الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«التضخم العالمى» هل يستقر أم يستمر.. ومتى ينتهى؟ .. مؤسسات مالية دولية تتوقع نمو اقتصاد منطقة الشرق الأوسط فى 2024

عدّل البنك الدولى توقعاته للنمو العالمى لعام 2023 ورفعه بقدر قليل إلى 2 فى المائة، مقارنة بتوقعات فى يناير الماضى التى بلغت 1.7 فى المائة، لكنه أضاف أن التباطؤ الناجم عن النمو الأقوى فى 2022 سيزيد من أزمة الديون فى الدول النامية.. وطغى الارتفاع الكبير لمعدلات التضخم عالميا والذى قابلته البنوك المركزية برفع معدلات الفائدة على توقعات البنك الدولى لاقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أضاف التراجع الذى شهدته أسعار النفط مزيدا من الضغوط على توقعات البنك لدول الخليج التى اعتمدت معدلات نموها القياسية خلال 2022 عليه بشكل رئيسى.



 

فى تقرير المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خفض البنك الدولى توقعاته للنمو الاقتصادى للمنطقة ككل إلى 3 بالمائة فى العام الجارى، من نمو محقق خلال 2022 بلغ 5.8 بالمئة، ومن توقعاته السابقة التى كانت تشير لنمو بنسبة 3.2 بالمئة، كما توقع أن ينمو اقتصاد المنطقة خلال 2024 بنسبة 3.1 بالمئة.

كما دفع تراجع أسعار النفط عن مستوياتها المرتفعة خلال 2022 البنك لتقليص توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الخليجى بأكثر من النصف، من 7.2 بالمئة بالعام الماضي، إلى 3.2 بالمئة فى العام الجاري، و3.1 بالمئة فى 2024، مع توقعات بأن يكون اقتصاد عُمان الأسرع نمواً داخل مجلس التعاون فى عام 2023 بنسبة نمو 4.3 بالمئة.

 التضخم

بعد نشوب الحرب فى أوكرانيا فى فبراير 2022، زاد التضخم فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نتيجة لارتفاع الأسعار العالمية للسلع مثل النفط والغاز والمنتجات الغذائية، لكن تعامل دول المنطقة مع التضخم كان متباينا، فمن ناحية، تمكنت اقتصادات مجلس التعاون الخليجى إلى حد كبير من إبقاء معدلات التضخم فيها دون المتوسطات العالمية، كما شهد الأردن والعراق مستويات منخفضة نسبيا من التضخم.

ومن ناحية أخرى، شهدت بلدان مثل مصر والمغرب وتونس مستويات أعلى من التضخم، حيث لعب انخفاض أسعار الصرف مقارنة بالدولار الأمريكى دورًا مهمًا بين مارس وديسمبر 2022، فقد انخفضت قيمة العملة المحلية لمصر مقابل الدولار الأمريكى بنسبة 32.2 بالمئة، وفى المغرب بنسبة 7.4 بالمئة، وفى تونس بنسبة 5.8 بالمئة.

 أسعار الغذاء

بلغ تضخم أسعار المواد الغذائية 10 بالمئة فى معظم اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ذات الدخل المتوسط والمنخفض فى عام 2022، وكان تضخم أسعار المواد الغذائية أعلى كثيرا من التضخم العام فى أغلب اقتصادات المنطقة، فقد بلغ متوسط تضخم أسعار المواد الغذائية على أساس سنوى مقارن بين مارس وديسمبر 2022 حوالى 29 بالمئة فى المنطقة، وهى نسبة أعلى بكثير من التضخم العام الذى بلغ 19.4 بالمئة، ومن شأن هذه الزيادات المتفاقمة فى أسعار المواد الغذائية، حتى وإن كانت مؤقتة، أن يكون لها آثار طويلة الأمد.

 معدلات الفائدة

يرى البنك الدولى أنه رغم توقع حدوث تراجع فى معدل التضخم العالمي، فإن التوقعات تشير إلى أنه سيظل أعلى من مستويات ما قبل الوباء لفترة أطول، وهو ما يزيد من مخاطر إقدام الاقتصادات المتقدمة على زيادة تشديد السياسة النقدية، الأمر الذى سينعكس بشكل كبير على تدفقات رءوس الأموال إلى البلدان النامية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما يزيد من الضغوط على أسعار الصرف فى هذه البلدان، الأمر الذى قد يؤدى بعد ذلك إلى مزيد من التضخم نظراً لزيادة تكلفة السلع المتداولة عالمياً بالعملة المحلية.

دول الخليج

ركز تقرير البنك الدولى على أن أسعار النفط كانت العامل الحاسم فى تقدير توجهات اقتصادات هذه المنطقة، فكما كانت الأسعار المحرك الرئيسى الذى دعم النمو القوى لدول مجلس التعاون خلال 2022، شكلت هذه الأسعار العامل الرئيسى أيضا فى تقليص توقعات البنك خلال العام الجارى والمقبل، لكن وعلى الرغم من ضعف الطلب على النفط، يتوقع البنك استمرار النمو المرتفع نسبيا، وذلك بزيادة الطاقة الإنتاجية للهيدروكربونات، ولا سيما بمساعدة تنمية حقول الغاز الطبيعى الجديدة.

