السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ردود فعل دولية والتحقيقات الأمريكية مستمرة: .. «وثائق البنتاجون المسربة».. فضيحة أمنية أم خدعة حرب جديدة؟!

حالة من الجدل والكثير من الأسئلة على الساحة العالمية بعد انتشار عشرات الوثائق والصور المسربة لوثائق أمريكية سرية، تكشف التجسس على روسيا.. وأيضًا أوكرانيا، وكوريا الجنوبية وإسرائيل عبر تطبيقات على مواقع التواصل الاجتماعى، وعلى رأسها تطبيق الألعاب الإلكترونية «ديسكورد», وذلك بعد أن نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريرًا، ألقت فيه الضوء على عشرات الوثائق والصور المنشورة على منصّات تويتر وتلجرام وديسكورد وغيرها من المواقع فى الأيام الأخيرة، وقد يكون بعض منها متداولًا على الإنترنت منذ أسابيع إن لم يكن منذ أشهر.. كما اطلعت وكالة رويترز على أكثر من 50 وثيقة تحمل ختمى «سرى» و«سرى للغاية» والتى ظهرت للمرة الأولى على مواقع التواصل الاجتماعى فى مارس الماضى، وكشفت عن نقاط الضعف فى الجيش الأوكرانى إلى جانب معلومات عن بعض الحلفاء، منهم إسرائيل وكوريا الجنوبية وتركيا.



 

أشارت «واشنطن بوست» فى تقريرها إلى غضب المسئولين الأمريكيين من تسريب «الوثائق السرية»، التى تغطى جميع أشكال جمع المعلومات الاستتخباراتية عما وصفه التقرير بالتجسس على الأعداء والحلفاء معًا.

وقالت الصحيفة إن المسئولين الأمريكيين صعقوا وغضبوا من حجم المعلومات التى كشفتها الملفات المسربة والتى تحمل علامة «سرى للغاية» من البنتاجون فى الأغلب، عن معلومات تكتيكية عن وضع الحرب فى أوكرانيا، بما فيها قدرات البلد القتالية.

وأعد معظم هذه الوثائق رئيس هيئة الأركان الأمريكى الجنرال مارك ميلى، وغيره من القادة العسكريين، لكنها كانت متوفرة لمسئولين أمريكيين آخرين، ومتعهدين لديهم تصاريح أمنية، وتحتوى الملفات على معلومات من الوكالات الاستخباراتية الأمريكية الأخرى جمعتها عن روسيا ودول أخرى، وكلها تقوم على معلومات مستقاة من مصادر أمنية وصفت بـ«السرية».

وحسب الصحيفة فإن الإحاطات والملخصات تقدم ما وصفته بالصورة النادرة عن عالم التجسس الأمريكى، مثل المعلومات عن أماكن تجنيد المخابرات الأمريكية عملاء على معرفة بلقاءات لقادة العالم خلف الأبواب المغلقة، وتنصت يظهر محاولة مجموعة فاجنرالحصول على أسلحة من تركيا لاستخدامها فى الحرب الأوكرانية، وصور أقمار اصطناعية استخدمتها الولايات المتحدة لملاحقة القوات الروسية، بما فى ذلك تكنولوجيا متقدمة لم تكشف من قبل.

وتغطى الوثائق بشكل أساسى الحرب فى أوكرانيا وتقييم مسارها، وطبيعة الأسلحة التى تحتاجها أوكرانيا، وهى تقييمات تسهم فى تحديد قرارات إدارة بايدن، وكيفية دعم أوكرانيا، والرد على استراتيجية روسيا العسكرية فى أوكرانيا.

حرب استنزاف

وبحسب الوثائق المسربة، توقع محللون أمريكيون فى تقييم بتاريخ 23 فبراير حرب استنزاف طاحنة فى إقليم دونباس، وفشلًا روسيًا فى السيطرة على المنطقة بنهاية 2023، ودعمت الوثيقة التى طبعت بخط عريض بصور من الأقمار الاصطناعية للتجسس، والتجارية، تظهر حركة الحرب الطاحنة الدائرة هناك.. كما تقدم الوثائق السرية تفاصيل واسعة عن الذخائر، وأنظمة التدريب، والدفاع الجوى فى أوكرانيا فى مرحلة حرجة من القتال، حيث لا يزال البنتاغون يراجع صحتها.

