الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الغرب يبحث الحزمة الجديدة لتقييد موسكو وتأييد كييف العقوبات الـ10 لخروج روسيا من أوكرانيا

بعد مرور أكثر من 13 شهراً على بدء الأزمة الروسية الأوكرانية، يبدو أن 10 حزم من العقوبات الغربية المتتالية التى فرضت ضد «موسكو» على مدار عام كامل، لم تكن كافية لردعها عن عمليتها العسكرية فى الأراضى الأوكرانية.. ومع ذلك، يبدو أن الغرب- من جانبه- لم يكتف بعد من فرض مزيد من العقوبات، رغم تأثيرها السلبى الواضح المباشر وغير المباشر على بلادهم، إذ نقلت صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية عن ثلاثة دبلوماسيين من «الاتحاد الأوروبى»- رفضوا ذكر أسمائهم لحساسية مناصبهم- قولهم، إن «بروكسل» تخطط لجولة جديدة من المباحثات بين المفوضية الأوروبية، وسفراء «الاتحاد الأوروبى»، بشأن حزمة العقوبات الحادية عشرة ضد «روسيا»؛ مرجحين إجراء المحادثات بعد عطلة عيد الفصح مباشرة.



 

تقرير صحيفة «بوليتيكو»، جاء بعد 24 ساعة فقط من تصريحات الرئيس الأوكرانى «فولوديمير زيلينسكي»، التى قال فيها إنه بحث مع رئيسة المفوضية الأوروبية «أورسولا فون دير لاين» مزيداً من الدعم الغربى لأوكرانيا، بالإضافة إلى فرض الحزمة الحادية عشرة من العقوبات ضد «روسيا» فى الوقت ذاته.

يذكر، أن رئيسة المفوضية الأوروبية «أورسولا فون دير لاين» أوضحت -فى وقت سابق- أن الحزمة الجديدة ستركز على معالجة- ما وصفته- بالالتفاف على العقوبات، ومعالجة الثغرات؛ بينما ذكرت وكالة «رويترز» –منذ أيام أن «الاتحاد الأوروبى» يفكر فى فرض عقوبات على صناعة الطاقة النووية، تتضمن عقوبات على صناعة الطاقة النووية الروسية فى «أوروبا»، وشركة (روس آتوم). وذلك، بعد أن فشل «الاتحاد الأوروبى» فى فرض عقوبات على شركة الطاقة النووية الروسية فى الحزمة العاشرة التى فرضت يوم الـ25 من فبراير الماضى، بسبب معارضة «المجر».

من جانبها، قالت مذكرة بحثية للبرلمان الأوروبى، إن: «تأثير العقوبات لن يكون شديداً بما يكفى للحد من قدرة «روسيا» على شن عملية عسكرية ضد «أوكرانيا» فى عام 2023»؛ موضحة أن تدفق التجارة بين دول الكتلة -البالغ عددها 27 دولة- و»روسيا» مستمر؛ مشيرة لعدم استعداد «الاتحاد الأوروبى» لتلقى ضربة اقتصادية أقوى، فى ظل المخاوف بشأن تأثير اضطراب سلاسل التوريد العالمية.

وبالفعل، فإنه من المثير للريبة، وجود عدة مجالات لا تزال فيها التجارة بين دول «الاتحاد الأوروبى»، و«روسيا» مستمرة فى صمت، رغم الصيت الإعلامى للعقوبات.

 التدفقات التجارية

فى عام 2021، كانت «روسيا» خامس أكبر شريك تجارى للاتحاد الأوروبى مع تبادل بضائع بقيمة 258 مليار يورو، وفقاً للمفوضية الأوروبية؛ وكانت أهم واردات «الاتحاد الأوروبى»، هي: (الوقود، والخشب، والحديد والصلب، والأسمدة).

ورغم ما أفادت به وسائل الإعلام الغربية بأن قيمة واردات «الاتحاد الأوروبى» من «روسيا» انخفضت بمقدار النصف فى ديسمبر الماضى، على غرار الأزمة الروسية الأوكرانية إلا أن «الاتحاد الأوروبى» استورد -بالفعل- ما قيمته إجمالاً 171 مليار يورو من البضائع من «روسيا»، اعتباراً من مارس 2022 وحتى نهاية يناير 2023، وفقاً لأحدث البيانات المتاحة من مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبى (يوروستات).

المثير للانتباه، هو أن حجم واردات «أوروبا» من «روسيا» يحطم –بلا شك- مبلغ 60 مليار يورو فقط، خصصه «الاتحاد الأوروبى» لأوكرانيا على مدار عام كامل منذ بدء الأزمة فى فبراير 2022. ولكن، يذكر –أيضاً- أن هذه المساعدة لا تشمل قيمة الدبابات الحديثة التى حصلت عليها «كييف» منذ ذلك الحين، أو أحدث صفقة بشأن إمدادات الذخيرة.

 الغاز الطبيعى المسال

رغم فرض «الاتحاد الأوروبى» عقوبات على واردات (الفحم، والنفط) المنقول بحراً من «روسيا» العام الماضى، إلا أن هذه العقوبات لا تشمل الغاز، الذى قلصته «موسكو» –فى المقابل- رداً على العقوبات الغربية، بتقليل إمدادات خطوط الأنابيب إلى «أوروبا».

ومع ذلك، حصل «الاتحاد الأوروبى» على الغاز الروسى، وإن كان أقل بنسبة 40 ٪ فى عام 2022، مقارنة بالسنوات الأخيرة.

أما فيما يخص (الغاز الطبيعى المسال)، فهو قصة أخرى، إذ زادت شحنات الغاز الطبيعى المسال الروسى إلى «أوروبا» منذ بدء العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا» إلى 22 مليار متر مكعب فى عام 2022، ارتفاعاً من نحو 16 مليار متر مكعب فى عام 2021، وفقاً لتحليل صادر عن «الاتحاد الأوروبى».

