الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الثنائى حزب الله وحركة أمل هما السبب: للمرة الـ 12 لبنان يفشل فى انتخاب رئيس جديد للبلاد

فشل البرلمان اللبنانى للمرة الـ12 فى انتخاب رئيس جديد للجمهورية بسبب عدم نيل أى من المرشحين ثلثى الأصوات فى الجولة الأولى. كما فشل انعقاد الدورة الثانية لجلسة انتخاب الرئيس لعدم اكتمال النصاب القانونى إثر انسحاب كتلتى حزب الله وحركة أمل وبعض المستقلين. ومنذ سبتمبر، فشل البرلمان خلال 11 جلسة آخرها فى 12 يناير فى انتخاب رئيس للبلاد خلفا لميشال عون الذى انتهت ولايته فى 31 أكتوبر2022. ووفقا للمادة 49 من الدستور اللبنانى ينتخب رئيس الجمهورية فى دورة التصويت الأولى بأغلبية الثلثين ويكتفى بأغلبية النصف + 1 فى الدورات التالية فى حال حضور 86 نائبًا من أصل 128.



 

وكان أبرز المرشحين هما زعيم تيار المردة سليمان فرنچية المدعوم من ثنائى حزب الله وحركة أمل وحلفائهما، والوزير الأسبق والمسئول فى صندوق النقد الدولى جهاد أزعور المدعوم من القوى المسيحية الكبرى وهى التيار الوطنى الحر وحزبا القوات والكتائب والحزب التقدمى الاشتراكى، بالإضافة إلى مستقلين آخرين.

وقالت قوى سياسية فى لبنان إن ضغوطًا مارسها الثنائى حزب الله وحركة أمل أدَت إلى تغييرات فى توزيع الأصوات بين المرشحين لمنصب الرئاسة الوزيرين السابقين جهاد أزعور وسليمان فرنچية، فى حين انتقدت واشنطن النخبة السياسية فى البلاد واتهمتها بإعلاء مصالحها الشخصية على مصالح الشعب. وتشير القراءات الأولية إلى أن الأرقام التى وضعتها بعض الأطراف السياسية لتوزع الأصوات على المرشحين للرئاسة جهاد أزعور وسليمان فرنجية لم تأتِ مطابقة للواقع. وحصل أزعور على 59 صوتا فيما كانت التوقعات تشير إلى أنه سيحصل على أكثر من 60 صوتًا أى ما يقارب الـ65 وهذا ما لم يحدث، أما سليمان فرنجية فقد حصل على 51 صوتًا فيما كان متوقعا حصوله على 41 صوتًا فقط على أبعد تقدير. وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة تعتقد بأنه يجب على القادة والنخب فى لبنان الكف عن تقديم مصالحهم وطموحاتهم على مصلحة الشعب اللبنانى. وأعربت الخارجية الأمريكية عن انزعاجها من مغادرة أعضاء البرلمان اللبنانى جلسة مجلس النواب لمنع التصويت على انتخاب الرئيس.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن قادة ونخب لبنان يجب أن يتوقفوا عن وضع مصالحهم وطموحاتهم فوق شعبهم، وشددت الخارجية الأمريكية على أن الشلل السياسى التام فى لبنان مشكلة لا بد لزعمائه من حلها. وأرجعت القوى المعارضة لثنائى حزب الله وحركة أمل هذه النتيجة لما وصفته بوتيرة الضغط القوية التى مارسها الثنائى على بعض الكتل النيابية من بينها كتلة نواب الأرمن التابعة لحزب الطاشناق وكذلك بعض النواب السنة. وشهدت جلسة مجلس النواب الأخيرة لانتخاب الرئيس حالة من الهرج والمرج خلال عملية فرز الأصوات بعدما تبين أن عدد المنتخبين هو 127 فيما حضر الجلسة 128 نائبًا. ودون أن يأخذ بعين الاعتبار الاعتراضات التى أطلقها بعض النواب رفع رئيس المجلس نبيه برى الجلسة دون عقد دورتها الثانية. ووفقا لقوى سياسية فإن تصرف رئيس المجلس مثل تأكيدا على خطوة فرط النصاب من قبل برى وحلفائه أى إنهاء الجلسة دون إجراء عملية الاقتراع وهو ما أثار جملة من ردود الفعل الرافضة من قبل نواب المعارضة. لكن نبيه برى أتبع رفع الجلسة بالدعوة إلى الكف عن الرمى بكرة المسئولية على هذا الطرف أو ذاك فى إطالة أمد الفراغ.

ودعا الجميع إلى الاعتراف بأن الإمعان فى هذا السلوك والدوران فى هذه الحلقة المفرغة وانتهاج سياسة الإنكار لن يوصل إلى النتيجة المطلوبة التى يتطلع إليها اللبنانيون والأشقاء العرب والأصدقاء فى كل أنحاء العالم الذين ينتظرون أداء وسلوكا يليق بلبنان وبمستوى التحديات والمخاطر التى تهدده. وأضاف برى أن بداية البدايات لذلك هو الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، وذلك لن يتحقق الا بالتوافق وبسلوك طريق الحوار ثم الحوار ثم الحوار.