التقرير توقع أيضاً أن تنخفض الأرصدة المالية العامة لدول الخليج، لكنها ستظل فى حيز الفائض، مع توقع أن تحقق قطر فائضاً فى المالية العامة بنسبة 6.5 بالمئة، والإمارات 6.2 بالمئة فى 2023، وعلى الرغم من التباطؤ الأخير، فإن كلاً من أرصدة الحساب الجارى والمالية العامة أعلى بكثير من المتوسط الذى كان سائدا قبل الوباء فى دول مجلس التعاون الخليجى البالغ 5.7 بالمئة فى حساب المعاملات الجارية وسالب 3.2 بالمئة لأرصدة المالية العامة فى 2019.

 مصر

توقع خبراء الاقتصاد فى البنك الدولى أن تنمو البلدان النامية المستوردة للنفط فى المتوسط بنسبة 3.6 بالمئة فى عام 2023 و3.7 بالمئة فى عام 2024، وتعكس هذه التوقعات مدى ارتفاع توقعات النمو فى مصر مقارنة بهذه المجموعة من الدول، فمن المتوقع أن ينمو اقتصادها بنسبة 4.0 بالمئة فى كل من السنة المالية 2023 والسنة المالية 2024، وبالنسبة لباقى البلدان النامية المستوردة للنفط فى المنطقة، تعكس التوقعات الخاصة بمصر بأن قدرتها التنافسية قد تزداد بسبب الخفض الأخير فى سعر صرف الجنيه المصرى، ومن المتوقع أيضا أن يتعزز النمو العام بالنمو فى قطاع الخدمات خاصة فى السياحة ونشاط قناة السويس، وكذلك التشييد.

 الأمن الغذائى

خصص تقرير البنك الدولى جزءًا مهمًا لاستعراض تقييم الأثر الدائم لانعدام الأمن الغذائي، فالبنك يرى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية سيؤدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائى فى المنطقة، والذى لا يشكل مصدر قلق فوريا فحسب، بل له تداعيات على مدى الأجيال.

ويرى البنك أن انعدام الأمن الغذائى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منتشر على نطاق واسع ومن المتوقع أن يزداد اتساعا، ومن المتوقع أن تكون الاحتياجات السنوية لتمويل التنمية للسكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائى الشديد بمليارات الدولارات.

 صندوق النقد

على الجانب الآخر، قال صندوق النقد الدولى فى أحدث تقرير له عن آفاق الاقتصاد العالمى إن أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة والدول الصناعية الأخرى ستعود إلى مستوياتها المنخفضة للغاية التى كانت سائدة قبل انتشار وباء كورونا، مدفوعة بشيخوخة السكان وتباطؤ نمو الإنتاجية.

وتوقع الصندوق أنَّ ما يسمى بسعر الفائدة الطبيعى أو المحايد – بمعنى سعر الفائدة قصير الأجل المعدل حسب التضخم والذى لا يحفز نشاط الاقتصاد ولا يعطله - سيقل كثيراً عن %1 فى الولايات المتحدة فى العقود المقبلة.

وقال صندوق النقد الدولى إن أسعار الفائدة المنخفضة التى يتصورها ستسهل على بعض البلدان التعامل مع مستويات الديون الحكومية المرتفعة الناتجة عن الوباء.

ومع ذلك، مازال ينبغى على كثير من هذه الحكومات أن تتخذ إجراءً للحد من عجز الموازنة العامة بما يكفل استقرار وتخفيض القروض القائمة كنسبة من إجمالى الناتج المحلي. أما بالنسبة للاقتصادات المتقدمة، من المرجح أن يؤدى تخفيض الإنفاق إلى تراجع نسبة الدين بدلاً من زيادة الإيرادات الحكومية، وفقاً لمؤسسة الإقراض العالمية.

تقديرات الصندوق لسعر الفائدة المحايد فى الولايات المتحدة تتماشى فى الأساس مع تقديرات صناع السياسة النقدية فى بنك الاحتياطى الفيدرالي، الذين يربطونه ضمنيا بنصف نقطة مئوية، وفقاً لمتوسط التوقعات طويلة الأجل الواردة فى توقعاتهم الاقتصادية الفصلية.

وقال صندوق النقد الدولى إن المستوى المنخفض لأسعار الفائدة المحايدة سيحد من قدرة بنك الاحتياطى الفيدرالى والبنوك المركزية الأخرى على تحفيز اقتصاداتها فى المستقبل.

وأضاف أن «الحد الأدنى الفعلى لأسعار الفائدة قد يصبح ملزماً مرة أخرى» حيث يضطر صناع السياسة النقدية إلى خفض أسعار الفائدة إلى حوالى الصفر للتعامل مع الأزمات الاقتصادية فى المستقبل.

وأقر صندوق النقد الدولى بأنَّ بعض العوامل قد ترفع أسعار الفائدة الطبيعية، رغم أن ذلك ليس هو السيناريو الافتراضي. وقال إن التأثير قصير إلى متوسط المدى للانتقال إلى صافى انبعاثات الكربون الصفرية غير واضح، وهذا يتوقف جزئيًا على كيفية تمويلها.