ورغم أن أحجام الغاز الطبيعى المسال أصغر من شحنات الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية، والتى كانت تبلغ نحو 155 مليار متر مكعب سنوياً قبل الأزمة الروسية الأوكرانية، إلا أنها دفعت بعض الدول الأوروبية إلى المطالبة بخيار قانونى بموجب قانون «الاتحاد الأوروبى»، من أجل منع واردات الغاز الطبيعى المسال.

الصناعات النووية

ومثل الغاز الطبيعى المسال، لم تكن هناك عقوبات على الصناعة النووية الروسية، والتى من المقرر أن يناقشها «الاتحاد الأوروبى» فى العقوبات المقبلة، من أجل إيجاد حل بين الدول الأوروبية -المختلفة فى وجهات النظر- للاتفاق على إدراجه فى قائمة العقوبات.

يأتى الخلاف بين الدول الأوروبية فى وقت بلغ فيه إجمالى واردات «الاتحاد الأوروبى» من منتجات الصناعة النووية الروسية ما يقرب من 750 مليون يورو فى عام 2022 وحده، وفقاً لمكتب «يوروستات»؛ بينما قالت الوكالة النووية الأوروبية (يوراتوم) إن «روسيا» قدمت خُمس اليورانيوم الذى تستخدمه مرافق «الاتحاد الأوروبى» فى عام 2021، بالإضافة إلى ربع عمليات التحويل، وثلث خدمات التخصيب.

وعليه، يعتقد بعض الخبراء أن وضع الصناعات النووية الروسية داخل دائرة العقوبات قد يثار الجدل الأوروبى حولها، نظراً لاعتماد بعض الدول الأوروبية على تلك الصناعات؛ فعلى سبيل المثال: اعترضت وزارة الطاقة الفرنسية على تقرير لمنظمة (السلام الأخضر)، التى أكدت الشهر الماضى أن «باريس» زادت بشدة وارداتها من اليورانيوم المخصب من «موسكو» منذ بدء الأزمة الأوكرانية؛ وهو ما ردت عليه السلطات الفرنسية قائلة، إن وقف عقودها مع «روسيا» سيكون أكثر تكلفة من الاستمرار!!

 الماس

نظراً لعدم حظر استيراد الأحجار الكريمة من «روسيا»، وعدم إدراج شركة التعدين الروسية «آلروسا» داخل القائمة السوداء للعقوبات، فقد اشترى «الاتحاد الأوروبى» ما قيمته مليار و400 مليون يورو من الماس الروسى العام الماضى، وفقاً لمكتب (يوروستات).

ومع ذلك، يعمل «الاتحاد الأوروبى، والولايات المتحدة» واقتصادات مجموعة السبعة الأخرى (G7) فى الوقت الحالى للضغط على تجارة الماس الروسى.

 الكيماويات والمواد الخام

فى صورة مناقضة للعقوبات، بلغت قيمة واردات «الاتحاد الأوروبى» من الأسمدة الروسية مليارى و600 مليون يورو العام الماضى، بزيادة أكثر من ٪40 عن عام 2021، حيث تغلب ارتفاع أسعار السماد على الكميات المنخفضة من الواردات، وفقاً ليوروستات.

وقال أحد أفراد جماعة الضغط الأوروبية للأسمدة الصناعية «شون ماكلي»، إن الأسمدة الأخرى بما فى ذلك (اليوريا) تتدفق بحرية إلى بلادهم.

وفى هذا السياق، أدى الخلاف بين دول «الاتحاد الأوروبى»، بشأن الإعفاءات المقترحة لمواصلة وصول الأسمدة إلى «إفريقيا» إلى منع فرض العقوبات ضد «بيلاروسيا» حليفة «روسيا»، التى تقدم لها يد العون فى العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا»، من وجهة نظر «أوروبا».

أما على صعيد المواد الخام، فلم يتأثر –على سبيل المثال- (النيكل)، الذى يستخدم فى الغالب لإنتاج (الفولاذ) المقاوم للصدأ بالعقوبات؛ إذ استورد «الاتحاد الأوروبى» ما قيمته ملياران ومليون يورو من النيكل فى عام 2021، وبما يصل إلى 3 مليارات ومليونى يورو العام الماضى، وفقاً ليوروستات.

إن هذه الأرقام، وإن كانت قليلة مقارنة بالأعوام التى سبقت بدء الأزمة الروسية الأوكرانية فى فبراير 2022، إلا أنها لا تزال كبيرة بشكل عام، مقارنة بحجم العقوبات المفروضة على «روسيا»، ما دفع بعض المسؤولين الأوروبيين والخبراء يشككون فى متانة العقوبات المفروضة، وتأثيرها، أو إمكانية تحقيق أهدافها، والتى تتمثل فى خفض إيرادات «موسكو»، والوصول إلى التكنولوجيا المستخدمة فى عمليتها العسكرية، وفقاً لتصريحات «الاتحاد الأوروبى».

هذا بالإضافة إلى الخلاف الحاد بين حكومات «الاتحاد الأوروبى» -التى تعتمد فى نمو اقتصاداتها على الصناعة والتطور التكنولوجي- على طبيعة فرض العقوبات، إذ تحاول الدول الأوروبية أن تدرس عواقب وتداعيات العقوبات التى تفرض على «موسكو»، وذلك لما تسببه من التأثير المباشر أو غير المباشر عليها، فى ظل الضغط المتواصل –على الجانب الآخر- من قبل حليفتهم «الولايات المتحدة»، الداعمة لدولة «أوكرانيا» فى مواجهة «روسيا».