن فريق الرئيس بوتين يريد أن يكون التهديد بتأميم الشركات الغربية جزءًا من سياسة «العصا والجزرة» بحيث تتم معاقبة الدول الغربية التى تصادر الأصول الروسية ومكافأة الملتزمة بقواعد الكرملين. ووفقًا للصحيفة فإن مرسوم الكرملين السرى الذى اطلعت عليه سيمنح الدولة الروسية حق الأولوية فى شراء أى أصول غربية معروضة للبيع بخصم كبير يمكنها من تحقيق ربح فى حال قررت بيعها مرة أخرى. وأضافت: كما يتطلب الأمر الذى أصدره بوتين إلى مجلس وزرائه والذى تم التوقيع عليه الأسبوع الماضى أن يكون جميع مشترى الأصول الغربية روسًا بشكل كامل واستبعاد جميع المساهمين الأجانب مما يزيد من تعقيد أى إجراءات للخروج من البلاد.

وبموجب المعايير الحالية التى تم الإعلان عنها فى ديسمبر الماضى فإنه يجب على الشركات الغربية منح المشترين الروس خصمًا لا يقل عن 50 % من قيمة الأصل وتقديم مساهمة طوعية تتراوح بين 5 % - 10 % من سعر الصفقة إلى ميزانية الدولة. من جانبه قال المتحدث باسم الكرملين ديمترى بيسكوف لـ«فاينانشيال تايمز» إن المستثمرين والشركات الغربية موضع ترحيب كبير فى روسيا، ولكنه أشار إلى أن هناك بعض الشركات التى توقفت بشكل كامل عن دفع الرواتب أو قررت ببساطة مغادرة البلاد بخسارة فادحة. وأضاف: فى حال لم تف  الشركة بالتزاماتها فإنها بالطبع ستدخل فى فئة الشركات المشاغبة وسنقوم بتوديع تلك الشركات وما نفعله بأصولها بعد ذلك هو أمر خاص بنا.

وعلق نائب رئيس لجنة مجلس الدوما للسياسة الاقتصادية ميخائيل ديلاجين على التقرير بقوله: إذا اعتمدنا على المؤشرات الخارجية فلا توجد مثل هذه التحركات، لذا فإن صحفيى فاينانشيال تايمز يقولون المأمول كأنه حقيقة لكن الفكرة ليست سيئة، الشىء الوحيد الذى لديهم هو الارتباك لأنهم يتحدثون عن تأمين وشراء بأسعار منخفضة فى نفس الوقت هذه أشياء مختلفة. وأضاف الخبير الاقتصادى الروسى: بالنسبة لممتلكات الشركات التى تمارس سياسة معادية لروسيا وتمول أوكرانيا وتسعى إلى إحداث أكبر قدر من الضرر لروسيا لماذا يجب عليهم شراء هذه الأصول بأسعار منخفضة؟ لا أفهم ذلك وتابع: يجب مصادرة هذه الممتلكات عندها يمكن تنفيذ الخصخصة وما إلى ذلك كمرحلة أولى؛ ويجب مصادرتها كممتلكات معادية للاتحاد الروسى ومع ذلك لا يتوقع أى تحركات حول هذا الموضوع فى الحكومة.

وأشار ديلاجين إلى أنه تلقى توضيحات من الحكومة منذ وقت ليس بعيد بأن حقوق الملكية الخاصة مقدسة ولا تنتهك وإذا تم استخدام الملكية لإلحاق الضرر بروسيا فلا يمكن مع ذلك التشكيك فيها؛ وهذا يعنى أن هذا الموقف فى الوقت الحالى يبدو مبدئيا. وفى نهاية أبريل الماضى قال الرئيس الروسى إن بلاده مستعدة للعمل مع الشركات العالمية التى تريد التعاون مع روسيا. وأضاف بوتين فى حديثه إلى المشرعين إن روسيا لن تلجأ إلى عزل نفسها ذاتيًا؛ ولكنه أكد ضرورة التحرك بسرعة والتصرف بوضوح وكفريق واحد متماسك لمواجهة العدوان الاقتصادى الغربى.  وأشار بوتين إلى أن موسكو ستوسع علاقاتها مع دول فى أوراسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا. ونقلت الصحيفة عن بعض الأشخاص المنخرطين فى إجراءات خروج الشركات الغربية من روسيا قولهم إن خطوة الكرملين هذه تفتح صندوق باندورا وهو صندوق الشر المطلق الذى أخرج كل شرور البشرية للعالم وفقا لإحدى الأساطير الإغريقية الذى سيعزز حتمًا سيطرة الدولة على الاقتصاد.

