الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد إعادة إحياء صوت أم كلثوم: الذكاء الاصطناعى.. هل يهدد عرش تاريخ الأغنية المصرية؟

«غنوة جديدة للست!» ولكن هذه المرة بعد وفاتها بـ48 عامًا. فعالم التكنولوجيا لم يترك شيئًا مستحيلًا خاصة مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعى، التى استطاعت منذ سنوات قليلة أن تعيد صورة مسرحية لمطربى الزمن الجميل مثل «أم كلثوم» و«عبد الحليم حافظ» وغيرهما من خلال خاصية الهولوجرام المرئية. وكانت المسارح تضج بالجماهير التى تتهافت على رؤية صورة الست مجسدة أمامهم وهى تنشد أشهر أغانيها، ليشعروا بنشوة حضور حفلاتها التى لم يعشها أجيال ما بعد السبعينيات.



ومع التقدم التكنولوجى أصبح بالإمكان استخدام أصوات الفنانين أنفسهم وبث الحياة فيها. لتعود هذه الأصوات من جديد للحياة وتقدم ألحانًا وكلمات بما يتناسب مع العصر الحديث.

افتكرت لك إيه؟

أعلن الملحن «عمرو مصطفى» منذ أيام قليلة أنه سيطلق أغنية جديدة من ألحانه ولكنها لن تكون لصوت من المطربين المتواجدين بالساحة حاليًا ولا حتى من الأصوات الجديدة. فقد فجر مفاجأة خاصة به ليكون أول من يطلق أغنية بتقنية الذكاء الاصطناعى فى الشرق الأوسط لتحمل صوت الراحلة كوكب الشرق «أم كلثوم». 

وما أن تم الإعلان عن إطلاق هذه الأغنية إلا وانقلب الوسط الفنى رأسًا على عقب.. فمنهم من تحمس للفكرة خاصة أنها قدمت فى بعض البلاد الغربية أكثر من مرة مع مطربين راحلين مثل نجم البوب «مايكل جاكسون».. ومنهم من رأى أن «مصطفى» يقوم بالتعدى على التراث الغنائى للمطربة الراحلة وأن هناك حقوقًا قانونية محفوظة. بل وتطور الأمر إلى أن يتم اتهامه بتزوير التاريخ على المدى البعيد. فلو تم إنتاج أغنيات حديثة لمطربى الجيل الذهبى يمكن أن يتم فى المستقبل الخلط بينها وبين كلاسيكيات الأغنيات التى قدموها بأنفسهم.

ولم يقتصر الأمر على المخاوف فقط بل ووصل إلى تبادل الاتهامات المختلفة بسبب حقوق الملكية.. حيث أعلن المنتج «محسن جابر» أنه المالك الرئيسى لكافة حقوق الملكية لتراث الفنانة الراحلة وأنه  لن يسمح لأى أحد بالتعدى عليه واستخدام صوتها فى أغنية من ألحانه سيكون غير قانوني. مما دفع «مصطفى» للرد على «جابر» باتهامه بسرقة بعض ألحانه الخاصة ومنحها لمطربى «المهرجانات» مسبقًا ولكنه تغاضى عن الأمر وقتها ولم يقاضى المنتج الكبير.

بينما أعلنت حفيدة أخت السيدة «أم كلثوم»، «جيهان الدسوقي»، أنها بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية لحماية تراث خالتها.. وقالت خلال مداخلة هاتفية لإحدى القنوات المصرية الفضائية أنه لو كان «عمرو مصطفى» قام باستشارتها للحصول على صوت كوكب الشرق فكان من الممكن أن توافق على الفكرة. ولكن تجاهلها تسبب فى تعديه على حقوق الملكية الفكرية للورثة الشرعيين وهذا ما لن تسمح به.

ورغم الجدل القائم أطلق «مصطفى» مقطعًا تشويقيًا لأغنية (افتكرت لك إيه؟) والتى تحمل صوت «أم كلثوم» بالذكاء الاصطناعي.. وأكد عبر صفحاته الرسمية على مواقع السوشيال ميديا أنه يملك كل الحقوق القانونية لتلك الأغنية لأنها بصوت مصنوع بالذكاء الاصطناعى وليس بصوت بشرى، وأوضح أنه يمتلك كافة الحقوق القانونية ويمكنه إسقاط أى ادعاءات أخرى.

