الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

واقع مرير وتوقعات قاتمة خارج عن السيطرة التضخم يضرب أوروبا

تنتشر عدوى التضخم المرتفع والأداء الاقتصادى الضعيف فى الغرب، فبعد أزمة سقف الدين فى الولايات المتحدة والمخاوف من التخلف عن السداد، وارتفاع التضخم فى بريطانيا، تعانى فرنسا من أزمة اقتصادية طاحنة، وسجلت ألمانيا أرقامًا قياسية فى معدل التضخم.



وقد ارتفع معدل التضخم فى منطقة اليورو فى إبريل إلى 7 %، مدفوعًا إلى حد كبير بارتفاع أسعار المواد الغذائية التى نمت بنسبة 2.75 % فى الشهر الماضى.

معاناة فرنسية

فى فرنسا قالت مجلة «لوبوان» إن الاقتصاد الفرنسى بات فى طريق مسدود، معتبرة أن الركود التضخمى يهدد فرنسا المثقلة بالديون فى الأصل.

وقالت المجلة الفرنسية إن البيانات الحالية المتوافرة عن الاقتصاد الفرنسى تشير إلى دخول فرنسا فى الركود التضخمى، ونوهت المجلة إلى أن الاقتصاد الفرنسى محاط بعدد من الأزمات الطاحنة، ومن المتوقع أن يصل التضخم فى 2023 إلى 5.5%، وسترتفع البطالة مرة أخرى لتصل إلى 8% من السكان فى نهاية العام.

ومن جانبها، قالت الشبكة الأوروبية «RTL» إن الحكومة الفرنسية الآن باتت تحت ضغوط كبيرة بسبب الأداء الاقتصادى، لا سيما مع تخفيض وكالة «فيتش» تصنيف فرنسا فى نهاية إبريل الماضى، بينما تتجه الأنظار الآن إلى ستاندرد آند بورز، التى ستصدر حكمها أوائل شهر يونيو الجارى.

وقررت «فيتش» تخفيض تصنيف فرنسا بدرجة واحدة فى 28 إبريل إلى «-AA»، ووفقًا لوكالة التصنيف هذه، فإن المأزق الحالى قد «يخلق ضغوطًا من أجل سياسة مالية أكثر توسعية أو عكس الإصلاحات السابقة».

وقالت الشبكة الأوروبية إنه من المتوقع أن يرتفع العجز العام الفرنسى بشكل طفيف هذا العام إلى %4.9، قبل أن يتراجع تدريجيًا من عام 2024، ووفقًا لتوقعات الميزانية الأوروبية فإنه من المتوقع فى عام 2027 أن يقترب الدين العام الفرنسى من 3000 مليار يورو.

كما خفضت وكالة التصنيف «سكوب» توقعات تصنيف الاقتصاد الفرنسى إلى «سلبى»، مما يعنى احتمالية خفض التصنيف فى المستقبل.

ومن بين المخاطر التى تثقل كاهل المالية الفرنسية، أشارت الوكالة إلى أن «الديناميكيات الاقتصادية تباطأت بشكل ملحوظ فى النصف الثانى من عام 2022»، كما أنها غير مقتنعة بمسار خفض العجز العام والديون، بسبب «السجل السيئ من حيث ضبط أوضاع المالية العامة، وتزايد عبء فوائد الديون والمخاطر المرتبطة بتنفيذ برنامج الإصلاح».

وأوضحت أن هذه المخاطر مرتبطة بـ«غياب الأغلبية فى البرلمان» و«الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية»، لا سيما ضد إصلاح نظام التقاعد.

ركود ألمانى

سلطت الصحف الألمانية الضوء على الاقتصاد الألمانى ومظاهر الركود الاقتصادى، حيث هناك نقص حاد فى العمالة، وارتفاع أسعار الغذاء والوقود والعقارات بشكل خارج عن السيطرة، وتزايد نسبة المشردين ومدمنى المخدرات.

ومع عدم وجود عمال لملء الوظائف الشاغرة، وخروج الفواتير عن السيطرة وزيادة مدمنى المخدرات فى الشوارع، انزلقت ألمانيا - التى لا تزال تعتبر على نطاق واسع على أنها القوة الاقتصادية لأوروبا - إلى الركود الأسبوع الماضى، وعندما اشتهرت ألمانيا بالقوة المالية لعملتها، فإن الحقيقة هى أن الطبقة العاملة والطبقة الوسطى فى ألمانيا يشعرون بالضيق، فأسعار الإيجارات والطاقة والمتاجر آخذة فى الارتفاع، مما يزيد من تشديد القيود على الأموال فى بلد مقتصد بالفعل.

وساءت الأمور أكثر فى ألمانيا الأسبوع الماضى، عندما ظهر أن الاقتصاد عانى من تراجع غير متوقع فى الربع الأول من العام، ما وضع البلاد رسميًا فى حالة ركود.

وقال الاقتصاديون الألمان، إن ارتفاع التكاليف بسبب ارتفاع التضخم قد قلل من إنفاق المستهلكين، لكن فى الواقع، فواتير البقالة أعلى بنسبة 28.6 فى المائة مما كانت عليه فى عام 2021.

وانخفض الناتج المحلى الإجمالى للبلاد بنسبة 0.3% بين يناير ومارس، وفقًا للبيانات الصادرة من قبل المكتب الفيدرالى للإحصاء.