ويقول رجل أعمال بارز يمر بعملية بيع أصوله فى روسيا- لم تكشف الصحيفة عن هويته: أعتقد أن التأميم أصبح أمرًا وشيكًا 

والموضوع مسألة وقت فقط، وذلك لأن الدولة ستحتاج إلى المال. وأعرب رجل الأعمال الذى قال إنه يخطط للتسلل عبر النافذة قبل بدء عملية التأميم عن اعتقاده بأن الشركات التى تقدم السلع ستكون الأكثر تضررًا حيث يبحث الكرملين عن مزيد من الطرق للاستفادة من عائدات التصدير لضمها إلى الميزانية، ولكن شركات التكنولوچيا ستكون أقل تأثرًا لأنه يصعب إدارتها. وكانت دائرة بوتين المقربة قد ناقشت مسألة تأميم الشركات الغربية منذ الحرب «الروسية- الأوكرانية» العام الماضى ولكنها حتى الآن لم تستخدم مثل هذه الصلاحيات إلا فى حالات نادرة. وفى أبريل الماضى استحوذت روسيا على الشركات المحلية التابعة لشركتى «Fortum» الفنلندية و»Uniper» الألمانية ردا على ما وصفته بالمصادرة غير القانونية للأصول الروسية فى الخارج. 

وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أنه من أجل تقرير ما إذا كان سيتم توسيع مثل هذه الصلاحيات من خلال الآلاف من الشركات الغربية الأخرى سيراقب الكرملين ما سيحدث لأصول البنك المركزى الروسى المجمدة فى الغرب والتى تبلغ حوالى 300 مليار يورو (324 مليار دولار). ويشعر المسئولون الاقتصاديون الروس بالقلق من فقدان الدور الحاسم الذى تواصل الشركات الغربية لعبه فى العديد من قطاعات اقتصاد الدولة؛ ولكن فى الوقت نفسه يحرص الكرملين على إيجاد مصادر جديدة للدخل من أجل الميزانية وسط انخفاض إيرادات صادرات الطاقة والإنفاق العسكرى المرتفع مما أدى إلى تزايد عجز الميزانية إلى 42 مليار دولار حتى الآن خلال هذا العام. وقالت مصادر الصحيفة إن محافظة البنك المركزى الروسى إلڤيرا نابيولينا كانت من بين أقوى الأصوات التى ضغطت من أجل الحد من خروج الشركات الغربية بالإضافة إلى تحذيرها من خطر التأميم.

ويشعر البنك المركزى بالقلق من أن خروج رأس المال الأجنبى يمكن أن يضعف الروبل ويحد من الخيارات أمام المستثمرين الروس لكن المصادر أضافت أن وزير المالية أنطون سيلوانوف يؤيد خروج الشركات كوسيلة لجنى المزيد من الإيرادات للميزانية. ولم يرد البنك المركزى الروسى على الفور على طلب الصحيفة الحصول على تعليق، فيما قالت وزارة المالية فى موسكو إن إجراءات خروج الشركات تتم بالشكل المعتاد لكنها أضافت أنه قد تكون هناك تغييرات إضافية لبعض الصفقات الفردية دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل. ووفقا لمرسوم بوتين السرى الجديد فإنه سيجب على المالكين الجدد طرح 20% من الأصول فى سوق الأسهم الروسية وهى خطوة كانت نابيولينا قد قالت إنها مطلوبة من أجل منح مستثمرى التجزئة فى البلاد مزيدًا من الأماكن لوضع أموالهم. ونقلت الصحيفة عن رجل أعمال غربى كبير فى موسكو لم تكشف عن هويته قوله إن الدولة الروسية بشكل عام لا تريد مغادرة المستثمرين؛ بل على العكس من ذلك فهى تريد جعل المغادرة أمرا غير مرغوب فيه بشكل أكبر بالنسبة لهم فما يريدونه هو تشجيع السلوك الجيد.