وعبر المسئولون الأمريكيون عن خوفهم من مساعدة الوثائق روسيا فى إحباط بعض منافذ جمع المعلومات، وعلى سبيل المثال لا الحصر ذكرت الوثائق المسربة مصدر المعلومات عن التحركات العسكرية الروسية فى أوكرانيا وهو «لابيس تايم - فيديو سيرز»، وهو نظام أقمار اصطناعية متقدم، ويلتقط صورًا جيدة  للأهداف على الأرض، وربما أصبح الآن هدفًا للتشويش الروسى.

وتكشف الوثائق أيضًا أن الولايات المتحدة اخترقت القوات الروسية بشكل عميق، لتحذير الأوكرانيين مقدمًا من تحركات الروس وخططهم ومكامن ضعفهم وقوتهم، وهو أمر معروف، لكن لم يكشف علنًا وتظهر الوثائق نجاحات عدة للمخابرات الأمريكية، وكشفها مكامن الضعف الروسية، ونضوب قدرات موسكو العسكرية بعد عام من الحرب.

 تداعيات عالمية

وعن التداعيات الجيوسياسية للحرب، تكشف إحدى الوثائق عن الوضع الأمنى العالمى، أن الصين ستستخدم الهجمات الأوكرانية فى العمق الروسى دليلًا على عدوانية الناتو، وقد تزيد الصين من مساعداتها لروسيا إذا رأت أن الهجمات «مهمة».

ولم تقدم بكين بعد أسلحة فتاكة إلى روسيا، لكن هجوم أوكرانيا على موسكو بأسلحة أمريكية ومن الناتو سيعطى إشارة على أن «الولايات المتحدة مسئولة بشكل مباشر عن التصعيد».

وتظهر الوثائق متابعة أمريكا لجهود طهران للحصول على أسلحة نووية، وفى إحاطة احتوت على مراقبة لجهود إيرانية لفحص صواريخ باليستية قصيرة المدى، إلى جانب إحاطة تشكك فى قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مراقبة أمنية للمشروع النووى الإيرانى.

وفى تقارير أخرى، تقدم الوثائق صورة عن متابعة المخابرات الأمريكية للبرامج النووية الكورية الشمالية كما تحدثت عن نقاشات داخل مجلس الأمن القومى فى كوريا الجنوبية عن طلب أمريكى لتزويد أوكرانيا بذخيرة استراتيجية واقترح مسئول فى المجلس بيع الأسلحة لبولندا، التى تسيطر على نقل الأسلحة إلى أوكرانيا.

 رد فعل أمريكى

بالطبع أثارت تلك الوثائق جدلًا كبيرًا داخل المؤسسات الأمريكية.. واعتبر البنتاجون أن عملية التسريب التى يرجح أنها حصلت لوثائق أمريكية سريّة، عدد كبير منها على صلة بالحرب فى أوكرانيا، تشكّل خطرًا «جسيمًا جدًّا» على الأمن القومى للولايات المتّحدة.

وقال كريس ميجر، مساعد وزير الدفاع للشئون العامة، فى تصريح للصحفيين إن الوثائق التى يتمّ تداولها على الإنترنت تشكّل «خطرًا جسيمًا جدًّا على الأمن القومى ولديها القدرة على نشر معلومات مضلّلة».

وأضاف «ما زلنا نحقق فى كيفية حدوث ذلك، لقد اتُّخذت خطوات للاطّلاع عن كثب على كيفية نشر هذه المعلومات ووجهتها».

 مؤامرة روسية!

فى الوقت نفسه، قال دانييل هوفمان، وهو ضابط سرى سابق فى وكالة المخابرات المركزية فى تصريحات صحفية أثارت الجدل، إنه بالنظر إلى الأنشطة السابقة لوكالات المخابرات الروسية فمن المحتمل جدًا أن يكون عملاء روس يقفون وراء نشر الوثائق المتعلقة بأوكرانيا بغرض التضليل.

