الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حكايات الفن والسياسة "الحلقة 6"

نستعرض كتاب «حكايات الفن والسياسة» للزميلة الكاتبة الصحفية إيمان القصاص، الذى يضم عشرات الحوارات مع كبار النجوم من ممثلين ومخرجين ومذيعين... 



الكتاب يكشف أسرارًا وحكايات تنشر لأول مرة على لسان هؤلاء النجوم، إلى جانب عدد من الملفات المهمة التى ناقشت علاقة الفن بالسياسة وغيرها من الملفات والموضوعات.

 

خالد جلال: تحولنا إلى كائنات مستهلكة  

هو الحصان الرابح فى عالم المسرح، فما إن تسمع اسمه إلا وتتأكد أن هذا العرض يستحق المشاهدة، جميع عروضه ناجحة تستقطب عددًا كبيرًا من الجمهور، أبطاله معظمهم يقفون على المسرح لأول مرّة، ثم بعد ذلك يصبحون نجومًا مطلوبين فى جميع الأعمال، سواء التليفزيونية أو السينمائية، لا يبخل عليهم بأى شىء، يدربهم على جميع الفنون، منها التمثيل والإلقاء والوقوف على خشبة المسرح، لكى يقدم نجومًا محترفين لا ينقصهم أى شىء.. إنه المبدع خالد جلال.

حضرت «صباح الخير» عرضه الأخير «بعد الليل» المكون من 33 ممثلًا وممثلة عرضوا «اسكتشات» لأهم المشكلات التى نمر بها مثل «التكنولوچيا» و«التطرف الدينى» و«القسوة» و«الإعلام» وطوال العرض تسأل أحد الممثلين سؤالاً وهو «إيه اللى وصلنا لكدا؟».. عرض جدير بالمشاهدة والاستمتاع بنجوم مختلفة لهم مستقبل باهر، تحدّثنا مع البطل الرئيسى لهذا العمل وهو المخرج «خالد جلال» الذى تحدّث عن العمل وعن فكرته.

 إيه اللى وصّلنا لكدا؟

- قال: سؤال يطرح نفسه طوال العمل على لسان أحد الأبطال وهو «إيه اللى وصّلنا لكدا؟» أو بمعنى أدق: ما الذى وصّل المنطقة كلها إلى ذلك؛ باستثناء دول الخليج فجميعها انهارت، وهذا ليس وليد اللحظة، لكنه بدأ منذ عشرين عامًا، ونحن نعانى من حالات التفتيت للأخلاقيات والعادات والأديان والموروثات، وهذا لم يكن شيئا واضحًا؛ بل بدأ خفيًا وتم تمريره من خلال الفنون والإعلام والنت والفضائيات التى جاءت من الخارج، وجعلتنا ننسى عمدًا تاريخنا القوى.

ويضيف جلال: إلى جانب مرورنا بمحاولة طمس تاريخنا، وفى رأيى الشخصى هو مخطط أن يكون العالم كله مثل قطع الشطرنج، كأنهم جندى واحد يرتدون نفس الملابس ويشاهدون نفس الشىء، ودليل على ذلك أن هناك أشياء نجحوا فيها مثل فورمات البرامج التى تصدر لنا، فالجميع يشاهدها الآن إلى جانب «فيسبوك»، فنحن تمارس علينا لعبة غير محترمة منذ فترة طويلة.

 فكرة «بعد الليل»

- وما زال الحديث لخالد جلال: أنا أعمل فى هذه العروض مخرجًا ومدرس تمثيل و«دراما تورج» بمعنى أن العروض الذى قدمتها فى أعمالى السابقة منها «قهوة سادة» وحاليًا «بعد الليل» تم تنفيذها بطريقة تعلمتها وأنا أدرس فى إيطاليا على يد مخرج اسمه «دانيلو كرموندى»، كان يعمل بطريقة الارتجال، وكيف أن ارتجال الممثل من خلال ما يتعرض له من مشكلات فى حياته الشخصية، يمكن أن يصاغ فى عرض مسرحى واحد، وسأشرح لك المراحل التى يمر بها أى عمل أقوم به، فى البداية أنا بعمل بناء عام، وأحدد الأشياء التى سنعرضها أو بمعنى أدق أضع العناوين الرئيسية للموضوعات، وأترك للممثل حرية الارتجال، ونجمع ذلك كله والسر هنا فى «حبكة الموضوع»، وكيف أن تصنع من ألف مشهد أو أكثر «ساعة واحدة فقط»، وأن أصوغ منها موضوعًا له بداية ووسط ونهاية، وله إطار واحد يجمعه، ومن أكثر المشكلات التى عرضناها وأثرت فيّ هو مشهد المتطرفين، الذى بيّن لنا ما وصلنا له، وهو أن جميع الفئات أصبحت متطرفة، ومشهد آخر وهو المصور الفوتوغرافى الذى يتذكر الصور القديمة من أيام أم كلثوم وعبدالحليم وجمال عبدالناصر، والممثل يحدّث نفسه فى هذا المشهد ويقول إن كاميرته الخاصة لا تريد التصوير الآن، لأن الواقع أصبح قبيحًا.