قانون خاص بالذكاء الاصطناعى

كل العالم يخوض حربًا ضد الذكاء الاصطناعى الذى تسبب فى طفرة كبيرة فى مختلف المجالات خاصة مجالات الفنون، فأصبح استنساخ الأصوات أو رسم اللوحات أو التأليف الموسيقى أمرًا لا يقتصر على إبداع الإنسان فقط.. لذلك كان يجب سن قوانين للتحكم بذلك التطور، بحيث يتم استغلاله ولكن مع وضع حدود له. وهذا ما قام الاتحاد الأوروبى بمناقشته خلال الأسابيع القليلة الماضية، بالإضافة إلى مطالبة وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض بسن قوانين حاسمة للحد من انتشار الذكاء الاصطناعى وسوء استخدامه بشكل عام.

وفكرة القوانين هى الحل الذى طرحه الموسيقار الكبير «هانى شنودة» والذى قال فى تصريحاته لـ«روزاليوسف» إن من حق كل إنسان استخدام التكنولوجيا الموسيقية ولكن مع وضع قوانين معينة حيث قال: «الذكاء الاصطناعى أصبح أمرًا واقعًا، وتطورًا يجب أن نواكبه فى كل شيء، ولكن يجب عند إدخال أى نظام جديد أن يتم سن قوانين تحدد كيفية استخدامه.. فأنا من رأيى أن يقوم المسئولون عن الفنون بالتوجه لمجلس الشعب لسن قوانين محددة لكيفية استخدامه فى ظل ما يتوافق مع حقوق الملكية الفكرية وحقوق الورثة المادية والحقوق الأدبية لأى جهة أخرى. وعلى هذه القوانين أن تقوم بتحديد من يستخدم تلك الأصوات وكيف يستخدمها. فمن رأيى أنه يجب أن يتم طرح فكرة العمل على الورثة وأصحاب التراث حتى لا يتم تقديم ما يسيء لتراث الفنانين القدامى. ففكرة وجود قانون هى الشرط الوحيد لإطلاق العنان للإبداع الاصطناعى وإلا فلن يكون الأمر منظمًا وستكون هناك توترات دائمًا».

ونفى «شنودة» فكرة المساس بتراث الفنانين من خلال إعادة إحياء أصواتهم مرة أخرى مؤكدًا أن وجود القوانين سوف يحسم تلك الأمور ولن يتم تزييف التاريخ أو تغييره كما يتردد.

أما نقابة الموسيقيين فكان لها موقف رافض متمثلًا فى تصريحات النقيب «مصطفى كامل» مؤخرًا فى أحد البرامج التليفزيونية حيث قال إنه رافض لما يخطط له «عمرو مصطفى». ولكن الأمر فى النقابة يأتى بالإجماع وليس وفقًا لرأى النقيب فقط.. فربما يظهر أكثر من مشروع آخر خلال الأيام المقبلة غير مشروع أغنية (افتكرت لك إيه؟).. ووقتها لن يكون الأمر تحت سيطرة النقابة خاصة فى ظل عصر السوشيال ميديا.

وقال «طارق مرتضى» المستشار الإعلامى لنقابة المهن الموسيقية لـ«روزاليوسف» إن النقابة بصدد عقد اجتماع عاجل مع أعضاء مجلس الإدارة للبت فى أمر استخدام الذكاء الاصطناعى فى الإبداع الموسيقي. حيث قال: «تتابع النقابة ما تردد من أخبار حول هذه الأغنية ودورنا الأساسى هو الحفاظ على تراثنا الموسيقى من المساس. ولن يتم طرح أى أغنية إلا بعد موافقة مجلس النقابة على استخدام تلك التقنية والشروط التى يجب الالتزام بها.. وخلال الأيام القليلة القادمة سيتم مناقشة تلك القضية للإعلان عن رأى النقابة النهائى بالرفض أو بالموافقة».