فيما قال بعض خبراء الأمن القومى ومسئولون أمريكيون إنهم يشتبهون فى أن يكون الشخص الذى سرب هذه المعلومات أمريكيًا نظرًا للعدد الكبير من الموضوعات التى تغطيها الوثائق، لكنهم لا يستبعدون أيضًا أن تكون عناصر مؤيدة لروسيا تقف وراء هذه التسريبات. وقالت أوكرانيا إن رئيسها وكبار مسئوليها الأمنيين اجتمعوا يوم الجمعة لمناقشة سبل منع التسريبات.

 نفى مصرى وردود فعل دولية

وأدى تسريب هذه الوثائق إلى ردود فعل دولية كبيرة.. على رأسها النفى المصرى لما جاء فى تلك الوثائق بشأن تخطيط الحكومة المصرية لتزويد روسيا بآلاف الصواريخ. حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد،  لصحيفة «واشنطن بوست» إن «موقف مصر منذ البداية يستند إلى عدم المشاركة فى الأزمة الروسية - الأوكرانية والمحافظة على مسافة متساوية بين الجانبين»، موضحا: «نواصل حث الطرفين على وقف الأعمال العدائية والتوصل إلى حل سياسى من خلال المفاوضات».

كما نقلت وكالة «تاس» عن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميترى بيسكوف قوله، إن «التقارير الإعلامية الغربية الأخيرة التى تفيد بأن مصر تآمرت لتزويد روسيا سرا بالصواريخ تبدو مجرد كذبة أخرى».

بالتزامن مع ذلك، قالت وزارة الدفاع الأمريكية، فى مؤتمر لها، إن بعض الوثائق المسربة «تعرضت للتعديل»، داعية الصحفيين للتعامل بحذر مع المعلومات التى يتداولونها بشأن هذه الوثائق. 

فى الوقت نفسه، قال مسئول أمنى كبير فى كوريا الجنوبية فى تصريحات صحفية إن المعلومات التى تضمنتها الوثائق السرية الأمريكية المزعومة والتى استندت فيما يبدو إلى مناقشات داخلية بين مسئولين كبار فى بلاده «غير حقيقية» و«محرفة».

كما قال نائب مستشار الأمن القومى كيم تاى هيو لدى مغادرته إلى واشنطن، قبل زيارة رسمية للرئيس يون سوك يول إلى الولايات المتحدة فى 26 أبريل إن تحالف الدولتين لا يزال قويًا.

وقال كيم للصحفيين: «يتفق البلدان فى الرأى على أن الكثير من المعلومات المنشورة محرفة»، مضيفًا إن التقرير عن كوريا الجنوبية «غير صحيح»، ولم يذكر مزيدًا من التفاصيل عن الجزء غير الصحيح من الوثيقة.

حيث أشارت الوثيقة، التى لا تحمل تاريخًا، إلى أن كوريا الجنوبية وافقت على بيع قذائف مدفعية لمساعدة الولايات المتحدة فى إعادة مخزوناتها مؤكدة أن «المستخدم النهائى» يجب أن يكون الجيش الأمريكى، لكن كبار المسئولين الكوريين الجنوبيين يخشون أن تحولها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا.

واستند التقرير الأمريكى جزئيًا، فيما يبدو، إلى معلومات مخابراتية، ما يشير إلى أن الولايات المتحدة ربما تجسست على كوريا الجنوبية، أحد أهم حلفائها.

 رد فعل إسرائيلى

وفى رد فعل إسرائيلى، رفضت الحكومة الإسرائيلية، ما أثير فى وثائق البنتاجون حول أن قادة جهاز المخابرات الإسرائيلى «الموساد» قد دعموا الاحتجاجات فى أنحاء البلاد على التعديلات القضائية المقترحة.

تبقى حتى الآن الحقيقة تائهة وهى دقة ما نشر فى هذه الوثائق فيما يخص الحرب «الروسية -الأوكرانية».. البعض يتوقع أنه فى حالة صحة هذه الوثائق ستكون فضيحة التسريب الأكبر حتى من تسريبات ويكيليكس.. فيما تذهب بعض الآراء الأخرى إلى أنها مجرد لعبة مخابراتية أمريكية وورقة من أوراق الحرب.