تصدير الإحباط؟

- هذا المشهد لا يصدر لكم الإحباط بل بالعكس.. هذا يدعو إلى الفخر وليس الإحباط، وأن الشباب لديهم عظماء مثل هؤلاء وسيظلون يتذكرونهم، وهذا سيدفع كل شخص أن يكون علامة فى جيله مثل هؤلاء، وهذا المشهد بالفعل مؤلم ولكنه دافع وحافز كبير لهم.

 نشاهد أنفسنا فى «بعد الليل»؟

- وللأسف الشديد نجحوا فى تحويلنا إلى كائنات مستهلكة بدلاً من أن نكون كائنات مستمتعة بتاريخها، وأتذكر أننا فى يوم من الأيام كنا نشاهد حفلات السيدة أم كلثوم والأسرة بأكملها تجلس تستمع وتسهر طوال الليل تستمتع بهذا العمل الجميل، فمع الوقت تحوّلنا إلى كائنات لا تستغنى عن الموبايل والإنترنت، واستطاعوا أن يقنعونا أن هذه الأشياء لو اختفت حياتنا ستتوقف، هذه هى التكنولوچيا ولها إيجابيات وسلبيات، ولكننا للأسف أخذنا الجزء الأخير منه، وقد استغلوا هذا الجزء لكى يسقطوا مجتمعات بأكملها، وقد عرضنا هذه المشكلة الخطيرة فى «بعد الليل»، لدرجة أن الجمهور يقول لى إنه يشاهد نفسه داخل العرض من شدة تطابق العرض المسرحى مع واقعهم.

 بدائل!

- للأسف لا يوجد بدائل للمشكلات التى نمر بها؛ لأنهم استغلوا صغائر الأمور، وسأعطى لكم أدلة على كلامى، ففى موضوع «فيسبوك»، هم استغلوا نقيصة بشرية توجد لدى كل الناس وهى الفضول والنميمة، وكل شخص يريد أن يعرف ماذا يفعل الآخر؛ لذلك اخترعوا شيئًا يجعل الجميع يحكون عن أنفسهم كل شىء ويقولون تحركاته، وأتذكر أنه فى الماضى كانوا يرسلون جواسيس يجلسون على المقاهى لكى ينقلوا نبض الشارع ويعرفوا مَن ضد ومَن مع، فحاليًا لا يحتاجون أن يفعلوا ذلك؛ لأننا أصبحنا حاليًا - نحن - المرشدين لهم، وأصبحنا بكلمة منهم يمكن أن ينزّلك الشارع وبكلمة يقدر يبقيك فى البيت.

 بعد الليل سيأتى النهار؟

-أعتبر أن الوقت الحالى هو «بداية النجاة» وأننا البلد الوحيد فى الإعصار الذى حدث.. الذى وجد مَن ينقذه.. والرجل الذى استطاع أن يوقف ويرفض الذى يحدث وينبه الآخرين لخطورة الموقف.. واستطاع أن يكشف المخطط الذى كان يحدث لنا.

 مَن السبب؟

- السبب فى حالة التسطيح الذى حدث لنا هما الدولة وأنفسنا، لو تنبّهنا أن الموضوع حدث تدريجيًا عندما بدأوا يلغون النشاط فى المدارس، متمثلاً ذلك فى حصص الرسم والمسرح، فلغوا الحوش المدرسى، اللى كان بيطلّع نجوم فى الرياضة وفى الشعر والرسم وجميع الفنون، وعندما سمحت الدولة بذلك، سطحت جيلًا كاملًا ونحن عرضنا ذلك فى «بعد الليل» فى مشهد المدرسة التى قبلت لأنها بالواسطة وتركوا المدرس الحقيقى، ووقتها قلنا «نقرأ الفاتحة على الجيل كله».

 الانتباه!

- إذا لم تحل كل هذه المشكلات التى تكلبشنا، سنكون مثل البلدان التى انهارت وإذا لم ننتبه إلى أننا وطن له تاريخ كبير، وأن مصر هى أهم بلد فى الوطن العربى بسكانه وبموقعه التاريخى ومواقفه السياسية، ولو فضلنا نخسر كل يوم شىء سنصبح مثلنا مثلهم فى أقرب وقت.