 

ودعوة برى إلى الحوار ليست جديدة ،لكن الأسئلة تتلاحق عن شكل هذا الحوار ومضمونه فى ظل الانقسامات السياسية الحادة فى البلاد. وتؤكد قوى المعارضة أنها لن ترضى بعد الآن بأن يفرض الثنائى حزب الله وحركة أمل على اللبنانيين مرشَحهما لرئاسة الجمهورية كما حدث عندما عطل حزب الله انتخابات رئاسة الجمهورية على مدى سنتين ونصف السنة من أجل فرض العماد ميشال عون رئيًسا للجمهورية.

وهذا الموقف من المعارضة يقابله موقف مضاد من الثنائى يؤكد أنه لن ينتخب رئيسا للجمهورية لا تثق به المقاومة أى بعبارة أخرى حزب الله. وشدد عدد من النواب والمسئولين فى حركة أمل وحزب الله على أنه لن يتم انتخاب رئيس للجمهورية من الممكن أن يطعن المقاومة بالظهر.وبين وجهات النظر المتباعدة هذه من المتوقع أن تطول الأزمة فى حال بقيت الأمور على ما هى عليه داخليا. لكنِ الرهان الآن على الحراك الخارجى باتجاه لبنان ،خاصة أنَ وزير الخارجية الفرنسى السابق چان إيڤ لودريان سيصل إلى بيروت قربيًا موفدا من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لإجراء سلسلة اتصالات مع القوى السياسية فى لبنان بهدف إحداث صدع فى جدار الأزمة.

كذلك لن يكون الوضع اللبنانى بعيدا عن المحادثات التى سيجريها ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى باريس. وأوضح قصر الإليزيه فى بيان أنَ ماكرون وولى العهد السعودى سيتطرقان إلى تحديات الاستقرار الإقليمى وأبرزها الأزمة فى لبنان. 

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون فى نهاية أكتوبر فشل البرلمان خلال 11 جلسة عقد آخرها فى بداية العام الحالى فى انتخاب رئيس فى وقت لا يحظى أى فريق بأكثرية تمكنه منفردا من إيصال مرشحه إلى المنصب. إلا أنَ إجماع كتل سياسية وازنة على دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور فى مواجهة الوزير السابق سليمان فرنچية المدعوم من حزب الله القوة السياسية والعسكرية الأبرز فى البلاد أعاد خلط الأوراق الرئاسية ودفع رئيس البرلمان نبيه برى إلى تحديد موعد لجلسة انتخاب جديدة.

وميدانيًا أحاط الجيش اللبنانى والشرطة البرلمان بإجراءات أمنية مشددة تسهيلاً لوصول مواكب النواب. وداخل القاعة البرلمانية قبل انعقاد الجلسة التى لم تستغرق أكثر من ساعة كانت هناك بعض المحادثات الجانبية بين الخصوم التى تخالف فى مشهدها حالة المواجهة الشرسة التى تطغى على خطاباتهم مثل ما فعل بعض نواب القوى المسيحية الكبرى مع بعضهم البعض ومع النائب طونى سليمان فرنچية الذى كان حضوره طاغيًا لكونه نجل المرشح للرئاسة والمنحدر من بيت سياسى تقليدى له طموحات كثيرة تعود جذورها إلى جده الرئيس الراحل سليمان فرنجية.

ولم تخفِ حالة التشنج بين نواب التيار الوطنى الحر جبران باسيل بعد صراع طويل بين بعض نوابه الذين كانوا يرفضون التصويت لأزعور فتراجعوا عن ذلك بعد تلويح باسيل بعقابهم الحزبى باستثناء النائب إلياس بو صعب الذى بقى مصمما على عدم التصويت لأزعور. أما نواب تكتل التغيير فقد ترجمت الأصوات حالة الانقسام التى تسود صفوفهم بين من صوت لأزعور ومن صوت للوزير الأسبق زياد بارود. 

أما عمليا، فقد خرج كل طرف فى هيئة المنتصر رغم إدراكهما أن وظيفة هذه الجلسة لم تكن لانتخاب رئيس بل لتحديد حجم كل منهما خلف الاصطفاف القائم. ومن جانبهم، اعتبر داعمو أزعور الذين وفروا تقاطعا مسيحيا حوله أن الاستجابة للإجماع المسيحى ضرورة لإنجاز الاستحقاق الرئاسى وأن هذه النتيجة ستؤسس الكثير للمرحلة اللاحقة. فى المقابل، وجد داعمو فرنچية أنه نال أصواتا أكثر مما توقع خصومه، وأن أزعور نال أقل مما توقعوا له أيضا ويعتبرون أن انتصارهم يأتى بمعنى التكتل الصلب والثابت حول فرنچية وتكريسه مرشحًا قويًا لا مرشحًا تقاطعيًا.