ويمثل التراجع غير المتوقع ضربة كبيرة للحكومة الألمانية، التى ضاعفت قبل أسابيع فقط توقعاتها للنمو لهذا العام بعد فشل أزمة الطاقة فى فصل الشتاء التى كان يخشى أن تتحقق.

فى الأسبوع الماضى أيضًا، كشف المكتب الفيدرالى للإحصاء عن إحصائية صادمة مفادها أنه فى عام 2021، كان 17 مليون مواطن ألمانى (20.9 %) إما يعيشون فى فقر رسميًا أو مهددون به. ويعتبر الشخص معرضًا لخطر الفقر أو يتأثر به إذا كان لديه أقل من 60 % من متوسط ​​الدخل لجميع السكان، وفى ألمانيا يبلغ هذا الحد الأدنى 1085 جنيهًا استرلينيًا (1250 يورو) شهريًا للدخل المتاح بعد الضرائب واشتراكات الضمان الاجتماعى.

وحذرت صحيفة «زود دويتشه تسايتونج» الألمانية، من تراجع الناتج المحلى فى ألمانيا مع ارتفاع معدل التضخم على نحو كبير، وسط مخاوف من أن تدخل ألمانيا فى شبح الركود لتلحق بكلٍ من الولايات المتحدة وبريطانيا.

ووفقًا للصحيفة الألمانية، إذا انخفض الناتج المحلى الإجمالى كما هو الحال الآن، فإن ذلك سيعنى فى النهاية دخلًا أقل للمواطنين الألمان وفى فترات الركود، تحجم الشركات أيضًا عن توظيف أشخاص جدد وتميل البطالة إلى الارتفاع ناهيك عن حقيقة أن العديد من الشركات تعانى من نقص فى الموظفين بسبب شيخوخة المجتمع.

وقالت الصحيفة، إن التوقعات قاتمة بالنسبة للاقتصاد الألمانى فى عام 2023، وسط توقعات بارتفاع كبير فى الأسعار، وهو ما يهدد المستهلكين.

تضخم بريطانى

وحذر مصرف «جولدمان ساكس» الأمريكى من أن بنك إنجلترا لن يتمكن من السيطرة على التضخم قبل نهاية عام 2025 بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والارتفاع «المقلق» فى الأجور.

وتوقع عملاق وول ستريت أن يستغرق صناع السياسة عامين ونصف العام على الأقل لإعادة المعدل الرئيسى إلى هدف 2 % من المستوى الحالى البالغ 8.7 %.

وحذر إبراهيم قادرى، الخبير الاقتصادى البريطانى فى «جولدمان ساكس» من أن التضخم، الذى ظل أعلى من هدف البنك منذ أغسطس 2021، بدأ فى التأثير على عدد من السلع والخدمات، مضيفًا: «بالنظر إلى الضيق فى سوق العمل، ما زلنا قلقين بشأن مخاطر نمو الأجور التى لا تهدأ بشكل كاف ومستدام على المدى المتوسط».

وأظهر تحليل «جولدمان ساكس» أن هناك تأخرًا مدته ستة أشهر تقريبًا بين أى ارتفاع أو انخفاض كبير فى أسعار المنتجين وتأثيره على التكلفة الأسبوعية فى المتاجر.

وأظهرت دراسة لاتحاد التجزئة البريطانى، أن تضخم أسعار المتاجر البريطانية ارتفع هذا الشهر ليصل إلى أعلى معدل له منذ بدء تسجيل الصناعة عام 2005، على الرغم من تباطؤ نمو أسعار الأغذية قليلًا.

وأفادت الدراسة، بأن الأسعار فى السوبرماركت والسلاسل التجارية ارتفعت بنسبة 9.0 % فى الفترة من مايو 2022 إلى مايو 2023، بعد زيادة بنسبة 8.8 % فى شهر إبريل.

وأشار الاتحاد، إلى تباطؤ التضخم فى أسعار الأغذية، كما قدرته الغرفة البريطانية للتجارة، إلى 15.4 % من 15.7 %، بينما انخفض تضخم أسعار المستهلكين إلى  8.7 % من 10.1 %.

وأوضح الاتحاد، أن التضخم الرسمى فى أسعار الأغذية، والذى وصل فى وقت سابق من هذا العام إلى أعلى معدل له منذ عام 1977، تباطأ بشكل طفيف فقط إلى 19.1 % من 19.2 %.

وقالت المديرة التنفيذية للغرفة البريطانية للتجارة، هيلين ديكنسون: «على الرغم من ارتفاع التضخم العام لأسعار المتاجر قليلًا فى شهر مايو، إلا أن الأسر سوف ترحب بتباطؤ التضخم فى أسعار الأغذية».

وأضافت: «تم بشكل كبير دفع تباطؤ التضخم فى الأغذية بانخفاض تكاليف الطاقة والسلع الأساسية، بما فى ذلك الزبدة والحليب والفواكه والأسماك».

وقالت هيلين ديكنسون: «على الرغم من وجود مؤشرات على أن تضخم أسعار الأغذية قد يكون فى طريقه للانخفاض، إلا أنه من الضرورى ألا يعرقل الحكومة هذا التقدم المبكر عن طريق فرض المزيد من التكاليف على التجار وزيادة تكلفة السلع بشكل أكبر».